ترجمة وتحرير: نون بوست
سهّلت الحكومة الصينية النقل الجماعي للأويغور وغيرهم من مواطني الأقليات العرقية من منطقة سنجان التي تقع في أقصى غربيّ إلى المصانع التي توجد في جميع أنحاء البلاد. وفي ظل الظروف التي تشير بقوة إلى أنهم يعملون بشكل قسري، يعمل الأويغور في المصانع الموجودة في سلاسل التوريد لصالح ما لا يقل عن 83 علامة تجارية عالمية معروفة في قطاعات التكنولوجيا والملابس والسيارات، بما في ذلك آبل وبي إم دبليو وجاب وهواوي ونايكي وسامسونغ وسوني وفولكس واجن.
يقدر هذا التقرير أنه تمّ نقل أكثر من 80 ألف من الأويغور من سنجان للعمل في مصانع في جميع أنحاء الصين بين سنتي 2017 و2019، وتمّ إرسال بعضهم مباشرة من معسكرات الاعتقال. وتعد الأرقام التقديرية متحفظة، حيث من المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى بكثير. في المصانع البعيدة عن بلادهم، يعيشون عادة في مساكن منفصلة، ويتلقون تدريبات لتعلم لغة الماندارين والأيديولوجية خارج ساعات العمل. ويخضعون للمراقبة المستمرة، فضلا عن أنهم يُمنعون من المشاركة في الاحتفالات الدينية. وتُظهر مصادر عديدة، بما في ذلك الوثائق الحكومية، أن العمال المنقولين يتم تعيينهم مرافقين ويتمتعون بقدر محدود من حرية التنقل.
لقيت الصين إدانة دولية لشبكة “معسكرات إعادة التعليم” التي تنشئها خارج نطاق القضاء في سنجان. ويكشف هذا التقرير عن مرحلة جديدة في حملة إعادة الهندسة الاجتماعية في الصين التي تستهدف المواطنين من الأقليات، ويظهر أدلة جديدة على أن بعض المصانع في جميع أنحاء الصين تستخدم عمالة الأويغور القسرية بموجب خطة نقل العمالة التي ترعاها الدولة، والتي تلوث سلسلة التوريد العالمية.
تلك كانت المشكلة؛ فما هو الحل؟
يجب على الحكومة الصينية أن تتمسك بالحقوق المدنية والثقافية والعمالية المنصوص عليها في الدستور الصيني والقوانين المحلية، وأن تضع حدا لاحتجازها للأويغور وغيرهم من الأقليات المسلمة في سنجان. وتضمن لجميع المواطنين أن يحددوا بحرية شروط عملهم وتنقلهم. كما يمكن للشركات التي تستخدم عمالة الأويغور القسرية في سلاسل التوريد الخاصة بهم أن تجد نفسها تخرق القوانين التي تحظر استيراد البضائع المصنّعة من العمالة القسرية أو يفرض عليها الإفصاح عن مخاطر سلاسل التوريد لهذا النوع من العمالة.
ينبغي على المستهلكين ومجموعات الدفاع عن المستهلك مطالبة الشركات المصنعة في الصين بإجراء العناية الواجبة لحقوق الإنسان
يتعين على الشركات المدرجة في هذا التقرير إجراء العناية الواجبة والفورية لحقوق الإنسان على عمل المصانع في الصين، بما في ذلك عمليات التدقيق والتفتيش الاجتماعية القوية والمستقلة. ومن المهم أنه من خلال هذه العملية، لن يتعرض العمال المتأثرون لأي ضرر آخر، بما في ذلك عمليات النقل غير الطوعي. وينبغي على الحكومات الأجنبية والشركات وجماعات المجتمع المدني تحديد الفرص لزيادة الضغط على الحكومة الصينية لوضع حد لاستخدام العمالة القسرية الأويغورية والاحتجاز خارج نطاق القضاء.
من هذا المنطلق، يجب أن يشمل ذلك الضغط على الحكومة للمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 29 لسنة 1930 المتعلقة بالعمل الجبري وبروتوكول 2014 الملحق باتفاقية العمل الجبري. فضلا عن ذلك، ينبغي على المستهلكين ومجموعات الدفاع عن المستهلك مطالبة الشركات المصنعة في الصين بإجراء العناية الواجبة لحقوق الإنسان في سلاسل التوريد الخاصة بهم من أجل ضمان دعمهم لحقوق الإنسان الأساسية وعدم مشاركتهم في أي برامج عمل قسرية.
ملخص تنفيذي
منذ سنة 2017، اختفى أكثر من مليون من الأويغور وأفراد الأقليات المسلمة التركية الأخرى ونُقلوا نحو شبكة واسعة من “معسكرات إعادة التعليم” في أقصى غرب منطقة سنجان، فيما وصفه بعض الخبراء ببرنامج منهجي تقوده الحكومة لإبادة الثقافة الأويغورية بشكل جماعي. وعموما، يتعرض المحتجزون داخل المعسكرات إلى تلقين سياسي، ويُجبرون على التخلي عن دينهم وثقافتهم. وفي بعض الحالات، يتعرضون للتعذيب باسم مكافحة “التطرف الديني”. وفي الواقع، ما فتئت السلطات الصينية من إعادة تشكيل السكان المسلمين على صورة الأغلبية العرقية من الهان في الصين.
يبدو أن حملة “إعادة التعليم” تدخل مرحلة جديدة، حيث يزعم المسؤولون الحكوميون في الوقت الراهن أن جميع “المتدربين”، “تخرجوا”. وفي الوقت الراهن، هناك أدلة متزايدة على أن العديد من الأويغور يجبرون على العمل في المصانع داخل سنجان. ويكشف هذا التقرير أن المصانع الصينية خارج منطقة سنجان تزود بالعمال الأويغور بموجب خطة نقل عمالية قائمة على الاستغلال تقودها الحكومة. ويبدو أن بعض المصانع تُشغّل عمال الأويغور الذين يتم إرسالهم مباشرةً من “معسكرات إعادة التعليم”.
في سياق متصل، حدد المعهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي 27 مصنعا في تسع مقاطعات صينية تستخدم عمالة الأويغور المنقولة من سنجان منذ سنة 2017. ويُعتقد أن المصانع تعد جزءا من سلسلة التوريد التي تضم 83 علامة تجارية عالمية معروفة. وبين سنتي 2017 و2019، تشير تقديراتنا إلى أن ما لا يقل عن 80 ألف من الأويغور تم نقلهم من سنجان وتعيينهم في المصانع من خلال برامج نقل العمال بموجب سياسة الحكومة المركزية المعروفة باسم “معونة سنجان”.
من الصعب للغاية على الأويغور أن يرفضوا هذه الوظائف أو يفروا من هذا الأمر خاصة في ظل تورط فيها أجهزة الاعتقال والتلقين السياسي داخل وخارج سنجان. وبالإضافة إلى المراقبة المستمرة، تهدد السلطات الصينية باعتقال المواطنين من الأقليات، الذين يرفضون تأدية المهام الموكلة لهم من قبل الحكومة بشكل تعسفي. وبشكل لافت للنظر، يُدفع للحكومات المحلية والوسطاء من القطاع الخاص ثمن كل شخص من قبل حكومة مقاطعة سنجان لتنظيم مهام العمل. وفي الوقت الراهن، أضحت عمليات النقل الوظيفية جزءًا لا يتجزأ من عملية “إعادة التعليم”، التي تُطلق عليها الحكومة الصينية اسم “التدريب المهني”.
ينص تقرير عمل الحكومة المحلية لسنة 2019 على ما يلي: “لكل دفعة من العمال المدربين، سيتم تنظيم مجموعة من العمالة ونقلها. وسيكون الموظفون بحاجة إلى تلقي تعليم أيديولوجي شامل والبقاء في وظائفهم”. ويفحص هذا التقرير ثلاث دراسات حالة يبدو فيها أن عمال الأويغور يعملون في ظل ظروف العمل القسري في المصانع الصينية الموردة للعلامات التجارية العالمية الكبرى. وفي دراسة الحالة الأولى، تم تجهيز مصنع في شرقيَ الصين يصنع أحذية لشركة نايكي الأمريكية بأبراج مراقبة وأسوار شائكة ومحطات حراسة للشرطة.
