معظمنا تابع بشغف أفلام حرب النجوم وما شابهها من أفلام الخيال العلمي، لكن ما نراه اليوم من تسارع بين الدول لغزو الفضاء والميزانيات الضخمة التي تنفق لتحقيق تلك الغاية يثير تساؤل عند معظمنا: هل يمكن أن يسبق خيال المبدعين، العلماء؟
قبل 16 عامًا من إرسال وكالة الفضاء الأوروبية مركبة للهبوط على سطح مذنب وتحديدًا في 1998، قدّم المخرج الأمريكي الشهير مايكل باي فيلمًا يطرح سيناريو مماثل بعنوان”هرمجدون” يروي قصة مجموعة من رواد الفضاء يتم اختيارهم لزرع قنبلة على سطح مذنب يتجه للأرض وبشكل مماثل إلى حد مدهش مع المركبة الفضائية “روزيتا” التي استخدمت في تلك المهمة.
كان عام 2019 حافلًا بالاكتشافات الفضائية والنجاحات التي أذهلت البشرية، إذ شاهد البشر لأول مرة صورةً حقيقية للثقوب السوداء، واقترب البشر لأول مرة بصورة كبيرة من الشمس، وهبطت مركبات فضائية على المريخ وكواكب أخرى في حافة نظامنا الشمسي، لكن، لم يكن لذلك أن يصير ممكنًا لولا العديد من الروبوتات الخارقة التي نفذت تلك المهام.
يتناول هذا التقرير أهم الروبوتات التي استخدمت في أبحاث الفضاء وتركت بصمة خارج حدود غلافنا الجوي.
أنواع روبوتات الفضاء
يوجد نوعان رئيسيان من الروبوتات الفضائية التي يتم تشغيلها عن بُعد أو بواسطة نظام تحكم:
النوع الأول ROV، يمتاز بقدرة تحركه بسلاسة على التضاريس الصعبة، ويكون على اتصال مع مركبة فضائية، ويستخدمه الباحثون في الفضاء لاستكشاف التضاريس في الفضاء، أمّا هنا في الأرض فتستخدمه فرق القنابل للكشف عن المواد التي يحتمل أن تكون خطرة، في المنشآت النووية والبحار.
النوع الثاني RMS، هو أكثر الروبوتات المستخدمة في الفضاء، يشبه إلى حد كبير الذراع الآلية التي تؤدي حركات مختلفة عن الذراع البشرية بما في ذلك حركة دائرية من أعلى إلى أسفل ومن جانب إلى جانب ويحقق دوران 360 درجة، ويمكن تشغيله بواسطة الكمبيوتر أو التحكم به يدويًا.
أبرز الروبوتات الفضائية عبر البعثات غير المأهولة:
سفينة الفضاء Dawn
من بين أحدث استخدامات الروبوتات الفضائية غير المأهولة سفينة الفضاء Dawn التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) التي أُطلقت عام 2007 لاكتشاف الكوكب العملاق فيستا والكوكب القزم سيريس، يعتبر أول روبوت يدور في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، وهي المركبة الفضائية الوحيدة التي تدور حول وجهتين خارج الأرض.
أُعلِن وفاة هذه المركبة بعد أن نفد وقودها عام 2018 بعد أكثر من 11 سنة من الإنجازات المهمة في الفضاء السحيق.
المركبة الفضائية Rosetta
وهي مركبة تابعة لوكالة الفضاء الأوروبية كانت مدة مهمتها 10 سنوات، أطلقت عام 2004 لاعتراض المذنب B67.
ستسير الروبوت روزيتا إلى الفضاء أكثر من خمسة أضعاف مسافة الأرض من الشمس، حققت العديد من الأولويات التاريخية، وهي أول مركبة فضائية تدور حول نواة مذنب وتلتقط الصور، كما حققت أول هبوط على المذنب.
وقطعت أكثر من 6 مليارات كيلومتر للوصول إلى المذنب “67B” على بعد 400 مليون كيلومتر من الأرض، وبعد 12 عامًا من عملها انتحرت نتيجة تصادمها مع مذنب”B67″.
روبوت (تي إتش أر 3)
كشفت شركة “تويوتا” اليابانية عن الجيل الثالث من مركباتها التي قد تكون من ضمن مهامها التوجه إلى الفضاء مستقبلًا، حيث يمكنها تكرار الحركات البشرية والسيطرة عليها من خلال بدلة خاصة محاكية لشكلها يرتديها أحد الأشخاص ليكرر الروبوت حركات هذا الشخص.
يمكن السيطرة على حركة هذه الروبوتات عن طريق أجهزة المحاكاة الإلكترونية ونظارات الواقع الافتراضي التي يرتديها الشخص المسؤول عن هذه المهمة، وهناك كرسي وبدلة إلكترونية خاصة مزودة بحساسات قادرة على قراءة الحركات وبرمجتها ونقلها إلى الروبوت.
