تسابق دول المغرب العربي الزمن للتغلب على فيروس “كورونا” ومنع حصول الكارثة في دولهم، خاصة وأنهم على مرمى بصر من أوروبا التي تحولت إلى بؤرة للوباء بعد الصين، فشدّد غالبيتهم من القيود المفروضة على التنقل والسفر، وعلّق البعض صلاة الجماعة والدراسة، فيما تعهد البعض منهم بتقديم برامج تحفيز اقتصادية للتقليل من التداعيات الاقتصادية للأزمة.
إجراءات مهمة في ليبيا قبل وصول “كورونا”
تعتبر ليبيا، الدولة المغاربية الوحيدة التي لم يصلها بعد فيروس كورونا، أو التي لم تسجل بها حالة رسميًا على الأقل، إلا أن حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج قرّرت اتخاذ إجراءات استباقية لتفادي وصول هذا الوباء إلى الأراضي الليبية والسيطرة على انتشاره في حال وصوله.
أعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فائز السراج، أول أمس السبت، حالة الطوارئ بسبب المخاوف من فيروس كورونا، مؤكّدا اتخاذ جملة من الإجراءات الهادفة لمنع تسلل هذا الفيروس إلى ليبيا.
وشملت هذه الإجراءات التي كشفها السراج خلال خطاب تلفزيوني وجهه إلى الشعب الليبي، إغلاق كافة المنافذ البرية والجوية بدءًا من اليوم الاثنين المقبل لمدة ثلاثة أسابيع، إلى جانب تعليق الدراسة لمدة أسبوعين قابلة للتجديد في المؤسسات التعليمية كافة، بجميع مراحلها، الأساسية والثانوية والجامعية.
وأضاف السراج في كلمة أذاعها التلفزيون أن حكومته -المعترف بها دوليا- قررت تخصيص نصف مليار دينار ليبي (360.54 مليون دولار) لمواجهة الوباء إذا ظهر في ليبيا. كما طالب السراج وسائل الإعلام الليبية بنشر حملة تثقيفية للتوعية بخطر كورونا، والالتزام بالمعلومات الرسمية الخاصة بالفيروس، بالإضافة إلى تشكيل لجنة أزمة ينبثق عنها فرق عمل.
يخشى العديد من الليبيين من وصول فيروس “كورونا المستجدّ” إلى بلادهم، لعدم قدرة دولتهم الغارقة في الحروب على مواجهته
فضلًا عن ذلك، قررت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية الليبية إيقاف إقامة الصلوات الخمس والجمعة في المساجد بدءًا من اليوم الإثنين. وجاء في بيان للهيئة التابعة لحكومة الوفاق، أنّ القرار يأتي للحفاظ على أرواح الليبيين، من فيروس كورونا، الذي بات وباءً عالميًا.
وتسعى ليبيا من خلال هذه الإجراءات الاحترازية إلى منع دخول فيروس كورونا إلى أراضيها، خاصة وأن مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض، بدر الدين النجار، قد كشف عن إمكانية عجز السلطات الليبية عن مواجهة الفيروس في حال دخوله للبلاد.
وقال النجار لوكالة رويترز إنّ “ليبيا ليست في وضع يؤهلها لمواجهة فيروس كورونا إذا انتقلت العدوى إليها”، مطالبًا بضرورة تقديم الدعم اللازم للقطاع الصحي في ليبيا. وأكّد النجار في أنّ ليبيا “لا تملك ما يكفي من منشآت للعزل والحجر الصحي والعلاج”، عازيا ذلك إلى نقص حاد في الميزانيات اللازمة لمواجهة الخطر.”
ويخشى العديد من الليبيين من وصول فيروس “كورونا المستجدّ” إلى بلادهم، ذلك أنه في حال وصوله سينتشر بسرعة لعدم قدرة دولتهم الغارقة في الحروب والأزمات منذ سنوات في رصد الفيروس أو مواجهته.
18 حالة في تونس
أما في تونس، فقد تمّ تسجيل يوم أمس الأحد، حالتي إصابة جديدتين بالفيروس في كل من ولاية تونس وولاية القيروان، بعد صدور نتائج 31 تحليلا مخبريّا، ليرتفع بذلك عدد المصابين بفيروس كورونا في البلاد إلى 20 شخصًا (11 حالة مستوردة و9 عدوى).