يتضمن التقرير ملحقًا يفصل المصانع المعنية والعلامات التجارية التي يبدو أن لديها عناصر من العمالة الأويغورية القسرية ضمن سلاسل التوريد الخاصة بهم.
بحسب ما ورد، لم يتمكن عمال الأويغور، على عكس نظرائهم الهان، من العودة إلى ديارهم لقضاء العطلات. وفي دراسة الحالة الثانية لمصنع آخر في المقاطعة الشرقية مورد للملابس الرياضية للشركات المتعددة الجنسيات مثل أديداس وفيلا، تشير الدلائل إلى أن عمال الأويغور نُقلوا مباشرةً من أحد “معسكرات إعادة التعليم” في سنجان. أما في دراسة الحالة الثالثة، فقد حددنا العديد من المصانع الصينية التي تصنع مكونات لآبل أو مورديها باستخدام العمالة الأويغورية. ويعد التلقين السياسي جزءا أساسيا من مهامهم الوظيفية.
على العموم، يعتمد هذا التقرير البحثي على الوثائق المفتوحة المصدر الصادرة باللغة الصينية، وتحليل صور الأقمار الصناعية، والأبحاث الأكاديمية، والتقارير الإعلامية الميدانية. فضلا عن ذلك، يحلل السياسة والسياسات العامة التي تقف وراء المرحلة الجديدة من القمع المستمر التي وصلت إليها الحكومة الصينية للأويغور والأقليات المسلمة الأخرى. ويُقدم هذا التقرير البحثي دليلاً على استغلال عمالة الأويغور وإشراك الشركات الأجنبية والصينية، ربما دون علم، في انتهاكات حقوق الإنسان.
بشكل إجمالي، حددت الأبحاث التي أجراها معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي 83 شركة أجنبية وصينية تستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من استخدام عمال الأويغور خارج سنجان من خلال برامج نقل العمالة التي من المحتمل أن تكون تعسفية خلال سنة 2019، على غرار أبيركرومبي وفيتش وآيسر وأديداس وألستوم وأمازون وآبل وآسوس وبايك موتور وبي إم دبليو وبومباردييه وبوش وبي واي دي وكالفن كلاين وكاندي وكارتر وشيروتي 1881 وتشانجان أوتوموبيل وسيسكو وسي آر سي آر وديل وإلكترولوكس وفيلا وفاوندر غروب ومجموعة قوانغتشو للسيارات وجاب وجيلي للسيارات وجنرال إلكتريك وجنرال موتورز وغوغل وإتش آند إم وهاير وهارت شافنر ماركس وهايسنس وهيتاشي وإتش بي وإتش تي سي.
بالإضافة إلى ذلك، نذكر شركة هواوي وآي فلايك تاك وجاك آند جونز وجاغوار واليابان ديسبلاي إنك وإل إل بين ولاكوست ولاند روفر ولينوفو وإل جي ولي -نينج ومايوروميزو ومرسيدس بنز وإم جي ومايكروسوفت وميتسوبيشي وميتسومي ونايكي ونينتندو ونوكيا وذا نورث فيس وأوكلوس وأوبو وباناسونيك وبولو ورالف لورين وبوما ورويو وسايك موتور وسامسونج وإس جي إم دبليو وشارب وسيمنز وسكيتشرز وسوني وتي دي كاي وتومي هيلفيغر وتوشيبا وتسينغهوا تونغفانغ ويونيكلو وفيكتوريا سيكريت وفيفو وفولكس واجن وشاومي وزارا وزينيا وزد تي إي. كما ترتبط بعض العلامات التجارية بمصانع متعددة.
تستند البيانات إلى قوائم الموردين المنشورة والتقارير الإعلامية وقوائم المصانع الموردة. وفي الحقيقة، اتصل معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي بهذه العلامات التجارية البالغ عددها 83 علامة لإعلامهم بتفاصيل تتعلق بالموردين الخاصين بهم. وعندما استجابت الشركات قبل عملية نشر التقرير، قمنا بإدراج إيضاحاتها ذات الصلة في هذا التقرير. في حال وقع توفير أية ردود من الشركات بعد نشر التقرير، فسنقوم بمعالجتها على الموقع الالكتروني الخاص بالمعهد.
من جانب آخر، أشار معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي إلى أن عددًا صغيرًا من العلامات التجارية، بما في ذلك أبركرومبي وفيتش، نصحت بتوجيه تعليمات إلى البائعين لإنهاء علاقاتهم مع هؤلاء الموردين في عام 2020. في المقابل، أفادت شركات أخرى بما في ذلك أديداس وبوش وباناسونيك، بأنه لا تربطهم علاقات تعاقدية مباشرة مع الموردين المتورطين في خطط العمل. في المقابل، لا توجد علامات تجارية قادرة على استبعاد وجود مثل هذه العلاقة في سلسلة التوريد الخاصة بهم.
علاوة على ذلك، يتضمن التقرير ملحقًا يفصل المصانع المعنية والعلامات التجارية التي يبدو أن لديها عناصر من العمالة الأويغورية القسرية ضمن سلاسل التوريد الخاصة بهم. كما يقدم هذا التقرير البحثي توصيات محددة للحكومة الصينية والشركات والحكومات الأجنبية ومنظمات المجتمع المدني.
العمالة الأويغورية القسرية
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة العمل الدولية تطرقت إلى 11 مؤشرًا للعمل الجبري. وقد تشمل المؤشرات ذات الصلة، دلائل تتعلق بحالة العمالة الأويغورية.
-
التعرض للتخويف والتهديد، مثل التهديد بالاعتقال التعسفي، ومراقبة القوات الأمنية وأجهزة المراقبة الرقمية لهم.
-
يتم وضعهم في وضعية التبعية والضعف، على غرار التهديدات التي يتعرض لها أفراد الأسرة الذين يعودون إلى سنجان.
-
فرض قيود على حرية التنقل، على غرار المصانع المسيّجة والمراقبة ذات التقنية العالية.
-
العزل، مثل العيش في مهاجع منفصلة ونقلهم في قطارات مخصصة.
-
ظروف العمل التعسفية، مثل التلقين السياسي، وإنشاء مواقع حراسة الشرطة في المصانع، وفرض إدارة “ذات الطابع العسكري” ناهيك عن حظر الممارسات الدينية.
-
ساعات العمل الطويلة على سبيل المثال دروس تعلم لغة الماندرين بعد العمل وجلسات تلقين سياسية التي تشكل جزءًا من المهام الوظيفية.
في هذا الصدد، تزعم وسائل الإعلام الحكومية الصينية أن المشاركة في برامج نقل العمالة تعد طوعية، في حين أنكر المسؤولون الصينيون أي استخدام تجاري للعمل القسري للأويغور في سنجان. مع ذلك، وصف العمال الأويغور الذين تمكنوا من مغادرة الصين والتحدث بصراحة الخوف الدائم من إعادتهم إلى معسكر الاعتقال في سنجان أو حتى ظروف السجن التقليدي التي عانوا منها أثناء العمل في المصانع.
أما في المصانع المتواجدة خارج سنجان، هناك أدلة على أن حياتهم أبعد ما تكون عن الحرية. ويشار إليها باسم “العمالة الفائضة” أو “العمالة المنكوبة بالفقر”. وغالبًا ما يتم نقل عمال الأويغور في جميع أنحاء الصين في قطارات منفصلة خاصة، وفي معظم الحالات يتم إرجاعهم إلى منازلهم بالطريقة ذاتها بعد انتهاء عقودهم سنة أو أكثر في وقت لاحق.
