ترجمة وتحرير نون بوست
يذكرنا فيروس كورونا بأهمية استجابة الصحة العامة فيما يتعلق بإدارة انتشار الأمراض، لكن ما هي الصحة العامة؟ ولماذا نسمع من خبراء الصحة العامة ما يتعلق بفيروس كورونا والتهديدات الصحية الأخرى؟
بشكل عام، بينما يركز الطب بشكل أساسي على علاج أمراض الأفراد، فإن الصحة العامة تركز على منع انتشار الأمراض وتحسين صحة المجتمعات، تتضمن الصحة العامة أنشطة متنوعة وبعيدة المدى، فهي تتضمن حملات الترويج الصحية ومراقبة الأمراض المعدية ومكافحتها وضمان نقاء الهواء والماء ووفرة الطعام الآمن، والكشف عن الأمراض والتدخلات الصحية المجتمعية وأنشطة التخطيط والسياسة.
إليكم 3 أمثلة توضح أهمية الدور الذي تلعبه الصحة العامة.
الحد من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات
لقد كان تطوير اللقاحات اللازمة للحماية من الأمراض المعدية أحد أهم الإنجازات التي حققها الطب والصحة العامة، فقد منعت اللقاحات حرفيًا موت ملايين الناس – نحو 10 ملايين شخص حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية بين عامي 2010 و2015 -، وجنّبت عددًا لا يحصى الإصابة بالمرض.
فالآن نادرًا ما نرى أمراضًا مثل شلل الأطفال والحصبة والتهاب الغدة النكافية في العالم المتقدم بفضل اللقاحات الفعالة، لقد كانت وقاية الناس من الأمراض المميتة بطريقة بسيطة وآمنة أحد معجزات الطب الحديث.
إن توفير هذه اللقاحات للمجتمعات في جميع أنحاء العالم بما يساهم في الحد من الأمراض أكبر شهادة على قوة الصحة العامة، وأعظم مثال على تأثير تلك اللقاحات على صحة السكان في جميع أنحاء العالم، القضاء على مرض الجدري.
يتسم مرض الجدري بحمى وطفح جلدي وكان واحدًا من أكثر الأمراض المعدية المدمرة على مر العصور، فقد تسبب في موت نحو 300 مليون شخص في القرن العشرين وحده، للقضاء على هذا المرض اكتشف أطباء الصحة الحالات المريضة سريعًا، بعد ذلك منحوا اللقاحات للأشخاص الذين كانوا على اتصال بالمرضى في أسرع وقت ممكن لمنع انتشار المرض، كانت هذه العملية تُسمى “التلقيح الدائري”.
بدأت هذه الحملة بشكل جدي عام 1967، بينما أعلنت منظمة الصحة العالمية القضاء على مرض الجدري عام 1980، هذا الأمر يعد من أعظم إنجازات الصحة العامة في العصر الحديث.
مكافحة التبغ
رغم أنه ما زال هناك حاجة للكثير من العمل، فإن معدلات التدخين تراجعت بشكل كبير في العقود الأخيرة مما يعود بفوائد كبيرة على صحتنا، عندما يؤكد العلم العلاقة الواضحة بين التدخين وضعف الصحة، فإن دور الصحة العامة توصيل تلك الرسالة لعامة الناس وتنفيذ تدابير الحد من معدلات التدخين.
تعد مكافحة التبغ مثالًا عظيمًا على التنسيق بين القطاعات الحكومية المختلفة لمعالجة هذا التحدي الصحي العام
نجحت الصحة العامة في الحد من معدلات الوفيات بسبب التبغ نتيجة بعض التدخلات مثل حملات التوعية الصحية وذلك بتوفير المعلومات للعامة بشأن خطورة التدخين ووضع قيود على إعلانات السجائر وتقييد التدخين في الأماكن العامة ورفع الضرائب على السجائر بالإضافة إلى زيادة وتسهيل الوصول لبرامج الإقلاع عن التدخين.
تعد مكافحة التبغ من أهم إنجازات الصحة العامة، خاصة لأنه وجب علينا مكافحة تلك الصناعة حتى تظهر تلك المبادرات على الأرض، كما تعد مكافحة التبغ مثالًا عظيمًا على التنسيق بين القطاعات الحكومية المختلفة لمعالجة هذا التحدي الصحي العام، وتعتبر أستراليا رائدة عالمية في هذا المجال.
سلامة السيارات
من أهم إنجازات العصر الحديث المركبات ذات المحركات، لكنها كانت سببًا كبيرًا في الموت والإصابات، ثم تراجعت حوادث الطرق في المدن الصناعية بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، وذلك رغم ارتفاع عدد السائقين وبعد المسافات على طرق السفر.
تمكنت الصحة العامة من تحقيق تحسينات في السلامة والحد من الوفيات بمساعدة مجموعة متنوعة وواسعة من التدخلات، فعلى سبيل المثال، زيادة التنظيم في معايير تصميم المركبات وتحسين الطرق وتنظيم ارتداء حزام الأمان وتحديد السرعات وقواعد القيادة.
رغم المكاسب التي تحققت فإن حوادث الطرق لا تزال السبب الرئيسي في الوفيات حول العالم ومشكلة رئيسية في الدول النامية، لذا ما زال هناك الكثير من العمل للقيام فيه، لعبت الصحة العامة دورًا رئيسيًا في زيادة الصحة وطول العمر اللذين أصبحا أمرًا مفروغًا منه في العصر الحديث، لكننا لا نفكر كثيرًا في ذلك.
أحد الأسباب التي تقلل من شأن مكتسبات الصحة العامة أنها تتميز بغياب الأمراض وهو أمر غالبًا ما يتناقص إداركه بين الناس، فعلى سبيل المثال يصبح الأمر واضحًا للجميع عند إنقاذ حياة أحدهم بالتدخل الطبي، لكنه يصبح أقل وضوحًا عند وقايته من المرض.
المصدر: ذي كوفرسايشن