وكشفت وزارة الصحة التونسية، أن عدد الخاضعين للحجر الصحي إلى حدود أمس الأحد، 2535 شخصًا، في حين بلغ عدد المغادرين للحجر 3413 شخصًا، مؤكّدة أن فريقًا صحيًا خاصًا سيعمل على إعداد دليل لإجراءات الدفن في حال تسجيل وفيات بفيروس كورونا المستجد.
ضمن إجراءاتها الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا المستجد، قرّرت الحكومة التونسية إغلاق حدودها البحرية بشكل كامل، وإغلاق الحدود الجوية كليًا مع إيطاليا، اعتبارًا من الجمعة الماضية، كما قررت أيضًا تعليق صلاة الجماعة، بما فيها صلاة الجمعة.
أكد الفخفاخ أن إجراءات الحماية ستظل نافذة حتى 4 أبريل القادم، مع إمكانية مراجعتها سواء بالتمديد أو التقليص
وقال رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ في كلمة بثّها التلفزيون الرسمي التونسي: “قررنا أيضا الإبقاء على رحلة (جوية)، واحدة يوميًا مع فرنسًا، ورحلة أسبوعية مع كل من مصر وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا”.
كما لفت إلى أن كل “البطولات الوطنية (الدوري) والتظاهرات الرياضية ستقام دون جمهور”، إضافة إلى “وضع كل الوافدين في الحجر الصحي الذاتي (المنزلي) بصفة آلية عند قدومهم إلى البلاد”. وبحسب الفخفاخ، قررت الحكومة أيضًا إلغاء كل التظاهرات الثقافيّة والمؤتمرات العلمية والتجمعات والمعارض.
إلى جانب ذلك، قرّرت الحكومة التونسية أيضا إغلاق المطاعم والمقاهي والملاهي ابتداء من الساعة 16.00 بالتوقيت المحلي (15.00 ت.غ)، وأكد الفخفاخ أن “هذه الإجراءات ستظل نافذة حتى 4 أبريل/ نيسان القادم، مع إمكانية مراجعتها سواء بالتمديد أو التقليص”.
وبحسب رئيس الحكومة التونسية، تقرر أيضا تعليق الدروس بجميع المؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها، الحكومية والخاصّة، بما في ذلك رياض الأطفال والمحاضن، إلى غاية 28 مارس/ آذار الجاري، مع قابلية التجديد بعد العطلة.
4 حالات وفاة في الجزائر
الجزائر، سجّلت أعلى نسب الإصابة في المنطقة المغاربية، حيث سجلت وزارة الصحة الجزائرية مساء أمس الأحد 6 حالات جديدة بفيروس كورونا ليرتفع بذلك مجموع الإصابات المؤكدة بالجزائر إلى 54 حالة من بينها أربع وفيات.
وأوضح بيان لوزارة الصحة أنه من بين الحالات ال6 الجديدة، 5 منها سجلت بولاية البليدة كانت باتصال مع الحالات الأولى، فيما تعود الحالة الأخرى لرعية إيرانية متواجدة بولاية أدرار. وتؤكد الوزارة على أن”التحقيق الوبائي ما زال مستمرًا لمعرفة وتحديد هوية كل الأشخاص الذين كانوا في اتصال مع المصابين”.
لمواجهة خطر انتشار هذا الوباء، أعلن الوزير الأول الجزائري عبد العزيز جراد أمس الأحد أن الحكومة رصدت 4000 مليار سنتيم واستوردت معدات وأجهزة طبية من أوروبا لمواجهة فيروس كورونا.
كما أمر عبد العزيز جراد وزير النقل والأشغال العمومية بتعليق جميع الرحلات الجوية والبحرية الـمتوجهة و القادمة من أوروبا ابتداء من يوم الخميس 19 مارس/ شباط الحالي، حسب ما أفاد به بيان لمصالح الوزير الأول.
و جاء في البيان “سيكون هذا التعليق الاستثنائي، الذي توصي به السلطات الصحية الوطنية، مصحوبا بترتيبات لإجلاء مواطنينا الـمسافرين حاليا فـي البلدان الـمعنية، حسب الشروط والكيفيات التي ستحدد من قبل شركتي النقل الجوية والبحرية”، يضيف البيان.