من جهة أخرى، تشير العديد من المصادر إلى أنه في المصانع في جميع أنحاء الصين، يعيش العديد من عمال الأويغور حياة قاسية معزولة تحت ما يسمى “بالإدارة ذات الطابع العسكري”. وخارج ساعات العمل، يحضرون دروس لغة الماندرين المنظمة في المصنع، ويشاركون في دروس “التوعية الوطنية”، فضلا عن أنهم يُمنعون من ممارسة شعائرهم الدينية. علاوة على ذلك، يتم تعيين عامل حكومي واحد لكل 50 عاملاً من الأويغور، حيث يراقبهم أفراد الأمن الموكلة إليهم هذه المهمة.
فضلا عن ذلك، يتمتع الأويغور بحرية تحرك محدودة ويعيشون في مهاجع محمية بعناية، معزولة عن عائلاتهم وأطفالهم في سنجان. وفي سياق متصل، هناك دليل على أنهم يحصلون، في بعض المصانع على الأقل، على رواتب أقل من نظرائهم الهان، على الرغم من مزاعم وسائل الإعلام الحكومية التي تفيد بأنهم يتلقون أجورا مغرية. وفي الحقيقة، تدير السلطات الصينية ورؤساء المصانع عمال الأويغور من خلال “تتبعهم” جسديًا وإلكترونيًا. وتصف إحدى وثائق حكومة المقاطعة قاعدة بيانات مركزية، طورتها إدارة الموارد البشرية والشؤون الاجتماعية في سنجان. ويحتفظ بهذه القاعدة فريق يتألف من 100 مختصّ في سنجان، التي تسجل التفاصيل الطبية والأيديولوجية والتوظيف المتعلقة بكل عامل.
بالإضافة إلى ذلك، تتضمن قاعدة البيانات معلومات من بطاقات الرعاية الاجتماعية التي تخزن البيانات الشخصية للعمال. كما أنها ستخرج معلومات من مجموعة وي تشات ومن تطبيق هاتف ذكي لم يكشف عن اسمه يتتبع تحركات وأنشطة كل عامل. في المقابل، تفتخر الشركات والمسؤولون الحكوميون الصينيون بقدرتهم على تغيير النظرة الأيديولوجية لعمال الأويغور وتحويلهم إلى مواطنين “حداثيين”. كما يعتبرون أنهم أصبحوا “أكثر جاذبية جسديًا” وتعلموا “الاستحمام بشكل يومي”.
في بعض الحالات، ترسل الحكومات المحلية في سنجان كوادر من الحزب الشيوعي الصيني لإجراء مراقبة متزامنة لعائلات العمال في موطنهم في سنجان، لتذكير العمال بأن أي سوء سلوك في المصنع سيكون له عواقب فورية على أحبائهم. ويعد ذلك دليلا آخر أن المشاركة في البرنامج أبعد ما تكون عن التطوعية. وفي هذا الإطار، أوضح شخص على دراية ببرنامج نقل العمال الأويغوريين في فوجيان لبيتر وينتر، وهي منظمة غير حكومية دينية وحقوقية، أن العمال كانوا جميعهم معتقلين سابقين في “معسكر إعادة التعليم” وهُددوا بالتعرض للاعتقال مجددا في حال خالفوا مهام العمل المكلفين بها من قبل الحكومة.
في السياق ذاته، أخبر شخص من الأويغور أرسل للعمل في فوجيان المنظمة غير الحكومية أن الشرطة تبحث بانتظام في مهاجعهم وتتحقق من هواتفهم بحثا عن أي محتوى ديني. فإذا عثر على القرآن، فسيتم إعادة صاحب الهاتف إلى “معسكر إعادة التعليم” لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات. والجدير بالذكر أن معاملة التي يتلقاها الأويغور المبينة في دراسات الحالة لهذا التقرير تعد انتهاكا للدستور الصيني، الذي يحظر التمييز على أساس العرق أو المعتقد الديني، فضلا عن القانون الدولي. وعلى الرغم من أننا غير قادرين على التأكيد على أن جميع عمليات نقل العمالة من سنجان قسرية، إلا أن الحالات التي توفرت فيها تفاصيل كافية توضح ممارسات العمل القسرية المثيرة للقلق التي تتفق مع تعريفات منظمة العمل الدولية الخاصة بالعمل الإجباري.
العمال الأويغور في شركة تيكوانغ لصناعة الأحذية يلوحون بالعلم الصيني في تشرين الأول / أكتوبر 2019.
في كانون الثاني / يناير سنة 2020، وقع توظيف حوالي 600 عامل من الأقليات العرقية من سنجان في شركة تيكوانغ المحدودة للأحذية الواقعة في تشينغداو. تُمثل الشركة الأمريكية متعددة الجنسيات نايكي العميل الرئيسي لشركة تيكوانغ. تجدر الإشارة إلى أن معظم عمال سنجان هم نساء الأويغور من مقاطعتي ختن وكاشغار، وهما منطقتان نائيتان من جنوب سنجان وصفتهما الحكومة الصينية بأنهما “متخلّفتان” و “مضطربَتان بسبب التطرف الديني”.
في المصنع، يصنع عمال الأويغور أحذية نايكي خلال النهار. وفي المساء، يذهبون إلى مدرسة ليلية أين يدرسون لغة الماندرين ويغنون النشيد الوطني الصيني ويتلقون “التدريب المهني” و “التوعية الوطنية”. يُجسد هذا المنهج الدراسي بصورة دقيقة منهج “معسكرات إعادة التعليم” في سنجان.
تقع مباني مصنع تيكوانغ المترامي الأطراف في مدينة لايشي الواقعة شمال تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين، وهي ملك لمجموعة تيكوانغ التي تمثل تكتلا مختصا في المواد الكيميائية والمنسوجات في كوريا الجنوبية. يعد مصنع تيكوانغ في لايشي من أحد أكبر مصنعي الأحذية لصالح شركة نايكي، حيث ينتج أكثر من 7 ملايين زوج من الأحذية للعلامة التجارية الأمريكية سنويًا.
ذكر بيان صحفي صادر عن لجنة حكومة لايشي أن 9800 عاملا من الأويغور نُقلوا إلى مصنع أحذية تيكوانغ في تشينغداو في “أكثر من 60 دفعة” منذ سنة 2007. “تعزيز التعليم الوطني وبناء جسر للوحدة الوطنية”، شبكة الدين العرقي الصينية، 7 تشرين الثاني / نوفمبر 2019.
في حزيران/ يونيو سنة 2019، وفي مراسم افتتاح مدرسة تيكوانغ الليلية، دعا مسؤول حكومي من مكتب إدارة عمل الجبهة المتحدة المحلي العمال الأويغور إلى تقوية ارتباطهم بالدولة والأمة. تسمى المدرسة مدرسة “بذور الرمان” الليلية (الشكل 3)، وهو اسم مقتبس عن خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي قال فيه “ينبغي على كل مجموعة عرقية أن تجتمع مع بعضها البعض بإحكام مثل بذور الرمان”.
مراسم افتتاح مدرسة “بذور الرمان” الليلية المخصصة للأقليات العرقية في مصنع تيكوانغ في حزيران / يونيو 2019.
ذكرت صحيفة واشنطن بوست أنه لم يُسمح للأويغور العاملين في المصنع بالعودة إلى ديارهم في العطل، كما أنهم أُرسلوا إلى هناك من قبل حكومة سنجان، ولم يختاروا المجيء إلى تشينغداو أو يتمكّنوا من ممارسة دينهم. في الواقع، تظهر الصور الفوتوغرافية التي نشرتها الصحيفة للمصنع في كانون الثاني / يناير 2020 أن المجمع مجهز بأبراج مراقبة وأسلاك شائكة وأسوار من الأسلاك الشائكة من الداخل. سُمح للعاملين الأويغور بالمشي في الشوارع المحيطة بمجمع المصنع، ولكن تحرّكاتهم كانت مراقبة عن كثب من قبل مركز شرطة عند البوابة الجانبية الذي كان مزودا بكاميرات التعرف على الوجه.
وفقا للصحيفة، لا يتحدث العمال الأويغور في مصنع تيكوانغ لغة الماندرين تقريبا، لذا فإن التواصل مع السكان المحليين منعدم إلى حد كبير. علاوة على ذلك، يأكل العمال الأويغور في مطعم منفصل أو مطعم إسلامي في الشارع المقابل للمصنع، حيث شطبت علامات “حلال”. علاوة على ذلك، فإنهم يعيشون في المباني المجاورة للمصنع والمنفصلة عن تلك التي يقطن فيها العمال من شعب الهان.
