بث تنظيم “جبهة النصرة” تسجيلاً مصورًا اليوم الجمعة، بدا من خلاله أنها تسجيلات للأمين العام لـ “حزب الله” اللبناني “حسن نصر الله” لناحية انخراط حزبه بالقتال في سوريا إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد، واتهمته بإشعال فتنة مذهبية وتوريط باقي الطوائف اللبنانية في دفع ثمن “جرائمه” ضد السوريين وأهالي بلدة عرسال اللبنانية الحدودية، حيث درات معارك ضارية بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة من سوريا بداية الشهر الماضي.
وتضمن الفيديو، الذي بلغت مدته 27 دقيقة تحت عنوان “من سيدفع الثمن؟” نداء على شكل رسائل إلى كل من “أهلنا أهل السنة في لبنان”، وإلى “كافة الطوائف في لبنان” و”الشيعة الروافض” وإلى “علماء المسلمين في العالم”، وتحذيرًا للسنة بشكل خاص من الانخراط إلى جانب الجيش ضد مقاتلي النصرة، ودعوة لهم لمناصرة الثورة السورية.
https://youtu.be/DKYR4RUM-_g
وظهر في الفيديو تسعة عسكريين لبنانيين أسرى لدى الجبهة لم يظهروا في أي تسجيل سابق، بالإضافة إلى مقاطع فيديو لتسعة أسرى سابقين كانت بثته “جبهة النصرة” لأول مرة قبل أكثر من أسبوع، وهم يتحدثون عن “تورط” حزب الله في قتل المدنيين في سوريا وفي عرسال، رافضين دفع ثمن ذلك.
وبدأ الفيديو بمقطع من خطاب لنصرالله بعد اندلاع الثورة في سوريا في مارس 2011 يقول فيه: إن “موقفنا مما يجري في سوريا ألا نتدخل كلبنانيين، ونترك للسوريين أنفسهم معالجة أمورهم”، لينتقل بعدها المشهد إلى كلام آخر يناقض فيه الأمين العام لحزب الله خطابه الأول، فيقول تحت عنوان “تفاخر زعيم حزب إيران بقتل الشعب السوري”: إنه “إذا كان لدينا 100 مقاتل في سوريا سيصبحون 200”.
وتابع الفيديو بث مقاطع لخطب أخرى لنصر الله يقول فيها: “إذا كان هناك 1000 مقاتل لحزب الله في سوريا فسيصبحون 2000، وإذا كنا 5000 مقاتل في سوريا فسنصبح 10 آلاف”، وصولاً إلى قول الأمين العام لحزب الله “وإذا احتاجت المعركة أن أذهب أنا وكل حزب الله إلى سوريا فسنذهب إلى سوريا”.
وسخرت “النصرة” من إعلان “حزب الله” أن انخراطه في سوريا هو لـ “القضاء على الفتنة المذهبية”، متهمة الحزب بالتحريض على هذه الفتنة.
وبثت الجبهة مشاهد أخرى في الفيديو، تحت عنوان “طريقة حزب اللات (في إشارة إلى حزب الله) في القضاء على الفتنة المذهبية”، لما قالت إنهم مقاتلون من الحزب في سوريا وهم يشتمون فيه أهل السنة ويصفون كيف يدوسون جثثًا لمقاتلين من المعارضة السورية.
واتهمت “النصرة” الحزب أيضًا بالتعرض حتى لـ “نساء فلسطينيي سوريا اللواتي لم يسلمن من ظلم الحزب المدافع عن فلسطين”، من خلال إظهار ما قالوا إنه أحد عناصر حزب الله في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق وهو يضرب لاجئين متجمعين حوله ويقوم بشد امرأة من حجابها، وهو مقطع تم تداوله بكثرة في وسائل الإعلام مؤخرًا.
وظهر في الفيديو إتهام لأهالي مقاتلي “حزب الله” بأنهم “يحرضون على أهل السنة”، ولجمهور “المقاومة والممانعة” بأنه “فرح بقتل الشعب السوري”.
كما بثت لقطات تحت عنوان “جرائم النظام السوري وحزب الله الإيراني بحق أهل السنة في سوريا”، من خلال لقطات تنكيل بجثث أطفال ومجازر وشهادة نساء منتقبات يبدو أنهن سوريات، وقالت إحداهن إنه تم اغتصابها على أيدي مقاتلين “لهجتهم لبنانية”.
وتلا ذلك وعد بالثأر من خلال تسجيل قديم مسجل لأمير تنظيم الدولة الإسلامية في العراق “أبو مصعب الزرقاوي” الذي قُتل قبل سنوات في غارة جوية أمريكية.
