يعتزم البرلمان الألماني التصويت على توريد معدات عسكرية إلى شمال العراق في جلسة طارئة، في الوقت الذي أرسل فيه الجيش الألماني ستة جنود إلى المنطقة لتنسيق تسليم المساعدات الألمانية، فما هي تفاصيل القرار الألماني وخلفياته؟
قررت الحكومة الألمانية التدخل في العراق بحسب تصريحات الحكومة لأن تقدم تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) يهدد بزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها، فقد سيطر التنظيم على أجزاء كبيرة من سوريا وشمال العراق وأعلنت هناك ما يسمى بـ”دولة الخلافة”، ولأن سيطرة “دولة الخلافة” هذه تتسم بالكثير من الترويع والممارسات الإرهابية التي باتت جزءًا من الحياة اليومية، إذ مثلا تُجرى عمليات إعدام علنية، كما تتعرض الأقليات الدينية لملاحقة المقاتلين السنة ويُنكل بها بدون رحمة، فقد قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن ما يحدث هو “إبادة جماعية”.
وخلال الأسابيع الماضية أرسلت ألمانيا أكثر من مائة طن من إمدادات الإغاثة للنازحين في البلاد، وتخطط برلين لإرسال معدات عسكرية للمقاتلين الأكراد، وقد تم تجهيز الوجبة الأولى التي لا تحتوي على أي أسلحة، لكنها تتضمن معدات دفاعية كالخوذ والسترات الواقية وأجهزة اللاسلكي، ومن المنتظر أن تتخذ الحكومة الألمانية قرارًا بشأن تزويد قوات البيشمركة في شمال العراق بالأسلحة اليوم الأحد، رغم السياسة الألمانية المعلنة من أن برلين لا تقوم بإرسال أسلحة أو مواد عسكرية إلى مواطن النزاع.
ولضمان دعم واسع النطاق؛ فإن الحكومة الألمانية ستطلب من البرلمان التصويت على هذه الخطط يوم غد، على الرغم من عدم وجود حاجة قانونية لمثل هذا الأجراء، وتشير المعطيات إلى وجود أغلبية ستمرر القرار، لكن استطلاعات الرأي كشفت أن ثلثي الألمان يعارضون توريد أسلحة لشمال العراق.
ويبدو أن الحكومة تخطط لتجهيز المقاتلين الأكراد بالبنادق الهجومية والصواريخ الخارقة للدروع من نوع ميلان، وتشير المعلومات إلى أن كل وحدة مقاتلة في تنظيم “الدولة الإسلامية” مجهزة بدبابة واحدة على الأقل، أما قوات البيشمركة فتقاتل في الوقت الراهن بأسلحة خفيفة سوفيتية الصنع.
الألمان يتحدثون عن أن دعم الأكراد هو الحل الوحيد حاليًا مع فشل الجيش العراقي، فبينما لم يتمكن جيش الحكومة المركزية العراقية من صد هجمات داعش، أثبتت البيشمركة أنها قوة فعالة، في هذا الشأن يقول هينر فورتيغ، مدير معهد غيغا لدراسات الشرق الأوسط في هامبورغ: “مزقت التوترات الطائفية قطاعات الجيش العراقي النظامي وجعلتها غير قادرة على المقاومة في الفترة الحالية”، في المقابل، كانت البيشمركة متحفزة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن معقل الأكراد، ويقدر عدد مقاتلي إقليم كردستان بمائة وثلاثين ألف مقاتل، ولأن قوات البيشمركة لا تمتلك سلاح جو، فإنها تعتمد على الغطاء الجوي، الذي يقدمه الجيش الأمريكي.
ويرى مراقبون أن القوات الكردية تمتلك القدرة على وقف تقدم مقاتلي داعش، لكن التنظيم يسيطر علي أرض تمتد من سوريا إلى العراق، وهذا ما يعني الحاجة لمهاجمة داعش في المناطق التي تسيطر عليها سواء كانت في سوريا أو في العراق.
وقبل حوالي عشرة أيام أعلن وزيرا الخارجية والدفاع في ألمانيا أن برلين مستعدة لإرسال أسلحة لقوات الأمن الكردية في شمال العراق لقتال مسلحي داعش، وقال وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينمر للصحفيين: “يمكننا أن نتصور توفير المعدات، بما في ذلك الأسلحة. فقد قررت بريطانيا وإيطاليا وفرنسا إرسال هذه الأشياء ونحن مستعدون للقيام بذلك أيضًا”، وتابع قائلاً: “كل هذه الأشياء تخدم هدف المساعدة على جعل قوات الأمن الكردية في موقف يمكنها من صد هجمات الدولة الإسلامية”.