ترجمة وتحرير: نون بوست
قبل عيد الشكر مباشرة في العام الماضي، سحبني معلم ابنتي جانبا وأخبرني أن تقييم ابنتي يدل على معاناتها من اضطرابات في التعلم. كنت أعرف أنني سأواجه مثل هذه المشكلة في المستقبل، ومع ذلك كان أمرا من الصعب علي مواجهته. كنت أشك منذ فترة طويلة في أن ابنتي قد تعاني من عسر القراءة، ولكن معلّمها كان أكثر قلقًا بشأن كيفية حلّها لمسائل الرياضيات. كانت طريقة استخدام الأرقام غير مفهومة بالنسبة لابنتي الصغيرة، مهما حاولت جاهدة.
على إثر ذلك، عدت إلى المنزل وأجريت بعض الأبحاث وتقييما موجزا على الإنترنت تضمن الإجابة عن أسئلة حول قدرات ابنتي في الرياضيات. وأوضحت النتائج أنها كانت تعاني من اضطراب عسر الحساب، وهو مصطلح لم أسمع به من قبل. ولذلك، أوصيت بإجراء تقييم احترافي لها. خلال بحثي، اكتشفت أن اضطرابات التعلم يمكن أن يكون لها درجات متفاوتة من الشدة، وبعضها أكثر شيوعًا من غيرها.
ما هو اضطراب التعلم بالضبط؟
في هذا السياق، قالت الأخصائية الاجتماعية مونيكا ماندل إن اضطرابات التعلم، أو الإعاقات، هي بمثابة ضعف في العمليات النفسية التي تنطوي عليها عملية التعلم. وأضافت المصدر ذاته: “يمكن أن يؤثر ذلك على الطريقة التي يتعلم بها الشخص القراءة والكتابة والرياضيات أو أي عملية تعليمية أخرى”. قبل مواجهة هذه المعضلة مع ابنتي، لم أدرك أن هناك مجموعة متنوعة من اضطرابات التعلم المحتملة التي يمكن أن يعيشها الشخص. (أنا شخصيا لم أسمع سوى عن عسر القراءة). لكن الجمعية الأمريكية لصعوبات التعلم تطرقت إلى العديد منها.
من جانبها، أكدت الدكتورة جيسيكا ميساك، المتخصصة في علم الأطفال، ومديرة مركز المساعدة والشفاء، أن “هناك ثلاث اضطرابات في التعلم يتم تشخيصها بشكل شائع”:
عسر القراءة: تتضمن أعراضه صعوبة في قراءة الكلمات بدقة.
عسر الكتابة: يواجه الأطفال صعوبة كبيرة في التعبير عن أنفسهم عن طريق الكتابة. قد يجلسون لساعات في محاولة للتعبير عن طريق كتابة جمل قليلة، أو قد يكون من الصعب قراءة كتاباتهم بسبب سوء الكتابة.
عسر الحساب: تتضمن أعراضه صعوبة في فهم الأرقام، وحفظ الحقائق الحسابية البسيطة، أو مشكلة القدرة على التفكير عبر الكلمات.
حسب أخصائية التعلم، جيل لورين ومؤلفة كتاب “هذا مثلي”، يعد عجز التعلم الأكثر شيوعًا هو عسر القراءة، وهو يؤثر على حوالي 80 إلى 90 بالمئة من جميع صعوبات التعلم. وأضافت المصدر ذاته قائلة:” تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 20 بالمئة من السكان يعانون من عسر القراءة”.
معرفة ما يجب القيام به بعد ذلك
منذ أن كانت تبلغ من العمر عامين، تلقت ابنتي العلاج الخاص بالنطق والوظيفي في الوقت ذاته. تبعا لذلك، بعد التوصية بالتقييم المهني، فكرت في البداية في استدعاء طبيبة الأطفال الخاص بابنتي، التي قامت بدورها بتقييم علم النفس العصبي، واختبار إجابات متعمقة حول كيفية عمل دماغ ابنتي. كما اقترحت إجراء تقييمات خاصة بالتعلم. في هذا الصدد، أوضحت ميساك أن “التقييمات من خلال النظام المدرسي مجانية للطلاب، ويمكن أن يساعد تقييم النظام المدرسي في تحديد ما إذا كان الطالب مؤهلاً للحصول على خدمات معينة أو مزاولة أماكن تعليمية خاصة”.
تتوفر برامج التعليم الفردي المنفردة للأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم. يمكن لخطة 504 تحديد المرافق الإضافية التي يجب على المعلمين وأنظمة المدارس توفيرها. كان الحصول على هذه الأوراق في البداية، هو ما أقنعني أننا بحاجة إلى تقييمات من النظام المدرسي. وخلال لقائي الأول مع مدرسة المقاطعة، علمت أنها لن تقدم تشخيصًا محددًا. حتى أنهم لن يذكروا اضطرابات التعلم التي اشتبهوا في احتمال تعرض ابنتي لها. بدلاً من ذلك، يمكنهم ببساطة تحديد المجالات التي واجهت فيها صعوبة واقتراح (أو توفير) أدوات لمساعدتها على التغلب على هذه المشاكل. ولهذا السبب، تقول ميساك أنه “من المألوف أن العائلات تتابع الاختبارات والخدمات من خلال النظام المدرسي ومقدمي الخدمات الطبية”.