وقبل ذلك، أصدر الوزير الأول عبد العزيز جراد تعليمات إلى وزير الأشغال العمومية و النقل بتعليق مؤقت لجميع الرحلات الجوية والبحرية بين الجزائر وفرنسا، ابتداء من يوم الثلاثاء 17 مارس 2020، حسب بيان لمصالح الوزير الأول.
فضلا عن ذلك، دعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أمس الأحد، الأئمة إلى الالتزام بجملة من الإجراءات الاحترازية بسب إنتشار فيروس كورونا، من بينها تخفيف الصلوات بما في ذلك صلاة الجمعة مع غلق المساجد بعد الانتهاء منها مباشرة.
كما دعت مديرية التجارة لولاية الجزائر جميع التجار الناشطين في مجال قاعات الحفلات والحمامات وقاعات الألعاب والملاهي والمعارض الموسمية للتوقف الفوري عن نشاطهم في إطار الإجراءات الاحترازية لمحاربة تفشي فيروس كورونا، حسبما جاء في تعليمة لذات الهيئة إلى رؤساء المفتشيات الإقليمية للتجارة.
المغرب.. وزير ضمن المصابين
في المغرب، أعلنت وزارة الصحة، ارتفاع حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، إلى 29 حالة، وأشارت الوزارة، عبر حسابها الرسمي على الفيسبوك، اليوم الاثنين، إلى تسجيل حالة جديدة مساء أمس الأحد.
وكانت وزارة الصحة المغربية، أعلنت يوم الأحد عن تسجيل 11 حالة إصابة جديدة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد، ليرتفع إجمالي الحالات المؤكد إصابتها بفيروس كوفيد-19، إلى 28 حالة مؤكدة بالبلاد.
ضمن المصابين بفيروس كورونا المستجد، نجد وزير التجهيز والنقل واللوجستيك المغربي عبد القادر أعمارة، الذي ثبتت إصابته بعد إجراء الفحوصات الطبية، بعد “عودته من مهام رسمية بدول أوروبية وإحساسه بتعب غير عادي مصحوب بآلام في الرأس”.
وإلى اليوم، سجّل المغرب حالة وفاة وحيدة بسبب فيروس كورونا. ويتعلّق الأمر وفق وزارة الصحة المغربية بسيدة بالغة من العمر 89 سنة بمدينة الدار البيضاء، كانت تعاني من أمراض مزمنة على مستوى الجهاز التنفسي والقلب والشرايين وأمراض أخرى”.
تونس لا تمتلك أكثر من 200 سرير إنعاش فيما تمتلك المغرب 250 سرير إنعاش
لمواجهة خطر انتشار هذا الفيروس، قررت المملكة المغربية تعليق جميع الرحلات الجوية الدولية من وإلى أراضيها حتى إشعار آخر. وأشار رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، أمس الأحد، إلى أن هذا القرار يندرج في إطار الإجراءات الوقائية ضد انتشار فيروس كورونا المستجد.
وقبل ذلك، أعلنت المملكة المغربية تعليق الرحلات الجوية والبحرية مع 28 بلدا في أوروبا وإفريقيا وآسيا والقارة الأميركية حتى إشعار آخر، في إطار إجراءاتها للتصدي لانتشار المرض. كما قررت وزارة الداخلية المغربية إلغاء جميع الفعاليات واللقاءات الرياضية والثقافية والعروض الفنية، ومنع جميع التجمعات العامة التي يشارك فيها 50 شخصا فما فوق، وذلك حتى إشعار آخر.
كما أصدرت وزارة الداخلية المغربية، الإثنين، تعليماتها بإغلاق المقاهي والمطاعم والقاعات السينمائية حتى إشعار آخر. ويشمل القرار أيضا المسارح وقاعات الحفلات والأندية والقاعات الرياضية والحمامات الشعبية، إلى جانب قاعات الألعاب وملاعب القرب في وجه العموم، وذلك ابتداء من الساعة السادسة من مساء اليوم الاثنين.
