ترجمة وتحرير نون بوست
أفادت تقارير صدرت عن منظمة هيومان رايتس ووتش مؤخرًا أن المملكة العربية السعودية قد قامت بقطع رؤوس 19 شخصًا على الأقل خلال النصف الأول من شهر أغسطس، الاعترافات التي على أساسها تم الحكم على هؤلاء قد تكون أُخذت عنوة أو تحت التعذيب، أحد الفقراء الذين حُكم عليهم بالإعدام تم اتهامه بـ “السحر والشعوذة!”، ربما تبدو هذه تهمة من العصور الوسطى لكن الأمر حقيقي، بل إن السعودية حظرت أسماءً اعتبرتها مسيئة، بداية من أسماء مثل إيمان وحتى اسم ليندا وساندي!
بطبيعة الحال، من الصعب على الدول الغربية أن تنتقد دولة أخرى على شيء تفعله الولايات المتحدة من وقت لآخر، لكن السعودية لها وضع خاص، فما تفعله الرياض ليس إلا تذكيرًا بأن حليف الغرب ليس شرطًا أن يكون ديموقراطيًا، أحد المدونين الأمريكيين، إد ويست، وصف الكراهية المتزايدة من السعودية تجاه داعش وأمراء الحرب في العراق وسوريا بأنها – بحسب تعبيرات فرويد – نرجسية الاختلافات الصغيرة، إن داعش خطيرة لأنها بالنسبة للعديدين ممن تربوا في السعودية ليست بعيدة أبدًا عن ممارسات السلطة في المملكة.
السعودية في خطابها الرسمي تصر على أن هناك اختلافات جذرية بين النظام الديكتاتوري القمعي الحاكم في المملكة وبين داعش، فبغض النظر عن اشتراك كلا الطرفين في العقيدة الوهابية، والحديث المتزايد حول تمويل سعوديين أو الدولة ذاتها، لأطراف متشددة في سوريا والعراق، إلا أن السعودية تؤكد حربها للمتطرفين على أراضيها.
وبدلاً من اعترافها برغبتها في نشر نموذجها من الإسلام المتقبل لظلم الحاكم، كما هي الصيغة الوهابية السعودية والتي تدعم قمع النظام السعودي، تقوم السعودية بالاعتراض على تدخل إيران في الدول المجاورة وفي سوريا على وجه الخصوص، النظام الملكي السعودي يسعى لنفوذ سياسي واضح في البلدان من حوله، والسياسة لا تخلق حلفاء غرباء فحسب، بل أعداء غرباء أيضًا، لقد اختلفت الصين الشيوعية مع الاتحاد السوفيتي حول بعض المفاهيم الغامضة في الفلسفة الماركسية لكن الأمر كان مجرد صراع حول الموارد والقيادة والمصالح الوطنية.
قد تكون الاختلافات الأيديولوجية أو السياسية مؤثرة بشكل كبير في الصراع بين المشتركين في الدين إذا كانوا في حالة حرب، لكن إذا نظرنا من الخارج، فإن تلك الاختلافات ستظهر كما لو كانت شديدة الصغر والتفاهة، وهذا هو الحال مع الاختلافات بين داعش ونظام آل سعود.
يقول تقرير هيومان رايتس ووتش:
صعدت المملكة العربية السعودية من الاعتقالات والمحاكمات وإدانة المعارضين السلميين، وفرقت بالقوة مظاهرات سلمية من قبل المواطنين، واصلت السلطات أيضًا انتهاك حقوق النساء والفتيات السعوديات والعمال الأجانب، كما قدمت السلطات آلاف الأشخاص لمحاكمات جائرة وقامت باعتقال آلاف بشكل تعسفي، وأيضًا أدانت المحاكم النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب تعبيرهم السلمي ومطالبتهم بإصلاحات سياسية وحقوقية.
هذه الكلمات يمكن أن تستخدم لوصف المناطق العراقية الواقعة تحت سيطرة داعش، لن يختلف الأمر كثيرًا!
ربما يقول شخص ما ساخرًا: “ربما تكون السعودية ديكتاتورية بالفعل، لكنها ديكتاتورية لصالحنا”، لكن هذا الأمر أيضا يخضع للكثير من الشك.
فقد كشفت ويكيليكس عن برقية دبلوماسية في الولايات المتحدة تتحسر فيها واشنطن من أن “الجهات المانحة في السعودية تشكل أهم مصدر لتمويل الجماعات الإرهابية السنية على مستوى العالم”، ربما كان هؤلاء المانحون أفرادًا وليسوا ممثلين رسميين للدولة، لكن الدولة لم توقفهم ولم تقدم أي دعم في إيقافهم، الغريب أن الدول الغربية ما زالت تتعامل مع هذا النظام بل وتبيعه كميات هائلة من الأسلحة.
في كل مرة يكافح الغرب ضد نوع من الاستبداد، يشارك بكل سعادة في دعم نظام استبدادي آخر، وهذا ما يقوض الأساس الأخلاقي للسياسة الغربية تمامًا، الجولة الأخيرة من أحكام الإعدام وقطع الرؤوس في السعودية هي تذكير، ليست فقط بأخطاء المملكة، ولكن أيضًا بأخطاء الغرب.
سأترك ختام المقال للمدون الأمريكي سالف الذكر:
“إذا كانت هناك عدالة على الأرض فإنه سيكون منطقيًا أن تتم الإطاحة بآل سعود عن طريق التطرف الذي عززوه، لكن في الحرب ليس هناك عدالة بهذا الشكل، لكن فقط الكثير من الظلم”.
المصدر: تيليغراف