عند الحديث عن العلاقات المعقدة بين الدول التي يغلب عليها طابع الصداقة والعداء في فترات زمنية طويلة، تخطر على الأذهان “العلاقات التركية الروسية” التي قد ينظر إليها البعض على أنها غريبة أو أنها غير مفهومة، وهي في حقيقة الأمر متشابكة ومعقدة، لكن من الممكن تحليلها وفهمها وذلك بالاستناد إلى الأحداث التاريخية الطويلة.
وبالفعل، فإن العلاقات المعقدة الممتدة بين البلدين، امتازت بالمد والجذر وكان بينهما صولات وجولات ومواجهات عديدة، لم تبدأ مع ظهور الأزمة السورية كما يعتقد البعض، بل تعود لأكثر من 5 قرون، فقد شهدت كل من الدولة العثمانية والقيصرية الروسية، حروبًا تاريخيةً مهمةً ومعاهدات ذات قيمة كبيرة. إذًا، يمكن طرح تساؤل: كيف يمكن تصنيف هذا النوع من العلاقات بين البلدين؟
يُصنف الخبراء والمؤرخون العلاقة بين تركيا وروسيا، التاريخية والحاليّة، تحت مصطلح يُعرب بـ”التنافس الجيوسياسي” أو “الجيوبوليتيكي” Geopolitics، وهو مصطلح تقليدي يتركز بشكل أساسي على تأثير الجغرافيا على السياسة، حيث إنه علم دراسة تأثير الأرض على السياسة في مقابل مسعى السياسة للاستفادة من هذه المميزات وفق منظور مستقبلي، ولذلك تم إدارج فرع “الجيوإستراتيجيا” لهذا العلم.
بناء على هذا التعريف، تتضح لنا الصورة بأن تركيا وروسيا قوتان “أوروآسيويتان” متجاورتان، تتمتع كل منهما بخصائص جيوإستراتيجية مهمة، ويتشاركان بمعطيات تؤثر بشكل حقيقي على توجهات السياسة الخارجية لهما، تمامًا كالموقع الجغرافي الإستراتيجي الذي يربط قارات العالم القديم (أفرو أوراسيا)، والإرث التاريخي الصادر عن تجربتهم السابقة كإمبراطوريات، فضلًا عن المصالح المشتركة، مما أدى إلى خلق تنافس جيوسياسي بينهما على مر السنين.
تاريخ طويل للصراع والتنافس بين البلدين
خلفية الصراع التاريخية
تأسست الدولة العثمانية عام 1299، وبدأت كدولة قوية على مستوى العالم استمرت في التوسع بشكل متنامٍ حتى نهايات القرن السابع عشر، أما في روسيا، فقد تأسست دوقية موسكو عام 1283-1527، التي عاشت معظم فترة وجودها تحت سيطرة التتار، وخلال تلك الفترة لم تكن هناك أي قوة روسية تستطيع مجابهة العثمانيين.
خلال القرن الخامس عشر، تراجعت وضعفت سيطرة التتار على المنطقة، حتى بدأت الدوقية بالتوسع، إلى أن ولدت القيصرية الروسيا عام 1527-1721 على يد إيفان الرابع، الرهيب، الذي جعل روسيا قوة منافسة بالحديد والنار.
لعب الدين – لفترة طويلة – كأحد أهم محاور بداية الصراع بين البلدين، حيث كانت روسيا تدين بالمسيحية الأرثوذكسية، قبل عدة قرون من فتح العثمانيين لإسطنبول في منتصف القرن الخامس عشر، وإقصائهم للإمبراطورية البيزنطية، وهنا رأى الأباطرة الروس أنفسهم ورثة بيزنطة وعاصمتهم وريثة للقسطنطينية، بل وأورشليم جديدة، وتبنَّوا لقب القيصر تيمنًا بلقب الإمبراطور البيزنطي.
حرب الأباطرة
بعد توضيح هذه الخلفية التاريخية وتحديد نوع العلاقة بين تركيا وروسيا، ومكانة كل واحدة منهما بالنسبة للعالم، يمكننا الآن تصور أن تاريخ هذين البلدين حافل بالحروب، على النفوذ والتوسع والأيدولوجيا والمصالح المتفرقة أو المشتركة، وهنا نوضح سلسلة هذه الأحداث.
