الكل يعلم عن “ما وراء الطبيعة” وبطلها عصا المكنسة الأصلع، وأيضًا الكل يعلم عن “يوتوبيا” والمدينة المخيفة المعزولة، ومن لم يكن يتابع وينتظر سلاسل أحمد خالد توفيق شهريًا فقد عرفه بعد وفاته، وحتى متابعيه أنفسهم تفاجأوا بردة الفعل هذه فلم يكونوا يتوقعون أن يكون للرجل كل هذا التأثير والانتشار.
كل واحد من المتأثرين كان يعتبره شيئًا خاصًا من طفولته ومراهقته، وبعد وفاته وردود الفعل غير المتوقعة بدأ الناس يبحثون عمن جعل الشباب يقرأون، واصطدموا في الغالب بأعماله المشهورة، ونحن هنا نتذكر بعض أعماله غير المعروفة على نطاق واسع، لنخرج قليلًا من اختزال الرجل في ما وراء الطبيعة التى وإن أخذت حيزًا كبيرًا ووقتًا لا جدال عليهما ولكن تبقى هناك أعمال أخرى ربما ننجح في إلقاء الضوء عليها لوهلة.
سلسلة www
شهرة أحمد خالد توفيق في المقام الأول وقاعدته الجماهيرية الكبيرة ترجع بالأساس إلى السلاسل المشهورة ذات النمط المختلف، “ما وراء الطبيعة” حيث البطل على غير العادة مدخن عجوز، و”فانتازيا” حيث البطلة فتاة أقل من العادية تغامر داخل كتابها المفضل، وأخيرًا “سفاري” حيث يستخدم البطل معلوماته الطبية في قالب من المغامرة، هذه السلاسل بجانب “رجفة الخوف” و”روايات عالمية” المختصرة حظت بنصيبها من الانتشار، ولكن سلسلة واحدة لم يُكتب لها الاستمرار للأسف.
هي سلسلة قصيرة توقفت بعد 5 أعداد فقط ولا أدرى هل كان التوقيت هو العامل أم اختلاف دار النشر هذه المرة عن المؤسسة العربية الحديثة مثل جميع السلاسل التي سبق ذكرها.
على مدار 5 أعداد يمكن التنبؤ بأن السلسلة تتمتع بأفكار متعددة ويمكن استخدامها بأكثر من شكل
بطل هذه السلسلة ليس إنسانًا هذه المرة بل فيروس أو كما يُعرّف نفسه في بداية كل عدد “نوع من الطاقة المتحولة والمتنقلة في فضاء الإنترنت والحواسب الآلية”، هذا البطل يسرد في كل عدد قصة مختلفة من حاسب جديد وبالتالي قصة مختلفة تبعًا لاستخدام الحاسب الآلي الذي يتروح بين المراهقين ومختبرات فائقة السرية.
على مدار 5 أعداد يمكن التنبؤ بأن السلسلة تتمتع بأفكار متعددة ويمكن استخدامها بأكثر من شكل، الأعداد على سبيل المثال تتضمن حياة مراهق وبعض غريبي الأطوار وقصة حب وأخرى تتضمن قاتلًا يابانيًا متسلسلًا وأيضًا لا ضرر من عدد يضم قصة عن لعبة ذات ذكاء اصطناعي متطورة للغاية، لا أملك أي فكرة لم توقفت السلسلة ولكنها كانت لتمتلئ بالأفكار حتى تعجز عن التنبوء بمحتوى كل عدد.
كتب المقالات
لدى أحمد خالد توفيق رصيد كبير من المقالات في الجرائد والمواقع المختلفة وحتى العديد من الكتب التي تحتوي على المقالات بعضها مشهور مثل “فقاقيع” و”زغازيغ”، وهناك بعض الكتب لم تحظ بالاهتمام الكافي ويمكننا تقسيمها حسب موضوعاتها.
1) السينما والأفلام
“يبدو أن الطريق كان ممهدًا أمامي لأن أصير مخرجًا أو مصورًا أو عامل عرض أو حتى بلاسير أو بائع كازوزة في سينما لكنني صرت طبيبًا في ظروف مجهولة”.
هناك كتابان بالكامل يتحدثان عن الأفلام وقصصها، الأول هو كتاب “عشاق الأدرينالين” وهو كتاب مشترك مع الكاتب تامر إبراهيم والكاتب سند راشد الدخيل، أما الثاني فهو “أفلام الحافظة الزرقاء” الذي صدر منذ أعوام قليلة لذا هو معروف أكثر من الكتاب الأول نسبة لزيادة شهرة العراب وقتها، وغالبًا لم يعرف العديد بوجود كتاب آخر مشترك بنفس الفكرة.
الفرق بسيط للغاية، فبينما ركز الكتاب المشترك “عشاق الأدرنالين” بشكل أكبر على قصص الأفلام وحبكاتها، فإن كتاب “أفلام الحافظة الزرقاء” أكثر حميمية ومرتبط بذكريات الكاتب القديمة وتوقيتات عرض الأفلام وتعلقه بها بجانب تناول القصة والحبكة أيضًا.
