أثارت أنباء مؤكدة عن وجود إصابة بفيروس كورونا في جزيرة ليسبوس مخاوف من تفشي المرض في مخيم موريا المكتظ للاجئين، حيث يعيشون في ظروف إنسانية وصحية مريعة.
وبعد إعلان السلطات اليونانية عن مخاوفها من تفشي فيروس Covie-19 في الجزر اليونانية التي يقصدها عشرات الفارين من الحروب في طريقهم إلى أوروبا يومياً، صرّح السفير التركي للولايات المتحدة سردار كيليج أن تركيا لن تكون قادرة على السيطرة أو احتواء تفشي الفيروس بحال انتشاره في مخيمات اللاجئين في الداخل السوري. وجاء في تصريح كيليج أيضاً أن تركيا قامت باتخاذ الإجراءات اللازمة على الحدود التركية مع إيران لمنع تسرب الفيروس إلى أراضيها، ولكن مراقبة الأوضاع الصحية لـ 900,000 لاجئ بين الحدود السورية والتركية ومحاولة وقف انتشار الفيروس بحال اندلاعه، “مهمة مستحيلة” على حد قوله.
وفي حين أن منظمة الصحة العالمية لم تعلن عن أية حالة إصابة بفيروس كورونا في مخيمات اللاجئين حتى الآن، إلا أن هنالك تصاعد بحدة المخاوف من تفشي الفيروس في المخيمات لأسباب عديدة منها:
1. سوء الأحوال المعيشية في المخيمات بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة
نبهت العديد من الدراسات العلمية الأخيرة أن أصحاب الأمراض المزمنة أو المشاكل الصحية عموماً، أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بفيروس كورونا.
وفي مقال نشر على صحيفة الغارديان البريطانية، أشارت إحدى الطبيبات العاملات في مخيمات اللاجئين في اليونان إلى أن الظروف المعيشية في الخيم تزيد من حدة الأمراض المزمنة وخصوصاً التنفسية منها، وذلك بسبب برودة الطقس وتبلل الخيم بالأمطار والتعرض الدائم لعوامل الطقس الخارجية نظراً لعدم وجود مأوى حقيقي، بالإضافة إلى أسباب أخرى أهمها عدم توافر العناية الصحية اللازمة.
2. عدم توافر نظام عناية صحية
في حين لم يعلن بعد عن وجود إصابات في مخيمات اللاجئين في الداخل السوري، صرح هدين هالدرسون، مستشار التواصل في منظمة الصحة العالمية في غازي عنتاب، أنه بحال انتشار المرض في سوريا سيكون من الصعب احتواءه نظراً لعدم وجود نظام عناية صحية من جهة، وضعف الخدمات الصحية المتوافرة من جهة أخرى.
وفي حديث أجراه موقع نون بوست مع الأستاذ محمد جمعة، عامل بالشأن الطبي في الداخل السوري، أكدّ أن لم يتم اتخاذ إجراءات جدية تناسب خطورة الموقف في المخيمات في حال انتشار الفيروس حتى الآن، وقال:
“ما تم إنجازه إلى الآن هو تشكيل ما يسمى “تاسك فورس” أو فريق عمل مخصص للتعامل مع تهديد فيروس كورونا، طبعاً الفريق يعمل تحت ظل القطاع الصحي ومنظمة الصحة العالمية، ولكن حتى هذه اللحظة لا يوجد شيء ملموس لمواجهة خطر الفيروس في حال أصاب المنطقة”.
أما فيما يخص تفاصيل خطة التصدي للوباء التي يتم العمل عليها الآن، فوفقاً للدكتور محمد العيسو اقتصرت الإجراءات على نشر التوعية من خلال إقامة المحاضرات وتوزيع المنشورات وما إلى ذلك.
“يوجد بوادر تحضيرات من قبل قطاع الصحة في المنطقة، ومن المتوقع أن يتم إرسال حقائب فحص للفيروس تسمى باللغة الإنجليزية PCR Kit، وهي حقائب مخبرية تساعد بالكشف عن المصابين بالفيروس، ولكن إلى الآن لم يصل شيء”، أضاف العيسو.
3. الاكتظاظ السكاني
وهو العامل الأكثر خطورة بحال ظهور إصابات في مخيمات النازحين، نظراً لقدرة الفيروس على التفشي السريع والانتقال بالعدوى.