تعتبر معاهدة كوتشوك كينارجا، من أهم المنعطفات في التاريخ العثماني، كونها بداية التدخّل الأوروبي في شؤون الدولة العثمانية
حرب أستراهان: 1568 ـ 1570
تُعتبر أولى الحروب لأسباب جيوسياسية وعسكرية بين الدولة العثمانية والقيصرية الروسية، كما أنها إحدى أقوى المعارك بينهما، ودامت لسنتين، حيث كانت مدينة أستراهان أوبلاست الروسية، تابعة لولاية القرم العثمانية، ولكن عام 1568، اعتدت القيصرية الروسية عليها وضمتها لحكمها، بهدف إنعاش اقتصادها الذي كان يبحث عن متنفس بحري لإتمام عمليات التصدير.
وفورًا أرسلت الدولة العثمانية جيشها إلى القرم متجهًا لأستراهان التي فرض عليها الحصار البري والبحري لأكثر من سنتين، ولكن بسبب الأجواء الصعبة والبرد القارص ونقص الإمدادات وما إلى ذلك، انسحب العثمانيون من الولاية، وعلى إثر ذلك، تم توقيع أول اتفاقية سلام بين الطرفين عام 1570، التي انتقضت بعد مدة، لتعود الحروب على قائمة الخيارات.
حرب موسكوف 1681
اندلعت الحرب بينهما بسبب مساعي القيصر الروسي ألكسي الأول التوسعية، ورغبته بالأراضي الخصبة والمطلة على البحر، حيث اتجه بجيشه نحو الجنوب إلى أوكرانيا ورومانيا اللتين كانتا تخضعان للحكم العثماني، وحارب جيشها في منطقة موسكوف المُحصنة بقلعة شَهرِين في أوكرانيا، حتى انتصر الجيش العثماني، ليوقع الطرفان “معاهدة شهرين” التي تقضي بانسحاب الجيش الروسي من كل المناطق التي سيطر عليها.
حرب الاتفاق المقدس 1686 – 1700
عام 1683 حاصر العثمانيون فيينا لما تمثله من أهمية إستراتيجية للسيطرة على خطوط التجارة والمواصلات في القلب الأوروبي، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، وعلى إثر ذلك عقدت الدول الأوروبية “الاتفاق المُقدس” ضد الدولة العثمانية التي عادت لحصار فيينا عام 1686، وهنا انضمت القيصرية الروسية إلى الحرب طمعًا في السيطرة على منطقتي أزاك والقرم المُطلتين على البحر الأسود، ونجحت في ذلك.
حرب برود 1710 – 1711
يعتبر المؤرخون أنها أولى الحروب الجيوسياسية الدينية، التي سعت فيها القيصرية إلى ضم المناطق الأرثوذكسية الواقعة تحت حكم الدولة العثمانية إلى حكمها من خلال تحريضها على الثورة ضد الحكم العثماني، ولكن الجيش العثماني نجح في ردع هذا الاعتداء.
حرب الروسية النمساوية العثمانية 1735 – 1739
اندلعت هذه الحرب بعد توقيع النمسا اتفاقية تعاون مع روسيا لاحتلال بعض مناطق البلقان والحصول على منفذ على البحر الأسود، واستمرت المعارك لأكثر من أربعة أعوام، حتى انتهى الأمر بانتصار العثمانيين ووقف التقدم الروسي والتقدم النمساوي في البوسنة، واضطرت كل من النمسا وروسيا إلى توقيع اتفاقية بلغراد للسلام مع الدولة العثمانية.
حرب 1768 – 1774
تعتبر واحدة من أهم المعارك المؤثرة في تاريخ تراجع العثمانيين وتقدم الروس، ففي عام 1768 عبر أسطول البلطيق الروسي مضيق جبل طارق للمرة الأولى نحو المتوسط وخاض معركة بحرية كبرى، أوقعت خسائر باهظة بالأسطول العثماني.