روبوت أوبورتشنيتي
أعلنت وكالة “ناسا” رسميًا موت السيارة الروبوتية “أوبورتشنيتي” عام 2019، عقب اختفائها في عاصفة رمليّة على سطح المريخ.
وفي مشهد مشحون عاطفيًا، وقف طاقم من موظفي “ناسا” أمام نسخة من تلك السيارة، وأعلنوا أنهم لم يعودوا يتلقون ردودًا من المركبة المريخية، ووصف العلماء صعوبة وداع تلك المركبة التي كانوا ينادونها باسم “أوبي”، مشبهين ذلك بفقد فرد في عائلة.
وفي أثناء مسحه سطح المريخ، أرسل ذلك الروبوت كميات هائلة من البيانات التي تراكمت في أثناء مشيه مسافة 45 كيلومترًا، وهو رقم تفوق به على المركبات المريخية الأخرى.
وفي سجله الحافل بالمعلومات اكتشف الروبوت أن المياه تدفقت ذات مرة في ذلك الكوكب، وأشعل اهتمام العالم قول إن المريخ كان قادرًا في الماضي على دعم وجود حياة عليه.
الروبوت Spacehand
وهو روبوت مهم ودقيق للغاية لاستكشاف الفضاء، وقدراته تفوق قدرات اليد البشرية، مع محركاته الـ19 وأكثر من 200 جهاز استشعار. يقلد شكل اليد البشرية، وتم تجهيز الروبوت مع اثنين من أنظمة التحكم إما أن تكون مبرمجة كإنسان آلي كلاسيكي، أو أن يتم التحكم فيها باستخدام قفاز يمكنه برمجة الحركات. تم تطويره في البداية من أجل مهمة RSGS التي من المقرر إطلاقها في بداية العقد 2020.
روبوت Cimon 2 الذكي عاطفيًا
يقيم هذا الروبوت الصغير الحالات النفسية لرواد الفضاء، وتم إطلاقه على متن كبسولة دراغون Dragon Space، التي انطلقت في 5 من ديسمبر 2019 وشكله كروي ويزن 11 رطلًا، يطوف داخل محطة الفضاء الدولية ومزود بمجسات صوتية تستشعر الانفعالات، كذلك مزود بميكروفونات وكاميرات ومجموعة من البرامج تمكنه من تمييز المشاعر الإنسانية.
وعمله داخل محطة الفضاء نفسي وعاطفي، ففي أوقات النزاع أو الخلاف بين رواد الفضاء، فإن أحد أهم مهام سيمون 2 أن يكون جهة محايدة يمكن لرواد الفضاء التحدث إليها إذا كانوا وحيدين، بل يمكنه أن يساعد على أن تعود المجموعة للتعاون من جديد.
روبوت نصف بشري Vimeo Mitra
وهو أول روبوت هندي فضائي نصف بشري على هيئة أنثى مخطط لإرساله للفضاء في سبتمبر/أيلول 2020. تتميز “فيما مترا” بإتقانها للغتين وقدرتها على التعرف على البشر والإجابة عن كمية هائلة من الأسئلة. وتخطط وكالة الفضاء الهندية لإرسال فيما مترا إلى الفضاء في وقت لاحق من هذا العام ضمن الرحلات غير المأهولة التي ستطلقها في إطار مشروع غانيا.
روبوت Viber
وهو روبوت بحجم عربة الجولف يعتزم إرساله إلى القمر عام 2022، للبحث عن رواسب مياه تحت السطح في محاولة لتقييم المورد الحيوي قبل الرحلة البشرية المخطط لها إلى القمر في 2024.
من المتوقع أن يصل الروبوت إلى المنطقة القطبية الجنوبية للقمر في شهر ديسمبر/كانون الأول 2022، ويحمل أربعة أجهزة لاختبار التربة القمرية بحثًا عن آثار الهيدروجين والأكسجين والمكونات الأساسية للمياه التي يمكن فصلها وتحويلها إلى وقود.
أخيرًا.. بصمة الروبوتات الفضائية وجدت صداها في عالمنا الأرضيّ على هيئة ابتكارات مهمة أيضًا، فمن رحم التكنولوجيا المستخدمة في الفضاء استنبطت أجهزة ذات استعمالات متعددة في حياتنا، منها، المكنسة الكهربائية، ففي الأساس ابتكرها العلماء لجمع غبار القمر.كما جرى تطوير مضخة مساعدة مصغرة للبطين من أجل زرعها في مرضى قصور القلب بالاستناد إلى التكنولوجيا المستخدمة في مضخات الوقود في مكوك الفضاء، فيما استُخدمت خصائص السبائك المعدنية المستخدمة لصناعة روبوتات الفضاء لصناعة عصا الجولف وشفرات طائرات الهليكوبتر والمعدات الطبية التي يلزم وجود عنصر المتانة في صناعتها.