ترجمة وتحرير نون بوست
نحن كبشر مخلوقات تميل إلى اتباع العادات، فعادة ما نستيقظ في نفس الوقت كل يوم ونغسل أسناننا ونتناول القهوة صباحًا ثم نذهب إلى العمل، هذا ما نفعله كل يوم، فلماذا من الصعب تشكيل عادات صحية جديدة؟
يقول علماء السلوك الذين درسوا تكوين العادات أن العديد منا يحاول خلق عادات جديدة بطريقة خاطئة، فنحن نتخذ خطوات جريئة لبدء ممارسة الرياضة أو فقدان الوزن دون أن نضع في اعتبارنا الخطوات التي نحتاجها للنجاح في ذلك.
إليكم بعض النصائح التي تدعمها الأبحاث لتشكيل عادات صحية جديدة.
كدّس عاداتك
إن أفضل طريقة لتشكيل عادة جديدة أن تربطها بعادة موجودة بالفعل، تأمل في نظامك اليومي وفكر أي العادات الموجودة يمكنها أن تخلق عادة جديدة إيجابية، بالنسبة للعديد منا فالروتين الصباحي أقوى روتين لدينا لذا فهو أفضل وقت لربط عادة جديدة به.
فعلى سبيل المثال يمكن لكوب القهوة في الصباح أن يخلق فرصة عظيمة للبدء في رياضة التأمل لدقيقة واحدة، ويمكنك في أثناء غسيل أسنانك ممارسة رياضة القرفصاء أو الوقوف على قدم واحدة للتدرب على التوازن.
التغييرات السلوكية الكبيرة تتطلب مستوى عاليًا من الدوافع التي قد لا تكون موجودة، لذا من الأفضل أن نبدأ بعادات صغيرة لكي تصبح العادة الجديدة سهلة قدر الإمكان
بينما يميل العديد منا إلى روتين نهاية اليوم أيضًا، هل تميل إلى الجلوس على الأريكة بعد العمل ومشاهدة التلفاز؟ ربما هذا الوقت المناسب لأداء اليوجا يوميًا.
ابدأ صغيرًا
لاحظ بي جي فوغ الباحث في جامعة ستانفورد ومؤلف كتاب “عادات صغيرة” أن التغييرات السلوكية الكبيرة تتطلب مستوى عاليًا من الدوافع التي قد لا تكون موجودة، لذا فهو يقترح أن نبدأ بعادات صغيرة لكي تصبح العادة الجديدة سهلة قدر الإمكان في بدايتها، فمثلًا السير لمسافة قصيرة يوميًا قد يكون بداية لعادة ممارسة الرياضة، ووضع تفاحة في الحقيبة يوميًا قد يكون بداية لعادات غذائية جيدة.
في حياته الشخصية كان دكتور فوغ يرغب في بدء ممارسة رياضة الضغط يوميًا، لذا فقد بدأ بمرتين فقط كل يوم لكي يتحول الأمر إلى عادة، وقد ربط عادة الضغط تلك بذهابه إلى دورة المياة فقد كان يقوم بذلك بعد الخروج من دورة المياه، والآن يمارس دكتور فوغ من 40 إلى 80 مرة ضغط يوميًا.
افعل ذلك كل يوم
درس باحثون بريطانيون كيفية تشكل العادات عند الناس في العالم الحقيقي، لذا طلبوا من المشاركين اختيار عادة بسيطة يرغبون في تشكيلها مثل تناول المياه وقت الغداء أو المشي قبل العشاء، أظهرت الدراسة المنشورة في المجلة الأوروبية لعلم النفس الاجتماعي أن الوقت الذي نحتاجه لكي تتحول المهمة إلى عادة يتراوح بين 18 إلى 254 يومًا، أما المتوسط فقد كان 66 يومًا.
