أولت جمهورية الصين الشعبية أهمية كبرى للاستثمارات البحرية خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما جسده الحزب الشيوعي الحاكم خلال مؤتمره الوطني الثامن عشر الذي عقد قبل عامين حين كشف هدفه الإستراتيجي المتمثل في بناء قوة بحرية عالمية قادرة على احتكار المشهد.
تتمحور إستراتيجيات بكين في خوض هذا المضمار حول حماية الموارد المائية وتوظيفها بما يعود بالنفع على الدولة صاحبة الاقتصاد الأقوى في العالم، خاصة أن هذا الاقتصاد الحديث سيوفر كمًا هائلًا من الثروات من خلال الاستثمار في الموارد المائية من جهة واعتباره بوابة لنقل البضائع والسلع من جهة أخرى، لذا يعتبره الخبراء أحد مصادر تعزيز الاقتصادات بعيدًا عن الطاقات الناضبة التي تعد تهديدًا للبيئة واستنزافًا لحقوق الأجيال القادمة.
وقد تجاوز مفهوم الاقتصاد الأزرق حاجز اقتصاد المحيطات التقليدي كآلية للنمو الاقتصادي فقط، إلى حماية الموارد والحفاظ عليها بما يضمن بقاءها للأجيال القادمة ولا يؤثر على النطاق الإيكولوجي، ففي نماذج العمل التقليدية سعت الدول الصناعية تاريخيًا لتنمية اقتصادات المحيطات من خلال استغلال الموارد البحرية عبر الشحن والصيد التجاري والتنقيب عن واستخراج النفط والغاز والمعادن، دون النظر إلى تأثيرات أنشطتها على صحة أو إنتاجية تلك الموارد نفسها في المستقبل.
موارد مائية هائلة
تمتع الصين بموقع إستراتيجي ساعدها أن تكون قبلة للاستثمارات البحرية، حيث تقع في نصف الكرة الشمالي، وكل أراضيها التي تحتوي على المياه الإقليمية والجزر في شمال خط الاستواء، بالإضافة إلى ذلك تمتلك البلاد نحو ثلاثة ملايين كيلومتر مربع من المياه الإقليمية الخاضعة لسيادتها حسب “اتفاق قانون البحار التابع للأمم المتحدة”.
الساحل الصيني يتجاوز طوله 18 ألف كيلومتر، طرفه الشمالي عند مدخل نهر يا لو جيانغ، فيما يقع طرفه الجنوبي عند مدخل نهر بي لون على الحدود بين الصين وفيتنام، ويبدو الخط الساحلي بشكل هلال يبرز إلى المحيط، وتنقسم السواحل الصينية إلى قسمين: السواحل الجنوبية ومعظمها حجرية، والسواحل الشمالية ومعظمها منبسطة وطينية رملية.
المشاهد الطبيعية في الصين تتميز بالثراء والتنوع، ففي الشرق تقع على طول شواطئ البحر الأصفر وبحر الصين الشرقي حيث المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في السهول الغرينية، بينما على حواف هضبة منغوليا الداخلية في الشمال يمكن رؤية المراعي، وفي الشرق توجد دلتا نهري الصين الرئيسيين النهر الأصفر ونهر يانغتسي (تشانغ جيانغ).
وهناك ستة آلاف جزيرة على طول السواحل الصينية، وإجمالي مساحتها نحو ألف كيلومتر مربع، وأكبرها جزيرة تايوان ومساحتها 35 ألفًا وثمانمئة كيلومتر مربع، وتليها جزيرة هاي نان ومساحتها 33 ألفًا وتسعمئة ألف كيلومتر مربع.
وتنتمي أكثر من 200 جزيرة وحيد بحري وشاطئ وشط رملي إلى أربعة مجاميع جزر وهي: دونغ شا وسي شا وتشونغ شا ونان شا، كما توجد أرخبيلات أخرى مهمة منها أرخبيل ميآو داو وأرخبيل تشانغ شان وأرخبيل تشو شان وأرخبيل بنغ هو وغيرها، ومنها أرخبيل تشو شان الواقع على بحر دونغ هاي وهو موقع سياحي مشهور حيث يقع جبل بوتوه البوذي، ومصيدة السمك تشو شان الكبيرة المعروفة داخل الصين وخارجها.
