ربما تكون الشكاية المتداولة في عيادات الأطباء هي “مناعتي ضعيفة، ما الحل؟”، سؤال يشغل أذهاننا وبذلك يشكل موضوع تعزيز المناعة تحديًا على صعيد الأفراد للحفاظ على حياة صحية بعيدًا عن الأسقام.
قبل البدء بموضوع تعزيز المناعة، ربما علينا محاولة فهم عمل الجهاز المناعي وآلياته الدفاعية لمساعدتنا بشكل أفضل على إيجاد إجابة لتساؤلنا.
لك أن تتخيل أن جهاز المناعة كالمسؤول عن أمان وسلامة قلعة وصد الهجمات التي تحاول اختراق ذلك الحصن أو القلعة، فجهازنا المناعي هو بالحقيقة شبكة من ملايين الخلايا والأنسجة والأعضاء التي تعمل بتناغم لمنع دخول الميكروبات إلى الجسم.
لنتعرف بشكل أوسع على أجزاء جهازنا المناعي
أ- الغدة الصعترية
توجد في الصدر وتنضج بداخلها الخلايا الليمفاوية التائية غير الناضجة.
ب- الكبد
عضو مسؤول عن تركيب بروتينات جهاز المناعة، بالإضافة إلى أنه يحتوى على عدد كبير من الخلايا البالعة التي تأكل وتهضم الجراثيم الموجودة بالدم في أثناء مرورها عبر الكبد.
ج- نخاع العظم
هو المكان الذي تتكون فيه معظم خلايا الجهاز المناعي على شكل خلايا جذعية غير ناضجة.
د- اللوزتان
هي خلايا ليمفاوية في البلعوم.
ز- العقد الليمفاوية
هي مجموعات من الخلايا الليمفاوية البائية والخلاليا الليمفاوية التائية، حيث تحتشد الخلايا داخل العقد الليمفاوية للتواصل مع بعضها البعض.
هـ- الطحال
هو مجموعة من الخلايا الليمفاوية التائية والخلايا الليمفاوية البائية والكريات البيضاء ووحيدات النواة التي تعمل على فلترة الدم.
ي- الدم
هو الجهاز الجوال الذي يحمل خلايا وبروتينات الجهاز المناعي من مكان إلى آخر داخل الجسم.
آليات الدفاع
بعد هذه النبذة السريعة عن أجزاء جهازنا المناعي، نلقي نظرة مختصرة على آليات الدفاع التي يتبعها جهازنا المناعي، فجهازنا المناعي يقوم بعمل جبار على مدار الساعة لمنع أي ميكروب من اختراق دفاع الجسم، وللجهاز المناعي ثلاث آليات دفاعية لضمان نجاح الدفاع ضد أي تهديد محتمل، وهي:
1. منع الدخول “block entery”
خط الدفاع الأول لجهاز المناعة يتكون من العوازل الفيزيائية والعوازل الكيمائية التي تشمل الجلد بشكل أساسي والشعيرات الموجودة في الأنف والأغشية المخاطية وإفرازات الجسم الخارجية (اللعاب وعصارة المعدة الحامضية والإنزيمات الحالة)، والدموع وشمع الأذن، فهي آليات الدفاع الأولى التي تحول دون دخول الميكروبات الجسم.
2. محاربة الالتهاب موضعيًا “fight local infection”
لجهاز المناعة القدرة على تمييز الخلايا الغازية للجسم، حيث يتم الاستجابة سريعًا للخطر بشكل موضعي عن طريق خلايا لها القدرة على التهام الميكروب وتدميره، وقد يصاحب هذه الآلية احمرار أو ألم أو تورم في محل الإصابة.
3. التصدي للالتهاب بشكل كامل “combat major infection”
في هذه المرحلة، جهاز المناعة يحاول استدراك خطي الصد الأول والثاني عن طريق الجهاز المناعي النوعي الذي يبدأ بمحاربة الميكروب بهدف تدميره والحد دون انتشاره.
وبعد هذه اللمحة السريعة عن جهاز المناعة وآلياته الدفاعية، يمكننا العودة إلى سؤالنا الأول عن كيفية تعزيز مناعة الجسم، ورغم أن الدراسة التي نشرها المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحياتية NCBI تفيد بأن الطريقة الوحيدة المثبتة علميًا لتعزيز المناعة هي من خلال التطعيم (اللقاح) وأن المعلومات الصحية التي تنشرها المواقع الإخبارية غالبًا ما تكون ذات طابع دعائي تجاري، لكنني شخصيًا أميل إلى الرأي العلمي الذي نشره موقع BBC، ومفاده أن تعزيز المناعة يتطلب خلق حالة من التوازن للجسم من خلال تبني نمط غذائي صحي ضمن روتين يومي صحي.
أسباب اختلال المناعة
في النقاط التالية نعرض أهم الأمور التي تؤدي الى اختلال التوازن المطلوب:
– قلة النوم
قسم من الخلايا المناعية يتم إنتاجها في الليل حصرًا ضمن ساعات النوم، وقلة النوم تحرم الجسم من أحد عناصر جهاز المناعة المهمة، بالإضافة إلى أن هرمون التوتر (الكورتيزول) يتم تثبيط إنتاجه خلال ساعات النوم والحرمان من النوم يؤدي ارتفاعه في الجسم.
