ترجمة وتحرير نون بوست
حتى تاريخ 21 فبراير/شباط وصل عدد وفيات فيروس كورونا إلى 2250 شخصًا، و55707 مصابين بالمرض بينهم 12066 (22%) حالة خطيرة، في الوقت نفسه تعافى 18862 شخص من المرض، مما يعني أن معدل وفيات المرض 11%، لكن ما الذي يعنيه ذلك؟ وإلى أي مدى يجب أن نخشى الفيروس؟
رغم أن الإحصاءات تتغير باستمرار، فإن هناك دراسة بحثت في 44672 حالة للمرض في الصين في الفترة ما بين 31 من ديسمبر/كانون الأول و11 من فبراير/شباط، ووجدت الدراسة أن إجمالي معدل الوفيات لا يتجاوز 2.3%، ورغم أنه قد يختلف نوعًا ما عن التقديرات الحاليّة، فإن الأمر المثير كان تنوع معدل الوفيات بين المناطق والفئات العمرية المختلفة.
فعلى سبيل المثال، وجدت الدراسة أن معدل الوفيات في مقاطعة خوبي التي بدأ فيها المرض وصل إلى 2.9% وهو أعلى من 7 مقاطعات أخرى لم تتجاوز 0.4%، وجدت الدراسة أيضًا أن الفيروس على الأرجح يتسبب في وفاة من تجاوزوا الـ80 عام بمعدل وفاة 14.8%، بينما كان معدل الوفاة للأعمار ما بين 10 إلى 39 سنة 0.2% فقط، وللأعمار ما بين 40 إلى 49% يصل إلى 0.4% فقط.
ومع وجود نسبة 80% من الوفيات بين الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 عامًا، يبدو أن المرض يقتل الأشخاص ذوي الجهاز المناعي الضعيف بالفعل ومن يعانون من مشاكل صحية أساسية، بينما يبدو أقل فتكًا بالفئات الأخرى وبالتالي عموم السكان.
رغم انخفاض معدل وفيات فيروس كورونا، فإن قدرته على الانتشار بين الناس ما يسبب القلق
ونظرًا لأن المرض ما زال جديدًا، فلا يعلم الباحثون تمامًا كيف يعمل الفيروس مما يجعل من الصعب أن نحدد تمامًا مقدار قوته وكيف يمكن أن يتغير بمرور الوقت مع ظهور المزيد من البيانات وفقًا لآثاره على المدى القريب والبعيد، وكيف يمكن أن يتحول إذا لم نتعامل معه بشكل صحيح.
لكن بحسب البيانات الأولية يقول الباحثون إن المرض يتسبب في أعراض معتدلة لنحو 82% من الحالات، بينما يعاني البقية من أعراض تختلف في شدتها وتتضمن الالتهاب الرئوي مما يتسبب في فشل الجهاز التنفسي والكبد وفشل عدة أعضاء أخرى.
عند هذه النقطة يصبح منطقيًا أن نقارن فيروس ووهان بالفيروسات التي تفشت سابقًا خاصة تلك المرتبطة بفيروس كورونا، حينها سنجد أن معدل وفيات فيروس كورونا الجديد الذي يصل فقط إلى 2.3% هو معدل أقل بكثير من فيروس ميرس (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) الذي وصل إلى 34.4%، وفيروس سارس الذي وصل إلى 14%.
مع ذلك كلا الفيروسين السابقين كان معدل انتشارهما أقل، فكل شخص حامل للعدوى من المتوقع أن يصيب شخص آخر بالنسبة لفيروس ميرس، و2.9 شخص بالنسبة لفيروس سارس، أما معدل عدوى فيروس كورونا الجديد فيتراوح بين 2 إلى 5.3 شخص، لذا رغم انخفاض معدل الوفيات، فإن قدرته على الانتشار بين الناس هو ما يسبب القلق.
إذا كانت التقديرات الحاليّة للنماذج الحسابية صحيحة، فيجب أن يصل تفشي المرض إلى ذروته في النصف الأخير من شهر فبراير/شباط، وإذا حدث ذلك سوف تصبح خطورة الفيروس أقل ما يثير القلق، أما إذا تغير الوضع وفشل الفيروس في الوصول إلى ذروته لعدة أشهر قادمة، ستصبح آثاره حينها أكثر فتكًا.
عند تقييم احتمالاته المميتة فإن السردية المتعلقة بملاحظات تقدمه ستكون بنفس أهمية المعلومات المتاحة، وكما هو الحال مع كل شيء قد يثير بعض الاضطراب فإن وسائل الإعلام تسارع إلى خلق ضجة لإثارة الرأي العام وربما تبالغ في عناصر معينة من أجل مكاسب سياسية وزيادة مبيعات الصحف وزيارات المواقع الإلكترونية.
قد يكون هذا ما يحدث مع فيروس كورونا، فعلى سبيل المثال تسببت التقارير عن الفيروس – سواء بقصد أم دون قصد – في نشر مشاعر معادية للصين في هونغ كونغ، مما يعمق الاستقطاب في الموقف السياسي الحساس بالفعل، الأكثر من ذلك، كانت شكوك وسائل الإعلام الغربية عن استجابة الصين للفيروس قد خلقت توترًا بين الصين وعدة دول أخرى في سياق أصحبت الصين تمثل فيه تهديدًا للهيمنة الغربية، وبالطبع هناك قول مأثور يقول إن “الأخبار السيئة تحقق مبيعات أكثر من الأخبار الجيدة”.
مع وضع كل هذه القوى في الاعتبار، فمن الضروري تجريد الحوافز السياسية والمالية التي تؤثر على انتشار المعلومات بشأن الفيروس لنصبح قادرين على فهم مدى فتك الفيروس وحجم خطورته، ففي كثير من الأحيان ولتحقيق أهداف سياسية ومالية يتم تأكيد وتضخيم عناصر معينة مثل أعداد الوفيات، أما معدلات الشفاء التي تعد ضرورية تمامًا لفهم حقيقة خطر الفيروس على البشر فلا يلتفت إليها أحد.
وختامًا، فرغم أن فيروس كورونا يبدو قاتلًا في بعض الحالات، فإن غالبية الحالات تميل للاعتدال في طبيعتها، وربما لا تستحق تلك السمعة القاتلة التي تحرص الكثير من وسائل الإعلام على نشرها، ومع استمرار ظهور بيانات جديدة عن الفيروس لفهم طبيعته القاتلة، فمن الضروري أن نكون حذرين للدوافع الخفية وراء انتشار المعلومات التي ربما يكون لها أهداف سياسية أو حتى لجذب الانتباه.
المصدر: لاب روتس