منطقة للاقتصاد الأزرق
ترجمت الصين التي تستحوذ على 18 ألف كيلومتر من السواحل البحرية، مساعيها لتعزيز الاستثمارات البحرية، إلى خطوات عملية، أبرزها إنشاء “منطقة الاقتصاد الأزرق” في شبه جزيرة شاندونغ المطلة على بحر بوهاي والبحر الأصفر في سبيل تجربة تنمية الاقتصاد الأزرق.
المنتدى الدولي لتنمية الاقتصاد الأزرق الذي عقد بالصين في 2009 وضع عددًا من الإستراتيجيات بشأن سبل تحقيق اختراق في تنمية الاقتصاد البحري، وتمت فيه مناقشات واسعة عن إستراتيجية التنمية البحرية وتطوير موارد الطاقة في البحار وحماية البيئة الأيكولوجية للبحار وغيرها.
لي جيان قوه نائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في المنتدى قال حينها إن حماية وتطوير موارد البحار وتنمية الاقتصاد البحري خيار مهم للبشرية في تحقيق التنمية المستدامة في القرن الحاليّ، لافتًا إلى أن الحكومة الصينية تولي اهتمامًا كبيرًا منذ زمن لتنمية الاقتصاد البحري، لذا يظهر الاقتصاد البحري بوضع جيد في الصين وتزداد مساهمته تدريجيًا في الاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية.
وقد شهد الاقتصاد البحري الصيني معدل نمو سنوي بلغ 7.2% منذ عام 2012 ليصل إلى 7.76 تريليون يوان (نحو 1.12 تريليون دولار أمريكي) عام 2017، بما نسبته 9.9% من إجمالي الاقتصاد القومي للبلاد، ومن المتوقع أن يصل إلى 15.84% خلال العام الحاليّ 2020، بجانب توظيف عشرات الملايين من الأشخاص، وفقًا لتقرير مقدم للجنة الدائمة لممثلي الشعب الوطني.
الحكومة المركزية في البلاد تلتزم في الوقت ذاته بتعزيز الرقابة على استخدام الموارد البحرية، وتعمل على تقديم الدعم لمجموعة من الشركات المبتكرة لتطوير القدرات الابتكارية للتكنولوجيات البحرية، بحسب ما ذكرته صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية التي أشارت إلى أن الاختراقات في التقنيات والمشروعات الرئيسية دعمت بشكل كبير تقدم الصين نحو هدفها الإستراتيجي لتصبح قوة بحرية عظمى.
وفي السياق ذاته ذكر تشانغ بينغ الوزير المسؤول عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح وهي أكبر جهاز للتخطيط الاقتصادي في البلاد أن الصين شكلت هيكل الاقتصاد البحري في المناطق الساحلية الذي يضم ثلاث مناطق اقتصادية كبيرة وخمس مناطق اقتصادية صغيرة بما فيها منطقة دلتا نهر اليانغتسي ومنطقة دلتا نهر اللؤلؤ ومنطقة بحر بوهاي، وكلها تمثل أساسًا ثابتًا في دفع الاقتصاد البحري قدمًا في المستقبل.
الموانئ.. الأكبر في العالم
تمتلك الصين إمبراطورية هائلة من الموانئ بشتى أنواعها، فبها 34 ميناءً رئيسيًا وأكثر من 2000 ميناء ثانوي، معظمها موانئ بحرية (باستثناء موانئ مثل شانغهاي ونانجينغ ونانتونغ على طول نهر تشانج جيانج وغوانزو في دلتا نهر اللؤلؤ) وتعتبر معظم المدن الرئيسية في الصين موانئ أيضًا أو يسهل الوصول إليها بواسطة ميناء قريب.
وتقع كل موانئ الشحن الأكثر ازدحامًا، في البر الرئيسي الصيني على طول مقطع طويل من الساحل الشرقي للصين الممتد من شينزين في الجنوب إلى داليان في الشمال في معظم المقاطعات التي تعمل فيها الشركات الأجنبية، وهو ما يعطيها أهمية كبيرة في موقعها ومن ثم نسبة الإشغال والأرباح المحققة.