من جهة أخرى، وجد معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي دليلا على أن أيديولوجية العمال وسلوكهم تُراقب عن كثب داخل المصانع. ففي “مكتب التطهير النفسي” الذي صُمم خصيصًا لهذا الغرض، يجري المسؤولون من قوم الهان و الأويغور من الاتحاد النسائي المحلي في تيكوانغ محادثات “عميقة” ويقدمون استشارات نفسية ويساعدون في رفع مستوى “الصفة الفطرية” للعمال الأويغور من أجل المساعدة على دمجهم في المجتمع. تتوفر هذه المكاتب والأدوار أيضًا في “معسكرات إعادة التعليم” في سنجان.
غرفة دراسة تسمى “بيت الشباب” للعاملين من الأقليات العرقية في مصنع تيكوانغ
يرى كبار مسؤولو الحكومة الصينية أن استخدام وإدارة العمال من المجموعات العرقية في تيكوانغ كنموذج يُحتذى به. ووفقا لتقرير إعلامي محلي في أواخر 2019، أرسل وانغ يانغ، وهو عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، ووزير الأمن العام الصيني، تشاو كيجي مذكرة إشادة إلى إدارة المصنع. كذلك، وفقا للإحصاءات الرسمية، نُقل 4710 عاملا من الأويغور من سنجان لشاندونغ (تقريبا ضعف هدف الحكومة الخاصة)، من سنة 2017 إلى سنة 2018.
في الواقع، يُراقَب العمال عن كثب من قبل السلطات الحزبية، ويعقد المسؤولون من المكاتب المحلية لمكتب الأمن العام وإدارة عمل الجبهة المتحدة اجتماعات منتظمة مع شركات شاندونغ التي تستأجر “الأويغوريين” لمناقشة “الاتجاهات الأيديولوجية للعاملين وجميع القضايا التي ظهرت”.
تملك هذه الوكالات أيضًا ممثلين متمركزين داخل مصانع مثل تيكوانغ للإبلاغ يوميًا عن “أفكار” عمال الأويغور، وللتعامل مع أي نزاعات وللحماية من “المواقف الجماعية” العفوية. في سنة 2018، قال إشعار توظيف إن تشينغداو كانت تبحث عن أعضاء شرطة مساعدين يجيدون لغات الأقليات. في سنجان، يتحمل ضباط الشرطة المساعدون مسؤولية إحضار الأشخاص إلى معسكرات الاعتقال ومراقبتهم عندما يكونون قيد الاحتجاز.
“حفل توديع” في تموز/ يوليو 2018 قبل مغادرة 176 عامل من الأويغور مقاطعة كيرا في سنجان متوجهين إلى مدينة تشينغداو للعمل في شركة تيكوانغ المحدودة لصناعة الأحذية وشركة فولين للإلكترونيات.
في كانون الثاني / يناير 2018، نشرت وسائل إعلام مقاطعة ختن المحلية “رسالة شكر” من 130 عامل من الأويغور لدى تيكوانغ إلى حكومة مقاطعة ختن. في الرسالة التي كُتبت بالماندرين، وصف عمال الأويغور أنفسهم على أنهم كانوا غارقين في الفقر قبل أن يُرسلوا إلى تشينغداو، وأعربوا عن امتنانهم لأنهم أصبحوا قادرين الآن على الحصول على راتب شهري قدره 2.850 رنمينبي (413 دولارًا أمريكيًا، أعلى من الحد الأدنى للأجور في الصين) .
في المقابل، لم يتمكن معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي من التحقق من الأجور التي يتلقاها العمال أو صحة الرسالة. وورد في نص الرسالة أيضا أنه منذ وصولهم إلى مدينة تشينغداو، تعلم العمال مخاطر التطرف الديني، وهم يرون الآن “حياة جميلة في انتظارهم”.
وضع سياسة “مساعدة سنجان”
إن ترتيبات العمل التي تعزل الأويغور وتضعهم في مصانع في شرق ووسط الصين ليست جديدة. فمنذ أوائل العقد الأول من القرن العشرين، حشدت الحكومة الصينية المقاطعات والمدن الساحلية الأكثر ثراء لتطوير المناطق الحدودية مثل سنجان والتبت، وشجعت بحزم انتقال العمال بدعوى الترويج “للانصهار بين الأعراق” و “تخفيف حدة الفقر”.
في الحقيقة، نادرا ما تكون مشاركة العمال الأويغوريين في تلك البرامج طوعية. حتى في العقد الأول من القرن العشرين، وقبل إنشاء نظام “معسكر إعادة التعليم” بفترة طويلة، كانت ظروف العمل والمعيشة لعمال الأويغور المنقولين في كثير من الأحيان استغلالية، إن لم تكن مسيئة. من جهة أخرى، انتقدت جماعات حقوق الإنسان البرامج باعتبارها قسرية، حيث سلّطت الضوء على كيفية عزل الأويغور عمدا عن منازلهم وعن أساليب حياتهم التقليدية، فقط لإجبار العمال على تحمل ساعات العمل الطويلة والظروف السيئة ورؤسائهم الجشعين والمواقف التمييزية لزملائهم من شعب الهان.
في المقابل، قلل رؤساء المصانع المتوجّسون من توظيف الأويغور بشكل كبير بعد المصادمات العنيفة بين عمال الهان والأويغور في مصنع في غوانغدونغ التي أدت إلى أعمال شغب قاتلة في أورومتشي العاصمة الإقليمية لسنجان في تموز/ يوليو سنة 2009.
يتعين على عمال الأويغور إظهار “الامتنان” للحزب الشيوعي و “أخواتهم وإخوانهم” من شعب الهان.
من جهة أخرى، واستجابة للاضطرابات، بدأت الحكومة الصينية في عقد مؤتمرات وطنية منتظمة حول “مساعدة سنجان” في سنة 2010. في الواقع، قُدّم الدعم المالي والإغراءات السياسية لدفع المقاطعات والمدن الأكثر ثراء للاقتران بالمدن والمحافظات في سنجان من أجل “المساعدة” في تنمية واستقرار المنطقة. ومنذ ذلك الحين، وقع تشجيع المقاطعات على المساهمة في مخطط المساعدات بطرق مختلفة، منها “المساعدة الطبية لسنجان” و “المساعدة التكنولوجية لسنجان” و”المساعدة التعليمية لسنجان” و “المساعدة الصناعية لسنجان”.
بعد اندلاع المزيد من العنف والاعتقال الجماعي للأويغور في أوائل سنة 2017، أصبحت أجندة “مساعدة سنجان” أولوية سياسية عليا، حيث وقع تشجيع الحكومات والشركات المحلية بشدة على إيجاد فرص عمل للأويغوريين “المعاد تعليمهم حديثا”، وفقًا لسياسة أطلق عليها اسم “مساعدة سنجان”.
تباعا، تسعى “المساعدة الصناعية لسنجان” إلى توفير وظائف إلى الأويغوريين “العاطلين عن العمل” بدعوى تخفيف وطأة الفقر، غير أنها تشترك أيضا في نفس أهداف التلقين مع نظام “معسكر إعادة التعليم”. بمعنى آخر، من المتوقع أن يقوم رؤساء المصانع بتغيير جوهر عمال الأويغور بشكل أساسي عن طريق إصلاح “صفاتهم المتخلفة” وجعلهم يتأثرون بالقيم والمبادئ الصينية. في المقابل، يتعين على عمال الأويغور إظهار “الامتنان” للحزب الشيوعي و “أخواتهم وإخوانهم” من شعب الهان.
يمكن للشركات في جميع أنحاء الصين المشاركة في سياسة “المساعدة الصناعية لسنجان” بطريقتين:
-
إنشاء المصانع أو ورش العمل تابعة للشركات داخل سنجان لاستيعاب “الفائض في اليد العاملة”. ففي السنوات القليلة الأخيرة، شهدت “مساعدة سنجان” تأسيس حوالي 4400 شركة في سنجان والتي توفر حوالي مليون وظيفة محلية، وفقا لوكالة أنباء شينخوا.
