مع تصاعد أصوات قريع طبول الحرب، ومع اقتراب عقارب القرار الأمريكي من ساعة الصفر التي سيأمر فيها أوباما جيشه ببدأ ضربة عسكرية لسوريا، تتصاعد التحليلات والتأويلات عن ماهية الضربة وحجمها وعن أهدافها الميدانية وأهدافها السياسية وعن مداها الجغرافي ومداها الزمني، وعن التبعات التي ستنتج عنها، وفي روسيا اقتربت آراء المحللين والمتابعين واجتمعت حول عجز روسيا عن نصرة حليفها بشار رغم الخسائر التي ستتكبدها روسيا حال سقوطه.
الباحث الشهير آريال كوهين في تعليقه على تصريحات وزير الخارجية الروسي التي قال فيها أن “واشنطن وحلفاؤها سيكررون أخطاء الماضي” في حال تدخلهم في سوريا خارج المظلة الأممية، أشار إلى أن الهجوم الأمريكي على سوريا وهي أحد حلفاء روسيا في المنطقة سيجعل روسيا تقدم المزيد من الدعم لحليفها الآخر ايران، مشيرا إلى أن هذا الدعم قد يصل إلى درجة تقديم تكنولوجيا نووية صالحة للأعمال العسكرية.
فروسيا التي أعربت في اليومين الأخيرين عن عدم نيتها في التدخل عسكريا لصد أي هجوم على سوريا أو الانخراط في حرب لأجل النظام السوري ما يعني ضمنيا تخليها عنه، لن تسمح بتكرار نفس السيناريو في ايران الأمر الذي يجعلها تفرط في نظام الأسد من جهة وتزيد من دعمها للنظام الايراني من جهة أخرى.
وعن تخلي روسيا عن نظام الأسد يقول ديمتري ترينين مدير مركز كارنيغي في موسكو أن “روسيا ستحتج بشدة وستتحرك ديبلوماسيا وسياسيا ضد توجيه ضربة لروسيا..” ثم أضاف أن الدعم روسيا لنظام الأسد لن يصل إلى درجة المخاطرة والدخول في صدام أو مواجهة مع الولايات المتحدة الأرميكية، مؤكدا وجهة نظر كوهين بأن روسيا في حال الوصول إلى نقطة مواجهة مع أمريكا فإنها ستتخلى عن بشار وستعمل أكثر على تدعيم ايران بمزيد من الأسلحة والتكنولوجيا لمنع أي عمل عسكري يطيح بايران الحليف الأقوى لروسيا في المنطة.
ويفسر بيتر توبيشكانوف الباحث في مركز كارنيغي في موسكو الموقف الروسي المتوقع بالتخلي عن بشار بأن “روسيا لا تمتلك القوة الكافية لمواجهة أمريكا” وأن أي مواجهة روسية للضربة العسكرية المرتقبة ستكون بطريقة غير مباشرة، أي من خلال تقديم المزيد من الدعم لنظام بشار سرا أو من خلال التركيز أكثر على دعم ايران.. مشيرا إلى أن روسيا قد تلجئ في أسوء الأحوال إلى الضغط على أمريكا من خلال قطع التعاون الحاصل بينهما في أفغانستان.
وأما المحللة السياسية آنا جيفمان فقد تحدثت عن خسائر فادحة ستتكبدها روسيا في حال تخليها عن نظام الأسد من ناحية سياسية بخسارتها لأحد أبرز حلفائها في الشرق الأوسط، ومن ناحية عسكرية بخسارتها لاستثمارات ضخمة استثمرها الجيش الروسي في دعم الجيش السوري وفي تطوير القاعدة العسكرية الساحلية في طرطوس التي شيدت أيام الاتحاد السوفياتي.
ورغم إدراكها لفداحة الخسائر التي ستتكبدها روسيا في حال التخلي عن نظام بشار، فإن جيفمان عادت لتؤكد أن كل ما باستطاعة روسيا فعله هو محاولة عرقلة الضربة الأمريكية ديبلوماسيا ومن خلال المؤسسات والهيئات الدولية أو من خلال دعم بعض الواجهات مثل حزب الله لإفشال الجهد الأمريكي، مؤكدة أن “روسيا لا يمكنها فعل شيئ في وجه أمريكا وحلفائها، وكل ما يمكنها فعله هو مواجهتهم من خلال وكلاء كما كانت تفعل دائما”.