ترجمة وتحرير: نون بوست
أن تكون أبًا أو أمًا، يعني أنك في مواجهة تحدّ نفسي يتطلب معرفة عميقة بطبيعة الكائن البشري حتى تتمكن من ممارسة الأبوة والأمومة بشكل مرضٍ. في المقابل، لا ينفي ذلك خلوّ هذه المهمة الإنسانية من وقوع أحد الآباء في الكثير من الأخطاء عندما يتعلق الأمر بطريقة تربية أطفالهم.
على الرغم من أن شعور الأم بالذنب، يعتبر أمرًا شائعًا للغاية، إلا أنه لن يساهم في حل أي نوع من المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها الأم في تربية أطفالها. على عكس ذلك، سيزيد هذا الشعور عند الأم من التوتر والإحباط وتقليل القيمة الشخصية، وسيكون من الصعب التوفيق بين الحياة العائلية والعملية بالإضافة إلى صعوبة مهمة تربية وتعليم الأبناء. لذلك، تشكل الأمومة، كما هو مطروح في مجتمعنا اليوم، تهديدًا لحياة الأم العملية.
وفي ظل موجة التطوّر التي شهدها المجتمع في مجمله، توجد العديد من الأمور التي يمكن للأمهات تعلمها في المجال النفسي لحل ما يسمى “بمتلازمة الأم السيئة”.
تعلم كيفية تجاوز الشعور بالذنب حول ما يسمى “بالأم السيئة”
توجد العديد من الأخطاء النفسية التي يجب فهمها من أجل أن تنجح الأم في الدمج بين الأمومة والجوانب الأخرى للحياة بشكل مرضٍ، فضلا عن التمتّع بهذه المرحلة الاستثنائية. في الواقع، تشمل هذه الأخطاء مكوناً عقلانيًا وآخر عاطفي. علاوة على ذلك، لا تحل هذه المشاكل عن طريق “الإدارة” أو “السيطرة”، إذ أنها تتطلّب فهما عقلانيًا وعاطفيًا.
في الشأن ذاته، يعتبر الشعور بالذنب من أكثر المشاكل شيوعًا بين صفوف الأمهات، وعادة ما يولّد هذا الشعور لدى الأم الكثير من الأفكار السلبية حول نفسها مما يجعلها محاطة بموجات سلبية، فضلا عن شعورها بالانزعاج وعدم الرضاء عن النفس.
لذلك، إذا أردنا أن نوقف نموّ النبات السامّ، فلا ينبغي علينا أن نسقيه.بمعنى آخر، إذا ما أرادت الأم التخلص من الشعور بالذنب، فلا يجب عليها أن تعزّز هذا النوع من التفكير.
في الواقع، لعل الأمر لا يتعلق بتغيير الشعور بالذنب من خلال التفكير بطريقة إيجابية، بل يكمن أساسًا في تعلم الابتعاد عن الأفكار المذنبة التي تنشأ من الخوف والتركيز عوضًا عن ذلك على فهم الأخطاء النفسية التي يتم ارتكابها. من ناحية أخرى، من الوارد أن تقع المرأة في خطأ مطالبة نفسها بشكل مبالغ فيه بتربية أطفالها نظرًا لأنه يزيد من الإجهاد وعدم الكفاءة في ممارسة الأمومة.
قد تساهم الكثير من المشاعر على غرار جلد الذات والتطلّب المبالغ فيه في زيادة الشعور بالخوف من ارتكاب الأخطاء، وجعل عملية صنع القرار والتعلم صعبة
في سياق متصل، تُعد المبالغة في مطالبة الذات والرقابة الذاتية وحتى تقليل الأم من شأن نفسها، من العادات الذهنية المنتشرة للغاية، وتقوم هذه الممارسات على فكرة خاطئة تتمثل في الاعتقاد بأن الإنسان الذي يشعر بأنه متطلب في أداء مهامه سينجح حتما في تنفيذها. وتعتبر هذه الفكرة قديمة وزائفة، ولا بدّ من تصحيحها من خلال فهم أنها تمثل عقبة وليست عاملًا مساعدًا.
عمومًا، يتعلم الإنسان من خلال الفهم وليس بمعاقبة نفسه، وقد تساهم الكثير من المشاعر على غرار جلد الذات والتطلّب المبالغ فيه في زيادة الشعور بالخوف من ارتكاب الأخطاء، وجعل عملية صنع القرار والتعلم صعبة. بدلا من ذلك، ينبغي أن تدعم الأم نفسها وتتشجّع على فهم الأخطاء والنجاح في إيجاد حلول ذكية.
أخطاء نفسية أخرى ينبغي فهمها
من الضروري ألا تجعل الأم الخوف ذريعة حتى لا تقوم ببعض التغييرات، ففي بعض الأحيان، يمكن إجراء بعض التغييرات لتخصيص المزيد من الوقت للأطفال، وعلى سبيل المثال، يمكن أن يطلب أحد الأبوين إجازة من العمل أو يفوّضا بعض الالتزامات إلى أشخاص آخرين أو تغيير الوظيفة إلى أخرى من أجل التمتع بجدول زمني أفضل. علاوة على ذلك، يمكن طلب تغيير الظروف العملية في الوظيفة ذاتها دون الحاجة إلى تغييرها.
