(1)
بينهما حلاوة الكلمة، وجمال البيان، وطلاقة التعبير، وسلاسة اللبنة، ويجمعهما قوة القلم، وميدانهما التحليق في سماء الأدب والكتابة، فهما رمزان أدبيان لاخلاف عليهما، جمعتهما الكلمة وفرقهما الفكر السياسي فربة بيانهما واحدة وأربابهما السياسية متشاكسون مختلفون.
إنهما السباعيان يوسف ومصطفى
(2)
من كان يتوقع أن فارس الرومانسية الأديب الرائع يوسف السباعي صاحب (إنى راحلة 1950) و(رد قلبي 1954) و(أرض النفاق 1949) عسكريًا حتى النخاع.
ولد “يوسف محمد عبدالوهاب السباعي” الأديب المصرى بالدرب الأحمر بالقاهرة عام 1917، وتخرج من الكلية الحربية 1937وتدرج في المناصب العسكرية حتى مديرًا للمتحف الحربي 1952.
وتقلد مناصب سياسية مدنية كوزير للإعلام والثقافة ورئيس مؤسسة الأهرام ونقيبًا للصحفيين.
وختم حياته في صورة مأساوية درامية تغلب عليها طابعه السياسي على كل شيء في حياته حتى تم اغتياله في قبرص بعد أن زار إسرائيل مع السادات1977.
(3)
أما الحمصي السوري الأديب والكاتب سليل العلماء وخليفة المجاهدين الربانيين والابن الشرعي للأدباء الإسلاميين الكبار وأحد كبار إخوان سوريا ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين فى سوريا.
ولد النابغة السورى سليل المشايخ وربيب بيوت العلم والخطابة “مصطفى حسني السباعي” عام 1915في مدينة حمص السورية ودرس في جامعة الأزهر وشارك في مظاهرات ضد الاحتلال البريطاني؛ فاعتقل في مصر ثم نقل إلى سجن صرفند في فلسطين ثم أفرج عنه بعد أربعة شهور.
تعرف السباعي في فترة دراسته بمصر على مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، وظلت الصلة قائمة بينهما بعد عودته إلى سوريا، حيث اجتمع العلماء والدعاة ورجال الجمعيات الإسلامية في المحافظات السورية وقرروا توحيد صفوفهم، والعمل جماعة واحدة وبهذا تأسست منهم (جماعة الإخوان المسلمين) لعموم القطر السوري، ثم بعد ثلاث سنوات أي في عام 1945 اختير مصطفى السباعي ليكون أول مراقب عام للإخوان المسلمين.
وبعد اعتقال الهضيبي الأول على أيدي حكومة عبدالناصر، تم اختياره رئيسًا للمكتب التفيذي للإخوان في البلاد العربية.
والدكتور السباعي له باع طويل في التأليف، فهو من العلماء المحققين، والفقهاء المجتهدين، الذين استوعبوا الفقه الإسلامي من أصوله المعتمدة ودرسوا قضايا العصر المستجدة وقاسوها على ما سبق من أحكام مستمدة من الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة.
أصيب مصطفى السباعي في آخر عمره بالشلل النصفي حيث شل طرفه الأيسر وظل صابرًا مسبًا مدة 8 سنوات حتى توفي في 1964.
(4)
القدس كالقاهرة .. كعمان .. كدمشق .. كبغداد .. إننا نؤدي واجبنا في كل مكان .. إن القدس عزيزة على المصري .. معزة القاهرة للفلسطيني ولكل عربي .. ونحن نخوض المعركة في كل جبهة.
كيف بمن قال مثل هذا الكلام في رواية أن يزور إسرائيل؟! (ابتسامة على شفتيه)
…
“ماذا سيكون تأثير الموت علي؟ وعلى الآخرين؟ لا شيء .. ستنشر الصحافة نبأ موتي كخبر مثير ليس لأني متبل لأن موتي سيقترن بحادثة مثيرة(طائر بين المحيطين)”.
وكأنه يوحى إليه!
يقتل فى قبرص وتتحول جنازته لمسرحية لنهش وتسفيه وسب في القضية الفلسطينية؟
(5)
“لا بدَّ للحركة الإسلامية المعاصرة من أن تشارك فيها المرأة”.
“فإني أعلن بكلِّ صراحة، أن اشتغال المرأة في السِّياسة، يقف الإسلام منه موقف النُّفور الشَّديد، إن لم أقل التَّحريم، لا لعدم الأهلية، بل للأضرار الاجتماعية التي تنشأ عنه، وللمخالفة الصَّريحة لآداب الإسلام”.
هذان قولان للسباعي الحمصي فبأيهما نأخذ؟!
من السباعي الحمصي استفهم؟
(6)
“الإنسان في هذه الحياة أربعة أنواع: واحد يبدأ حياته شيئًا وينتهي إلى لا شيء وواحد يبدأ حياته شيئًا ويستمر شيئًا وثالث يبدأ حياته لا شيء ولا يزيد في النهاية عن لا شيء والأخير يبدأها وهو لا شيء فيصبح في النهاية شيئًا كثيرًا، فلو وازنا بين الأربعه أنواع لوجدنا شرها الأول وخيرها الأخير، أما الثاني والثالث فكلاهما إنسان لم يستطع أن يضف لنفسه أكثر مما وجدها عليه … فهو إنسان عادي!!! (من كتاب اثنتا عشرة امرأة ليوسف السباعي).
قارئي الكريم أين وجدت السباعي المصري؟
(7)
يرى السِّباعي أن الوقت قد حان لتقارب المسلمين، وتفاهمهم وتعاونهم، بعدما مضى وانقضى ما كنَّا نختلف عليه، فقد انتهت كل عوامل الفرقة.
يقول: “ومن الواضح أن السَّبب الذي بدأت به الفرقة، وهو الصِّراع حول الأحقِّ بالخلافة، ورئاسة الدَّولة، لم يعد موجودًا في عصرنا هذا، بل منذ عصورٍ كثيرة، فقد أصبحنا جميعًا تحت سلطة المستعمرين، فلم يبق مُلْكٌ نتقاتل عليه، ولا خلافةٌ نختلف من أجلها، وذلك مما يقتضي جمع الشَّمل، وتقريب وجهات النظر، وتوحيد كلمة المسلمين على أمر سواء، وإعادة النَّظر في كل ما خلَّفته تلك المعارك من أحاديث مكذوبةٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصفيائه وحملة شرعه، وحاملي لوائه).
هل لو كان يعيش بيننا ويرى المسلمين سنة وشيعة يتقاتلون ويتناحرون ماذا عساه أن يقول؟
مصادر:
ويكبيديا مصطفى السباعي
ويكبيديا الإخوان المسلمين
ويكبيديا يوسف السباعي
اقتباسات يوسف السباعي(موقع أبجد)