قدم رئيس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني الليبية “عمر الحاسي” تشكيلته الوزارية للمؤتمر الوطني العام لنيل الثقة عليها، الذي كلفه بها بعد دعوات للمؤتمر الوطني بضرورة الانعقاد وتحمل مسئولية مرحلة ما بعد فجر ليبيا بطرابلس.
وحوت وزارة الحاسي على ثمانية عشر وزيرًا هم: “خليفة الغويل” كنائب أول، “محمد أشعيتر البرغثي” كنائب ثان، “يوسف الزايدي” كنائب ثالث، “محمد الغرياني” وزيرًا للخارجية، “محمد القليب” وزيرًا للعدل، “عبدالسلام المنفي” وزيرًا للمالية، “مشاء الله الزوي” وزيرًا للنفط والغاز، “سعاد الككلي” وزيرة لرعاية الشهداء، “عادل أعنيبة” وزيرًا التعليم الأعلى والبحث العلمي، “إبراهيم مكاري” وزيرًا للتعليم، “سميرة الفرجاني” وزيرة للشئون الاجتماعية، “محمد بالخير” وزيرًا للعمل، “مبروك علي” وزيرًا للسياحة، “علي الهوني” وزيرًا للإعلام، “يونس عيسى” وزيرًا للثقافة، “مبروك عيسى الدلو” وزيرًا للأوقاف، “سليمان العجيلي” وزيرًا للاقتصاد، و”مفتاح الفقيه” وزيرًا صناعة.
وضمن الحاسي تشكيلته الوزارية ثلاثة مجالس عليا، الأول للدفاع يرأسه مؤقتًا النائب الأول، والثاني للداخلية يرأسه مؤقتًا النائب الثاني، وثالث للصحة يرأسه مؤقتًا النائب الثالث، وكل مجلس يتكون من ممثلي المناطق الأربعة (شرق ليبيا – ووسطها – وغربها – وجنوبها) إلى حين تحديد رئيس.
وقد توقع مراقبون منذ خطاب الحاسي الذي لم يرض ثوار فجر ليبيا كونه سوى بين جميع الأطراف المتقاتلة، في محاولة بظنهم لاستمالة أطراف تمثل اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بالإضافة إلى تلميحه أن القتال الدائر كان صراعًا على السلطة والنفوذ، أن لا تكون تشكيلته الحكومية على مستوى حدث يمثل موجة ثانية من الثورة في ليبيا.
فقد أشاروا إلى أن الحاسي اختار مجالس للدفاع والداخلية والصحة، برئاسة نوابه الثلاثة، وهو ما يعني أن يكون القرار المتعلق بهذه الوزارات خاضعًا للتصويت،؛ مما قد ينجم عنه صراع داخل الحكومة، في وقت يجب أن تكون قراراتها حاسمة وغير خاضعة لموازين التصويت.
أيضًا رأى متابعون أن حصة الجنوب الليبي بحكومة إنقاذ الحاسي كانت ضعيفة جدًا، وهو ما قد يسبب مشاكل لحكومة الحاسي فيما يتعلق بالقرارات المتعلقة بمنطقة حساسة وحيوية بالنسبة لليبيا وترتبط بحدود طويلة مع دول أفريقية وأخرى عربية، وبها أهم اكتشافات الثروة النفطية الحديثة بليبيا.
إلى ذلك رأى المراقبون أن عنصر المجاملة غلب على عنصر الكفاءة في حكومة الحاسي، في إشارة إلى تكليف الناشطة السياسية “سميرة الفرجاني” بوزارة الشئون الاجتماعية، وهي وزارة تحتاج إلي سياسات وخطط وبرامج، معتبرين أن الفرجاني تم تكليفها باعتبارها فقط من مؤيدي ثورة فبراير وعملية فجر ليبيا بصرف النظر عن أية اعتبارات تتعلق بإمكانية إدارة وزارة مهمة كوزارة الشئون الاجتماعية.
ووجه سياسيون وصحفيون ليبيون انتقادًا لاذعًا لتكليف عمر الحاسي وزيرًا للثقافة من التبو، إذ أنهم لا يرون مانعًا من تكليف الأقليات الثقافية بأية حقيبة وزارية سيادية أو غير سيادية، إلا أنهم لم يروا مبررًا بتكليف وزير للثقافة من التبو في بلد 97% من سكانه من العرب، والـ 3% الباقية تتوزع بين تبو وأمازيغ وطوارق، وهو ما قد يثير حساسيات إثنية في الوقت الحاضر ليبيا في غنى عنها على حد تعبيرهم.
أيضًا يعتقد المتابعون أن حكومة إنقاذ الحاسي لم تكن أغلبيتها من أنصار ثورة فبراير والمدافعين عن فجر ليبيا، معتقدين أن حكومته بالإضافة إلى عنصر الكفاءة الضروري واللازم، كان يجب أيضًا أن يكون وزراءها من البارزين في الدفاع عن ثورة فبراير في مواجهة ما أسموه الثورة المضادة التي يتزعمها – بحسب وجهة نظرهم تلك – حكومة الثني ومجلس النواب المنعقد بطبرق مدعومين من مليشيات مسلحة تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، وبعض الدول الإقليمية.
وعلقوا على وزير الإعلام “علي الهوني” في حكومة إنقاذ الحاسي الذي هو بالأساس شاعر شعبي وغير معروف على مستوى ليبيا، وعبروا عن حالة من الاستغراب جاءت بسبب غياب معايير موضوعية في اختيار وزير للإعلام لم تكن له خبرة سابقة في مجال الإعلام.
ومما أثار ربكة على مستوى حكومة إنقاذ الحاسي هو طلبه أن يكون قسم اليمين أمام مجلس النواب المنعقد بطبرق، وهو مجلس ساند برأي ثوار المدن الليبية المقاتلين بطرابلس وبنغازي عملية الكرامة، وكان يُفترض على الحاسي – بحسب وجهة نظرهم – أن يؤدي القسم القانوني أمام المؤتمر الوطني العام الذي كلف الحاسي بتشكيل حكومته، أو أمام أعضاء مجلس النواب الرافضين لانعقاده بمدينة طبرق بسبب مخالفات دستورية، بعد أن يقوم المؤتمر الوطني العام بالتسليم لهم حسب نصوص الإعلان الدستوري وتعديله السابع.
وعلق المراقبون أن الحاسي لم يراع الظرف الزمني والموضوعي الذي جاءت فيه حكومته وهو ظرف ثوري يواجه قوى محلية وإقليمية تهدف لإسقاط ثورة ليبيا، فضمن تشكيلته الوزارية وزارات لا حاجة لها الآن، كوزارة السياحة والصناعة، وهي صيغة – بحسبهم – لا تدل على أن الحكومة مهمتها إنقاذ الأوضاع الحالية من التردي الأمني والاقتصادي، ولا يُعرف كيف سيتم توفير ميزانية لحكومة بهذه الهيكلية الكبيرة والمتنوعة.