واستثنت الوزارة الداخلية المغربية من قرار الإغلاق الأسواق والمتاجر ومحلات عرض وبيع المواد والمنتجات الضرورية للمعيشة اليومية للمواطنين، إلى جانب المطاعم التي توفر خدمة توصيل الطلبات للمنازل.
فضلا عن ذلك، قرر المغرب إنشاء “صندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا بمبلغ 10 مليارات درهم (مليار دولار)، للتكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية”. وسيدعم الصندوق أيضا “الاقتصاد الوطني، من خلال مجموعة من التدابير التي ستقترحها الحكومة، لاسيما فيما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تأثرا بفعل انتشار فيروس كورونا كالسياحة، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة”.
إجراءات هامة في موريتانيا للحدة من انتشار “كورونا”
فيما يخص موريتانيا، البلد المغاربي الخامس، فقد سجل الجمعة الماضية، أول إصابة بفيروس “كورونا الجديد” في البلاد، وفق ما أعلنته وزارة الصحة هناك، وقالت الوزارة في بيان لها، إن “الحالة التي تم تسجيلها هي لأجني قدم إلى البلاد من أوروبا في التاسع من مارس/آذار الجاري”، دون الإشارة إلى جنسيته أو هويته.
وبحسب البيان فإن الشخص الذي أعلنت إصابته كان قد عزل نفسه في اليوم الثاني لقدومه لموريتانيا بعد أن علم أن صديقا كان مقيما معه في أوروبا أصيب بالفيروس. وأضاف البيان:”صباح اليوم(الجمعة) تأكدت وزارة الصحة من عزل المعني وتم أخذ عينات تم فحصها، وتأكدت إيجابيتها مساء اليوم ذاته لتكون هذه أول إصابة في البلاد”.
لمجابهة هذا الفيروس، أعلنت الحكومة الموريتانية، أمس الأحد، توقيف جميع الرحلات الدولية من وإلى البلاد ابتداء من فجر الثلاثاء المقبل، وقررت الحكومة أيضا حجز جميع الأشخاص الذين كانوا على صلة مباشرة بأحد المرضى.
تخشى دول المنطقة من السياح القادمين من القارة الأوروبية خاصة إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، في ظل تحوّل هذه الدول إلى بؤر جديدة لفيروس كورونا
بالإضافة إلى ذلك، أكّدت السلطات الموريتانية، خضوع كل المسافرين القادمين من المناطق المتضررة للعزل الصحي الذاتي لمدة 14 يوما، وتقليص عدد نقاط العبور الحدودية، وتعزيز نظام المراقبة الصحية فيها، كما منعت الحكومة الموريتانية “التجمعات الغير ضرورية”.
وقرّرت السلطات الموريتانية أيضا إغلاق جميع المدارس العمومية والخاصة على عموم التراب الوطني، وذلك للحد من انتشار الفيروس، على غرار قرار اتخذته دول أخرى عديدة. فضلا عن ذلك، أعلنت وزارة الثقافة والصناعة التقليدية الموريتانية توقيف كافة الأنشطة الثقافية والفنية على عموم تراب البلاد، إلى إشعار جديد.
خشية من تفاقم الوضع
هذه الإجراءات الهدف منها محاصرة فيروس كورونا ومنع انتشاره في الدول المغاربية، خاصة في ظلّ تراجع الخدمات الصحية في دول المنطقة، فتونس مثلًا لا تمتلك أكثر من 200 سرير إنعاش، فيما تمتلك المغرب 250 سرير إنعاش للحالات التي قد تحتاج الإنعاش.
وتخشى دول المنطقة من السياح القادمين من القارة الأوروبية خاصة إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، في ظل تحوّل هذه الدول إلى بؤر جديدة لفيروس كورونا، وتصدّر هذه الدول الثلاثة أكبر عدد من السياح إلى الدول المغاربية.
ويمثل عودة المهاجرين المغاربة اللذين يقدر عددهم في أوروبا بالملايين، عبر ميناء مرسيليا وجنوة والجزيرة الخضراء ومالقا وباقي المطارات الأوروبية ضغطًا مضاعفًا على السلطات في الدول المغاربية لمراقبة تسرب الفيروس في ظل الوضع الاقتصادي والمالي الصعب وتدني خدمات قطاع الصحة العمومية.