بالإضافة إلى أمريكا اللاعب السياسي الأقوى في الشرق الأوسط باتت تيارات الإسلام السياسي تحتل مكانة متقدمة في المعترك السياسي في المنطقة سواء كانت في الحكم أو في المعارضة وأصبح محتما على أي قوة سياسية أن تختار ما بين التحالف مع تيارات الإسلام السياسي أو تصنيفها خصما وعدوا غير قابل للاختزال.
في مقال رأي للكاتب والصحفي فراس أبو هلال نشر على موقع الجزيرة نت، رأى أبو هلال أن “الاستقطاب حول الثورة السورية من جهة، وحول مسار التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي” هو الدافع الأساسي للجدال القائم حول ما يسمى بالتحالف بين تيار الإسلام السياسي والولايات المتحدة الأمريكية.
واشتد الخلاف بين الإسلاميين وغيرهم من القوميين واليساريين بعد انحياز تيار الإسلام السياسي إلى صف الثورة السورية وبقاء القوى اليسارية والقومية على ولائها لنظام بشار ودعمها له، الأمر الذي أحيى “سلاح الشعارات الشعبوية” فعاد الإسلاميون إلى اتهام خصومهم القوميين واليساريين بمعاداة الهوية الإسلامية وعاد القوميون واليساريون إلى اتهام خصومهم الإسلاميين “خيانة الثورة والتحالف مع المشروع الأميركي في المنطقة”.
وفي الوقت الذي رأى فيه أبو هلال أن التهم الموجهة إلى الإسلاميين “لا يمكن بأية حال أن ترقى إلى درجة التوصيف المبني على البحث العلمي الرصين” فإنه ذكر عددا من الشواهد السياسية المستخدمة من طرف متهمي الإسلاميين وناقش موضوعيتها ونقاط التقائها وانفصالها عن الواقع السياسي في المنطقة.
والكاتب وإن لم ينف ادعاءات القوميين واليسارين بوجود مؤامرة دولية لإسقاط أهم ركائز محور المقاومة والممانعة في سوريا فإنه رأى أن المؤامرة موجهة بالأساس إلى الدولة السورية “بما تمثله من إحدى ركائز المنطقة العربية”، واتهم مؤيدي النظام بالمساهمة في تنفيذ مشروع هدم الدولة السورية بعد رفضهم الاستماع إلى نصائح أصدقائهم وحلفائهم السابقين المقربين من تيار الإسلام السياسي مثل حماس وتركيا وقطر.
وقبل الحديث عن تحالف بين الإسلاميين وأمريكا يجب أن ننظر بتمعن في المواقف الرسمية لرموز التيارات الإسلامية، فحماس التزمت الصمت طويلا “لدرجة أن مصداقيتها وشعبيتها أصبحت على المحك بسبب هذا الحياد” وأما الرئيس المصري محمد مرسي فقد ظل طيلة فترة حكمه “رافضا للتدخل الأجنبي ومؤيدا لحل عربي للأزمة” رغم كل الضغوط الدولية والأمريكية.
وبعيدا عن الملف السوري وبالعودة إلى الملف الأقدم في المنطقة، نجد أن موقف تيار الإسلام السياسي من القضية الفلسطينية لم يتغير في ظل الاتهامات الموجهة له بالتحالف مع أمريكا، وفي الوقت الذي كان نظام حسني مبارك “عرابا للموقف الإسرائيلي وضاغطا على الفلسطينيين في أي صراع” طرح محمد مرسي “مواقف داعمة للفلسطينيين، وقدم وجهة نظرهم في المفاوضات مع الاحتلال ودافع عن هذه الوجهة “.
ويرى الكاتب أن العلاقة بين تيار الإسلام السياسي وأمريكا يمكن توصيفها على أنها توافق في بعض المواقف السياسية ولا يمكن اعتبارها تحالفا لأن التوافقات وتضاربات المصالح أمر طبيعي قد يحدث بين الإسلاميين وأمريكا كما حدث سابقا بين ايران وأمريكا حول اسقاط صدام حسين أو حول اسقاط طالبان.
كما يلجأ بعض متهمي التيارات الإسلامية بالتحالف مع أمريكا إلى البعد الآيديولوجي بالقول بأن “الإسلاميين لا يعطون الأولوية في برنامجهم لمقاومة أميركا والصهيونية” الأمر الذي تنكره المناهج الفكرية والسياسية لهذا التيار المليئة ب”ملامح الخصومة والعداء” للغرب ولأمريكا خاصة حول “القضية الفلسطينية والاستقلال الوطني ومقاومة التغريب”.
واختتم فراس أبو هلال مقاله بالقول بأن لا أسس ثابتة للاتهامات الموجهة لتيار الإسلام السياسي بالتحالف مع أمريكا وأنها تأتي في معظمها “في إطار صراع سياسي وأيديولوجي محتدم، واستقطاب حاد بين التيارات العلمانية والإسلامية، يستخدم فيه كل طرف كافة الأدوات التي تضيع فيها الحقيقة والموضوعية والإنصاف”.