ومن بين أكبر 50 ميناءً على مستوى العالم من حيث عدد الحاويات ومعدلات الإشغال تمتلك الصين 10 موانئ منهم، وهو ما يضعها على قائمة أكبر الدول امتلاكًا للموانئ العملاقة في العالم، وجاء في الترتيب العالمي: ميناء شنغهاي، ميناء هونج كونج، ميناء شينزين، ميناء قوانغنشتو، ميناء تشينغداو، ميناء تيانجين، ميناء شيامن، ميناء داليان، ميناء يانيونقانغ، ميناء ينغكو.
وتتميز خريطة توزيع تلك الموانئ أنها تحقق الانتشار والشمولية، فتغطي معظم أرجاء البلاد المطلة على سواحل بحرية، هذا بخلاف التنافس فيما بينها الذي كان له دور كبير في تبني إستراتيجيات وطنية عملاقة في تنمية هذا القطاع الذي بات اليوم أحد أهم الموارد الاقتصادية في البلاد.
الهيمنة على التجارة البحرية
تعكس خطط التنمية التي توليها بكين فيما يتعلق بمنظومة موانئها البحرية مساعيها الحثيثة لترسيخ مكانتها كمركز عالمي بحري، وتأمين سلاسل الإمدادات الحيوية، وتعزيز قدراتها بمجال التجارة الدولية، وفي سبيل ذلك أنفقت مليارات الدولارات لشراء موانئ خارج أراضيها.
وتعد “مبادرة الحزام والطريق” خير تجسيد لهذا التوجه في ظل حكم الرئيس الحاليّ شي جين بينغ، حيث أنفقت الشركات الصينية مبلغًا ضخمًا بلغ 23 مليار دولار خلال العام الماضي، بهدف الاستحواذ على أو الاستثمار في موانئ عالمية تطل على المحيط الهادئ والبحر المتوسط وأجزاء المحيط الأطلسي التي تصل بين موانئ صينية وأوروبا، وكذلك جنوب المحيط الهادئ.
وفي دراسة أجراها كل من سام بيتسون وجيم كوك من “معهد لاو تشاينا” التابع لكينغز كوليدج لندن، كشفت أنه منذ عام 2010 أنجزت شركات صينية وأخرى من هونغ كونغ أو أعلنت عن صفقات تتعلق بـ40 ميناءً على الأقل بقيمة إجمالية تبلغ نحو 46.6 مليار دولار، ومع هذا، يبقى من الصعب تقدير إجمالي تلك الاستثمارات بسبب نقص المعلومات المتاحة.
الدراسة أشارت أنه وفق المعطيات الحاليّة فإن الصين مهيمنة نسبيًا على الساحة البحرية العالمية، ذلك أن ما يقرب من ثلثي أكبر 50 ميناءً على مستوى العالم توجد بها استثمارات صينية بدرجات متفاوتة، وفيما يتعلق بموانئ الحاويات، تسيطر خمس شركات صينية كبرى بمجال النقل على 18% من جميع نشاطات الشحن عبر الحاويات التي تديرها أكبر 20 شركة في العالم، وذلك حسب البيانات الصادرة عن “دروري”، شركة الاستشارات في مجال الشحن.
ففي عام 2016، أنشأت بكين شركة وطنية عملاقة عبر دمج شركتي “تشينا أوشن شيبينغ” و”تشينا شيبينغ كمباني” لتكوين “كوسكو”، وهي مجموعة تجارية ضخمة (سبع شركات فرعية عالمية) تتضمن خط شحن يحمل الاسم ذاته، وشركة لتشغيل الموانئ، بجانب نشاطات تجارية أخرى بمجال الشحن.
ومن قبلها وفي 2008، بدأت “كوسكو” تشغيل ميناء حاويات في بيرايوس باليونان، في وقت كانت الحكومة اليونانية على وشك الإفلاس، حيث أنفقت الشركة أكثر عن 6.3 مليار دولار للاستحواذ على منافستها “أورينت أوفرسيز إنترناشونال ليمتد” المنتمية لهونغ كونغ، الأمر الذي عزز مكانتها بمجال الشحن.