-
توظيف عمال الأويغور في مصانع الشركات المتواجدة في أماكن أخرى في الصين من خلال مجموعة من البرامج الهادفة إلى نقل اليد العاملة.
الجدير بالذكر أن بعض الشركات، مثل شركة هاو يُوان بانغ المحدودة للملابس، التي يتواجد مقرها في مقاطعة آنهوي تدعي أنها تزود شركتي فيلا (إيطاليا / كوريا الجنوبية) و أديداس (ألمانيا)، تشارك في هذين الشكلين من أشكال المساعدة الصناعية.
بحلول أواخر سنة 2018، أصبحت اليد العاملة الرخيصة الناشئة من “معسكرات إعادة التعليم” محركا مهما لاقتصاد سنجان، وذلك وفقا لبيان رسمي صادر عن لجنة التنمية والإصلاح في سنجان. يوجد الآن خط تزويد مباشر لعمال الأويغور من “التدريب المهني” والتلقين السياسي في سنجان إلى أعمال المصانع في جميع أنحاء الصين.
في هذا الصدد، يقول تقرير عمل حكومي صدر سنة 2019 من مقاطعة كاراكاكس: “من كل دفعة من العمال المدربين، سيقع تخصيص مجموعة من العمال وسيقع نقلهم”. في بعض الحالات، تُنظَّم عمليات نقل العمال خارج منطقة سنجان حتى قبل بدء التدريب المهني والتلقين السياسي، ذلك لضمان “معدل توظيف بنسبة 100 بالمئة” للأويغوريين “المدربين”.
برنامج سنجان لنقل اليد العاملة
تشير البيانات التي جُمعت من وسائل الإعلام الحكومية الصينية وإشعارات الحكومة الرسمية إلى أنه وقع نقل أكثر من 80 ألف عامل من الأويغور من سنجان بين سنتي 2017 و 2019. وقام معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي برسم تفصيلي للبيانات المتاحة عن عمليات النقل هذه. في الواقع، كلما زاد حجم السهم في الشكل السادس، زاد عدد الأشخاص الذين وقع نقلهم. في المقابل، تمثل الخطوط المتقطّعة عمليات النقل المباشرة المعروفة من المقاطعة إلى المصنع. لا ينبغي اعتبار الرسم التخطيطي شاملا، ولكنه يعطي وعيا بحجم البرنامج ونطاقه.
عمليّات نقل الأويغور إلى أجزاء أخرى من الصين من 2017 إلى 2020
تشمل البيانات الرسمية للحكومة الصينية حول نقل اليد العاملة عمليات النقل من جنوب سنجان إلى شمال سنجان، ومن سنجان إلى المقاطعات الأخرى، وعمليات النقل إلى المصانع المحلية. اعتمادا على المقاطعة، تتمثّل نسبة العمال الذين أُرسلوا خارج منطقة سنجان بين 10 و 50 بالمئة من جميع عمليات النقل في سنجان.
في السنوات الأخيرة، ازدادت عمليات النقل من سنجان إلى أجزاء أخرى من الصين بشكل مطرد. في سنة 2017، وفقا لتقارير وسائل الإعلام الحكومية، نُقل 20859 من “اليد العاملة الفائضة الريفيّة” من سنجان للعمل في مقاطعات أخرى. بناءً على تحليل معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي للبيانات المنشورة، وقع نقل ما يقدر بنحو 28 ألف شخص للعمل في سنة 2018. وفي سنة 2019، نُقل ما يقدر بنحو 32 ألف شخص من المنطقة.
تزعم سلطات سنجان أيضًا أنها تجاوزت مرارًا وتكرارًا أهداف نقل العمال. ففي سنة 2017، كان الهدف هو 20 ألف، أي وقع تجاوزه نسبة 4 بالمئة، أمّا في سنة 2019، فقد حدّد الهدف بنحو 25 ألف وأفادت أنها تجاوزته بنسبة 25 بالمئة.
قام معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي بتحليل حجم النتائج التي أرجعها محرك البحث الصيني “بايدو”. عندما بحثنا عن الكلمات الرئيسية المتعلقة بخطط نقل العمال، توضح الصورة 7 زيادة مطردة منذ سنة 2014 (سنة وصول سكرتير الحزب الشيوعي الصيني المتشدد، تشن كوانجو، إلى سنجان) وزيادة ملحوظة منذ سنة 2017 مع تكثيف عملية “إعادة التعليم”. هذا يظهر أن برنامج نقل العمال بات أولوية سياسية في غاية الأهمية للحكومة الصينية في السنوات الأخيرة.
عدد نتائج بحث بايدو لمجموعة متنوعة من الكلمات المحوريّة المتعلقة بنقل العمال في سنجان من سنة 2005 إلى 2019.
بصرف النظر عن الحوافز السياسية، يمكن أن يكون عمل “شراء” و “بيع” الأويغور مربحًا للغاية للحكومات المحلية والوسطاء التجاريين. فوفقًا لإشعار الحكومة المحلية لمقاطعة سنجان لسنة 2018، وقع منح المنظم 20 رنمينبي (أي ما يعادل ثلاث دولارات أمريكية) مقابل كل نقل “لفائض اليد العاملة الريفيّة” للعمل في جزء آخر من سنجان لأكثر من تسعة أشهر.
ومع ذلك، بالنسبة لعمليات نقل اليد العاملة خارج منطقة سنجان، فإن الرقم يرتفع 15 مرة إلى 300 رنمينبي (43.25 دولارًا أمريكيًا). يقع تعويض المصانع المستقبلة في جميع أنحاء الصين من قبل حكومة سنجان، حيث تتلقى حافزًا نقديًا قدره ألف رنمينبي (144.16 دولار أمريكي) لكل عامل تتعاقد معه لمدة سنة، و 5 آلاف رنمينبي (720.80 دولارًا أمريكيًا) مقابل عقد مدته ثلاث سنوات. كان الحد الأدنى القانوني للأجور في أورومتشي، العاصمة الإقليمية لسنجان، 1620 يورو (232.08 دولارًا أمريكيًا) شهريًا سنة 2018.
في السنوات المٌنصرمة، بدأت إعلانات “اليد العاملة الإيغورية التي ترعاها الحكومة” في الظهور على الإنترنت. في شباط/ فبراير 2019، نشرت شركة مقرها تشينغداو إشعارًا يعلن عن عدد كبير من عمال الأويغور “المؤهلين والمأمونين والموثوقين” لنقلهم إلى حوالي 10 مقاطعات في الصين (الشكل 8).
إعلان صادر عن شركة تشينغداو ديكاي للديكور تدعي فيه تزويد عمال الأويغور برعاية الحكومة من سنجان إلى مقاطعات أخرى.
زعم إعلان جديد آخر أنه قادر على توفير ألف عامل من الأويغور تتراوح أعمارهم بين 16 و 18 سنة. ويقول الإعلان: “مزايا عمال سنجان هي: الإدارة شبه العسكرية، يمكن أن يتحملوا المصاعب، لا خسارة للأفراد … الحد الأدنى للطلب 100 عامل!”. وذكر الإعلان أيضًا أنه يمكن لمديري المصانع التقدم بطلب لشرطة سنجان الحالية للتمركز في مصانعهم على مدار 24 ساعة يوميًا، ويمكن تسليم العمال (مع طباخ الأويغور) خلال 15 يومًا من توقيع عقد مدته سنة واحدة. (الصورة 9).
إعلان توظيف اليد العاملة يعرض عمال الأويغور الشباب تحت “إدارة بأسلوب شبه عسكري”.
دراسة حالة رقم 2: من “معسكرات إعادة التعليم” إلى مهمات العمل القسري
تشير أدلة جديدة إلى أنه وقع إرسال المحتجزين “المتخرجين” من “معسكرات إعادة التعليم” في سنجان مباشرة إلى المصانع للعمل في أجزاء أخرى من الصين. في مثل هذه الظروف، من غير المرجح أن تكون ترتيبات عملهم طوعية.