“لستُ ناقدًا سينمائيًا، وبالتأكيد لم أتعلم مفاتيح هذا العالم الجميل بشكل أكاديمي، لكني أعرف جيدًا تلك الأفلام التي هزتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكر طويلًا.. أعرفها وأحتفظ بها جميعًا في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزقت أطرافها”.
أغلب الأفلام ليست مشهورة بل وليست موجودة إلا على إسطوانات قديمة، فهي أفلام من الستينيات والسبعينيات ولا يقدمها تقديم الناقد، بل لعرض الحكاية، وهناك تنويه أن 80% من الأفلام المعروضة بها تفاصيل نهايات الأفلام إيمانًا منه أن القراء لن يشاهدوها على أي حال أو ربما لن يجدوها على شبكة الإنترنت من الأساس.
2) الخوارق والرعب
بالنسبة لشخص يمتلك سلسلة كاملة مُسماه “ما وراء الطبيعة” وقائمة على قصص الرعب والأساطير فلا بد أنه يمتلك رصيدًا كبيرًا من المعرفة بالماورائيات، وقد اتضحت في ثلاثة كتب لم تلق رواجًا كبيرًا للأسف مثل باقي هذه الكتابات في الوطن العربي عندما تنشر على هيئة كتاب “مقالات”.
هناك ثلاثة كتب عن هذه المواضيع ولكن لم يكتبها دكتور أحمد بمفرده بل بالاشتراك مع آخرين، وهذه الكتب وإن تشابهت مسمياتها فقد اختلفت في تقديم الموضوعات.
الكتاب الأول (الحافة)
حكايات من حافة العالم وبشر من حافة العالم، هي قصص مختلفة عن حوادث غريبة اقتربت من الخيال أكثر من الواقع وتتضمن بشرًا ذوي طفرات وعلماء غريبي الأطوار وبعض الألغاز المختلفة.
الثورات ليست وليدة لحظات معينة بل وليدة أعوام طويلة
الكتاب الثاني (موسوعة الظلام)
هذه المرة ليست أحداثًا حقيقيةً مثل الحافة، بل موسوعة لرموز الرعب في العالم سواء من الرموز الشعبية أم الميثولجيا أم باختصار كل ما استُخدم لإخافة الأطفال ليلًا.
الكتاب الثالث (هادم الأساطير)
قد يكون هذا غريبًا لأديب يكتب في أدب الرعب ولكن الكتاب كُتب بالكامل لكي يكون هادمًا لأساطير الرعب المنتشرة حول العالم، الأمر بالطبع لا يشمل الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية والقصص الغريبة مثل كتاب الحافة أو الأساطير مثل موسوعة الظلام بل يحتوي على قصص البيوت المسكونة المبالغ فيها والصور التي يزعم أصحابها ظهور أجسام غريبة بها أو أثاث مسكون وما شابه، ولا يعتمد الكاتبان في هذا الكتاب إلا تفسيرات منطقية من أفكارهما لتحليل هذه القصص والمبالغات.
القصص المصورة والكوميكس
يمتلك أحمد خالد توفيق نصيبًا من القصص المصورة القصيرة التي لا تتعدى عدة صفحات وليست منشورةً في مكان واحد للأسف بل هي تعاونات مختلفة لقصص قد لا تتعدى الصفحات مثل قصة سفينة اسمها مصر التي تتكون من 13 صفحة فقط، أما الأعمال الكاملة فيمكننا الحديث عن مشروعين اكتملا بنسبة ما.
المشروع الأول هو تحويل سلسلة ما وراء الطبيعة إلى قصة مصورة وبالفعل صدر جزءان منها وهما “أسطورة ميسيا” و”أسطورة المرأة الأفعى”، لكن للأسف لم تكتمل، أما المشروع الثاني هو رواية “تأثير الجرادة” وهي رواية سياسية جريئة من الطراز الأول على غير عادة الدكتور أحمد خالد توفيق، تحكي عن فترة ما بعد ثورة يناير، يستأجر عالم جمال عبد الناصر ليعود بالزمن ويوقف الثورة قبل اندلاعها وتبعًا لهذا نرى محاولات العالم لإيقاف الثورة في اللحظات التي نطلق عليها “لحظات حاسمة أو مهمة”، لكن الوضع ليس بهذه السهولة فالثورات ليست وليدة لحظات معينة بل وليدة أعوام طويلة.
ختامًا
هذه ليست كل الأعمال بالطبع بل أعمال مجهولة إلى حد ما، من الصعب الحديث عن أعماله الكاملة في مكان واحد، فهو لم يتخصص في لون واحد من الأدب بل كتب وجرب العديد من أشكال الكتابة وربما هو أكثر الأدباء الذين أعرفهم جربوا الكتابة المشتركة سواء في الكتب أم الرواية أم المجموعة القصصية ولكن هذه قصة أخرى.