أبناؤنا اليوم لديهم قدرة على الانتقال من واقع مجتمعنا، من أجواء أصدقائهم وأسرهم إلى الواقع الذي يريدون الانتقال له بضغطة زر، حيث أصبحت الهواتف الجوالة والأجهزة المحمولة بين أيديهم وأخذت تسرق أوقاتهم غير مدركين بخطورة ذلك على الذات وعلى انعكاس ذلك على المجتمع.
فقبل أسابيع ظهر تطبيق باسم You Now مخصص للنقل المباشر عبر الهواتف الجوالة، وبعد ذلك بإمكان أي شخص تصوير نفسه أو مخاطبة المشاهدين على الهواء مباشرة دون أي تكاليف، كما يسمح باستقبال التعليقات مكتوبة دون فلترة؛ مما يسمح لأصحاب القنوات من التعليق على الرسائل الواردة أو تنفيذ طلبات الجمهور في الحال.
التطبيق كبرامج كثيرة منتشرة، ولكن تأتي خطورة هذا البرنامج في أمور منها: أن الفئة التي ألاحظ تواجدها في التطبيق هي فئة صغيرة ويظهر ذلك واضحًا من صورهم الشخصية أو أسلوب حوارهم أو للأسف بعضهم ممن يصور منزله دون علم أهله بذلك؛ فينقل كل ما هو متعلق بحياته وحياة عائلته فتخرج الحياة إلى العلن، والمؤسف في هذا التطبيق أنه لا يمكن التراجع عن خيارات حفظ المقاطع فتوثق على الصفحة بشكل تلقائي إلا في حال إلغائها برغبة المستخدم، وفي الغالب يأتي المستخدمون الناطقون بالعربية بالحوار مع الناطقين بالإنجليزية من خلال كتابة عبارات تكتب بالإنجليزية وتحتوي كلمات لو نطقت لكونت عبارات السب والشتم العربية ومن ينطقها لا يدرك ما هذه الكلمة وفحواها، قد يكون التطبيق فرصة للمشاهير أو القدوات برسم سلوكيات قيمة لمحيطهم، ولكن قدوات القيم غالبًا لا يحيط بهم إلا من عرف قيمة كلامهم، أما الفرصة الأكثر انتشارًا فهم لنجوم سموا كذلك وسطع بريقهم في أعين الناس لا في جوهر ذواتهم.
إننا أمام صورة تنعكس أمام المجتمعات الأخرى، أطفال في عمر الزهور وأهلهم غافلون عما يجنيه أطفالهم من عقبات، الأطفال القُصر – حسب القانون الدولي – حينما يتعرضون لأي ابتزاز فإن أولياء أمورهم المسئولون عن ذلك لا أن يرد على مثل تلك التصرفات أنها حريتهم الشخصية، حالات كثيرة وقعت لعمليات الابتزاز من خلال الصور والمعلومات الشخصية أو الإشهار بأصحابها وإن لم تستجب يكون مصير ذلك التهديد، في وقت ندرك أن الكثير يلجأ لهذه التطبيقات هروبًا من محيطهم حتى أصبح الغرباء يبادلونه أسرار حياتهم ويحتفظون بها وفي أي لحظة يدخلون لك من ألف باب، إننا حينما نأمن أعز ما نملك في حياتنا فإننا نختار أفضل الاختيارات لصونها، وكما يقول الشاعر:
جَواهرُ المَجد صونُ العَرض أَغلاها .. وَرتبةُ الجد عِندَ النَفس أَعلاها