ترجمة وتحرير: نون بوست
ربما شعرت بالهم أو الضغط النفسي أو القلق على الأقل مرة واحدة في أي يوم. ووفقا لجمعية القلق والاكتئاب الأمريكية، يعاني ما يقرب 40 مليون شخص في الولايات المتحدة من اضطراب القلق. كما أن ثلاثة من بين كل أربعة أمريكيين أبلغوا عن مواجهتهم للضغط النفسي في الشهر الماضي، وذلك بناء على ما توصلت إليه دراسة نشرت في سنة 2017. ولكن عند مواجهة إحدى هذه اللحظات، وإذا طُلب منك تحديد أي من هذه التجارب خضت – الهم أو الضغط النفسي أو القلق – فهل تعرف الفرق؟ في هذا الصدد، تواصلت مع خبيرين لمساعدتنا في تحديد – والتعامل مع – التجارب الثلاثة.
ما هو الهم؟
الهم هو ما يحدث عندما تستحوذ على عقلك الأفكار السلبية والنتائج غير المؤكدة أو الأمور التي من الممكن أن تسوء. وحسب ميلاني غرينبرغ، أخصائية علم النفس السريري في ميل فالي في كاليفورنيا ومؤلفة كتاب “الإجهاد- دليل الدماغ” الصادر في سنة 2017، “يبدو الهم وكأنه أفكار متكررة ووسواسية، وهو العنصر الإدراكي للقلق”. ببساطة، يحدث الهم فقط في عقلك، وليس في جسمك.
كيف يعمل الهم؟
وفقًا للوانا ماركيز، وهي أستاذة مساعدة للطب النفسي في مدرسة طب هارفارد ورئيسة جمعية القلق والاكتئاب الأمريكية، يلعب الهم دورا مهما في حياتنا. عندما نفكر في وضع غير مؤكد أو غير سار – مثل عدم القدرة على دفع الإيجار، أو عدم اجتياز امتحان – تصبح أدمغتنا مُحفّزَة. وعندما نواجه الهم، فإن ذلك يهدئ من أعصابنا.
من المحتمل أن يساعدنا الهم أيضا على حل المشكلات أو اتخاذ إجراءات معينة، وهما أمران إيجابيان. وتوضح الدكتورة ماركيز أن “الهم يمثل وسيلة تمكّن عقلك من التعامل مع المشاكل من أجل الحفاظ على سلامتك. لكن يتوقف الهم عن أداء وظيفته عندما لا ننفك عن التفكير في مشكلة ما”.
ثلاث طرق ستساعدك على التعامل مع همومك
● خصص لنفسك “ميزانية” للهموم، وهو مقدار من الوقت تسمح فيه لنفسك بالقلق بشأن مشكلة ما. وعندما ينتهي الوقت (ابدأ بـ 20 دقيقة)، أعد توجيه أفكارك بوعي.
● عندما تلاحظ أنك مهموم بشأن أمر ما، حاول إيجاد الخطوة التالية أو اتخاذ إجراء ما.
● اكتب مخاوفك. أظهرت الأبحاث أن مجرد 8 إلى 10 دقائق من الكتابة يمكن أن تساعد في الحد من الأفكار الوسواسية.
تذكّر: الهم مفيد فقط إذا كان يؤدي إلى التغيير، وليس إذا تحول إلى أفكار وسواسية.
ما هو الضغط النفسي؟
يمثل الضغط النفسي استجابة فسيولوجية مرتبطة بحدث خارجي. حتى تبدأ دورة الضغط النفسي، لابد من وجود ضغوطات. ويمثل ذلك عادة نوعًا من الظروف الخارجية، مثل الموعد النهائي للعمل أو اختبار طبي مخيف. في هذا الصدد، تقول الدكتورة غرينبرغ: “يعرف الضغط النفسي بأنه رد فعل للتغيرات البيئية أو القوى التي تتجاوز موارد الفرد”.
كيف يعمل الضغط النفسي؟
في عصور ما قبل التاريخ، مثّل الضغط النفسي استجابة طبيعية للتهديد الذي يواجهه الشخص، على غرار سماع صوت حيوان مفترس في الأدغال. ووفقا للدكتورة غرينبرغ، لا يزال الضغط النفسي في الوقت الراهن يطالب باستجابة سلوكية، مما يؤثر على الجهاز النطاقي للشخص ويطلق الأدرينالين والكورتيزول اللذان يساعدان على تنشيط العقل والجسم للتعامل مع هذا التهديد.