عام 1772، قصف الأسطول الروسي المدن السورية الساحلية، كما احتلوا مدينة بيروت لوقت قصير، دعمًا لعلي بك وظاهر العمر في حربهما ضد المركز العثماني، وكان هذا التدخل الروسي يمثل بداية الحركة الروسية الطموحة نحو البحار الدافئة وسعي الروس المستمر للسيطرة على إسطنبول والمضايق العثمانية.
هُزم الجيش العثماني هزيمة كبرى، مقابل الحرب الروسية التي حملت طابعًا دينيًا من الكنسية الأرثوذكسية الروسية، ووجد السلطان عبد الحميد الأول أن من الصعب الانتصار على الجيش الروسي، لذلك قبل التوقيع على اتفاقية “كوتشوك كاينارجا” عام 1774 التي تقضي بقبول الدولة العثمانية ضم روسيا للقرم والمناطق الجنوبية لأوكرانيا.
معاهدة كوتوشك كينارجا 1774
تعتبر معاهدة كوتشوك كينارجا، من أهم المنعطفات في التاريخ العثماني، كونها بداية التدخّل الأوروبي في شؤون الدولة العثمانية، كما أنها مثلت نهاية حرب اضطر فيها العثمانيون للمرة الأولى في تاريخهم للتنازل عن أرض يقطنها مسلمون، وفي تاريخ الفقه الإسلامي، لأنها استدعت تدخل علماء الدولة لحلِّ مشكلة ولاء تبعية مسلمي القرم.
وهنا قبلت روسيا بأن يكون ولاء مسلمي القرم – الذين أصبحوا رعاياها – الديني للسلطان “الخليفة”، وفي المقابل، وافق العثمانيون على منح الروس دورًا في كنيسة القدس، وسمحت لهم بالمرور التجاري الحر عبر مضيقي البوسفور والدردنيل.
حرب عام 1787 – 1792
شنت الدولة العثمانية حربًا على الروس الذين تحالفوا هذه المرة مع النمساويين، أملًا منها باستعادة القرم وردع الروس عن محاولات التوسع في القوقاز، ولكن نتائج الحرب كانت كارثية على العثمانيين في بدايتها، ولكن الحرب انتهت مع النمسا، لانشغالها بما يحدث على الساحة الأوروبية، وقبلت بإعادة ما احتلته من الممتلكات العثمانية.
أما روسيا، فقد تراجعت عن الأراضي التي سيطرت عليها في البلقان، ولكنها أكملت سيطرتها على شمالي القوقاز ومعظم جورجيا، فضلًا عن تأسيسها لنشاط العملاء الروس في إمارات البلقان الأرثوذكسية، بما في ذلك اليونان وصربيا وبلغاريا، وعزَّزت من سيطرة روسيا على سواحل البحر الأسود الشمالية والشمالية الغربية والشرقية.
حرب 1828 – 1829
اشتعلت الحرب بسبب قيام القيصرية الروسية بدعم الاستقلال اليوناني عن الدولة العثمانية في حرب الانشقاق اليونانية 1826 – 1830، وقد أحرز الروس تقدمًا بالغًا في الأراضي العثمانية، انتهت الحرب بتوقيع “اتفاقية أديرنه” المبنية على تنازلات عثمانية إستراتيجية في منطقة الدانوب وإعطاء رومانيا وبلغاريا حكمًا ذاتيًّا وتأكيد الحكم الذاتي لصربيا، وقبول استقلال اليونان.
حرب القرم 1853 – 1856
اندلعت على خلفية متشابكة من لجوء العديد من قادة وعناصر الموجة الثورية في 1848 إلى الدولة العثمانية، والتنافس الفرنسي (الكاثوليكي) – الروسي (الأرثوذكسي) على الامتيازات الدينية في مدينة القدس، وبسبب الاتفاق الذي حدث بين الدولة العثمانية وفرنسا وبريطانيا، الذي كان يهدف إلى طرد الأسطول الروسي من البحر الأسود، وخسرت روسيا الحرب لكنها أبقت سيطرتها على القرم، وعزَّزت من تحركها في البلقان وفي صفوف أرمن الأناضول.