يمكن أن يكون الخوف من المستقبل، الذي يتمثل في ضعف الإمكانيات المادية وفقدان فرص العمل، وفقدان مبادئ الحياة الاجتماعية، سببًا في الشعور بالخوف. لذلك، ينبغي على المرء أن يبادر في حل مخلفاتها السلبية، وفي الحقيقة، يمكن أن يمنع هذا الأمر تمتع الوالدين والأطفال بالرفاه.
يعتبر الدخول في منافسة مع أمهات أخريات، خطأ آخر ينبغي أن تأخذه الأم في عين الاعتبار، ففي الكثير من الأحيان، ستكون لديك توقعات كبيرة بشأن الأمومة ما من شأنها أن تكون سببًا في مقارنة نفسك مع الآخرين أو الدخول في منافسة معهم لتكوني الأم الأفضل، خوفًا من اعتبارك أمًا سيئة.
في هذا الإطار، تنبع هذه المنافسة من الخوف من الشعور بعدم امتلاكك لأية قيمة، حيث ينتابك شعور الازدراء من نفسك، وانتقادها في كل وقت وحين. كنتيجة لذلك، ينبغي على الأم أن تتعلم كيفية التغلب على كل هذه المخاوف التي تنتابها من وقت إلى آخر، وذلك من أجل عدم الوقوع في فخ المنافسة. بالإضافة إلى ذلك، لا بدّ من التركيز على ما هو مهم بالفعل، والقيام بشؤونك من دون أي ضغط، ودون أن تضعي نفسك في مقارنة مع أ باقي الأمهات.
من الشائع أيضًا أن يقدم الأشخاص الآخرون النصيحة حول كيفية تعليم الأطفال، وأحيانًا يكون ذلك بنبرة صوت حرجة، دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه المشاكل. في هذه الحالة، يجب أن نتعلم السيطرة على الخوف، الذي لطالما يثيره موجة النقد أو الصراع، وأن نكون حازمين لكبح جماح التعليقات السلبية المتكررة بطريقة مناسبة ولطيفة.
يجب على الآباء عدم تعليم أطفالهم كل شيء، وتركهم يعتمدون على أنفسهم
في شأن ذي صلة، يمثل بروز المشاعر السلبية تجاه الأطفال، مصدرا آخر للإزعاج المعتاد الذي تتعرض له الأم. وفي هذا الصدد، يجب أن تدرك الأمهات أنهن بشر قبل أن يكونوا أمهات، وعلى الرغم من أنهن ما زلن يعانين من تناقضاتهن ومخاوفهن وردود أفعالهن السلبية، علمًا وأنه يمكن أن تنشأ هذه المشاعر تجاه الأطفال في مواقف معينة. ومرة أخرى، لا يتمثل الحل في إلقاء اللوم على نفسك أو تبرير تصرفاتك أو قمع نفسك، عوضًا عن ذلك، ينبغي عليك أن تتعلمي كيفية فهم الأسباب الكامنة وراء ردود الفعل أو المشاعر السلبية لتتمكني من حلها.
يُعتبر تحمل مسؤولية كل ما يحدث لأطفالك، خطأ من شأنه أن يولد الكثير من التوتر والإحباط، وتجدر الإشارة إلى أن للأطفال شخصيتهم الخاصة (إذا انتابك بعض من الشك، تذكري طفولتك اخوتك المختلفين عنك رغم صلتكم العائلية). بالإضافة إلى ذلك، ينبغي عليك أن تفهمي، أنه سيكون لديهم تجاربهم الخاصة وأخطائهم وخيبة آماله، بالتالي يجب عليك أن تكوني مستعدة لمنح دعمك وما تعلّمتيه من الحياة. في المقابل، لا يمكنك درء كل تجاربهم السلبية، لا سيما وأنهم لن يكونوا دائما في الاتجاه الصحيح، خاصة في البداية.
سيؤثر الآباء بشكل كبير على أطفالهم، بالإضافة إلى ذلك، يعدّ للمحيط الذي يعيشون فيه، ووسائل الإعلام والثقافة فضلا عن المجتمع دور كبير في تربية الأطفال. وعمومًا، يجب على الآباء عدم تعليم أطفالهم كل شيء، وتركهم يعتمدون على أنفسهم.
باختصار، تعدّ رعاية الأطفال وحمايتهم التعليم النفسي والعقلي والعاطفي من الأمور المهمة للغاية. والجدير بالذكر أن هذا النوع من التعليم لا يمارس عن طريق تقديم النصائح، وإنما بالممارسة العملية، لذلك من المهم أن تتعلم الأمهات والآباء التغلب على مخاوفهم وأخطائهم والسيطرة على غضبهم، وذلك حتى يتعلمُون العيش بطريقة ذكية.
المصدر: أبخيتيفيو بيان إستار