ترجمة وتحرير نون بوست
قال محللون إن التهديد المشترك الذي تمثله داعش لعدد من الدول الإسلامية في الشرق الأوسط، يسبب تحولا جذريا في التحالفات الإقليمية.
“اللاعبون في الشرق الأوسط يجدون أنفسهم في مواجهة تهديدات وجودية، من قوة إسلامية لا تطيع أيا من قواعد الحضارة التقليدية” كما كتب ديفيد آنديلمان، رئيس تجرير مجلة وورلد بوليسي.
الباحث غاري سيك من جامعة كولومبيا قال لـرينو جازيت جورنال إن القادة السياسيين مرعوبين من استيلاء الدولة الإسلامية على البلدان، وهم على استعداد أن ينسوا كراهيتهم المعتادة فيما بينهم لمواجهة العدو المشترك”.
المثال الأوضح على تغيير التحالفات هو استجابة دول مجلس التعاون الخليجي وملكياته الثرية للدعوة الأمريكية لبناء تحالف ضد داعش، دول الخليج تخشى أن يتقدم جنود داعش تجاه حدودها حيث قد تجد “الدولة” دعما من داخل الخليج.
قال عبدالعزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، إن الخطر الأكبر في الخليج يأتي من هذه الجماعات الإرهابية الناشئة وليس من الإخوان المسلمين.
وقالت كارول كريستين من كينغ سكول في لندن إنه “على الصعيد العالمي، هناك إدراك أن دول المنطقة يجب أن يُنظر إليها على أنها تعمل ضد هذا التهديد. ولذلك من أجل بناء جبهة موحدة، أدركت الدول أن خلافاتها البينية أقل أهمية”
وكانت علاقات قطر مع السعودية والإمارات والبحرين قد انخفضت إلى حدها الأدنى بعد أن سحبت الدول الثلاث الأخيرات سفراءها من الدوحة متهمة إياها بالتدخل في شؤونها ودعم الإخوان الذين وُصفوا من قبل الرياض بأنهم جماعة إرهابية.
متحدثا إلى الصحفيين عقب اجتماع لوزراء الخارجية الخليجيين قال كبيد الدبلوماسيين الكويتيين، الشيخ صباح خالد الصباح “إن ستة أشهر من الخلاف مع قطر في طريقها للحل”.
وقال الصباح إن السفراء يمكنهم أن يعودوا إلى وظائفهم في أي وقت.
وجاء هذا الإعلان بينما يؤكد العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز على التهديد الذي يمثله متشددو داعش ما لم يكن هناك عمل سريع. فقد نقلت صحف عن الملك عبدالله قوله إن “الإرهاب لا يعرف الحدود، وخطره يمكن أن يصل إلى عدة بلدان خارج الشرق الأوسط” وتابع محذرا “إذا تجاهلنا تهديدات داعش فإنها ستصل إلى أوروبا في شهر وإلى أمريكا في شهر آخر”.
ويقول محللون إن هذه التحولات ليست جديدة في المنطقة وتستند إلى مصالح براغماتية لكل دولة.
وتخشى السلطات السعودية منذ فترة طويلة رد فعل سلبي وعنيف من الجماعات المسلحة لا سيما بعد موجة من هجمات القاعدة في المملكة بين 2003-2006
الأمر كذلك لا يشمل الخلافات البينية بين دول الخليج، لكنه أيضا يشمل إيران ودول الخليج، فقد قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الاثنين الماضي إنه مستعد للاجتماع بنظيره السعودي، متابعا “سأكون مستعدا لزيارة السعودية وأن أرحب بالأمير سعود في إيران”.
نائب وزير الخارجية الإيراني كان قد زار السعودية بالفعل خلال الأسبوع الماضي ما يدل على ذوبان الكثير من الجليد بين الغريمين التقليديين، خاصة مع تصريحات مسؤول إيراني لاحقا قال فيها إن “الجانبين ناقشا الوضع في العراق ووسائل مواجهة التطرف والإرهاب”.