واتهمت “النصرة” كل من حزب الله والجيش اللبناني بالتورط في قصف عرسال ومخيمات اللاجئين فيها من خلال بث مقاطع تحت عنوان “عناصر حزب اللات تقصف عرسال تحت نظر الجيش اللبناني”، وتظهر مدفعية يقصف منها عناصر تقول الجبهة إنهم من حزب الله ومقطع آخر لمقاتلين في منطقة جردية يقصفون بالهاون ما يفترض أنها بلدة عرسال اللبنانية، ليظهر بعدها مقطع لمخيمات اللاجئين في عرسال تحترق.
وكذلك تم اتهام الحزب والجيش اللبناني بتعذيب وإهانة الأسرى والجرحى الإسلاميين في كل من عرسال ومنطقة عبرا بالقرب من مدينة صيدا الجنوبية بعد معركة الجيش مع مقاتلي الشيخ السلفي أحمد الاسير قبل أشهر.
وظهر في الفيديو كذلك إعادة بث مقاطع وشهادات من أول فيديو بثته الجبهة للأسرى العسكريين لديها ينتقد بعضهم فيه تدخل “حزب الله” في سوريا، ويربط بينه وبين التفجيرات التي ضربت الضاحية الجنوبية لبيروت (المعقل الأساسي للحزب) والتي بدأت في الصيف الماضي بعد “سقوط” القصير بريف حمص وسط سوريا، التي شارك حزب الله مع قوات النظام السوري في استعادة السيطرة عليها من قوات المعارضة السورية.
وتوجهت “النصرة بـ “نداء” تضمن 4 رسائل، بدأها إلى “أهلنا أهل السنة في لبنان” طالبًا منهم أن “انصروا أهلكم في سوريا وكونواعونًا لهم وادركوا أنفسكم قبل أن تدفعوا أنتم الثمن بتورطكم بحرب في صف الجيش اللبناني ضد إخوانكم المجاهدين أو تدفعون الثمن كما دفعه من قبلكم أهل السنة في سوريا بتسلط النصيرية (العلوييين) والرافضة (الشيعة) عليكم”.
وتوجه النداء الثاني إلى “كافة الطوائف في لبنان” فحذرهم من أن “تنصروا حزب إيران، فإن سكوتكم عن جرائمه يحسب عليكم فتدفعون أنتم الثمن”، أما النداء الثالث فكان لـ “الشيعة الراوفض” الذين اعتبرت “النصرة” أن “معركتنا معكم مستمرة طالما أنتم تتطاولون على أمهات المؤمنين وتسبون الصحابة الكرام، وأن مساندتكم لهذا الحزب المجرم سيجعلكم تدفعون الثمن مضاعفًا، وإن غدًا لناظره قريب”.
وطالبت “النصرة” في الرسالة الرابعة من “علماء المسلمين في العالم” بـ “بتبيان حال الجيش اللبناني حتى لا يُلبَّس على أهل السنة، لأن المرحلة القادمة ستكون حاسمة – بإذن الله – تجاه كل من ينتمي أو يقف في صف هؤلاء المجرمين”.
من جهة أخرى، نقلت وكالة الأناضول عن تنظيم “داعش” في القلمون اليوم الجمعة، أن وفدًا قطريًا مفوضًا عن الحكومة اللبنانية موجود في منطقة عرسال على الحدود اللبنانية الشرقية مع سوريا منذ أمس للتفاوض بشأن العسكريين اللبنانيين الأسرى لديه، لكنه اتهم الوفد بأنه “يراوغ” وحمله المسئولية عن “دماء العسكريين”.
وأوضح المسئول الأمني للتنظيم في القلمون أن “الوفد القطري موجود في عرسال منذ صباح الأمس”، مشيرًا الى أنه “مفوض من قبل الحكومة اللبنانية لإجراء المفاوضات”.
وتحتفظ “داعش” بعشرة عسكريين أسرى لديها كلهم من عناصر الجيش اللبناني، في حين لدى “النصرة” 18 عسكريًا من جنود الجيش وعناصر القوى الأمنية، وهم أسرى منذ معارك عرسال التي اندلعت إثر اعتقال الجيش لعماد جمعة قائد لواء “فجر الإسلام” الذي بايع “داعش” مؤخرًا.
وقُتل ما لا يقل عن 17 من عناصر الجيش اللبناني وجرح 86 آخرين، بالإضافة إلى خطف عدد منهم ومن قوى الأمن الداخلي، وأُطلق سراح 13 منهم حتى الآن.