بدأت إفريقيا في اقتحام عالم الاستثمارات البحرية خلال السنوات العشرة الأخيرة، في محاولة لتنويع مصادر الدخل والبحث عن بدائل آمنة للموارد التي تعاني من تأرجح في سوقها السعري والوجودي، وذلك لأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه مع الأزمات الاقتصادية التي تواجهها القارة لا سيما في المناطق الفقيرة منها التي يواجه بعضها مخاطر الموت جوعًا.
تتمتع القارة بخريطة ثرية من الموارد البحرية بسبب موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي حولها إلى قبلة الاستعمار الدولي قديمًا ووجهة الاستثمارات العالمية مؤخرًا، حيث تضم إفريقيا 38 دولة ساحلية ودولة جزيرية، ولديها خطٌ ساحلي يزيد طوله على 47 ألف كيلومتر.
كما تحاط القارة بشريط بحري أهلها للدخول إلى عالم الاقتصاد الأزرق من أوسع الأبواب، فمن الشمال يحدها البحر المتوسط، أما المحيط الهندي والمحيط الأطلسي فيحداها من الجنوب وكذلك يحدها من الغرب المحيط الأطلسي، أما من الشرق فيحدها المحيط الهندي وقناة السويس والبحر الأحمر.
إستراتيجية الدول الإفريقية في تعزيز هذا النوع من الاقتصاد من شأنها أن توسع مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسياحة والنقل والموانِئ البحرية والداخلية، بجانب الدور الذي من الممكن أن تسهم به في الحد من الفقر وتعزيز أمن الغذاء والطاقة وتشغيل العمالة والنمو الاقتصادي والصادرات وصحة المحيطات والاستخدام المستدام لموارد المحيطات.
مؤتمر نيروبي.. نقطة الانطلاق
في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 عُقد في العاصمة الكينية، نيروبي، مؤتمر تحت عنوان “الاقتصاد الأزرق وأجندة 2030 للتنمية المستدامة”، حضره قرابة 18000 مندوب من 184 دولة ـ وهو عدد أكثر بكثير من العدد المتوقع، حيث كان متوقعًا حضور نحو 4000 مندوب عن الدول المختلفة ـ وشمل ذلك مسؤولين حكوميين وممثلين عن عدد من المنظمات الإقليمية والدولية الرئيسية وأعضاء المجتمع المدني وممثلين من الأوساط الأكاديمية وممثلين مختلفين للصناعة البحرية وخبراء عالميين آخرين.
المؤتمر ناقش بشكل أساسي ضمان الاستخدام المستدام طويل المدى للمحيطات والموارد البحرية، مؤكدًا الإمكانات الهائلة التى يمكن استغلالها وتسخيرها في خدمة الموارد الساحلية والبحرية، ليس فقط في إفريقيا بل في جميع أنحاء العالم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء مجال بحري آمن من شأنه أن يضيف قيمة إلى “الاقتصاد الأزرق” في المجالات المختلفة ومنها الصيد والتجارة والنقل والسياحة.
في مقال للباحثين TIMOTHY WALKER ــ DENYS REVA نشرته مؤسسة “Institute for Security Studies” استعرضا واقع ومستقبل هذا الاقتصاد الجديد وضرورة الاهتمام به باعتباره أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة، لافتين إلى أن أهمية البحار والمحيطات بالنسبة لمستقبل التنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة والأمن فى إفريقيا وما وراءها أصبحت موضع اعتراف متزايد، وذلك استنادًا إلى مؤتمر نيروبي.
كثير من الآراء ذهبت إلى التقليل من شأن هذا المؤتمر كونه تقليدًا سنويًا عالميًا لا يغادر منصة التنظير فقط، فضلًا عن التطبيق على أرض الواقع، وهو الرأي ذاته الذي تبناه الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني الذي قال خلال كلمته في المؤتمر إنه بشكل مبدأي كانت لديه تحفظات أولية على هذه القمة، خوفًا من “أن يكون الاقتصاد الأزرق شكل آخر من الكليشيهات أو الترتيبات المبتذلة التي يقودها أصدقاؤنا الخارجيون، ولكن لاحظت أن هذا يتعلق ببقائنا، إنه مرتبط بأهداف مستدامة”.
