تسلمت القوات المسلحة المغربية، شحنة جديدة من الأسلحة المتطورة، وهي عبارة عن نظام راجمات الصواريخ الصيني AR2، الذي يعتبر من أقوى أنظمة الرجم بالصواريخ في العالم، وأفادت صفحة القوات المسلحة الملكية المغربية أن “هذا النظام عبارة عن مجموعة شاحنات ثمانية الدفع تحمل كل منها 12 قاذفة صواريخ عيار 300 ملم قادرة على إطلاق مجموعة متعددة من القذائف الكلاسيكية والعنقودية بمدى يصل إلى أكثر من 150 كيلومترًا وهامش خطأ لا يتعدى المتر الواحد لبعض أنواع هذه القذائف، ما يجعله من أقوى منظومات راجمات الصواريخ بالعالم”.
وأكد الجيش المغربي أن هذا السلاح يعد من أقوى أسلحة الردع في ترسانة القوات المسلحة الملكية المغربية، حيث إن بطارية من 6 راجمات يمكنها إطلاق 72 صاروخًا يصل وزن الواحد منها 800 كيلوغرام محملًا بـ280 كيلوغرامًا من المواد المتفجرة، في 30 ثانية فقط وإعادة تسليحه في أقل من 30 دقيقة، ما يمكّن من تدمير مدينة صغيرة في دقائق.
صفقات عسكرية بملايين الدولارات
تسعى المملكة المغربية إلى تحقيق تفوق عسكري إقليمي ورفع مستوى قدراتها القتالية وامتلاك منظومة تسليحية متطورة من خلال خطة خمسية وضعتها تمتد من عام 2017 وحتى 2022، وتواصل المملكة جهودها من أجل تنفيذ هذه الخطة.
وفي سياق متصل، وقّع كل من المغرب والولايات المتحدة الأمريكية صفقة يشتري بموجبها المغرب معدات عسكرية قتالية ومدرعات، بقيمة تقدر بنحو 239 مليون دولار أمريكي، وجاء توقيع العقد بعد طلب القوات المسلحة الملكية المغربية من أمريكا مدرعات وأسلحة ومعدات لوجستية متنوعة، بالإضافة إلى أنظمة الاتصال وقنوات راديوية جوية، ومن المأمول أن تحسن هذه الأسلحة قدرات القوات المسلحة الملكية المغربية وتساهم في رفع قدرتها القتالية، خصوصًا على مستوى وحدات المدرعات.
تحاول الرباط فرض واقع جديد ينطلق من قدرتها على أن تكون الدولة الأقوى في منطقة المغرب العربي
وستتضمن الصفقة التي وافقت عليها أمريكا عددًا من البنود، تشمل أنواعًا مختلفة من الأسلحة والعربات وتصل قيمتها الإجمالية إلى 239 مليون دولار أمريكي، واعتبرت واشنطن أن الصفقة ستساهم في تعزيز الأمن القومي الأمريكي، لأنها ستساهم في تمكين أمن أحد الحلفاء الرئيسيين لأمريكا الذين يتمتعون بقوة كبيرة في شمال إفريقيا، كما اعتبرت وكالة التعاون الأمريكية أن تسليح المغرب بأحدث معدات الحروب، سيساعده في ردع التهديدات الإقليمية.
يبدو أن المملكة المغربية تسير بخطى ثابتة في متابعة تنفيذ خطتها الخمسية لتحقيق الأهداف المرجوة منها، حيث تحاول الرباط فرض واقع جديد ينطلق من قدرتها على أن تكون الدولة الأقوى في منطقة المغرب العربي في ظل الحديث عن عدد من التحديات التي تواجهها على المستوى السياسي الداخلي والخارجي.
ما دوافع المملكة المغربية لتطوير قدراتها العسكرية؟
تواجه المملكة المغربية عددًا من التحديات الداخلية والخارجية التي تفرض عليها السير نحو تحقيق إستراتيجية التفوق العسكري في بلاد المغرب العربي، فعلى الصعيد الخارجي ما زالت المملكة الغربية تخوض تنافسًا جيوسياسيًا لتحقيق تفوق عسكري إقليمي وتحديدًا على المنافس التقليدي في منطقة المغرب العربي “الجزائر”، حيث تسعى الرباط إلى معادلة ميزان القوى مع الجزائر خصوصًا مع حالة عدم الاستقرار السياسي التي تمر بها الجزائر حاليًّا، حيث تصنف الجزائر من الناحية العسكرية، الأولى في المغرب العربي.
الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى بنسبة 91% من مجموع مشتريات المملكة المغربية من الأسلحة، تليها فرنسا بنسبة 8.9%، ثم المملكة المتحدة بنسبة 0.3%
وفي ذات السياق، أكد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، في تقريره السنوي الصادر يوم الإثنين الموافق 9 من مارس/ آذار الحاليّ أن سباق التسلح بين المغرب والجزائر ما زال مستمرًا، حيث يعدان من بين أكبر مستوردي الأسلحة في القارة الإفريقية.
يقارن التقرير بين عمليات شراء الأسلحة خلال الفترة الممتدة بين فترتين، وضم التقرير قائمة بأكبر 40 بلدًا مستوردًا للسلاح ثلاثة منها من القارة الإفريقية، حيث جاءت الجزائر في المرتبة السادسة والمغرب في المرتبة الـ31 عالميًا، وأكد التقرير أن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى بنسبة 91% من مجموع مشتريات المملكة المغربية من الأسلحة، تليها فرنسا بنسبة 8.9%، ثم المملكة المتحدة بنسبة 0.3%.
ومما تقدم يتضح أن المغرب يسعى نحو صياغة خطط دفاعية إستراتيجية وتحديث قوّاته المسلحة بالكامل، من أجل فرض توازن قوة كافٍ مع الجزائر، حيث أدركت الرباط أن ذلك التوازن لن يتحقق إلا من خلال تطوير الماكينة العسكرية لجيش المملكة المغربية.
قد يكون سعي المملكة المغربية لتقوية علاقاتها بالولايات المتحدة واختيارها كمورد رئيس لشراء الأسلحة سببًا في كسب تأييد الموقف الأمريكي فيما يخص الصحراء المغربية
أما على الصعيد الداخلي، فما زال ملف الصحراء المغربية والصراع المتواصل مع جبهة البوليسارو مستمرًا، وتمكنت المملكة المغربية ومن خلال علاقتها المتميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية من تحقيق خطوة في هذا الصراع تُحسب لصالحها، فقد صدر في عهد الرئيس دونالد ترامب، قرار أممي، لأول مرة، يعتبر نزاع الصحراء صراعًا إقليميًا، ويؤكد مسؤولية الجزائر بكونها طرفًا مباشرًا وليست مراقبًا كما تدعي في توصيف موقفها من الأزمة الداخلية التي يعاني منها المغرب العربي.
وقد يكون سعي المملكة المغربية لتقوية علاقاتها بالولايات المتحدة واختيارها كمورد رئيس لشراء الأسلحة والتقنيات العسكرية سببًا في كسب تأييد الموقف الأمريكي فيما يخص الصحراء المغربية للمغرب.
ما الرسائل التي يبعثها المغرب من خلال تطوير قدراته العسكرية؟
في ظل التنافس المحموم بين كل من المملكة المغربية والجزائر لإثبات التفوق العسكري وتحقيق النفوذ في بلاد المغرب العربي، من أجل لعب دور إقليمي أكبر في المنطقة، فإن المملكة المغربية ترسل رسالة واضحة إلى الجارة (الجزائر) بأنها لن تتوانى عن بذل أي مجهود في سبيل تحقيق هدفها في ظل علاقات متميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتل المركز الأول في تزويد المملكة المغربية بالأسلحة كما وضح تقرير معهد ستوكهولم للسلام.
وفي ذات الوقت، تمثل هذه الخطوات رسالة إلى الجزائر للكف عن التدخل في الشأن الداخلي المغربي من خلال دعم متمردي الصحراء الغربية حسب وجهة نظر المملكة المغربية. كما أن تصاعد دور المملكة المغربية كقوة مؤثرة في بلاد المغرب العربي، قد يساهم في أن تلعب دورًا مهمًا في حل الأزمات الإقليمية التي تعاني منها بعض دول المغرب العربي مثل ليبيا.
التطورات المستقبلية
يبدو أن سباق التسلح المغربي الجزائري لن ينتهي قريبًا في ظل الصراع المحموم بينهما ومن المتوقع أن يؤدي سباق التسلح إلى تصاعد حدة التوتر بين الدولتين على المدى البعيد.
إن استثمار المملكة المغربية لحالة عدم الاستقرار السياسي التي تمر بها الجزائر والعمل على تطوير مقدراتها العسكرية واستثمار الاستقرار السياسي وتحسن الاقتصاد، سيمكنها من لعب دور أكثر تأثيرًا في بلاد المغرب العربي، حيث تعول على نجاح الخطة الخمسية التي وضعتها لنفسها في تمكين قواتها المسلحة التي قد تجعلها القوة الأولى في بلاد المغرب العربي بعد أن كانت الجزائر محتفظة بهذه المكانة لفترة طويلة من الزمن.