تشارك شركة هايوبينغ لتصنيع الملابس المحدودة في “توفير المساعدة لسنجان” من خلال مصنع فرعي في سنجان (أنشئ سنة 2018) وتصدير العمال الأويغور إلى مقاطعة آنهوي، حيث يقع مقرها الرئيسي. على موقع الويب الخاص بشركة أتش بي واي، تعلن هذه الشركة عن شراكات استراتيجية مع علامة الأزياء الإيطالية الكورية الجنوبية فيلا وشركات الملابس الرياضية الألمانية أديدياس وبوما ونايك.
في شباط/ فبراير 2018، نقلت شركة أتش واي بي 63 عاملاً من سنجان إلى مصنع آنهوي في شرق الصين مع خطط لنقل 500 شخصًا في نهاية المطاف. كان العمال المنقولون جميعهم “خريجين” من مدرسة جياشي الثانوية المهنية، وفقًا لتقرير حكومي.
كم جهة أخرى، يشير تحليل معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي لصور الأقمار الصناعية والوثائق الرسمية إلى أن “المدرسة” كانت تعمل “كمخيم لإعادة التعليم” منذ سنة 2017. زاد حجم المجمع بإضافة مساكن جديدة ومستودعات للمصنع، في حين وقع إضافة ميزات أمنية مهمة من خلال إدخال نظام آمن ” الإدارة العسكرية “(انظر الصورة 10).
صورة القمر الصناعي لمدرسة جياشي المهنية، كانون الثاني/ يناير 2018، مع إضافة البنية التحتية الأمنية منذ سنة 2017 مظللة باللون البرتقالي.
قال متحدث باسم أديداس إن الشركة ليس لديها علاقة نشطة مع أتش واي بي وإنهم سوف يبحثون أكثر في حقيقة استخدام لافتات أديداس. من جهة أخرى، كان نقل عمال الأويغور إلى آنهوي جزء من مشروع “مساعدة سنجان” الذي نظمته حكومة غوانغدونغ، والذي تضمن أيضًا قيام أتش واي بي بإنشاء مصنع آمن للغاية في مقاطعة شول (يانيزاخار). (الصورة 11).
صورة الأقمار الصناعية لمصنع اتش واي بي في مقاطعة شول (يانيزاخار).
في مقابلة أجراها مؤخراً، صرح رئيس أتش واي بي زانغ ييفا لوسائل الإعلام الحكومية أنه أسس مصنعًا في سنجان لأنه كان من الصعب العثور على عمال شبان في أجزاء أخرى من الصين، أو حتى في الخارج. وخلص إلى أنه: “على الرغم من أن نوعية العمال الكوريين الشماليين جيدة، أنا متردد في إنفاق الأموال على العمال الأجانب. في النهاية، اخترت سنجان”.
مصنع أتش واي بي في سنجان، الذي يحتوي على لوحة إعلانات كبيرة من أديداس على واجهته (الصورة 13)، محاط بسياج بارتفاع ثلاثة أمتار. تحرس نقاط تفتيش أمنية المدخلان المؤديان إلى المصنع، وهناك ما لا يقل عن خمسة مراكز أمنية أخرى تراقب بقية محيط المنشأة. ليس من الواضح ما إذا كان مصنع أتش واي بي في مقاطعة آنهوي لديه ميزات أمنية مماثلة.
سلسلة التوريد لأتش واي بي
مصنع هاو يُوان بانغ في كاشغر بمقاطعة سنجان.
دراسة حالة رقم 3: “إعادة تعليم” العمال الإيغوريين في سلسلة إمداد شركة أبل
زار الرئيس التنفيذي لشركة آبل تيم كوك في كانون الأول/ ديسمبر 2017 أحد مقاولي شركة “أو فيلم تكنولوجي” المحدودة، ونشر صورة له في مصنع غوانزو على منصة التواصل الاجتماعي الصينية ويبو. قامت شركة أو فيلم بتصنيع “كاميرات الصور الشخصية” لأجهزة الأيفون 8 و الأيفون أكس. كما ادّعت الشركة على موقعها على الإنترنت بتصنيع وحدات الكاميرا ومكونات الشاشة التي تعمل باللمس لعدد من الشركات المعروفة الأخرى مثل هواوي و لينوفو و سامسونج.
منشور تيم كوك على ويبو من مصنع “أو فيلم” في غوانزو في كانون الأول/ ديسمبر 2017.
قبل زيارة كوك، بين 28 نيسان/أبريل و الأوّل من أيار/ مايو 2017، نُقل 700 من الأويغور من مقاطعة لوب، محافظة ختن، في سنجان للعمل في مصنع منفصل لشركة “أو فيلم” في نانتشانغ بمقاطعة جيانغشي. وكما هو الحال مع عمليات نقل العيد العاملة الأخرى من سنجان الموصوفة في هذا التقرير، فإن مهام العمل للأويغوريين المرسلة إلى جيانغشي كانت مسيسة للغاية.
من جهة أخرى، كتبت صحيفة سنجانيّة محلية أنه من المتوقع أن “يغير العمال أيديولوجيتهم تدريجياً” وأن يتحولوا إلى “شباب عصري قادر على” فهم نعمة الحزب والشعور بالامتنان تجاه الحزب والمساهمة في الاستقرار”. وبمجرد وصولهم إلى جيانغشى، قامت قلة من الأفراد الذين أرسلتهم مقاطعة لوب والذين كانوا “موثوقين سياسياً” بالإهتمام بهم وكانوا يعرفون لغة الماندرين واللغة الأويغورية.
وفقا لبيان صحفي وقع حذفه الآن، أشاد كوك بالشركة بسبب “نهجها الإنساني تجاه الموظفين” خلال زيارته لشركة “أو فيلم”، مؤكدا أن العمال بدوا “قادرين على تحقيق نمو في الشركة، ويعيشون بسعادة”. وبعد خمسة أشهر، في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، تواصلت حكومة ختن في سنجان مع شركة “أو فيلم”، على أمل توفير 1300 عامل آخر. في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2017، قال عامل من الأويغور زعم أنه عمل في شركة “أو فيلم” إن هناك أكثر من ألف عامل من الأويغور في المصنع في جيانغشي.
سلسلة التوريد السينمائي
إن شركة “أو فيلم” ليست هي المصنع الصيني الوحيد الذي يستخدم اليد العاملة الأويغورية لصنع قطع غيار لشركة آبل ومورديها. في الواقع، يحدد هذا التقرير ثلاثة مصانع أخرى في سلسلة توريد آبل.
ذكرت وثيقة حكومية محلية من ايلول/ سبتمبر 2019 أنه وقع نقل 560 عاملاً من سنجان للعمل في المصانع في مقاطعة خنان بوسط الصين، بما في ذلك منشأة فوكسكون للتكنولوجيا في تشنغتشو. تعد فوكسكون، وهي شركة تايوانية، أكبر شركة لتصنيع الأجهزة الإلكترونية في العالم، حيث تقوم بصنع الآلات لأجهزة آبل و ديل وسوني وغيرها. يقال إن منشأة تشنغتشو تصنع نصف أجهزة آيفون في العالم وهي السبب في أن مدينة تشنغتشو يطلق عليها اسم “مدينة الأيفون”.
من غير الواضح كيف يقع معاملة عمال الأويغور في منشأة تشنغتشو. ومع ذلك، ذكر تقرير صدر في أيلول/ سبتمبر سنة 2019 من المرصد العمالي الصيني المتواجد في نيويورك أن عمال المقاولات في مصنع فوكسكون في تشنغتشو، الذي يضم عمال الأويغور، وضعوا ما لا يقل عن 100 ساعة عمل إضافي في الشهر. على مدى العقد الماضي، واجهت فوكسكون ادعاءات باستغلال العمال وحتى حالات الانتحار، بما في ذلك في الآونة الأخيرة في منشأة تشنغتشو. كذلك، شاركت الشركة أيضًا بنشاط في برنامج “مساعدة سنجان”.
