ترجمة موقع نون بوست
أوضحت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليه، قائلة: “أنا أدرك أن هذه القضية كانت وستظل مثيرة للجدل بشكل كبير”. لكن بعد أن وقع تعريف هذه العملية بأنها “عملية مراجعة شاملة ودقيقة”، ستكون الأمم المتحدة مقتنعة بأن تقريرها الأخير يعكس الاهتمام الجاد الذي وقع إيلاؤه لهذا القرار الذي يعد شديد التعقيد وغير مسبوق، وأنها ستستجيب لطلب مجلس حقوق الإنسان الوارد في القرار 31/36”.
بالتالي، تشير باتشليه إلى القرار الذي وقع اعتماده في مارس/آذار 2016، بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. بهذه الكلمات، نشرت المفوضة السامية تقريرا جديدا حددت فيه ما مجموعه 112 شركة، من “إسرائيل” ودول أخرى، شاركت بشكل أو بآخر في بناء المستوطنات الإسرائيلية أو صيانتها، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي.
إلى جانب ذلك، حددت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان سنة 2018 ما مجموعه 206 شركة تعاونت في هذه المهام والتي تخضع لتقييم إضافي، من بين هذه الشركات، يوجد 112 شركة في “إسرائيل”، على الرغم من أن هناك 18 شركة موجودة في ستة بلدان أخرى، بما في ذلك أربعة بلدان أوروبية. يوضح هذا التقرير الجديد، الذي جرى نشره يوم الأربعاء، أن هدفها ليس ولن يكون “عملية قضائية”، إذ يقول بيان المفوضية: “على الرغم من أن المستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي، فإن هذا التقرير لا يمنح أي صفة شرعية للأنشطة المعنية، ولا لمشاركة المؤسسات التجارية فيها”.
القائمة السوداء للشركات الناشطة في المستوطنات الإسرائيلية
تجدر الإشارة إلى أن الشركات تصنف إلى ثلاث فئات: من ناحية، تلك المشاركة أي التي لها روابط واضحة ومباشرة مع بعض الأنشطة المدرجة في القرار؛ الشركات المشاركة كشركة أم، أي أن لديها حصة أغلبية في شركة فرعية، التي لا تعد في هذا التقرير شركة مشاركة بشكل مباشر، وأخيرا، الشركات التي تمنح امتيازا أو ترخيصا مناسبا لصاحب الامتياز أو المرخص له الذي يؤدي بعض الأنشطة المدرجة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. على أي حال، تقوم جميعها بسلسلة من الأنشطة “إما مرتبطة مباشرة بالمستوطنات المحتلة” أو “تشكل جزءا من عملية السماح بدعم إنشاء أو توسيع أو صيانة المجتمعات السكنية الإسرائيلية”.
على الرغم من أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة غير قانونية بموجب القانون الدولي، إلا أن إسرائيل لم تعط أي إشارة تدل على وقف توسعها، وهو ما سيدعمه “اتفاق السلام” الذي اقترحه رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، وإنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة محدودة ورأس مال في جزء من القدس الشرقية. لا يفوتنا التذكير بأنه قبل بضعة أشهر فقط، أعلن ترامب نفسه أن بلاده توقفت عن اعتبار أن المستوطنات في الضفة الغربية تنتهك القانون الدولي.
فلسطين تحتفل، “إسرائيل” تتهم
عند سماع التقرير، لم يتردد الفلسطينيون في الاحتفال بما يعتبرونه انتصارًا للقانون الدولي، بينما اتهمت الحكومة الإسرائيلية الأمم المتحدة بأنها اتخذت قرارًا يمثل “أقصى استسلام للضغط الذي تمارسه الدول والمنظمات المهتمة بإيذاء إسرائيل”.
وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتز: “دولة إسرائيل لن تتسامح مع هذه السياسة التمييزية المناهضة لـ “إسرائيل” وسوف تتخذ تدابير لمنع تنفيذ مثل هذه القرارات”
في هذا الإطار، أصدر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتز بيانا انتقد من خلاله منظمة الأمم المتحدة لنشر مثل هذه المعلومات “وهو يعلم أن معظم دول العالم ترفض الانضمام إلى حملة الضغط السياسي التي تواجهها إسرائيل”، وقد اتهم كاتز المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ميشيل باشليت الآن “بمواصلة إتباع موقف معادي لإسرائيل” الذي أصبح “وصمة عار” في ملف مكتب الأمم المتحدة “وحقوق الإنسان نفسها”.
صرّح رئيس الدبلوماسية الإسرائيلية أنه مع “هذا التقرير أصبحت المفوضة السامية شريكة وأداة لحركة المقاطعة المعلنة ضد “إسرائيل”، على الرغم من أن” القائمة السوداء “ليس لها أي معنى ملموس”، وقد وجّه كاتز أصابع الاتهام إلى مجلس حقوق الإنسان، الذي صنّفه على أنه مجموعة من “البلدان التي لا تعرف معنى حقوق الإنسان” وقد انتقده “لعدم اتخاذ خطوة مهمة واحدة نحو الحفاظ على حقوق الإنسان”.