المحيطات يمكنها أن تقدم الحل السريع للعديد من المشاكل التي تمنع الدول الإفريقية من تحقيق الأهداف التي تتناسب مع إمكاناتها الحقيقية.
وأضاف “ومع مرور الوقت اتضحت الرسالة بصورة أكثر شفافية، وهي أن هذا الاقتصاد في إفريقيا المفتاح الأساسي لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في القارة، إلا أن الطرق والوسائل التي من المفترض أنه سيتم من خلالها تحقيق ذلك ليست متطورة بشكل كافٍ”.
الباحثان أضافا أنه في حين تم الترويج لهذا المؤتمر باعتباره أول مؤتمر عالمي عن “الاقتصاد الأزرق” المستدام، فإن العمل على هذا الأمر مستمر منذ فترة طويلة، حيث ﺃﺳﻔﺮﺕ ﻗﻤﺔ “ﻟﻮﻣﻲ” ﻋﺎﻡ 2016 ومؤتمر الأمم المتحدة بشأن المحيطات ﻋﺎﻡ 2017 عن ﻧﺘﺎﺋﺞ جيدة، إلا ﺃﻥ ﺃﺛﺮﻫﺎ ﺳﻴﺴﺘﻐﺮﻕ سنوات ليغدو ﻭﺍﺿﺤًﺎ.
أما عن شروط نجاح مثل هذه الخطوات في تعزيز هذا المجال الجديد فإن صناع السياسة والقرار يحتاجون – بحسب الباحثين – إلى الوصول المستمر للأبحاث الموثوقة والمعتمدة على الأدلة، مؤكدين أن إمكانات المحيط والتهديدات التي تهدد سلامته يجب أن يتم التعامل معها باعتبارها حقائق واضحة، كذلك هم في حاجة إلى تخفيف التوقعات المثالية غير الواقعية بأن المحيطات يمكنها أن تقدم الحل السريع للعديد من المشاكل التي تمنع الدول الإفريقية من تحقيق الأهداف التي تتناسب مع إمكاناتها الحقيقية.
واختُتم المقال بالتأكيد أن الأهمية المباشرة لمؤتمر نيروبي هي جذب الانتباه السياسي والعام للاقتصاد الأزرق بما يزيد من الأهمية السياسية للمؤتمر، حيث إنه لا يوجد نقص في الأطر والأدوات التي يمكن استخدامها لتطوير إستراتيجيات مناسبة ومصممة بشكل جيد في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك، فإن التحدي التالي هو الحفاظ على مستوى الالتزام السياسي والمصلحة العامة في تحقيق هذه الأهداف.
إفريقيا.. موارد متميزة
تمتلك قارة إفريقيا حزمة من الموارد المائية المتميزة، فبجانب ما تطل عليه من بحار ومحيطات، فإنها تمتلك عددًا من أكبر أنهار العالم، على رأسها نهر النيل، أطول أنهار القارة وأكثرها أهمية، وتأتي أهميته نتيجة مروره عبر الصحراء حيث يعتمد السكان عليه في نشاطهم الزراعي.
ثم يأتي نهر الكونغو، ثاني أكبر أنهار العالم من ناحية كمية المياه بعد نهر الأمازون، ويصلح للملاحة لمسافة 1734 كيلومترًا كما يقطع النهر شلالات فيل ويبلغ معدل التصريف 40 ألف م/ثانية.
ويحل في المرتبة الثالثة نهر النيجر الذي يقطع أقاليم مناخية متباينة استوائية وصحراوية، ينبع من هضبة في غرب إفريقيا على مقربة من المحيط الأطلسي يتجه شمالًا وشمال شرقي ثم باتجاه الجنوب ليصب في المحيط وأهم روافده باني وهذا النهر غير صالح للملاحة لمسافات طويلة لوجود عوائق طبيعية.
وبجانب الأنهار هناك عدد من البحيرات ذات الأهمية الكبيرة، وتتركز البحيرات الكبرى في القارة بالأجزاء الشرقية، وهي عبارة عن بحيرات طويلة الشكل كبيرة المساحة عميقة في معظمها ويعود السبب لتركيزها لوجود الأخدود الإفريقي حيث تنتشر ثمانية بحيرات أخدودية.
القرن الإفريقي.. ساحة التنافس العالمي
تعد منطقة القرن الإفريقي الواقعة على مدخل البحر الأحمر الجنوبي إحدى أهم المناطق الإستراتيجية في القارة بأسرها، حيث تحولت في السنوات الأخيرة إلى قبلة للتنافس الاقتصادي والأمني بين القوى الإقليمية والدولية، وتحوَل البحر الأحمر من بحيرة عربية إلى ساحة دولية مفتوحة للعديد من الأجندات الخارجية.
ترجع تلك الأهمية لأسباب عدة أهمها القرصنة التي شكَلت تهديدًا لحركة الملاحة الجوية، وكذلك رغبة دول القرن الإفريقي الفقيرة باستثمار موانئها المطلَة على مضيق باب المندب وخليج عدن، وقد أتاح وجود حكومات هشة أو غير مستندة لآليات شرعية، الفرصةَ لمن يقدِم عروضًا أفضل وغياب المنافسة الحقيقية بين الراغبين في الاستثمار.
تمتلك هذه المنطقة الضيقة العديد من الموانئ الإستراتيجية التي تؤثر بشكل كبير في خريطة الملاحة العالمية، تتقدمها موانئ الصومال الأربع: ميناء مقديشيو، أكبر الموانئ الذي تم إغلاقه عدة مرات بسبب الصراعات الداخلية، ثم ميناء بربرة في الشمال، وهو من أقدم موانئ الصومال، ولكن بُني في شكله الحاليّ عام 1968، وكان يُستخدم لتصدير المواشي إلى الشرق الأوسط ودول الخليج، ولاستيراد الوقود والبضائع الأخرى المختلفة.
كذلك ميناء بوصاصو في الشرق، أُنشئ في الثمانينيات كجزء من صفقة المصالحة بين الجبهة الصومالية الديمقراطية للإنقاذ – أولى حركات التمرد المسلحة – ونظام سياد بري، برعاية وتمويل إيطاليين، وأخيرًا، ميناء كسمايو الواقع على المحيط الهندي، وهو غني بالثروات الطبيعية ويتبع لحكومة ولاية جوبا لاند، وتأسس عام 1966.
فيحتل المغرب العربي المرتبة الأولى إفريقيًا كأكثر الدول ارتباطًا بمجال النقل البحري
أما في جيبوتي فهناك ميناء دروالة أو ميناء جيوبتي كما يطلقون عليه، يقع على مدخل البحر الأحمر الجنوبي ويعتبر الميناء الوحيد الذي يعتمد مواصفات “القانون الدولي لأمن السفن والموانئ” الأمريكي في شرق إفريقيا، واحتل الميناء مكانة إقليمية عالية، بعد النزاع الحدودي بين إريتريا وإثيوبيا ما بين 1998-2000.
ثم يأتي ميناء بورتسودان، الميناء الرئيسي لجمهورية السودان، وتديره هيئة الموانئ البحرية التابعة لوزارة النقل الاتحادية، ويتكون من عدة موانئ مختلفة الاختصاصات، ومنها الميناء الشمالي والميناء الجنوبي والميناء الأخضر وميناء الخير وميناء سواكن المخصص لنقل الركاب.
وأخيرًا، هناك ميناءات لدولة إريتريا، مصوع وعصب، ويفتقران للتسهيلات المناسبة، واستأجرت مجموعة موانئ دبي ميناء عصب ومطار عصب المجاور له عام 2015 لمدة 30 عامًا لاستغلاله في العمليات العسكرية التي تشنها قوات التحالف بقيادة السعودية في اليمن، بالإضافة إلى أهداف تجارية خاصة بالإمارات.
أما من حيث الملاحة البحرية فيحتل المغرب العربي المرتبة الأولى إفريقيًا كأكثر الدول ارتباطًا بمجال النقل البحري، وفقًا لمؤشر الربط البحري لعام 2017 الذي وضعه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، حيث تحسن أداءه بواقع 67 نقطة على مقياس 100 نقطة، ليتقدم على مصر (54.6) وجنوب إفريقيا (37.4)، بدعم نمو ديناميكية النقل المغربية.
الثروة السمكية.. بديل الفقراء المهدر
بينما يعاني نسبة كبيرة من سكان إفريقيا من فقر غذائي مدقع بحسب مؤشرات الأمم المتحدة، إلى الحد الذي بات الملايين فيه على قوائم انتظار الموت البطيئ بسبب الجوع وغياب الأمن الغذائي، تتمتع القارة بإمكانات هائلة من المصائد السمكية التي تؤهلها لأن تتصدر عرش العالم في إنتاج المأكولات البحرية.
في دراسة لأستاذ جغرافيا البيئة بجامعة المنوفية في مصر، صبحي رمضان، كشف أن المصائد السمكية تسهم إسهامًا حيويًا في تحقيق الأمن الغذائي والتغذية لأكثر من 200 مليون إفريقي، كما توفر الدخل لأكثر من 10 ملايين نسمة من سكان القارة، التي يعيش أكثر من 46% منهم في فقرٍ مدقع، وهي نسبةٌ في ارتفاعٍ مستمر.
الباحث أشار إلى أن نسبة كبيرة من سكان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تعاني من أمراض سوء التغذية، فطبقًا لتقرير الأمن الغذائي والتغذوي الإقليمي في إفريقيا الصادر في 2017 الذي أصدرته منظمة الأغذية والزراعة العالمية (FAO)، فإن انتشار نقص التغذية المزمن ارتفع من 20.8% إلى 22.7% بين عامي 2015 و2016، وزاد عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية من 200 مليون إلى 224 مليون نسمة، وأصبحوا يشكلون 25% من 815 مليون شخصٍ يعانون من نقص التغذية في العالم عام 2016.
أكثر من 12 مليون شخص في إفريقيا يعملون في مصائد الأسماك وحدها، وهو القطاع الأكبر بين قطاعات الاقتصاد الأزرق في القارة
التقرير كشف أن على رأس العوامل التي أدت إلى زيادة نسبة الجوع، ارتفاع نسبة السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بسبب عدم قدرتهم على الحصول على الغذاء، وعليه يمكن للأسماك، كمصدر غذاء غني للفقراء، أن تؤدي دورًا مهمًا في تحسين الأمن الغذائي لإفريقيا، موضحًا أن هناك أكثر من 200 مليون إفريقي يأكلون السمك بانتظام، وتشير تقديرات الفاو أن الأسماك توفر 22% من البروتين في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتتجاوز النسبة 50% في الدول الأكثر فقرًا (خاصةً عندما تكون المصادر الأخرى للبروتينات الحيوانية شحيحةً أو مكلفة).
ورغم ما تزخر به القارة من موارد مائية عظيمة، لا يزال الإنتاج السمكي بها ضعيفًا، إذ لا تسهم إلا بقرابة عُشر الإنتاج العالمي (10.2%)، ولا يتجاوز حجم صادراتها السمكية 5% من الإجمالي العالمي، وفقًا لإحصاءات 2016، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، من أهمها: استقامة سواحلها ومن ثَم قلة الموانئ الطبيعية والفقر الحيوي المنشئ للمياه الإفريقية واستغلالها من السفن الأجنبية والافتقار إلى المصائد الإفريقية خارج حدود المياه الإقليمية، بالإضافة إلى المشكلات المتعلقة بسياسات التسويق والبُنى التحتية، بحسب الدراسة.
يذكر أن أكثر من 12 مليون شخص في إفريقيا يعملون في مصائد الأسماك وحدها، وهو القطاع الأكبر بين قطاعات الاقتصاد الأزرق في القارة، ويولد قيمة مضافة تقدَر بأكثر من 24 مليار دولار، أو 1.26% من الناتج المحلي الإجمالي لجميع الدول الإفريقية.
10% من احتياطي النفط العالمي
تمتلك القارة السمراء احتياطًا نفطيًا جيدًا في حدود 125 مليار برميل أي ما يعادل نحو 10% من حجم الاحتياطي العالمي، ويتمتع النفط المستخرج من سواحل القارة وشواطئها بالجودة قياسًا بأنواع أخرى في مختلف دول العالم، وهنا يقول جان بيير فافانيك الخبير في المعهد الفرنسي للنفط: “حتى ولو كانت كُلفة استخراج النفط الإفريقي مرتفعة قياسًا بنفط منطقة الشرق الأوسط (الخليج العربي وما حوله)، بسبب وجود مواقع بعيدة عن الساحل في البحر، وبسبب التحديات الأمنية، فإن كمياته (النفط الإفريقي)، كبيرة ويحتوي على نسبة ضعيفة من الكبريت ويتميز بأنه خفيف ويحتوي على مزيد من الخام والغاز وهي مواد مهمة”.
أشار تقرير سابق لـ”نون بوست” إلى أن معظم إنتاج النفط في إفريقيا جنوب الصحراء يتركز في وسط وغرب القارة وبالتحديد في منطقة خليج غينيا، إذ تنتج نيجيريا وحدها نحو مليوني برميل يوميًا، الأمر الذي يجعلها تتبوأ المرتبة الـ13 لأكبر منتجي النفط العالميين عام 2018.
ويأتي في المرتبة الثانية من حيث الإنتاج، أنغولا التي تقع في المنطقة نفسها “خليح غينيا”، إذ تنتج نحو 1.4 مليون برميل من النفط، بعد التدهور الذي شهده قطاع النفط في البلاد مؤخرًا فيها، فقد كانت تنتج نحو 1.6 مليون برميل، ولأن النفط يشكل الجزء الأكبر من صادرات البلاد، فقد واصلت الحكومة متابعة مشروعات جديدة لاستغلال احتياطاتها الكبيرة من الذهب الأسود.
وفي هذا الإطار يقول الرئيس الأنغولي جواو لورنسو، إن بلاده “ستكثف الجهود لتجديد الاحتياطات من أجل الحد من التدهور الكبير في إنتاج النفط”، ولعكس هذا المسار، تعهد بطرح عشرات الحقول الجديدة في مزاد علني قريبًا، وتعترف لواندا بأن الأمر مهم للحفاظ على حصتها، فدون مشاريع جديدة يمكن أن ينخفض الإنتاج إلى أقل من مليون برميل بحلول 2023، حسب وزارة النفط الأنغولية.
التحديات التي تواجهها إفريقيا في مجال الاقتصاد الأزرق تتثمل في التلوث الهائل للتجمعات المائية الإفريقية والاستغلال المفرط الواضح للموارد المائية وما يرتبط بها من تنوع بيولوجي
أما المرتبة الثالثة والرابعة فكانت من نصيب دول شمال إفريقيا، خاصة الجزائر وليبيا، إذ تنتج الأولى نحو 1.1 مليون برميل والثانية ما يقل عن مليون برميل يوميًا، يليهما النفط الليبي، الذي شهد تراجعًا كبيرًا في صناعة النفط جراء الأوضاع الأمنية المتدهورة، وعلى الرغم من ذلك تهتم المجموعات الدولية بدراسة الصفقات التي يمكن أن تعقدها مع السلطات الليبية، في قطاع النفط.
علاوة على ذلك فهناك عشرات الدول الإفريقية تزاحم في سباق الإنتاج النفطي لكن بنسب متفاوتة، على رأسها مصر والكونغو والسودان وجنوب السودان وغينيا الإستوائية، إذ يتراوح إنتاج الدول الأخيرة بين 400 ألف إلى 230 ألف برميل، كما بدأت دول أخرى في شرق إفريقيا إنتاج كميات محدودة من النفط مثل كينيا والصومال وإثيوبيا، وتأمل هذه الجمهوريات في أن تضاعف إنتاجها لتصل إلى حد الاكتفاء الذاتي ثم مرحلة التصدير المنتظم.
ورغم الفرص الكبيرة الموجودة أمام القارة السمراء لاقتحام مضمار الاقتصاد الأزرق، فإن هناك عددًا من التحديات التي تواجه مثل هذه التحركات، منها ما أشار إليه الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، حين أعرب عن قلقه إزاء التلوث الهائل للتجمعات المائية الإفريقية والاستغلال المفرط الواضح للموارد المائية وما يرتبط بها من تنوع بيولوجي، بالإضافة إلى التحدي المحدد المتمثل في انعدام الأمن لا سيما في أعالي البحار.
كذلك ما أورده المنظمون لمؤتمر نيروبي من تحديات أخرى منها الافتقار إلى الرخاء المشترك وانعدام الأمن البحري والأنشطة البشرية غير المستدامة حول وداخل المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار، بما في ذلك الصيد الجائر، هذا بجانب التلوث والأنواع البيولوجية الغازية وتحمُض المحيطات الذي يؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي وتعريض الصحة البشرية والأمن الغذائي للخطر، مع الوضع في الاعتبار ضعف الإطار القانوني والسياسي والتنظيمي والمؤسسي، وضعف تخطيط التنمية الساحلية وتنظيمها، الذي يفاقم بدوره التحديات القائمة.