عمال الأويغور يصلون إلى شركة خوبي يهونغ المحدودة للتصنيع الدقيق.
في 17 أيار/ مايو سنة 2018، وقع نقل 105 من عمال الأويغور من مقاطعة كيريا، سنجان ، إلى شركة خوبي يهونغ المحدودة للتصنيع الدقيق في وشياننينغ، مقاطعة خوبي. وعند وصول العمال، قام مسؤول كبير في الحزب الشيوعي بزيارة المصنع السالف ذكره وطرح في خطاب له ثلاثة مطالب وهي أن يظهر العمال امتنانهم للحزب الشيوعي وأن يزيد المديرون المراقبة ويشدّدوا على التعليم الوطني، وأن يقع دمج العمال سريعا.
تصنع شركة خوبي يهونغ المصابيح الخلفية وأغطية البطاريات، وهي شركة تابعة لشركة دونغوان إيدونغ الالكترونية المحدودة، التي يزعم موقعها الإلكتروني أن زبائنها النهائيين هم أبل و هواوي. في حين أن شركة خوبي يهونغ وشركتها الأم غير مدرجتين في قائمة موردي شركة أبل، يذكر موقع خوبي يهونغ موقع غورتيك، الذي يزود شركة أبل مباشرة بسماعات إيربودز، كواحد من عملائها.
سلسلة التوريد شركة خوبي يهونغ
في سنة 2017، وقعت شركة خفي هايبورد المحدودة للمواد المتقدمة ، وهي شركة إلكترونية أخرى تدعي أنها تصنع مكونات لمورد شركة أبل، عقدًا مع حكومة ختن لاستقبال ألف من الأويغور سنويا على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة، وفقًا لنائب رئيس الشركة. في وقت لاحق من تلك السنة، نُقل أكثر من 500 من الأويغور من مقاطعة غوما الريفية في محافظة ختن إلى خفي في مقاطعة آنهوي لبدء العمل في مصنع هايبرود للإلكترونيات.
في سنة 2018، وقع نقل 544 من الأويغور من مقاطعة غوما إلى فرع تابع لشركة هايبرود، الذي يقع كذلك في مدينة خفي، يطلق عليه اسم شركة فوينغ فوتو إلكتريك المحدودة. في هذه الشركة، ووفقا لوسائل الإعلام الحكومية، قررت إينور ميمتيوسوب، وهي امرأة شابة من الأويغور، أن تحسن تمكنها من لغة الماندرين بالإضافة إلى التحلي بالانضباط في مكان العمل وخاصة الحرص على الاستحمام اليوميّ الذي يجعل “شعرها الطويل ينسدل على كتفيها أكثر من أي وقت مضى”. و أضافت “كما قال الرئيس شي، لا يدرك المرء السعادة إلا بعد المعاناة”.
صورة لإينور ميمتيوسوب (الأولى على اليسار) في فصل لغة الماندرين بعد العمل في شركة فوينغ المحدودة للمواد المتقدمة في خفي التابعة لمقاطعة آنهوي.
وفقًا للتقرير السنوي للشركة لسنة 2018، فإن المنتجات الرئيسية لشركة هايبرود هي مكونات لشاشات العرض المسطحة،أي شاشات العرض البلوري السائل أو إل سي ديو و الصمام الثنائي العضوي الباعث للضوء المستخدمة في العديد من الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر.
تضيف هايبرود أن 79.19 بالمئة من إيراداتها التشغيلية تتأتى من المبيعات إلى الشركة متعددة الجنسيات الواقعة في بكين وهي مجموعة بي أو إي للتكنولوجيا، التي تعد واحدة من أكبر منتجي شاشات العرض الإلكترونية في العالم. كما تعتبر حاليًا المزود الرئيسي لشاشات هواوي، ومن المقرر أن تصبح ثاني أكبر مزود لشاشة أو إل إي دي من آبل بحلول سنة 2021. وفي الوقت الحالي، أدرجت مجموعة بي أو إي للتكنولوجيا في قائمة مورّدي آبل.
وفقًا لموقع هايبرود، فإن من بين عملائها الشركة “جابان ديسبلاي” و”آل جي ديسبلاي”. كذلك، تشير إعلانات التوظيف في هايبرود ودليل صناعة شاشة العرض البلوري السائل أيضا إلى أن العملاء النهائيين لشركة هايبرود يشملون شركات معروفة أخرى مثل ديل ولينوفو وسامسونج وسوني، وشركات صناعة السيارات مثل بي إم دبليو، جاغوار ولاند روفر ومرسيدس بنز وفولكس فاجن (الصورة 18).
سلسلة الإمداد هايبرود
الآثار المترتبة على سلسلة التوريد العالمية
يمثل التوسع السريع في نظام الأويغور لليد العاملة على مستوى البلاد تحديا جديدا للشركات الأجنبية العاملة في الصين. كيف يمكنهم تأمين سلامة سلاسل التوريد الخاصة بهم وحماية علاماتهم التجارية من مخاطر تشويه السمعة و الخروقات القانونية المرتبطة بممارسات العمل القسرية أو التمييزية أو التعسفية؟ فما تتميز به سلاسل التوريد من تشابك ومن اختلاط اليد العاملة التي توظف كلا من عمال الهان و الأويغور، تجعل من الصعب على الشركات خصوصا ضمان عدم وقوع منتجاتها في شراك العمل القسري. تمثل خطط نقل اليد العاملة هذه أيضا تحديا لسمعة العلامات التجارية الصينية في الخارج.
في المجمل، كشف بحث قام به المعهد الأسترالي للسياسة الإستراتيجية أنّ 83 شركة أجنبية وصينية تستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من استخدام عمال الأويغور خارج سنجان من خلال برامج يحتمل أن تنطوي على تشغيل العمال في ظروف غير ملائمة من قبيل، أبركرومبي وفيتش، آيسر، أديداس، ألستوم، أمازون، آبل، أسوس، بايك موتور، بي إم دبليو، بومباردييه، بوش، بي واي دي، كالفن كلاين، كاندي، كارتر، شيروتي 1881، شانجان للسيارات، سيسكو، سي آر آر سي، ديل، إلكترولوكس، فيلا، فاوندر غروب، مجموعة جي آي سي (السيارات)، غاب، جيلي للسيارات.
تتورط 54 شركة أخرى في شبهات الأعمال القسرية داخل سنجان نفسها وترتبط 83 شركة بتشغيل الإيغور في ظروف العمل القسري
بالإضافة إلى ذلك، نذكر شركات جنرال الكتريك، جنرال موتورز، وغوغل، إتش أند أم، هاير، هارت شافنير ماركس، هايسنس، هيتاشي، هوليت-باكارد، إتش تي سي، هواوي، أي فلاي تاك، جاك أند جونز، جاغوار، “جابان ديسبلاي”، أل أل بين، لاكوست، لاند روفر ، لينوفو، إل جي، لي نينغ، ماركس أند سبنسر، مايور، ميزو، مرسيدس بنز، إم جي، مايكروسوفت، ميتسوبيشي، ميتسومي، نايك، نينتندو، نوكيا، ذا نورث فايس، أوكلوس، أوبو، باناسونيك، بولو رالف لورين، بوما ، روو، شركة شنغهاي لصناعة السيارات، سامسونج، إس جي أم دابليو، شارب، سيمنز، سكيتشرز، سوني، تي دي كاي، تومي هيلفيغر، توشيبا، تسينغهوا تونغ فانغ، يونيكلو، فيكتوريا سيكريت، فيفو، فولكس فاجن، شاومي، زارا، زيجنا، زد تي إي. ترتبط بعض العلامات التجارية بمصانع متعددة.
تستند البيانات إلى قوائم الموردين المنشورة والتقارير الإعلامية ووفقا لمزودي المصنع. اتصل معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي بممثلي هذه العلامات التجارية لتأكيد تفاصيل مورديها المعنيين. كذلك، قمنا بإدراج إيضاحات الشركات ذات الصلة التي استجابت قبل نشر هذا التقرير. إذا توفرت ردود من أية شركة بعد نشر هذا التقرير، فسنقوم بتحيين المعلومات على الإنترنت.