بالإضافة إلى ذلك، اتهم كاتز هذا المجلس الدولي بأنه يعمل” لحماية أكثر الأنظمة التي تقوم على نزعة التمييز في العالم”. وتابع كاتز أن “دولة إسرائيل لن تتسامح مع هذه السياسة التمييزية المناهضة لـ “إسرائيل” وسوف تتخذ تدابير لمنع تنفيذ مثل هذه القرارات”.
أكّد نتنياهو بأنه سيحصل على “اعتراف بسيادة إسرائيل على هذه المجتمعات الفلسطينية”، وبالتالي، “سوف يُلغى تأثير هذه القائمة السوداء”
في شأن ذي صلة، منذ أكثر من سنة بقليل، اتهمت إسرائيل الاتحاد الأوروبي بتمويل المقاطعة ضد شركاتها، حيث قدمت مؤسسات أوروبية مختلفة أكثر من خمسة ملايين يورو إلى عشر منظمات تروج لحركة مقاطعة “إسرائيل” وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها. قبل بضعة أشهر فقط من ذلك، قضت محكمة العدل للاتحاد الأوروبي بأن المواد الغذائية التي تأتي من الأراضي التي تحتلها “إسرائيل” ينبغي أن تكون محددة من خلال توضيح ذلك في ملصقات هذه المنتجات، بدلاً من وصف صادراتها بأنها “منتج إسرائيل”، وفقا لرغبة السلطات الإسرائيلية.
كما أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالفعل بأنه هذه “القائمة السوداء” “بكل ما أوتي من قوة”، وأنه سيحصل على “اعتراف بسيادة إسرائيل على هذه المجتمعات الفلسطينية”، وبالتالي، “سوف يُلغى تأثير هذه القائمة السوداء”. في السياق ذاته، قال الرئيس رؤوفين ريفلين، “على الرغم من أننا لا نشجع الشركات الخاصة ولكن عندما تكون الشركات الإسرائيلية تحت تهديد المقاطعة ، حتما سوف ندعمها”.
الصراع بين منظمة العفو الدولية والشركات السياحية
في الأثناء، خلال العام الماضي، نظمت منظمة العفو الدولية العديد من الاحتجاجات ضد مختلف الشركات السياحية العاملة في مناطق الاحتلال الإسرائيلي، وقد اتهمت المنظمة هذه الشركات بأنها “تستفيد من جرائم الحرب، حيث أحدثت الشركات الرقمية ثورة في الطريقة التي ينشط بها العالم في مجال السياحة، إذ حققت شركات مثل إير بي إن بي أو بوكينغ كوم أو مجموعة إكسبيديا أو تريب أدفيسور نجاحا باهرا، علما أن هذه الشركات تهيمن على صناعة السياحة العالمية المربحة جدا عبر الإنترنت”.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت منظمة العفو الدولية أن “جميع هذه الشركات تمتلك أيضًا العديد من الفنادق والمعالم السياحية وتنظّم الرحلات إلى المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. في الواقع، تقوم هذه الشركات بمثل هذه الأنشطة على الرغم من حقيقة أن المستوطنات غير قانونية وجريمة حرب، الأمر الذي دفع منظمة العفو الدولية لإصدار تقريرها النقدي لهذه المسألة تحت عنوان “الوُجهة: الاحتلال”، وتابعت المنظمة “فيما يتعلق بالتقرير الجديد الذي نشرته الأمم المتحدة، احتفلت منظمة العفو الدولية بنتائجه وأشارت إلى أنه “نصر يعزز السلوك التجاري المسؤول في منطقة غارقة في سوء المعاملة والإفلات من العقاب”.
قبل سنتين، قالت شركة “إير بي إن بي” إنها مدركة للرؤى التي تواجه القضية الإسرائيلية الفلسطينية، فقد سمح لها القانون الأمريكي بالمشاركة في الأعمال التجارية في هذه المناطق، وعلى الرغم من ذلك فقد قررت الشركة “إزالة المنازل في المستوطنات من قوائمها” حيث يقبع الإسرائيليون في الضفة الغربية في وسط النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
في الأثناء، أثار هذا القرار انتقادات شديدة من “إسرائيل” التي اتهمت الشركة الأمريكية بالعنصرية. حاليًا، من خلال البحث السريع في نظامها الأساسي، يوجد أكثر من 300 مكان للإقامة في الأراضي الفلسطينية. عموما، تعتبر “إير بي إن بي” وشركات السياحة الأربع الأخرى التي ذكرتها سابقا منظمة العفو الدولية مدرجة أيضًا في “القائمة السوداء” للأمم المتحدة.
المصدر: الكونفدنسيال