ترجمة وتحرير نون بوست
عندما توقفت عائلة روزينيسا مميت توهتي عن الرد عن مكالماتها قبل ثلاث سنوات، شعرت بالخوف من حدوث مكروه. ولكن لا شيء جعلها مستعدة نفسيا لرؤية وثائق مسربة عن قاعدة بيانات تابعة للحكومة الصينية، تتضمن أسماء الأيغور المستهدفين للاحتجاز.
وهنالك ضمن قائمة تضم 358 شخص، وجدت رقم الهوية والإسم الكامل لأختها الأصغر، باتيم مميت توهتي. وتذكر هذه الوثيقة أن الفتاة أرسلت إلى معسكر إعادة التأهيل رقم 4 في بلدة كاراكاش في 7 مارس/ آذار 2018. انهمرت الدموع من عيني روزينيسا وهي تقول لموقع فايس نيوز: “من بين كل أعضاء عائلتي، أشتاق لأختي أكثر من أي شخص آخر.”
وتنتمي عائلة روزينيسا إلى المسلمين الأيغور الذين يعيشون في شمال غرب الصين، أين تعرض مليون أو أكثر من المسلمين إلى الاحتجاز القسري في معسكرات إعادة التأهيل منذ العام 2017. وقد غادرت روزينيسا الصين نحو إسطنبول في 2003 لمواصلة دراستها، وهي الآن تتلقى أخبارا تجعل كل أيغوري يعيش خارج الصين يشعر بالخوف. هذه الوثيقة المكونة من 137 صفحة تحمل عنوان: “المتدربون الذين سافر أقاربهم للخارج ولم يعودوا”. وهكذا فهمت أن وجودها في تركيا هو ما وضع بقية أفراد عائلتها في خطر.
ويتمثل هدف معسكرات إعادة التأهيل التي أنشأتها الصين في منطقة شينجيانغ، في طمس هوية الأقليات المسلمة التي لطالما عانت من التهميش، وخاصة منها الأيغور والكازاخ، من أجل إدماجهم في ثقافة الهان الصينية. وتدعي الحكومة أن هذه المراكز ساهمت في تحقيق التنمية وساعدت على مكافحة الإرهاب. إلا أن سجلات المعتقلين الذين اطلع عليهم موقع فايس نيوز تكشف أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء المرسلين إلى المعسكرات تم اعتقالهم في الأصل بسبب سلوكات عادية وقانونية، مثل ارتداء الحجاب وإطالة اللحية، وزيارة موقع انترنت أجنبي، والتقدم بطلب للحصول على جواز سفر، والسفر نحو بلد يصنف على أنه “حساس”، أو وجود أقارب له يعيشون في واحد من هذه البلدان، أو الانتماء إلى عائلة متدينة.
وعند ايداعهم في المعسكرات، يتم وضع هؤلاء المحتجزين وراء أبواب محكمة الإغلاق، ومراقبتهم على مدار الساعة، ويتم منحهم تقييمات بناء على سلوكهم وغالبا لا يسمح لهم بأي اتصال مع العالم الخارجي، ويتم تلقينهم إيديولوجيا الحزب الشيوعي، وذلك بحسب كتيب إرشادات حول كيفية إدارة هذه المعسكرات، اطلع عليه موقع فايس نيوز. ويتم احتجاز هؤلاء المسلمين لمدة لا تقل عن سنة، وكثيرون من الذين تواجدوا سابقا في هذه المعسكرات ثم سافروا إلى خارج البلاد قدموا تفاصيل حول التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضوا له.
هذه الوثيقة تقدم لنا نظرة من الداخل على مساعي الحكومة لاحتجاز الناس. وللمرة الأولى نمتلك وثائق تخبرنا لماذا يتم إيداع الناس في هذه المعسكرات، وعلى أي أساس يتم إطلاق سراحهم بعد ذلك.
وقد توقفت عائلة روزينيسا فجأة عن الرد على اتصالاتها في العام 2016، عندما بدأ الحزب الشيوعي الحاكم في الصين يحكم قبضته على المسلمين في إقليم شينجيانج. وجاءت تلك الخطوة في إطار مساعي الحكومة للرد على حالة عدم الرضا تجاه حكم سلالة الهان في هذه المنطقة، وهي توترات أدت لاندلاع بعض موجات العنف خلال العقد الماضي. وتعتبر بكين أن مسؤولية هذه الاضطرابات في شينجيانج تقع على عاتق المسلمين المتطرفين وحركات الانفصال العرقي.