تتورط 54 شركة أخرى في شبهات الأعمال القسرية داخل سنجان نفسها (انظر الملحق) وترتبط 83 شركة بتشغيل الإيغور في ظروف العمل القسري خارج حدود المنطقة. من المهم أن نضيف أنه لا تتشارك كل الشركات في نفس مستويات ظروف العمل القسري فيما يتعلق باليد العاملة الأويغورية. في الواقع، تُصنع بعض المنتجات النهائية مباشرة من قبل هؤلاء العمال، في حين أن البعض الآخر يمر عبر سلاسل التوريد المعقدة.
يسرد ملحق هذا التقرير 35 برنامجًا موثقًا لنقل اليد العاملة تحت عنوان “مساعدة سنجان” منذ سنة 2017. ويشمل الجدول المعلومات التالية:
-
النقل إلى المصانع في المقاطعات الوسطى والشرقية من الصين
-
النقل إلى المصانع لهذا الغرض داخل سنجان
-
عدد الناس الذين انتقلوا إلى المصانع
-
المنتجات التي يصنعونها
-
الشركات التي تصرح المصانع بأنها تزودها.
في السنوات الثلاث الماضية، أثار نظام “معسكر إعادة التعليم” في سنجان إدانة دولية. أما الآن، فيع تصدير ثقافة “إعادة التعليم” وأخلاقياتها إلى ما وراء حدود سنجان مصاحبة بممارسات تكرس العمل القسري. يثبت هذا التقرير أن بعض العمال الذين يقع الالتجاء إليهم من خلال مخططات نقل اليد العاملة في المصانع في جميع أنحاء الصين ينتقون مباشرة من “معسكرات إعادة التعليم” في سنجان. قد يُجبر عمال الأقليات العرقية في سنجان، والذين لا يُعرف عنهم أنهم موقوفون سابقون، على العمل تحت تهديد الاحتجاز من خلال ترويع أفراد أسرتهم وفرض قيود على حريتهم. إن سلسلة التوريد العالمية الملطخة بمثل هذه الممارسات تشير إلى صعوبة الإقرار بأن المنتجات المصنعة في الصين خالية من العمل القسري.
من جهة أخرى، اكتشفنا أن عددًا كبيرًا من الشركات الصينية ومتعددة الجنسيات تتزود بمواد أو منتجات من المصانع التي تصرح بكل فخر بأن عمالها من الأويغور، مثل تيكوانغ للصناعة و إيتش واي بي. يفرض هذا الوضع مخاطر جديدة مرتبطة بالسمعة والرقابة القانونية على الشركات والمستهلكين الذين يشترون البضائع من الصين، حيث أن المنتجات المصنوعة في أي من أجزاء البلاد، وليس فقط في سنجان، يمكن أن تكون قد مرت بأيدي عمال يعانون من ظروف العمالة القسرية. يسبب هذا الموقف أيضًا مخاطر جديدة للمستثمرين في تلك الشركات انطلاقا من المستثمرين في القطاع الخاص وصولا إلى صناديق إدارة الثروات، والذين قد يجدون أنفسهم الآن مرتبطين بشكل غير مباشر بممارسات العمالة القسرية.
توصيات
ينبغي ألا تتضمن الاستجابة للانتهاكات المحددة في هذا التقرير رفضًا متسرعا وغير مدروس يضر بالأويغور أو العمال الصينيين. في الواقع، تكمن المشكلة في السياسات التي تفرض على الأويغور العمل تحت الضغط مما يساهم في انتهاك قوانين العمل الدولية الراسخة. لمعالجة هذه المشاكل، من المهم ألا يُلقى بعمال الأويغور في أوضاع تضرهم أكثر أو أن يُنقلوا قسريًا إلى سنجان، حيث لا يمكن ضمان سلامتهم. في ضوء النتائج التي توصل إليها هذا التقرير، يمكن أن نتقدم بالتوصيات التالية.
ينبغي على الحكومة الصينية أن:
-
تسمح الشركات متعددة الجنسيات بالتحقيق في أي ممارسات مسيئة أو قسرية في المصانع في الصين.
-
تتمسّك بحقوق جميع العمال في الصين، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الأقليات الإثنية الضعيفة، لتحديد كيفية عملهم والظروف التي يغادرون فيها مكان إقامتهم.
-
تصادق على معايير العمل الدولية لمنظمة العمل الدولية وأن تضع آلية شاملة للتظلم، بما في ذلك التحقيق في حالات العمل القسري المزعومة، وأن توفر الحماية وسبل الانتصاف للضحايا وأن تقاضي الجناة.
-
تحافظ على الحقوق المشروعة لمواطني الصين، بما في ذلك حماية الحقوق العرقية والدينية المنصوص عليها في الدستور الصيني
يمكن للشركات التي تستخدم اليد العاملة الأويغورية القسرية في سلاسل التوريد الخاصة بها أن تجد نفسها خارقة للقوانين التي تحظر استيراد البضائع المصنّعة تحت ظروف العمالة القسرية أو تجعل الكشف عن مخاطر سلسلة التوريد العمل القسري إلزامي.
ينبغي على كل شركة مدرجة في هذا التقرير:
-
القيام بإجراءات لإرضاء المتطلبات الفورية والشاملة لحقوق الإنسان على عمال المصانع في الصين، بما في ذلك عمليات التدقيق والتفتيش الاجتماعية المشددة والمستقلة عن السلطات السياسية.
-
إذا وجدت أن المصانع متورطة في العمالة القسرية، فعليها استخدام نفوذها لمعالجة ممارسات العمل غير الانسانية. وفي جميع الحالات التي تتأكد فيها من حصول ضرر ما، ينبغي أن تتخذ الإجراءات التصحيحية المناسبة والفورية. في حال تعذر عليها ذلك، ينبغي عليها التوقف عن العمل مع تلك المصانع.
-
ضمان شفافيتها والسعي لمعالجة جميع الأضرار المحتملة، بما في ذلك الإبلاغ عن ضرورة توخي العناية الواجبة وتعميم نتائج مراجعة الحسابات.
ينبغي على الحكومات الأجنبية:
-
تحديد الفرص السانحة لزيادة الضغط على الحكومة الصينية لوضع حد لاستخدام وتيسير العمل القسري للأويغوريين ووضح حدّ للاعتقال الجماعي خارج نطاق القضاء، بما في ذلك من خلال استخدام العقوبات المستهدفة على كبار المسؤولين عن عمليات النقل القسرية لسنجان.
-
مراجعة الاتفاقيات التجارية لتقييد السلع والمنتجات التي وقع إنتاجها بالعمالة القسرية.
-
تحديد فرص للضغط على الحكومة الصينية للمصادقة على اتفاقية العمل القسري لسنة 1930 (رقم 29)، واتفاقية إلغاء العمل القسري 1957 (رقم 105) وبروتوكول 2014 لاتفاقية العمل القسري.
ينبغي على المستهلكين ومجموعات المجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية ونقابات العمال ومجموعات الدفاع عن المستهلك أن:
-
تطالب الشركات المصنعة في الصين بإجراء العناية الواجبة والرقابة الاجتماعية لضمان عدم مشاركتها في ممارسات العمالة القسرية.
-
المطالبة باعتبار المراقبة المستمرة للعمال واتصالاتهم الرقمية، سواء في ساعات العمل أو خارجها، كمؤشر ناشئ وغير مبلَّغ عنه للعمالة القسرية وانتهاك هام لحقوق الإنسان.
-
دفع العلامات التجارية إلى أن تكون أكثر شفافية حول تكوين سلاسل التوريد الخاصة بها والتدابير الوقائية المتوخاة لضمان عدم اللجوء للعمالة القسرية.
-
مطالبة الشركات بتقديم تعهدات عامة جديدة، أو احترام الالتزامات الحالية، أو كليهما، للإقرار بعدم استخدام العمل القسري والإكراه في سلاسل التوريد العالمية الخاصة بهم وأن تتصرف بسرعة وبعلن عند ضبط هذه الحالات.
المصدر: معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي