يبدو أن دائرة الخلاف التركي الروسي بشأن إدلب السورية تتسع أكثر فأكثر وأن الأزمة مرجحة للتصعيد في حال لم يتوصل مسؤولو البلدين إلى اتفاق يضمن الحد الأدنى من التهدئة والعودة إلى طاولة الحوار، وتتزايد المخاوف من أن التحشيد المستمر وتراشق التهم من الجانبين قد يُعيق مساعي تخفيض منسوب التوتر، وقد يفتح الأبواب لسيناريوهات مخيفة تبدأ بانفراط عقد التقارب التركي الروسي حول الملف السوري ضمن اتفاق “سوتشي” المبرم عام 2018.
في ظل تواصل العمليات العسكرية التي تشنها قوات النظام السوري مدعومةً بغطاء جوي روسي وبمساندة من المليشيات الإيرانية، بغية السيطرة على آخر المحافظات التي تسيطر عليها المعارضة، التي أسفرت عن مقتل 33 جنديًا تركيًا (أكبر عدد قتلى في يوم واحد)، تلوح أنقرة بالرد الحاسم وبدفع مزيد من قواتها إلى إدلب لإعادة الأمور إلى نصابها، مشددة على أنها ستدافع على أمنها القومي والإستراتيجي بكل الوسائل المتوافرة.
إدلب.. نقطة تقاطع
تقع إدلب في الجزء الشمالي الغربي من سوريا بالقرب من البحر الأبيض المتوسط على الحدود مع تركيا مباشرة (تشترك معها في 130 كيلومترًا)، وتحدها من الشمال الغربي ولاية هطاي ومن الشرق محافظة حلب السورية، ومن الشمال الشرقي مدينة عفرين، ومن الجنوب محافظة حماة، ومن الجنوب الغربي محافظة اللاذقية.
كما تشكل المحافظة السورية موقعًا إستراتيجيًا مهمًا لتركيا، خاصة أنها تتضمن سلسلة جبال الأمانوس الممتدة داخل أراضيها، وهي الجبال التي كانت تتحصن فيها عناصر PKK الإرهابي وتطلق منها عملياتها داخل الأراضي التركية، وبالتالي فهي تمثل عمقًا إستراتيجيًا لأنقرة.
كما تكتسب إدلب أهمية متزايدة بوصفها آخر معاقل المعارضة التي تحاول الإطاحة بنظام الأسد، بجانب معاقلها الأخيرة في أجزاء محدودة بشمال حماة وغرب حلب، وتقع إدلب على ملتقى الطرق السريعة الممتدة من حلب نحو حماة وصولًا لدمشق وحتى اللاذقية على البحر المتوسط، ما يعني أن المدينة تقع على مفترق طرق بين المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، والسيطرة عليها تُمكن روسيا من تثبيت الأسد في الحكم ومن ثم تنفيذ خططها الإستراتيجية المتمثلة أساسًا في المنافع الاقتصادية (عقود الإعمار).
تحشيد تركي مستمر
لم تتأخر أنقرة في الرد على مقتل جنودها في إدلب، حيث أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أنه “جرى قصف أكثر من 200 هدف للنظام السوري بعد الهجوم الغادر، بشكل مكثف، عبر مقاتلات وطائرات مسيرة مسلحة ووسائط الإسناد الناري البرية”، مضيفًا أنه تم تحييد 309 عناصر من قوات النظام السوري وتدمير 5 مروحيات و23 دبابة و23 مدفعية، ومنظومتين للدفاع الجوي طراز SA-17 وSA-22، مشددًا في الوقت ذاته على أن الرد على هجوم النظام “ما زال مستمرًا”.
وبالتوازي مع العمليات العسكرية، دعا زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي بلاده إلى استخدام القوة “التي لا بد منها”، مؤكدًا أن روسيا كشفت وجهها الثاني وأن “النظام السوري تجاوز كل الحدود بعد الهجوم الدنيء الذي نفذه بمشاركة حلفائه ما أدى لاستشهاد 33 من جنودنا الأبطال”، مضيفًا أن حزبه على استعداد تام لتقديم الدعم اللازم للرئيس أردوغان في دفاعه عن الأمن القومي التركي.
وفي السياق ذاته، حضت أنقرة المجموعة الدولية على إقامة منطقة حظر جوي في شمال غرب سوريا لمنع طائرات النظام السوري وحليفته روسيا من شن ضربات، وقال مدير الإعلام لدى الرئاسة التركية فخر الدين ألتون: “المجموعة الدولية يجب أن تتخذ اجراءات لحماية المدنيين وإقامة منطقة حظر جوي في منطقة إدلب”.
كما عقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) اجتماعًا طارئًا بناءً على طلب تركيا عقب مقتل عدد من جنودها في “إدلب”، فيما أعلن الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، في تغريدة عبر تويتر، أن الحلف فعّل المادة الرابعة من ميثاقه.
عاجل | وكالة الأناضول: حلف شمال الأطلسي سيعقد اجتماعا طارئا على مستوى السفراء بناء على طلب تركيا
— بوابة الشرق (@alsharq_portal) February 28, 2020
وتنص المادة الرابعة من ميثاق الناتو على أنه يمكن لأي عضو من الحلف أن يطلب التشاور مع الحلفاء كافة، عند شعوره بتهديد حيال وحدة ترابه أو استقلاله السياسي أو أمنه، وتشمل الإجراءات في حال اتفاق دول الحلف، تسيير دوريات لطائرات أواكس للإنذار المبكر في المنطقة وزيادة العناصر العسكرية شرق المتوسط وتعزيز التعاون في مجال الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة.
وأعرب الناتو في وقت سابق على لسان أمينه العام ينس ستولتنبرغ عن إدانته الهجمات التي يشنها النظام السوري وحليفته روسيا، وطالب بوقفها، ودعا إلى التزام النظام السوري وروسيا بالقانون الدولي، ودعم مساعي السلام التي تبذلها الأمم المتحدة، مطالبًا الأطراف كافة بضبط النفس ومنع تفاقم الأوضاع الخطيرة، لا سيما الوضع الإنساني.
سيناريوهات الأزمة
بعد تحذيرات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السابقة بطرد قوات النظام السوري من المناطق التي سيطرت عليها في الأشهر الماضية إذا لم تنسحب بنهاية شهر فبراير/شباط الحاليّ، يرى مراقبون أن الوضع القائم في الأيام القادمة ستُحدده ثلاثة سناريوهات لا رابع لها، وذلك في حال فشلت جولة محادثات ثالثة بين أنقرة وموسكو في تحقيق انفراجة سريعة.
أولى السيناريوهات المرجحة هي قيام القوات التركية مع فصائل المعارضة السورية بعملية عسكرية محدودة من عدة محاور ترغم قوات النظام السوري على التراجع، مع فتح نافذة للتفاوض مع الروس، من أجل الوصول إلى شروط أفضل وقد تتضمن تعديلًا لاتفاق سوتشي الخاص بإدلب أو إضافة ملحق خاص به بناءً على آخر التطورات الميدانية، وفي حال إخفاق الحلِ التفاوضي يتم استئناف العملية العسكرية وستعمل أنقرة من خلالها على دعم المعارضة السورية وتزويدها بالأسلحة المتنوعة لفرملة تقدم قوات النظام السوري.
وتتمثل الفرضية الثانية بانتهاء المهلة دون اتفاق، وفي هذه الحالة تتحرك القوات التركية وحلفاؤها كالجيش الحر وتنفذ هجومًا واسعًا على عدة جبهات لاستعادة السيطرة على إدلب ودفع قوات الأسد إلى التراجع إلى ما وراء الحدود المتفق عليها ضمن اتفاق “سوتشي”، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصادم مع الجانب الروسي الذي يوفر تغطية جوية ومدفعية للقوات نظام الأسد التي تمركزت مؤخَرًا داخل منطقة خفض التصعيد.
وتعمل أنقرة على الدفع بقوات جديدة في إدلب وإرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إليها، فقد دخل في الأيام الماضية نحو 150 مركبة محملة بالمدفعية والدبابات والعتاد وناقلات الجند.
أما الفرضية الثالثة فهي العودة للتفاوض بين أنقرة وموسكو واستئناف المحادثات على قاعدة مخرجات مؤتمر “سوتشي” مع إضافة بعض التعديلات أو تقديم تنازلات من الطرفين وهو أمر مستبعد في ظل تمسك روسيا بفرض سياسة الأمر الواقع وعزم أنقرة على المضي قدمًا في الدفاع عن أمنها الإقليمي، فتراجعها في هذا الوقت قد يسبب إحراجًا لتركيا، وقد يدفعها إلى تقديم تنازلات مريرة في الأيام القادمة.
ومن هذه الزاوية، يُرجح أن تكون القمة الرباعية التي تضم كل من تركيا وروسيا وألمانيا وفرنسا في 5 من مارس/آذار 2020، وهي النسخة الثانية بعد أولى عقدت في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 عقب انطلاق الحملة العسكرية على إدلب، مخرجًا للأزمة وطريقًا لردم الهوة بين أنقرة وموسكو.
بالنسبة لتطور الاحداث بادلب من ناحية وتطور العلاقات التركية الروسية المتوترة من جهة ثانية اتوقع ان تكون القمة الرباعية اخر طاولة حوار سوف تجلس عليها تركيا وهي حذرت مرارا وتكرار وثابتة على موقفها وعلى حدود اتفاقية سوتشي
— Muhammed (@Muhamme78609547) February 22, 2020
وفي هذا الإطار، قال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفقا خلال مكالمة هاتفية، على ضرورة اتخاذ إجراءات جديدة لتخفيف التوتر وإعادة الوضع لطبيعته في شمال غرب سوريا، إضافة إلى اتفاقهما على ترتيب اجتماع رفيع المستوى لبحث الوضع في محافظة إدلب السورية بعث “قلق بالغ”، على حد وصفهما.
ضغط موسكو وأوراق أنقرة
بدعمها لقوات النظام السوري وتحركه نحو السيطرة على محافظة إدلب والقضاء على آخر معاقل المعارضة، تسعى موسكو إلى فرض السيطرة الكاملة على سوريا مع الإبقاء على وجود عسكري تركي في شريط ضيق في إدلب على طول الحدود يخضع جزئيًا لسيطرة أنقرة مع مراقبة السلطات العسكرية الروسية، وهو الأمر الذي ترفضه تركيا بشدة.
وتعمل موسكو على تحجيم دور أنقرة في سوريا والضغط عسكريًا على قواتها من أجل دفعها إلى الزاوية أو استدراجها إلى التدخل المباشر في إدلب ما قد يورطها في صراع طويل الأمد يستنزف قواتها ويضعف من شوكتها، وذلك ردًا على الصفقة الضمنية التي أبرمتها أنقرة مع واشنطن لإقامة منطقة آمنة شمال شرق سوريا، التي مهدت في مرحلة ثانية لعملية “نبع السلام” التركية نهاية العام الماضي.
ومن جهة أخرى، يمكن اعتبار خطوة روسيا الأخيرة الداعمة لتقدم قوات الأسد، ردًا على دخول أنقرة على خريطة الصراع في ليبيا ودعمًا لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا في مواجهة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من موسكو، ومساهمتها في صد العدوان على العاصمة طرابلس ومحاولات السيطرة عليها.
#عاجل : أردوغان: قلبنا مسار الأحداث في ليبيا، حيث كان في السابق لصالح حفتر، وكذلك فعلنا في إدلب pic.twitter.com/U5oRrmnh3T
— Almanara Libya (@AlmanaraMedia) February 27, 2020
ومن هذه الزاوية، يمكن توصيف الأزمة بين البلدين بأنها تأتي في إطار التنافس وجس النبض، فروسيا وتركيا لم تعد تتشاركان في الحدود التاريخية، لذلك بات صراعهما يتلخص حول مناطق النفوذ في الخارج ضمن منافسة جيوسياسية، خاصة أن الرئيس بوتين بنى إستراتيجيته منذ عام 2000 على استعادة روسيا لقوتها الاقتصادية ومكانتها كقوة عالمية، فيما كانت إستراتيجية أردوغان ومن ورائه حزب العدالة والتنمية لعام 2002 إحياء المكانة الإقليمية والدولية لتركيا.
لذلك، لن تقف أنقرة موقف المتفرج وستعمل على ترسيخ نفوذها في محيط نقاط المراقبة التي أنشأتها شمال إدلب، ومن ثم التركيز على مفاوضات سياسية تضمن الحفاظ على نفوذها هناك ودعمها، وفي مرحلة ثانية، سيُواصل القادة الأتراك سياستهم المعتادة القائمة على تعديل المواقف والعلاقات، ومن المرجح أن تلوح بإمكانية تقاربها مع الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة تحركات روسيا، خاصة أن واشنطن أعلنت في وقت سابق وقوفها إلى جانب تركيا الحليفة في الناتو، وتجديد دعوتها لوقف فوري لهذا “الهجوم البغيض” من نظام الأسد وروسيا والقوات المدعومة من إيران، فيما بحث الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين في اتصال مع مستشار الأمن القومي الأمريكي التطورات الأخيرة في إدلب.
كما أجرى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأمريكي مارك إسبر، وبحثا الوضع في إدلب وقضايا الدفاع والأمن.
عاجل
وزير الدفاع التركي “خلوصي آكار” يبحث مع نظيره الأمريكي “مارك إسبر” هاتفياً عدة ملفات منها إدلب— بسام جعارة (@BassamJaara) February 27, 2020
وكان المبعوث الأمريكي للشؤون السورية جيمس جيفري قد وصل إلى أنقرة لإجراء مباحثات مع المسؤولين الأتراك، وفي مغازلة أمريكية واضحة لتركيا ولعب مكشوف على وتر الخلاف المتصاعد بين أنقرة وموسكو قدم جيفري التعازي للشعب التركي في وفاة الجنود الأتراك الذين وصفهم نصًا بـ”الشهداء”، قبل أن يؤكد دعم واشنطن الكامل للمصالح التركية في إدلب.
أمريكا والناتو يعربان عن دعمهما لتركيا
أدانت الخارجية الأمريكية وحلف الناتو هجوم قوات النظام السوري الذي استهدف القوات التركية في #إدلب، وأسفر عن مقتل 33 جنديا تركيا وإصابة 32، وأضاف بيان الخارجية الأمريكية أن واشنطن تدرس الخيارات الممكنة لدعم تركياhttps://t.co/0aLsfhD5CS
— عربي بوست (@arabic_post) February 28, 2020
ورغم أن أردوغان يُدرك أن أي تسوية في إدلب لن تكون بالتدخل أو بواسطة أمريكية، فإنه يعرف تمامًا أن روسيا لن تُضحي بعلاقاتها الإستراتيجية مع أنقرة أو ترك الأمور تتدهور لحافة المواجهة المباشرة معها، وأنه إذا بلغ الصراع ذروته سيضطر الطرفان للجلوس معًا لاستكشاف خيارات أخرى للحل أو إبرام صفقة جديدة تُعيد تعريف حدود المنطقة العازلة وتُثبِت الوضع الراهن.
وإضافة إلى التقارب التركي الأمريكي، لأنقرة أوراق ستطرحها في وجه أي مغامرة روسية جديدة في إدلب ومن بينها: إغلاق المضائق التركيَة أمام السفن الروسية والمجال الجوي أمام الطائرات التي تنقل المعدات والأسلحة إلى سوريا، إضافة إلى إمكانية إغلاق بلغاريا ورومانيا مجالهما الجوي في وجه الطائرات الروسية في حال انفجر الوضع العسكري، وذلك بدفع من حلف الناتو.