الدرس الذي نتعلمه من ذلك أن العادات تحتاج وقتًا طويلًا لخلقها، لكنها تتكون بشكل أسرع كلما مارسناها وقتًا أطول، لذا ابدأ بعادة مناسبة من السهل القيام بها، فمن السهل أن يصبح لديك عادة ممارسة الرياضة إذا أديت تمارين صغيرة كل يوم مثل الوثب أو اليوغا أو المشي السريع بدلًا من محاولة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية 3 مرات في الأسبوع، بمجرد أن تصبح التمارين اليومية عادة لديك يمكنك حينها أن تمارس أشكالًا مكثفةً جديدةً من الرياضة.
اجعلها سهلة
يعلم باحثو العادات أننا نصبح أكثر قدرةً على تشكيل عادات جديدة عندما نزيل جميع العقبات التي تقف في طريقنا، لذا فتجهيز حقيبة الرياضة ووضعها بجوار الباب يسهل عليك الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية.
تقول ويندي وود طبيب نفسي باحث في جامعة جنوب كاليفورنيا ومؤلفة كتاب “عادات جيدة وعادات سيئة: علم صناعة التغيير الإيجابي الدائم” إنها بدأت بالنوم في ملابس الركض ليصبح سهلًا عليها القيام في الصباح وارتداء حذاء الركض والانطلاق، اختر رياضة لا تتطلب مغادرة المنزل مثل تمارين المعدة أو القفز ليصبح الأمر سهلًا.
تطلق دكتور وودي على القوى التي تقف في طريق العادات الجيدة “الاحتكاك”، في إحدى الدراسات غيّر الباحثون توقيت إغلاق أبواب المصعد بحيث يضطر الموظفون للانتظار نحو نصف دقيقى حتى تُغلق الأبواب (عادة ما يغلق الباب بعد 10 ثوانٍ)، كان هذا الوقت كافيًا لإقناع الناس بأن نزول وصعود الدرج أسهل من المصعد، هذا يوضح مدى حساسيتنا للاحتكاكات الصغيرة في بيئتنا، تقول دكتور ووود: “لقد تسبب إبطاء المصعد فقط في استخدام الناس للسلالم وما زالوا يستخدمونها حتى بعد عودة المصعد لسرعته الطبيعية”.
لاحظت دكتور وود أن المسوقين أصبحوا خبراءً في تقليل الاحتكاكات لدفعنا لإنفاق المزيد وطلب المزيد من الطعام، لهذا السبب تجد لدى أمازون زر بضغطة واحدة، كما أن شركات الطعام تجعل من السهل مضاعفة الحجم، إننا نتأثر كثيرًا بطريقة تنظيم الأشياء حولنا مما يجعل من السهل على المسوقين فهمها واستغلالها، لكننا لا نفهم ونستغل ذلك في حياتنا الخاصة.
كافئ نفسك
تعد المكافآت جزءًا مهمًا من تشكيل العادات، فمثلًا عندما نغسل أسناننا فإننا نحصل على مكافأة فورية وهي فم منعش، لكن بعض المكافآت مثل فقدان الوزن أو تغير الجسد نتيجة ممارسة الرياضة يتطلب وقتًا أطول ليظهر أثره، لذا فوجود بعض المكافآت الفورية يساعد في تشكيل العادة، فمثلًا الاستماع إلى كتب صوتية في أثناء الركض أو مشاهدة برنامج الطبخ المفضل في أثناء الركض على جهاز المشي يساعد في تقوية عادة الرياضة، يمكنك أيضًا أن تخطط لموعد رياضي وبذلك تحظى بلقاء صديق خلال ممارسة الرياضة.
استخدم تحدي العادات الصحية
مثلما علمت ما الذي يحتاجه الأمر لتبدأ في بناء عادات صحية، يمكن أن تجرب تحدي الإرادة الجديد الذي يمنحك نصائح يومية لمزيد من التقدم والاتصال مع من تحبهم ويساعد في إنعاش عقلك وتغذية جسدك.
المصدر: نيويورك تايمز