ولطالما كانت روزينيسا وأختها باتيم مقربتان جدا، وهي تذكر أن أختها التي تصغرها بعام ونصف كانت صديقتها المفضلة، والبعض كانوا يظنون أنهما توأمان، ولهما ذكريات جميلة حول أيام الطفولة عندما كانتا تتخاصمان حول الملابس. وعندما بلغت روزينيسا سن 18 عاما، انتقلت إلى تركيا للدراسة، حيث تقول: “في يوم مغادرتي، كانت أختي هي أكثر شخص بكى وتأثر ولم تستطع تركي أذهب.”
كما كانت روزينيسا تتصل بأختها باتيم بشكل مستمر، وتتحدثان حول العائلة والأكل والموضة. ثم منذ أحد الأيام في بداية شهر يونيو/ حزيران 2016، لم تسمع أي شيء عنها أو عن بقية أفراد العائلة منذ ذلك الوقت. ثم بدأت الأخبار تتوافد حول ما يتعرض له الأيغور في وطنهم، إلا أن روزينيسا لم تتصور أبدا أن أختها قد تكون من بين المعتقلين، بما أنها لم تفعل أي أمر مخالف للقانون، وكانت تعيش حياة بسيطة ومسالمة وتدير مخبزة صغيرة مع زوجها وترعى أبنائها الأربعة.
التسريبات:
حصل موقع فايس نيوز على وثيقة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 أدت لانفطار قلب روزينيسا. إذ أن فيها قائمة تتضمن سجلات مفصلة تخص 311 شخص، كلهم من بلدة كاراكاش في جنوب شينجيانغ، الذي تسكنه أغلبية من الأيغور. وكل هؤلاء الواردة أسمائهم في القائمة تم اعتقالهم قسريا في واحد من أربعة معسكرات للتلقين في تلك المنطقة. وتكشف هذه الوثيقة للمرة الأولى عن الأسباب الحقيقية التي دفعت إلى احتجاز هؤلاء الناس والمعلومات التي يتم جمعها من أجل تقرير من الذي يمكن إطلاق سراحه.
وقد تم تسريب قائمة كاراكاش لموقع فايس نيوز وعديد المنصات الإعلامية الأخرى، من قبل نفس المصدر، في إطار ما بات يعرف بتسريبات الصين، التي ظهرت في نوفمبر/ تشرين الثاني. وقد نددت وزارة الخارجية الصينية بالتسريبات السابقة، كما أن سفيرها في بريطانيا، ليو شياومينغ، قال أمام الصحافة في العام الماضي، في معرض رده على أسئلة حول مدى صحة هذه الوثائق السرية: “لا تستمعوا إلى الأخبار الكاذبة.” كما امتنعت وزارة الخارجية على الرد على أسئلة فايس نيوز.
يتعلق كل عمود في هذه الوثائق بشخص واحد، ويمكن أخذه كدراسة حالة لفهم كيف يتم اصطياد الناس داخل هذه الشبكة
وكان أدريان زينز، وهو باحث في برنامج إعادة التأهيل في إقليم شينجيانج، وخبير في الدراسات الصينية في مؤسسة ذكرى ضحايا الشيوعية، وهي منظمة غير ربحية مقرها في واشنطن، قد قضى عدة أسابيع في فحص هذه الوثائق، وأكد صحتها، وقام بتحليل البيانات الواردة فيها. كما قام أدريان زينز بالمقارنة والمطابقة بين هذه التفاصيل وتقارير سابقة مشابهة لها، إلى جانب أرقام الهوية الشخصية. وقد كشف استنتاجاته لموقع فايس نيوز وصحف أخرى.
وهو يقول: “هذه الوثيقة تقدم لنا نظرة من الداخل على مساعي الحكومة لاحتجاز الناس. وللمرة الأولى نمتلك وثائق تخبرنا لماذا يتم إيداع الناس في هذه المعسكرات، وعلى أي أساس يتم إطلاق سراحهم بعد ذلك.”
وتدعي الصين أن “مراكز التدريب المهني” تقدم خدمات تعليمية وتدريب على المهارات التي يحتاجها الناس في هذه المنطقة التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي ومن التخلف الاقتصادي. ولكن منذ أواخر 2019، تم تسريب العديد من الوثائق السرية التي تتناقض تماما مع الرواية الرسمية. حيث أن الوثائق الحكومية والتصريحات والخطابات، إلى جانب كتيب يشرح كيفية إدارة معسكرات الاحتجاز، كشفت عن وجود تعليمات من أعلى مستوى تحرك هذه الحملة. والآن مع هذه التسريبات الجديدة، فإن قائمة معتقلي بلدة كاراكاش تقدم نظرة من الداخل على كيفية إدارة هذه المعسكرات.