واليوم تسيطر “كوسكو” على واحدة من كبرى شركات الشحن عالميًا (والأكبر من نوعها خارج أوروبا) وكذلك واحدة من أكبر شركات تشغيل الموانئ في العالم، التي لا يتفوق على أسطولها المؤلف من 400 سفينة إلا أسطول شركة “مايرسك لاين” الهولندية و”ميديترينيان شيبينغ كمباني” السويسرية.
الهيمنة تجاوزت الحدود الآسيوية إلى أوروبا، فعلى مدار السنوات العشرة الماضية، اشترت شركات صينية حصصًا من موانئ بحرية في بلجيكا وفرنسا واليونان وإيطاليا وهولندا وألمانيا، لتصبح بذلك فاعلًا مهمًا في مجال الموانئ الأوروبية، وتشير تقديرات إلى أن المستثمرين الصينيين المدعومين من الدولة يملكون على الأقل 10% من إجمالي جميع أسهم الموانئ في أوروبا.
الثروة السمكية.. الأولى عالميًا
تمثل الثروة السمكية أحد أهم روافد الصين الاقتصادية، وقد ظلت لسنوات طويلة تتربع على عرش الدول الأكثر إنتاجًا للمأكولات البحرية، حيث تسهم وحدها بثلث الإنتاج العالمي من الأسماك، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب من بينها تشجيع المزارع السمكية وتبني التكنولوجيات الحديثة التي أسهمت في تعزيز الإنتاج.
فيما يوفر قطاع الأسماك أكثر من 14 مليون فرصة عمل في الصين، ويُقدر إنتاجها السنوي بـ64.815.905 طن، فيما لا يزال نمو تربية الأحياء المائية هو العامل الرئيسي الذي يدفع الإنتاج المحلي، ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه وإضافة المزيد إلى إجمالي إنتاج المأكولات البحرية خلال السنوات المقبلة.
ويأتي هذا الانتعاش في الإنتاج السمكي نتيجة الاستجابة لزيادة الطلب العالمي على المأكولات البحرية، فضلًا عن تزايد الاستهلاك المحلي نتيجة ارتفاع الدخل، ورغم هذا الكم الهائل من الإنتاج، فإنه لا يكفي، وعليه بحثت الدولة عن مصادر أخرى لتعزيز معدلات الإنتاج حيث تحولت إلى الاستزراع المائي.
العديد من الانتقادات البيئية وجهت لبكين بسبب النمو الكبير في مسار الاستزراع، ونتيجة لهذه الضغوط توقف هذا التوسع لأول مرة في 2016، الأمر الذي أدى إلى انخفاض إجمالي مساحة الاستزراع المائي بنسبة 1.4% عام 2016، وعلى وجه الخصوص، انخفضت مساحة الاستزراع المائي البحري بنسبة 6.5%.
واستندت الانتقادات التي وجهت للسلطات الصينية بسبب ما أدت إليه عمليات الاستزراع المائي المفرط إلى إلحاق ضرر متزايد بالنظام البيئي والموارد المائية الملوثة، خاصة بعد التلوث الشديد في بعض المقاطعات خلال عام 2016 ، مثل ما حدث على الساحل الشرقي للصين، حيث أغلقت الحكومة بعض مزارع الاستزراع المائي وعوضت المزارعين عن الإغلاق، كما حددت الحكومة بعض المناطق الساحلية/البحرية مثل مناطق حماية الأنواع البحرية الخاصة أو المناطق البيئية.
ويعد بحر جنوب الصين أبرز مصادر الإنتاج السمكي في البلاد، فرغم أنه لا يغطي إلا 2.5% من سطح الأرض، فإنه يضم في أعماقه أكثر من ثلاثة آلاف نوع من الأسماك تشكل في مجموعها 12% من حجم الصيد العالمي، بطاقة إنتاجية تصل إلى 12 مليون طن سنويًا، وذلك وفقًا لأرقام أوردتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) في أحدث تقاريرها عن الثروة السمكية في المنطقة.
كما تغطي هذه الثروة نحو 70% من احتياجات الصين السمكية البالغة قرابة ثلث إنتاج العالم من الأسماك، أي نحو ثلاثة أضعاف استهلاك أوروبا وآسيا الوسطى مجتمعتين، وخمسة أضعاف استهلاك أمريكا الشمالية، ونتيجة لهذه الإمكانات الضخمة في هذا البحر أثيرت العديد من الصراعات بين الصيادين خلال السنوات الماضية لتتحول تلك المنطقة إلى ساحة للنزاع لا تقل خطورة عن مسألة السيادة وعمليات التنقيب عن الغاز والنفط وبناء الجزر الصناعية.