الأعوام الماضية شهدت تنامي نفوذ إيران وتهديدها لقوة السعودية في المنطقة، إلى حد أن دبلوماسيين سعوديين دعموا عمل عسكري ضد طهران. لكن محللين يقولون إن إيران والسعودية يجدون أنفسهم في اتفاق واسع النطاق بشأن العراق.
القوى الغربية أيضا أظهرت تغيرا في تحالفاتها الإقليمية. فقد أعلنت فرنسا أنها ستنضم إلى الولايات المتحدة في إرسال أسلحة للمقاتلين الأكراد لمواجهة داعش، في حين دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند القوى العالمية للتوحد في مواجهة هذا التهديد. ورفض هولاند دعوة بشار الأسد للتعاون لقتال داعش في سوريا.
ومع ذلك، يعتقد محللون أن القوى العالمية بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والتي لن تصبح حليفا علنيا لبشار الأسد، يمكنهم أن يضعوا أيديهم في يديه خلف الأبواب المغلقة لقتال داعش.
“نظرا للتهديد المشترك من داعش، قد يكون هناك نوع من الاعتراف بأنه -وراء الكواليس- عليك أن تعمل بهدوء مع عدو عدوك” كما يقول غابريل ريفكيند، برنامج الشرق الأوسط في مجموعة أبحاث أوكسفورد.
وتابع ريفكيند “دول مثل إيران والسعودية كانوا على خطوط الصدع المختلفة في سوريا، سيضطرون الآن لمواجهة التهديدات المشتركة والعمل معا من أجل مصالحهم المشتركة.
ودعا جنرالات أمريكيون الجيش الأمريكي لاتخاذ إجراءات ضد المتشددين، ليس في العراق فحسب، ولكن في سوريا أيضا. لكن تصريحات الإدارة الأمريكية تقول إلى أن العمل الآن يسير في اتجاه بناء تحالف إقليمي من شأنه أن يقود هجوما شاملا ضد داعش في المنطقة.
بريان كاتوليس، الباحث البارز في معهد التقدم الأمريكي، قال إن هناك “إشارات من الإدارة الأمريكية على أنها تفضل أن تتخذ دول المنطقة إجراءات لهزيمة هدا التهديد، حيث أن هناك موقف أمريكي واضح ورغبة قوية من أن تلعب دول مثل تركيا والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي دورا أكثر فعالية في سوريا”.
وتشير تقارير إلى أن هذا التحالف قد يشمل حتى إيران.
القوات العراقية بمساعدة الضربات الجوية الأمريكية والطائرات الإيرانية هاجما سويا قرية أمرلي قبل يومين، وهي القرية التي حاصرها مسلحو داعش لأكثر من شهرين.
التقارب الغريب بين الولايات المتحدة وإيران قد يكون أوضح دليل على كيف يمكن للتهديدات المتصورة أن تغير من وجهة نظر هؤلاء الذين يجب عليهم أن يتعاونوا سويا.
بل إن محللين يقولون إن الأمر أبعد من ذلك، فقد أخبرت واشنطن طهران أن إيران “لم تعد ضمن محور الشر”. ومن المرجح أن يستمر هذا التحالف في التوسع لمحاربة التهديدات المتزايدة.
رئيس الوزراء الاسترالي صرح يوم أمس الثلاثاء مبررا استخدام القوة المفرطة في محاربة مقاتلي داعش، كما أن بلاده قررت أن تنضم إلى حليفها الدائم في واشنطن في جهدها لإرسال الأسلحة إلى القوات الكردية في شمال العراق.
هذا الإعلان جاء في الوقت الذي دافعت فيه المستشارة الألمانية عن القرار الفاصل بشأن إرسال برلين أسلحة لأكراد العراق، مؤكدة أن أمن أوروبا الآن على المحك.
المصدر: ميدل إيست آي