ويتعلق كل عمود في هذه الوثائق بشخص واحد، ويمكن أخذه كدراسة حالة لفهم كيف يتم اصطياد الناس داخل هذه الشبكة. وتكشف القائمة أيضا كيف أن المجالس المحلية التابعة للحكومة تقوم بجمع كمية صادمة من التفاصيل حول السكان الأيغور، ما يؤكد أنهم جميعا تتم معاملتهم بريبة وعدم ثقة.
وفي أحد الأعمدة في هذه الوثائق، يتم ذكر السبب وراء قرار إرسال هذا الشخص إلى التدريب. وبعضهم متهمون بالتطرف في الأفكار أو السلوك، ولكن الأغلبية متهمة بأشياء ليست مؤذية وليست مدعاة للاتهام، وهو أمر يؤكد ما ذكره معتقلون سابقون يعيشون الآن خارج الصين، حول الأسباب الواهية وغير المنطقية التي تقف وراء إرسالهم لهذه المعسكرات.
ومن أكثر الأسباب تكرارا، هنالك عدم التقيد بسياسة الطفل الواحد التي تفرضها الصين، والسلوك المتدين، ووجود علاقة مع أي شيء خارج البلاد، أو بكل بساطة يوصف الشخص بأنه غير موثوق به.
عمود آخر يتضمن معلومات حول أفراد العائلة والدوائر الاجتماعية والموروث الديني. حيث تتم تسمية ثلاثة أجيال من أفراد العائلة، إلى جانب أماكن تواجدهم في الوقت الحالي ومهنهم وسلوكهم، وذكر ما إذا كان لهم أقارب موجودون في معسكرات الاعتقال أو تم الحكم عليهم بالسجن أو يعيشون في الخارج. وتوجد أيضا ملاحظات حول ما إذا كان أفراد العائلة متعاونون مع المسؤولين المحليين أم لا.
شقيقة روزينيسا مميت توهتي اسمها موجود في قائمة كاراكاش.
في أحد المربعات، وهو أمر متكرر في كافة القائمات، يذكر أن زوجة الشخص أو شقيقه الأصغر تم أيضا إرسالهم للتدريب. ثم يتم ذكر أسماء أبنائهم وبناتهم وزوجات إخوتهم إلى جانب أرقام هوياتهم ووظائفهم، وما إذا كان سلوكهم عاديا أو جيدا. كما تتضمن البيانات أسماء أحفادهم، وحتى الأطفال في مرحلة الحضانة يتم التثبت مما إذا كان سلوكهم جيدا. وتتضمن الدوائر الاجتماعية لكل شخص الجيران وزملاء العمل، أما الموروث الديني فهو يتعلق بما إذا كان الشخص يصلي أو يذهب للمسجد، ومن أين تلقى تعليمه الديني.
وفي تقريره، يشبه الخبير أدريان زينز ما يحدث بعملية صيد الساحرات أو الاتهام العشوائي، ويعتبر أن هذه القائمة تكشف عن عقلية ربما تكون من أبرز سماتها هي أنها تضع هؤلاء الناس في دوامة لا نهاية لها من الشك بناء على الروابط الشخصية. وفي الإجمال هنالك أكثر من ثلاثة آلاف من الأيغور الذين ذكرت أسمائهم وأوصافهم في هذه الوثائق. وهذا ليس إلا جزء يسيرا من البيانات التي يتم تسجيلها حول المعتقلين. وتكشف القائمة عن الجهود الضخمة التي تقوم بها الحكومة لرسم خرائط كاملة للتفاصيل الداخلية للعائلات وعلاقاتها الاجتماعية داخل شعب الأيغور.
وكل هذه المعلومات تقود في النهاية إلى العمود الأخير، المتعلق بتقييم الشخص وإصدار حكم حول مدى أهليته للإفراج. والبعض منهم يتم الموافقة على منحه نوعا من أنواع إطلاق السراح، أو ما يسمى “التخرج”، والسماح له بالعودة إما إلى بلدته الأصلية أو يبقى تحت الرقابة، فيما يتم الحكم على الآخرين بأنهم يحتاجون إلى المزيد من التدريب. وفي حالات أخرى يكون الشخص قد أفرج عليه فعلا ولكن يحتاج إلى البقاء تحت المراقبة الدقيقة.
ويضيف أدريان زينز: “لا توجد أي مشاكل حقيقية في أي من قضايا هؤلاء الأشخاص، باستثناء أن البعض منهم زوجاتهم يرتدين النقاب، وهذا الأمر لا يمثل أي تهديد للمجتمع. ولكن رغم ذلك فإن هذه المعلومة كافية للموافقة على تسليمه للمسؤولين المحليين حتى يخوض “فترة التدريب” ثم يغادر المركز.
يمكننا مقارنة هذا الأمر بفيروس كورونا. حيث يمكنهم احتجاز شخص ما لأن عائلته أصيبت بهذا الفيروس، وبنفس الشكل فإنهم ينظرون للدين على أنه مرض
كما ذكر في تقييم شخص آخر: “كثيرون من أفراد عائلته محتجزون أو مسجونون. والتحول الأيديولوجي لديه غير جيد، وهو يحتاج إلى إصلاح أكثر، ولذلك ينصح بأن يواصل فترة التدريب.”
كما أن الملاحظات حول دوائر العائلة غالبا ما تتكرر في التقييم. وبالنسبة لأولئك الذين سيتم الإفراج عنهم، يلعب سلوك أقاربهم دورا في إصدار الحكم في 67 بالمائة من الحالات. وتؤكد هذه الوثيقة ما شهد به العديد من الأيغور الذين يعيشون في خارج الصين، من أن الناس تتم معاقبتهم على أفعال أقاربهم. وتظهر هذه السجلات آليات تسجيل كل العلاقات والمعلومات العائلية وتحليلها بدقة مثيرة للدهشة.
ويقول زينز:” يمكننا مقارنة هذا الأمر بفيروس كورونا. حيث يمكنهم احتجاز شخص ما لأن عائلته أصيبت بهذا الفيروس، وبنفس الشكل فإنهم ينظرون للدين على أنه مرض. ويتصرفون في هذه المسألة بنفس طريقة التصرف مع الفيروس، باعتباره شيئا خطيرا ومعديا ويجب احتوائه من خلال تحييد كل من يصاب به.”
أعتقد أن هذا تعذيب:
في حالة أخت روزينيسا، تشير الوثائق إلى أنها تم اعتقالها بسبب انتهاك قانون الطفل الوحيد. وقد أخبرتنا روزينيسا بأنها تخشى من أن زوج شقيقتها يمكن أن يكون قد اعتقل هو أيضا، وهو ما يترك أبنائهم الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و13 سنة بدون أي معيل. ولكن في وقت تقييم ملف باتيم، تمت الإشارة إلى أن زوجها وأبنائها يعيشون في بلدتهم، وهي تقع في منطقة ريفية تبعد حوالي 30 دقيقة عن المعسكر. كما تشير الوثيقة إلى أن والدي روزينيسا وبقية أشقائها يعيشون في منازلهم ويظهرون سلوكا جيدا.
ومرة أخرى في أحد أجزاء الوثيقة يظهر اسم شقيقتها الأكبر منها، حيث يشار إلى أنها أنهت فترة “تدريبها” ولكن لا تزال تخضع للمراقبة وعليها تسجيل حضورها في مكتب الشرطة في بلدتها بعد الانتهاء من العمل. كما أن روزينيسا بدورها تمت الإشارة إليها في ملف شقيقتها باتيم ضمن دوائر العائلة، وأيضا في التقييم. وقد ذكر فيه أنها انتقلت إلى تركيا التي تصنف من بين 26 بلد حساس، وأنها ليست على اتصال بعائلتها منذ فترة. ويبدو هذا الأمر كأنه نقطة إيجابية بالنسبة لصورة عائلتها في الصين، بما أن الاتصال بالأقارب في خارج البلاد يعد نقطة سوداء، وهو الأمر الذي ربما تكون باتيم قد فهمته ولذلك قطعت اتصالاتها مع شقيقتها في تركيا.
وتقول روزينيسا: “أعتقد أن هذا تعذيب، ما تقترفه السلطات الصينية بحقنا وحق آباءنا. إنهم يقولون أنه بسبب انتقالي أنا للعيش في تركيا قاموا بتعذيب والدي ومضايقتهم. ولا يمكنني تسمية هذا أي شيء غير الظلم.” ولو أنها علمت أن هذا سيحدث ما كانت روزينيسا غادرت بلادها وتسببت بهذا الضرر لعائلتها.
ومن غير الواضح من خلال الوثائق سبب إنشاء قائمة بالأشخاص الذين لديهم أقارب في الخارج. وقد تحدث موقع فايس نيوز إلى مجموعة من الأيغور الآخرين في تركيا، الذين وردت أسماء عائلاتهم في الوثيقة. وكلهم عبروا عن غضبهم وحزنهم وشعورهم بالذنب لأنهم تم استخدامهم لملاحقة أقاربهم.
وكانت شهادات المعتقلين السابقين في هذه المعسكرات قد تصدرت عناوين الصحف خارج الصين، وتلك الروايات تثير قلق روزينيسا. إذ أن كثيرين وصفوا المعسكرات بأنها يكثر فيها الانتهاكات الجسدية والنفسية والجنسية. وتخشى روزينيسا من أن الشخصية الجريئة لأختها وميلها للتحدث بصراحة يمكن أن يسببا لها المشاكل، أو ربما تكون قد تعرضت للضرب حتى أذعنت للسلطات.
وبحسب التقييم، فإن السلطات المحلية في بلدة باتيم اعتبرت أن “أقاربها متعاونون مع المسؤولين المحليين”، كما أن باتيم بدورها أظهرت سلوكا جيدا ولا تشكل أي تهديد. ولذلك ينصح بالإفراج عنها وتركها تحت المراقبة المحلية، وهي العبارة التي تستخدم في كثير من السجلات دون توضيح لها. وفي البداية كانت روزينيسا تشعر بالغبطة لرؤية هذا الجزء من السجلات، ولكن سرعان ما خفضت توقعاتها. فهي تقول: “إلى أن أسمع صوت أختي أو أتلقى منها مكالمة أو صورة، لن أصدق أن السلطات الصينية أطلقت سراحها.”
ومن خلال مقارنة البيانات الشخصية لباتيم بقاعدة البيانات التي يملكها زينز حول سجلات الحكومة الصينية، أمكن الكشف عن تفاصيل حول الوقت الذي قضته في المعسكرات. حيث يظهر اسمها ضمن قائمة المشاركين في ما تسميه السلطات التدريب على المهارات المهنية. وبحسب تلك الوثيقة، في ديسمبر/ كانون الأول 2018 بدأت باتيم فترة تدريب مهني لمدة ثلاثة أشهر في مجال رعاية شؤون المنزل، في هذا المعسكر. بعد ذلك، تقول الوثيقة أن باتيم سيتم تشغيلها في مكان قريب. ولكن لم يعثر على أي تفاصيل أخرى في السجلات حول وجهة باتيم بعد فبراير/ شباط 2019.
عندما علمت روزينيسا أن باتيم أرسلت للتدريب المهني، قالت إنه من الصعب عليها أن تتخيل أن أختها تقوم بهذه الأعمال
وفي حوالي 75 بالمائة من الحالات فإن الحكم النهائي هو نوع من أنواع الإفراج، المرتبط أحيانا بالتشغيل، كما هو الحال بالنسبة لباتيم. ولكن إطلاق السراح من معسكرات التدريب لا يعني بالضرورة الحرية.
فبحسب تسريبات الصين، فإن أولئك الذين يكملون فترة التأهيل سوف يتم بعد ذلك إلحاقهم بفترة تدريب مهني تمتد من ثلاث إلى ستة أشهر، وبعد ذلك يجب عليهم أن لا يغيبوا عن الأنظار لمدة عام كامل. وقد جاء في تقارير ظهرت مؤخرا أن المعسكرات أصبحت مجرد ممر للمسلمين من عملية الدمغجة الإيديولوجية نحو التشغيل القسري.
وعندما علمت روزينيسا أن باتيم أرسلت للتدريب المهني، قالت إنه من الصعب عليها أن تتخيل أن أختها تقوم بهذه الأعمال، وتذكرت كيف أنها عندما كانتا تعيشان معا، كانت تكره الطبخ والتنظيف. ولكن رغم ذلك تشعر روزينيسا ببعض الطمأنينة، حيث تقول: “لقد كنت قلقة عليها كثيرا خلال هذه الأيام، وأتساءل حول ما إذا كانت حية أولا، فإذا كانت قد حصلت على التدريب فهذا يعني على الأقل أنها على قيد الحياة.”
المصدر: فايس نيوز