الحرب المقدسة 1877 – 1878
أعلن القيصر الروسي الحرب المقدسة على الدولة العثمانية، التي تعتبر من أهم الحروب الجيوسياسية بين الدولة العثمانية والقيصرية الروسية، وقد أحرز الروس تقدمًا عميقًا في الأراضي العثمانية، ولم تتوقف الحرب إلا بعد تدخل القوى الأوروبية وعقد معاهدة سان ستيفانو (يشيلكوي) بين الدولتين.
فرضت المعاهدة شروطًا بالغة القسوة على الدولة العثمانية، بما في ذلك استقلال رومانيا والجبل الأسود وصربيا، ومنح بلغاريا استقلالًا مشروطًا، فضلًا عن توسيع الروس لحدود جورجيا الجنوبية، واعتبر بعض المؤرخين هذه المعاهدة لحظة انكسار عثماني غير مسبوقة في تاريخ العلاقات مع روسيا.
حرب البلقان 1912 – 1913
لم تشارك روسيا مباشرة في حربي البلقان الأولى والثانية، ولكنها لعبت دورًا غير مباشر في تشجيع بلغاريا وصربيا واليونان ومونتينغرو على التحالف، وبذلت كل الجهد لمحاولة وضع نوع من التوازن بين المتحالفين، وانتهت الحرب بخسارة الدولة العثمانية معظم ما تبقى من ممتلكاتها في أوروبا.
الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918
دخلت الدولة العثمانية الحرب مع ألمانيا، على خلفية معرفتها بنية دول التحالف وروسيا بتقسيم أراضيها فيما بينها، وكانت روسيا تنوي السيطرة على المضايق وإسطنبول، ولكن روسيا خرجت من الحرب بسبب قيام الثورة البلشفية عام 1917، التي اتخذت مواقف بجانب العثمانيين، وبعد الحرب العالمية انتهت القيصرية الروسية وكذلك الخلافة العثمانية، وولد كل من الاتحاد السوفيتي والجمهورية التركية.
هدوء بعد الحرب العالمية
لعبت العلاقات بين المقاوِمين العثمانيين، بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، وروسيا البلشفية التي مدتهم بالدعم، دورًا مهمًا في حرب الاستقلال 1919-1923، الذين اتحدوا ضد الإمبرياليات الغربية، كما تخلت موسكو عن امتيازاتها السابقة في البلاد العثمانية، وأعلنت رفضها لمعاهدة “سيفر”، وكل الاتفاقيات التي عقدتها روسيا القيصرية مع الحلفاء بخصوص البلاد العثمانية، وتم ترسيم الحدود التركية التي لم تتغير حتى اليوم، سواء مع جورجيا أم أرمينيا.
عم الهدوء بين الجمهورية التركية والاتحاد السوفيتي خلال العقود التالية، لانشغال كل منهما بمشروعه الوطني، ولكن بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أصبح الاتحاد السوفيتي أحد قطبي النظام العالمي الجديد، وسرعان ما استعاد ستالين أطماع روسيا السابقة في الجنوب، وانضمت تركيا إلى حلف الناتو عام 1952.
العلاقات التركية الروسية في عهد أرودغان وبوتين
أدى انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، إلى إعادة التنافس بين روسيا وتركيا المتحمستين من جديد في العديد من المناطق الإستراتيجية، مثل البلقان والقوقاز وآسيا الوسطى، على الرغم من أنه لم يعد هناك حدود مشتركة بين البلدين، ولكن المنافسة الجيوسياسية عادت من جديد.
على الرغم من وجود عدد من الخلافات الرئيسية بين الدولتين في إقليم القوقاز والبحر الأسود والشرق الأوسط، متمثلة بالأزمة السورية 2011، النابعة من مصالح أو تحالفات أو مواقف الطرفين من القضايا التي تمس الطرف الآخر، فإن العلاقات الروسية التركية تحت قيادة بوتين وأردوغان شهدتا حقبة ذهبية من التطور بين البلدين، بسبب تطلعاتهما لأداء دور أكبر في النظام العالمي الجديد.