وتشير الإحصاءات إلى أن تلك الثروة السمكية توفر قرابة 15 مليون فرصة عمل للصينيين، وتبلغ عائدات الصين من السمك نحو 3% من مجمل ناتجها القومي، وتقدر بنحو 300 مليار دولار سنويًا، لذلك ليس سهلًا على الصين التفريط في هذه الثروة أو تتقاسمها مع آخرين، وهي التي ما زالت تسعى للبحث عن مصادر أخرى تغطي نسبة الـ30% الباقية من احتياجاتها السمكية.
النفط البحري.. تعزيز الاستثمارات
تتجه الصين خلال الآونة الأخيرة إلى مياه البحار والمحيطات لزيادة إنتاجها من النفط والغاز، في محاولة لمنافسة الكبار على احتكار هذه السلعة الإستراتيجية العالمية التي تمثل موردًا مهمًا للدخل القومي قد لا يتناسب مع ما تمتلكه الدولة من مساحات بحرية مليئة بهذه الثروة حال استغلالها.
مؤخرًا وقعت الشركة الوطنية الصينية للنفط البحري عددًا من اتفاقيات التعاون الإستراتيجي للتنقيب عن النفط والغاز قبالة الصين مع تسع شركات دولية من بينها شركات النفط الرائدة شيفرون وكونوكو فيليبس وشل وتوتال وإكينور، حيث ستشارك شركة النفط الصينية والشركات التسعة في فرص التطوير في مناطق التعاون الإستراتيجي في حوض نهر بيرل في الصين.
شركة النفط الصينية في بيان لها في 2018 قالت إن تلك الاتفاقيات “ستسهل إقامة تعاون مستقر وطويل الأمد، وستشارك بعض فرص التطوير في مجالات التعاون الإستراتيجي، مما يخلق الشروط للتوقيع النهائي على العقود”، فيما تحاول الشركات الصينية حشد المزيد من الموارد في الداخل لتحل محل انخفاض إنتاج النفط والغاز الناضج، بينما يستمر الطلب على النفط والغاز بالصين في النمو.
وفي 13 من أبريل 2019، بدأت بكين لأول مرة في استخراج الغاز الطبيعي من المياه العميقة (2590 متر عمق مائي) في بحر الصين الجنوبي، وتشير التقديرات إلى أن هذا الغاز يكفي 70 مليون شخص في دلتا نهر اللؤلؤ (گوانگژو، هونگ كونگ، ماكاو، شنژن، ژوهاي).
وبدأت منصة الحفر البحرية عملياتها في المياه العميقة في بحر الصين الجنوبي، وتم الانتهاء من حفر أول بئر بشرق البحر في أبريل 2019، وتعتبر هذه أول منصة مياه عميقة صينية الصنع، التي، حسب مسؤولين صينيين، ستزود منطقة الخليج الأكبر بالغاز الطبيعي المسال مستقبليًا، للبيان الصادر عن شركة الصين الوطنية للنفط البحري (صينوك)، المشغلة لمنصة الحفر.
وتعد شركة الصين الوطنية للنفط البحري (واختصارها CNOOC أو صينوك) ثالث أكبر شركة نفط وطنية في الصين، وتـُركـِّز على استغلال واستكشاف وتطوير النفط الخام والغاز الطبيعي من البحار، وتمتلك الحكومة 70% من أسهمها، فيما تقوم مفوضية الإشراف والإدارة لممتلكات الدولة التابعة لمجلس الدولة بأداء حقوق والتزامات أصحاب الأسهم بالنيابة عن الحكومة.
وفي المجمل.. ربما ما تعرضت له الصين خلال الأيام الماضية من خسائر بالمليارات في منظومة اقتصادها جراء تفشي فيروس كورونا الجديد يكون دافعًا لإعادة النظر في هيكل وخريطة اقتصادها وموارده الرئيسية، الذي من المرجح أن يكون على قائمته الاستثمارات المائية والبحرية التي – بحسب خبراء – ستكون قبلة العالم خلال السنوات القادمة.