بالنسبة لساعات النوم الصحية، نشرت مؤسسة النوم الوطنية نتائج بحثها الذي استمر لأكثر من سنتين عن معدلات النوم الكافية حسب الأعمار كالتالي:
الأطفال حديثو الولادة |
14 – 17 ساعة |
الأطفال الرضع |
12 – 15 ساعة |
الأطفال من عمر 1 – 2 سنة |
11 – 14 ساعة |
الأطفال من عمر 3 – 5 سنوات |
10 – 13 ساعة |
الأطفال من عمر 6 – 13 سنة |
9 – 11 ساعة |
المراهقون من عمر 14 – 17 سنة |
8 – 10 ساعات |
الشباب من عمر 18 – 25 سنة |
7 – 9 ساعات |
البالغون من عمر 26 – 64 سنة |
7 – 9 ساعات |
كبار السن أكثر من 65 سنة |
7 – 8 ساعات |
أما فيما يخص الأوقات المثالية للنوم، فيشير الباحثون أن اختيار ساعات النوم يختلف من شخص إلى آخر، وينصحون بإجراء تجارب شخصية لمعرفة الساعات المثالية للنوم، وهي أن يخلد الشخص إلى النوم ما بين الـ8 إلى 11 مساءً، فإذا استيقظ الشخص قبل موعد المنبه بساعة مثلًا يؤخر النوم ساعة وهكذا.
– ممارسة الرياضة
أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بشكل معتدل، يتمتعون بصحة أفضل بالمقارنة مع الأشخاص الذين يتبعون نمط حياة كسول، كما أن عدد أيام المرض تنخفض إلى النصف.
وبذلك فإن قسم الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية HHS يوصي بممارسة الرياضة الهوائية المتوسطة (الجري والسباحة والمشي السريع) لمدة 30 دقيقة يوميًا وخمسة أيام بالأسبوع للحفاظ على حياة صحية.
– الابتعاد عن التوتر الدائم
ربما حان الوقت لتعتاد الكثير من الموترات في حياتك (الغربة مثلًا أو جارك العبوس وطفلك العنيد أو ربما موظف الخدمة الكسول في مكتبك)، ففي دراسة تحليلية لأكثر من 300 مقال علمي يتناول الضغوطات النفسية وتأثيرها على كفاءة أجهزتنا المناعية، أفادت الدراسة أن تعرض الجسم إلى توتر سريع (ربما لدقائق ) يضعف مناعة الجسم، أما تعريض الجسم لتوتر مستمر يعمل على تثبيط المناعة الخلوية والخلطية.
يعد الفلفل الأحمر من الخضار الغني بمادة البيتا كاروتين التي لها دور كبير في القضاء على الخلايا السرطانية
– العلاقات الأسرية القوية
الاجتماعات العائلية الدورية والعوائل التي تمتاز بقوة الأواصر بين أفرادها غالبًا ما يتمتع أفرادها بجهاز مناعي قوي ذي مقدرة على التغلب على الأمراض.
الأغذية المنشطة للمناعة
الحمضيات
تعد الحمضيات مصدرًا مهمًا لفيتامين C ذي التأثير المباشر على كفاءة الجهاز المناعي، حيث يحافظ على سلامة الجلد ويرفع من أداء خلايا المناعة.
إن الكمية الموصى بها لفيتامين C هي 40 مليغرامًا يوميًا بحسب الـNHS (الخدمة الصحية الوطنية في بريطانيا)، التي يمكن الحصول عليها من الأطعمة الغنية به لأن جسم الإنسان لا يستطيع تخزين فيتامين C وبذلك نحتاج للحصول عليه بشكل يومي من خلال الغذاء. كمثال ثمرة برتقال واحدة تحوي 97 مليغرامًا من فيتامين C.
الفلفل الأحمر الحلو
يعد الفلفل الأحمر من الخضار الغني بمادة البيتا كاروتين التي لها دور كبير في القضاء على الخلايا السرطانية.
البروكولي
تشير الدراسات إلى أن البروكولي غني بمادة الـDIM التي بدورها ترفع أداء جهاز المناعة والقضاء على أنواع معينة من الفيروسات ومحاربة أنواع خاصة من الخلايا السرطانية.
الثوم
ربما يكون الثوم الأشهر على الإطلاق على مر التاريخ من حيث قدراته العلاجية، فالثوم غني بمادة الـallicin القادرة على محاربة وتدمير الخلايا السرطانية، وكذلك محاربة الطفيليات والفيروسات.
بالإضافة إلى ذلك فالثوم غني بالكبريت الذي له دور في زيادة كفاءة الخلايا المناعية.
اللوز
يعد اللوز أحد المصادر الغنية بفيتامين E أحد مضادات الأكسدة الذي يحافظ على كفاءة الخلايا المناعية.
أستطيع القول إنه في الغالب يمكننا تعزيز كفاءة أجهزتنا المناعية عن طريق تغيير نوعي في حياتنا اليومية من حيث تناول الغذاء المتوازن
الزنجبيل
الزنجبيل أحد أفضل مضادات الأكسدة.
السبانخ
السبانخ غنية بالبيتاكاروتين ومضادات الأكسدة وفيتامين C.
بالإضافة إلى المأكولات البحرية والكركم والرمان والبابايا والشاي الأخضر الذين لهم دور في تعزيز المناعة.
أخيرًا، لقوة المناعة أسباب منها خلقية ومنها مكتسبة (وهي الأكثر أهمية)، وفي الغالب يمكننا تعزيز كفاءة أجهزتنا المناعية عن طريق تغيير نوعي في حياتنا اليومية من حيث تناول الغذاء المتوازن وتبني نمط معيشة صحي والبحث عن الطمأنينة في دفء العائلة.