ومن هذه الرؤية الجديدة المشتركة بينهما، بدأ العامل الاقتصادي يلعب الدور الفعال في التأسيس لعلاقات إستراتيجية تؤدي لتقارب سياسي بين الطرفين وتخفيف حدة التوترات فيما بينهما، من خلال التعاون الثنائي في مجال الطاقة وتكنولوجيا الفضاء والتبادلات التجارية.
يمكن القول إن المنافسة الجيوسياسية والجيوإستراتيجية، تأخذ نهجًا ناعمًا تارة، يتطابق في بعض تفاصيل مع مفهوم الحرب الباردة، ومواجهًا تارة أخرى، لكن الخيار العسكري المباشر ليس من ضمن الخيارات المطروحة، على الأقل في المرحلة الحاليّة والقادمة.
يمكننا حصر المواجهات وتحديد الإستراتيجية للبلدين فيما يخص الأزمة السورية، فبالنسبة إلى تركيا اتخذت سياسية الدعم المفتوح للثورة السورية منذ عام 2011، وقد عدلت من سياستها عام 2015، ليصبح “الدعم المحدود”.
أما بالنسبة لروسيا، فقد اضطرت عام 2015 للتدخل، من أجل إنقاذ حليفها الأول في الشرق الأوسط، بشار الأسد، ونجحت في مساعدة قوات النظام على استعادة أغلب المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المدعومة من تركيا، واضطرت أنقرة للتدخل لاستعادة التوازن في سوريا، وبدأت المواجهة بين البلدين.
التاريخ التركي والروسي حافل بالحروب والأحداث المثيرة للجدل، ولكن من الممكن فهمها بالنظر إلى تاريخ ومصالح وتطلعات البلدين بقياداتها الحاليّة
بدأ الصدام يأخذ منحى آخر، عندما بدأ سلاح الجو الروسي في قصف قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا، بما في ذلك التركمان الذين تربطهم قرابة مع الشعب التركي، وبدأت روسيا تخترق المجال الجوي التركي بصفة يومية، وردًا على هذه الانتهاكات، أسقطت تركيا في أواخر 2015، طائرة روسية اخترقت مجالها الجوي لمدة 17 ثانية.
توتر الموقف بين البلدين اللذين كانا على وشك المواجهة العسكرية، وخاصة بعد إعلان موسكو فرض عقوبات اقتصادية على أنقرة، وقطع الاتصالات العسكرية مع الجيش التركي، إلا أنهما توصلا إلى اتفاق بعام 2016، وقررا التعاون والتنسيق في سوريا ووضع اتفاقيات متعددة لوقف إطلاق النار في سوريا، وتحديد مناطق تخفيض التصعيد، من خلال محادثات في أستانا وسوتشي، وتبعها في موسكو منذ مدة قريبة.
وبعد التطور الأخير في إدلب الذي راح ضحيته سبعة جنود أتراك، قال الرئيس أردوغان في هذا الخصوص: “ليست هناك ضرورة للدخول في نزاع مع روسيا خلال هذه المرحلة، لدينا معها مبادرات إستراتيجية جادة للغاية”.
أما فيما يخص الأزمة الليبية، فالأمر مختلف تمامًا، فقد اتفق الرئيسان، التركي والروسي، في شهر يناير الماضي على وقف إطلاق النار في ليبيا، بهدف خفض التوتر هناك، في تصريح منهما مفاده التزامهما الشديد بسيادة ليبيا واستقلالها ووحدة أراضيها.
في ختام الأمر فإن التاريخ التركي والروسي حافل بالحروب والأحداث المثيرة للجدل، ولكن من الممكن فهمهما بالنظر إلى تاريخ ومصالح وتطلعات البلدين بقياداتها الحاليّة، فهما يتفقان في ملفات ويختلفان في أخرى، ولا يمكن نفي الدور الاقتصادي الإيجابي هنا، ولكن من الصعب التنبؤ بمستقبل العلاقة بين البلدين.