وفي هذا الخصوص وصف محمد العيسو الوضع بالصعب جداً، وأوضح قائًلا: “منطقة الشمال السوري مكتظة جداً بالسكان حالياً، وأكثر من نصف السكان يعيشون في مخيمات أو مآوي لا تصلح للعيش، ولا يمكن الطلب من الناس إجراء حجر ذاتي. تعمل المنظمات الإنسانية وكافة الفرق العاملة على الأرض على توعية الناس بكيفية الوقاية من الفيروس وطرق انتقاله، هذا كل ما يمكن فعله حالياً.”
أما بالنسبة لمحتوى المواد التوعوية التي يتم توزيعها، فهي عبارة عن توصيات منظمة الصحة العالمية بما يشمل غسل اليدين باستمرار وتجنب الاختلاط بالمصابين بالإضافة إلى إجراء الفحوصات بحال الشك بالإصابة بالفيروس.
الجدير بالذكر أنه بعد الاطلاع على محتويات هذه المواد التوعوية لم نجد أي توصيات خاصة لسكان المخيمات، وإنما اقتصرت التنبيهات والتحذيرات على تلك التي يتم توزيعها على كل سكان العالم، حيث تعمل بعض الجهات العاملة بقطاع الصحة في الشمال السوري على نشر هذه المعلومات على قنوات ضمن تطبيق تلغرام.
ظروف صحية أفضل في مخيمات اللاجئين بالأردن
من جهة أخرى، أكد مسؤولون من منظمة الصحة العالمية أنه بمجرد تطبيق المعايير الصحية اللازمة في المخيمات، لن يكون هناك أي اختلاف بينها وبين طبيعة المدن المضيفة لها من حيث احتمالية تفشي المرض، كما هو الحال في مخيم الزعتري في الأردن.
وفي تصريح حديث للناطق الرسمي باسم مفوضية اللاجئين في الأردن محمد الحواري، نفى فيه وجود أي إصابة في مخيمات الأردن، وأوضح أنه لا يوجد خطر من حصول كارثة من هذا النوع في المخيمات داخل الأراضي الأردنية، وذلك بسبب الإجراءات الصحية والوقائية المطبقة فيها والمطابقة لمعايير مفوضية اللاجئين، بالإضافة إلى وجود مستشفيات بداخلها على استعداد للتصدي للفيروس بحال إصابته للمخيم، وقدرة القائمين والمسؤولين هناك على احتواء الوباء بحال ظهوره.
مهمة صعبة في مخيمات لبنان
تم تسجيل 41 حالة إصابة بفيروس كورونا في لبنان حتى الآن، ونظراً لرفض الحكومة اللبنانية بناء مخيم رسمي للاجئين السوريين في لبنان في بداية الحرب السورية، يشكل وجود آلاف اللاجئين غير المسجلين لدى الحكومة اللبنانية خطر بحال إصابتهم بالعدوى، وذلك لعدم إتاحة الخدمات الصحية لهم بسبب وجودهم غير الشرعي بالنسبة للحكومة، لذا فإن عشرات الآلاف يعيشون في مخيمات مؤقتة غير مؤهلة للسكن الآدمي في كثير من الأحيان، متوزعة على عدة مناطق، وتفتقد لأدنى مستويات الرعاية الصحية.
ولكن من جهة أخرى، قالت ليزا أبو خالد المتحدثة الرسمية بإسم مفوضية اللاجئين في لبنان أن المفوضية تعمل الآن على تحضير خطة طوارئ بالشراكة مع الحكومة اللبنانية بحال انتشار الفيروس في منطقة المخيمات، لمساعدة اللاجئين غير المسجلين على الحصول على الخدمات الطبية، بالإضافة إلى عمل المنظمات الإنسانية حالياً على نشر الوعي حول فيروس كورونا بين اللاجئين وطرق الوقاية منه.
انتشرت الجائحة العالمية بصورتها الحالية عن طريق السفر عبر المطارات الدولية بشكل رئيسي، ومن دون تسجيل أي حالة إصابة في صفوف اللاجئين، ورغم ذلك فقد أشار محللون إلى أنه من المتوقع أن تزداد حدة العنصرية ضد اللاجئين في الدول المستضيفة أو المجاورة للمخيمات، حيث يعتبر الحديث عن السماح لهم باللجوء للدول الآمنة من أكثر القضايا الساخنة حالياً، وقد يستخدم البعض ممن لا يؤيدون السماح بالهجرة حجة جديدة ضد اللاجئين، وهي احتمالية نقلهم لفيروس كورونا معهم.