وتمنح اتفاقية مونترو التي دخلت حيز التنفيذ في 9 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1936، أنقرة، الحق في إغلاق المضيقين (دردنيل والبوسفور) أمام السفن الحربية التابعة للدول المطلة على البحر الأسود إذا لمست تركيا في ذلك تهديدًا لنفسها.
بنود اتفاقية مونترو التي تمنح أنقرة حق إغلاق المضيقين أمام السفن الحربية التابعة للدول المطلة على البحر الأسود إذا لمست تركيا في ذلك تهديدا لنفسها.
— hassan (@hasandeeroo) February 28, 2020
من جهة أخرى، ستدفع أنقرة بثقلها من أجل دفع الاتحاد الأوروبي إلى التحرك في حال اندلاع مواجهة، خاصة بعد اتخادها خطوة أولى تمثلت في إعلان أنها “لن تعترض بعد الآن سبيل المهاجرين الراغبين في التوجه إلى أوروبا”.
وبعد المعارك الجديدة في إدلب نزح مئات الآلاف من المدنيين إلى الحدود التركية، وتستضيف أنقرة بالفعل نحو 3.7 مليون لاجئ سوري.
علاقات إستراتيجية
تأتي الأزمة الحاليّة بين أنقرة وموسكو في سياق لعبة جس النبض وتسجيل نقاط بين الرئيسين بوتين وأردوغان، لذلك لا يمكن اعتبارها نقطة تحول في العلاقات قد تؤدي إلى صدام محتمل، نظرًا لطبيعة العلاقة الإستراتيجية بين موسكو وأنقرة على أكثر من صعيد، ومن المرجح أن يصل قادة البلدين إلى تفاهمات جديدة بشأن إدلب وفق أرضية مشتركة تجنب الانخراط في سيناريو مخيف.
ويؤكد المختصون أن روسيا لن تضحي بعلاقاتها الاقتصادية والإستراتيجية مع تركيا في مجالات متنوعة كالطاقة والغاز والسياحة، حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من 35 مليار دولار، كما أن أنقرة تمثل لموسكو، المحاصرة جيوسياسيًا، بوابة لأوروبا والعالم، وهو الأمر الذي دفعها إلى البحث دومًا عن شكل ما من أشكال التسوية مع أنقرة (حادثة إسقاط المقاتلة).
يذكر أن البلدين يتشاركان في مشروع “تورك ستريم”، الأنبوب الذي يمر عبر البحر الأسود من روسيا إلى تركيا لإيصال الغاز الروسي إلى أوروبا، كما تشارك روسيا أيضًا في مشروع ضخم آخر للطاقة في تركيا، هو مفاعل “أكويو” للطاقة النووية، المقرر أن يدخل مرحلة التشغيل في وقت لاحق من العام الحاليّ.
وفي السياق ذاته، قال خبير التركي في الشؤون الروسية بجامعة كهرمان ماراس، توغرول إسماعيل ، في تصريحات سابقة: “على الرغم من حقيقة وجود عدد كبير من الخلافات بين تركيا وروسيا، فإن البلدين لا يرغبان في صدام من أي نوع، لأن ذلك ببساطة لن يكون في مصلحتهما”.
بالمحصلة، يمكن القول إنه في حال اندلاع مواجهة عسكرية بين تركيا وروسيا ونظام الأسد فلن تتوقف شرارتها عند إدلب بل سينتقل لهيبها إلى مناطق أخرى وقد تقود في مرحلة إلى صراع مباشر بين قوى إقليمية ودولية، خاصة إذا دخل حلف شمال الأطلسي على الخط، لذلك من المستبعد أن تسمح القوى الدولية بالخيار العسكري لحل الأزمة وستعمل على عودة أنقرة وموسكو إلى طاولة الحوار، خاصة أنها معنية بدرجة أولى باستقرار المنطقة وبمكافحة سيول الهجرة غير الشرعية.