في الإطار ذاته، أردف هذا المصدر أن “الاختبارات الطبية أو الخاصة يمكن أن توفر تشخيصًا طبيًا للأطفال، في حين أن التقييمات المدرسية لا تقدم تشخيصا عادةً، بل تحدد أهلية الطفل لمزاولة مقاعد الدراسة”. من المرجح أن الأطفال لا يحتاجون إلى أكثر من ذلك. ولكن في حالتنا، فإن متابعة كلا المسارين هو الخيار الصائب. لقد تعلمت أن التقييمات يمكن أن تتفطن إلى مشاكل السمع أو معالجة اللغة، ناهيك عن العجز البصري، والذاكرة أو تحديات الأداء التنفيذي التي قد يواجهها الشخص
التعليم الخاص معقد لكنه يقدم مساعدة مناسبة
في البداية، تطلب الأمر مني إحضار التقييمات التي احتاجتها ابنتي من خلال الاتصال بالمسؤولين عن النظام المدرسي، الذين لم يردوا على طلبي إلا بعد انتهاء العطلة المدرسية، ثم كانت هناك أكوام من الأوراق لإكمالها، واجتماعات توجّب عليّ حضورها، وتفاصيل للمجاهرة بها. في الواقع، كان الفريق المكلف بهذه المهمة رائعا وطيبا ومتعاطفا معي، فضلا عن أنه كان حريصا حقا على تقديم يد المساعدة. في المقابل، سمعت قصصًا عن عائلات أخرى كانت تبذل جهودا حثيثة من أجل الحصول على التقييمات والمساعدة التي يحتاجونها.
الآباء الذين تربطهم علاقات جيدة بمدرسة أطفالهم، قد لا يحتاجون إلى مرشد تربوي
غالبًا ما تعاني الأنظمة المدرسية من نقص في التمويل. فعلى الرغم من أنها مطالبة قانونيا بتلبية هذه الاحتياجات، إلا أنها لا توفر دائمًا الموارد اللازمة للقيام بذلك في الوقت المناسب. في المقابل، تجهل كل عائلة كيفية تجاوز كل المعاملات الورقية التي قد تكون مطلوبة. ففي هذه الحالة، قد تكون استشارة المرشد التربوي أمرا مفيدًا.
يساعد المرشدون التربويون العائلات في التعامل مع النظام المدرسي وفهم حقوقهم. حيث قالت ميساك، إن التعامل مع نظام التعليم الخاص معقد، ومعظم الناس ليسوا على دراية بالفروق الدقيقة للنظام. ومن خلال وجود اختصاصي داعم للحديث عن العملية ومرافقة الآباء عند حضور الاجتماعات، من شأنه أن يمنح العائلة ثقة أكبر من خلال التعبير عن أصواتهم، كما يعزز ذلك الشعور بأن احتياجات أطفالهم قيد الاهتمام ويقع التعامل معها”.
أضافت ميساك أن الآباء الذين تربطهم علاقات جيدة بمدرسة أطفالهم والذين يشعرون بالدعم بخصوص هذه المسألة، قد لا يحتاجون إلى مرشد تربوي. في المقابل، من الضروري الاهتمام بالآباء الذين يشعرون وكأن احتياجات أطفالهم لا تلبى. ومن جهته، يمكن أن يكون المرشد التربوي موردًا إضافيًا للعائلات التي تشعر بالارتباك أو الاضطراب بشأن هذه المسألة.
“كمرشدة تربوية، أساعد العائلات على فهم ماهية المشكلة وكيف تؤثر على أطفالهم في المدرسة”، قالت ماندل. “أنا أساعدهم على فهم معنى التقييمات وكيف يمكن أن تعود بالنفع على أطفالهم”. إذا كنت تفكر في التعاقد مع مرشد تربوي للأطفال، فإن موقع أندرستود يوفر قائمة كبيرة من الموارد يمكنك أن تبدأ بها.
العلاجات والأدوات المتاحة
كان أحد استفساراتي في أول اجتماع لي مع المنطقة المدرسية هو ما يمكن فعله للمساعدة إذا توصلت التقييمات إلى أن ابنتي تعاني من اضطراب التعلم، قيل لي إن هناك مجموعة متنوعة من طرق التعلم التي تم العثور عليها، تعمل بشكل أفضل للأطفال الذين يواجهون تحديات تعلم متنوعة ومجموعات القراءة التي يمكن تحضيرها. كما يمكن ترتيب الدروس الخصوصية بالإضافة إلى أماكن الإقامة في الفصول المدرسية وذلك قصد السماح لها بالتمتع بمزيد من الوقت أثناء الاختبارات، علاوة على ذلك، هنالك العديد من الأدوات التي قد تساعدها على معالجة ما تتعلمه في الحال بشكل أفضل.