تشتمل أعراض الضغط النفسي على تسارع معدل ضربات القلب وتعرق الكفوف وضيق التنفس. وحسب الدكتورة ماركيز، قد يشعرك الضغط النفسي بالراحة في البداية، لأن جسمك يفرز كميات مهمة من الأدرينالين والكورتيزول. من المحتمل أنك جربت فوائد الضغط النفسي أثناء معاناتك من حركة المرور للوصول إلى موعد ما، أو عندما أنجزت مهمة ذات أهمية في اللحظة الأخيرة، وهو ما يُطلق عليه “الضغط النفسي الحاد”، ويقل هذا الضغط عندما يُحل الموقف (أي عندما تُنهي مهمتك).
من ناحية أخرى، يشمل الضغط النفسي المزمن تواصل المزاج السيئ (عادةً بسبب عدم وجود حل للمشكلة كما هو الحال مع الضغوطات المالية أو بسبب رئيس العمل ذو الطبع الحاد). كما يرتبط الضغط النفسي المزمن بالمشاكل الصحية مثل مشاكل الجهاز الهضمي وتزايد خطر الإصابة بأمراض القلب وضعف الجهاز المناعي.
ثلاث طرق ستساعدك على التعامل مع الضغط النفسي
● ممارسة التمارين. وهي طريقة من شأنها أن تساعد جسمك على التعافي من الزيادة المفرطة في مستويات الأدرينالين والكورتيزول.
● كن واضحا بشأن ما يمكنك التحكم به وما لا يمكنك التحكم به. ثم ركز بشكل خاص على ما يمكنك التحكم فيه وحاول تقبّل ما لا يمكنك فعله.
● لا تقارن حالتك مع أي شخص آخر. يستجيب الأشخاص بشكل مختلف إلى حالات الضغط النفسي.
تذكّر: الضغط النفسي هو استجابة بيولوجية وتعتبر جزءًا طبيعيًا من الحياة.
ما هو القلق؟
إذا كان الضغط النفسي والهم هما الأعراض، فإن القلق هو الذروة. القلق لديه عنصر معرفي (الهم) واستجابة فسيولوجية (الضغط النفسي) مما يعني أننا نتعرض للقلق في أذهاننا وأجسامنا على حد سواء. وحسب الدكتورة ماركيز، “يحدث القلق عندما تتعامل مع الكثير من الهم والضغط النفسي في الوقت نفسه”.
كيف يعمل القلق؟
إذا كان الضغط النفسي هو استجابة طبيعية لأي تهديد، فإن القلق هو نفس الشيء…باستثناء عدم وجود تهديد. وحسب الدكتورة ماركيز، “إن القلق في بعض النواحي هو استجابة لإنذار زائف”، مثلا عندما تذهب إلى العمل ويرمقك أحدهم بنظرات غريبة. حينئذ، تبدأ بالشعور بتغيرات فيزيائية لأنك تخبر نفسك أن مديرك غاضب منك أو أن وظيفتك ربما قد تكون في خطر. نتيجة لذلك، يتدفق الدم بشدة، ويضخ الأدرينالين في كامل الجسم وتشعر بأن جسمك في حالة قتال أو هروب.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك فرقا بين الشعور بالقلق (الذي يمكن أن يكون جزءًا طبيعيًا من الحياة اليومية) والإصابة باضطراب القلق، الذي هو حالة طبية خطيرة يمكن أن تشمل الضغط النفسي أو القلق.
ثلاث طرق ستُساعدك على التعامل مع قلقك
● الحد من تناول السكر أو الكافيين. بما أن القلق فسيولوجي، فقد يكون لهذه المنشطات تأثير كبير.
● تفقد أصابع قدميك. قم بتحريكها، إذ يمكن لهذه الطريقة أن تهدئ وتكسر حلقة القلق.
● عندما تكون في وسط نوبة من القلق، فإن التحدث أو التفكير فيها لن يساعدك. يجب عليك إلهاء ذهنك عن طريق حواسك، مثل الاستماع إلى الموسيقى أو حتى القفز على الحبل لمدة خمس دقائق.
تذكّر: إن القلق يحدث في ذهنك وجسمك، وبالتالي إن محاولة التفكير في الخروج منه لن يساعد.
هل تشعر بالهم أو الضغط النفسي أو القلق لقراءة المقال بأكمله؟
باختصار، يحدث الهم في عقلك، ويحدث الضغط النفسي في جسمك، ويحدث القلق في عقلك وجسمك. قد يكون للقلق والتوتر والهم تأثير إيجابي في حياتنا إذا كان ذلك بجرعات صغيرة. لكن تظهر الأبحاث أن معظمنا قلقون للغاية ولدينا حالات ضغط نفسي هائل ونشعر بهم كبير. ووفقًا للدكتورة ماركيز، هناك خطوات أولى بسيطة (ليست سهلة) من شأنها أن تساعدك على الحد من الأعراض التي من أبرزها الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول وجبات غذائية بشكل منتظم، وتحريك الجسم.
المصدر: نيويورك تايمز