في السياق نفسه، قالت ماندال أن كل هذا يعتمد على الإعاقة وجانب عملية التعلّم الذي يتأثر بهذه الإعاقة، موضحة أن الإشراف التربوي وسبل الوصول إلى تعلم القراءة والرياضيات وأخصائيو الكتابة، جميعها خيارات محتملة. في الواقع، أشارت مايساك إلى أن بعض العائلات قد تحصل أيضًا على خدمات دروس خصوصية خارجية أو تعليم مكثف في بعض المواد في أماكن مثل ماثنيزيم أو كومون أو ليندامود بيل.
التدخل المبكر أمر أساسي
تحدثت إلى الكثير من الآباء حول ما كنا نتعامل معه في السابق، على أمل الحصول على أي نصيحة أو رؤية من قبل الآباء الذين واجهوا مثل هذه المسائل التي يمكن أن يشاركوها معنا. لقد فوجئت بعدد الآباء الذين أرادوا نفي فكرة اضطرابات التعلم تمامًا، حيث قال العديد من الأشخاص الذين تحدثت إليهم إن اضطرابات التعلم هي أساسا من تبعات النظام التعليمي التي يتم اعتمادها لتقييد الأطفال، أو عذر يبرر إخفاق بعض الأطفال في التعلم داخل أنظمتهم. في اعتقادي، كان هذا مثيراً للدهشة خاصة وأن الأبحاث الخاصة باضطرابات التعلم تعد واسعة النطاق إلى حد ما.
يمكن أن يبرز التلميذ أفضل مردود لديه بتفعيل علاج ممتاز وتوجيه مناسب
في حين يعتقد بعض الآباء أن أطفالهم سيتداركون الوضعية من تلقاء أنفسهم، كشفت الأبحاث أن عدم تدخل طرف ثالث لتدارك اضطرابات التعلم الطارئة، يعمق الفجوة التعليمية الفاصلة بين أولئك الأطفال مقارنة بأقرانهم. وفي هذا الصدد أوردت لورينز: “يعتبر التدخل المبكّر الحلّ الأمثل، فكلما طال وقت انتظار أحد الوالدين لحصول طفله على الدعم اللازم، تعسّر تدارك الوقت الضائع من الناحيتين الأكاديمية والعاطفية”.
يتوسع ميسزاك في هذه الفكرة مؤكدا أن الأطفال على دراية تامة بأن أقرانهم يتجاوزونهم بأشواط، وعند مجابهة الوضعية قد يكونون عرضة لاهتزاز ثقتهم بأنفسهم، والشعور بالقلق ويصبحون عرضة للاكتئاب. فيورد “يرغب جميع الآباء والأمهات في تحقيق المصلحة العليا لأطفالهم، وقد يحتاجون إلى مدّ يد المساعدة لتوضّح الخيارات المتاحة، فإمّا رصد الطفل الذي يعاني من صعوبة معينة ومن ثم التدخل وفق معطيات ملموسة أو تقديم الدعم لمساعدته على تجاوز الصعوبات، أو اختيار وضعية المتفرج السلبيّ والاستمرار في ترك الطفل يكافح الصعوبات لوحده ويتقهقر أكثر فأكثر”.
التعامل مع الانهيار العاطفي
سأتحلى بما يكفي من الصدق لأعترف لكم أنني مررت بلحظات حيث غلب عليّ الحزن واستسلمت للهزيمة. اعتبرت المدرسة إجراء روتينيا سهّلت حياتي كثيرا واختصرت بفضلها أشواطا كبيرة من التعب. ولذلك أرغب أن تتلقّى ابنتي الأمر بنفس السلاسة. ينفطر قلبي لأن الطريق أمامها لن يكون سهلا .
يضيف لورون: “يبدي الآباء تأثرا كبيرا منذ للوهلة الأولى من إطلاعهم على أنّ طفلهم يواجه صعوبات لن تجعل من المسار الدراسيّ أمرا هينا. يقلق الآباء لأن أطفالهم لن يصلوا إلى إبراز جميع إمكاناتهم، وأن إعاقة التعلم ستؤخرهم”. أذكّر نفسي كل مرة بأن دماغ ابنتي يتطور على نحو إبداعي ما زال يدهشني كلّ مرة، وأنها تتّقد ذكاء وهي مفعمة بالسعادة والقوة كما أنها تتمتع بالقدرة على الوصول إلى نتائج لتبلغ أحسن المراتب وتستنفذ جميع الإمكانيات المتاحة. وقال لورين ” يمكن أن يبرز التلميذ أفضل مردود لديه بتفعيل علاج ممتاز وتوجيه مناسب. عندما أنظر إلى ابنتي وأرى حرصها على التغلب على هذه الصعوبة، أتيقن أني لم أخطئ في الإيمان بقدراتها..
المصدر: هيلث لاين