ترجمة وتحرير نون بوست
تقرير لـ سامرين مشتاق ومدثر أمين
في إطار التعامل مع جائحة كورونا، عندما بدأت الإدارة الهندية في كشيمر بمناشدة الناس للإبلاغ عن تاريخ سفر جيرانهم ومعارفهم، انطلقت الضحكة وسط دائرة أصدقائنا، لقد كانت الملاحظة العامة: “إنه مخبيري، لكنه يسأل الآن بطريقة شرعية”، يُستخدم مصطلح “مخبيري” لوصف ممارسة بغيضة يقدم بها بعض السكان المحليين معلومات للقوات الهندية عن وجود مسلحين مقابل الحصول على المال.
لكن المزحة لم تدم طويلًا، كان يجب علينا أن نقبل بما سيأتي لاحقًا: مراقبة كاملة من الدولة والاعتراف علنًا بتلك الممارسات.
شيرلوك هولمز المحلي
أشار تقرير إخباري إلى اصطياد المرضى وأشاد بهذا التصرف البيروقراطي البارز الذي يقوم به شيرلوك هولمز المحلي، وهو ما كان يحدث أيضًا في تعزيز الروايات التي سبقت حصار كشيمر في أغسطس 2019.
تحدث التقرير أيضًا عن اعترافه باستخدام سجلات الهاتف وتواريخ أجهزة الصرف الآلي ومعلومات التذاكر لتتبع “المهملين” الذين لم يبلغوا عن تواريخ سفرهم الحديثة، فمنذ 10 من مارس أسست الإدارة غرفة تحكم تعمل 24 ساعة يوميًا ومزودة بخرائط حرارية وأجهزة تتبع الهواتف لتحديد مواقع الأشخاص، هذه المراقبة المشددة لا يدعمها القانون، لكنها ممارسة ستفلت من العقاب باسم الجائحة.
تم خلق شعور جماعي بالذعر لدفع الناس للخضوع لتلك الممارسات الاقتحامية، كما كان هناك تلميحات أيضًا بشأن البنية التحتية لتكنولوجيا المراقبة الموجودة بالفعل في كشمير، فمثل هذا النظام لن يظهر بين عشية وضحاها.
لقد أصبح وجود الجنود أمرًا أساسيًا كي تعمل مؤسسات الدولة
سمحت هذه المراقبة طوال السنين بإحكام الدولة قبضتها على الكشميريين بيد من حديد، وأصبحت تستخدمها مؤخرًا فيما يتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تستخدم الدولة الهندية موارد عديدة بشرية وتكنولوجية لنشر برنامج شامل وإستراتيجي كجزء من آلية مواجهة التمرد مما يدفع للخوف واحتواء هذا التمرد، في السيناريو الحاليّ تعد الاستجابة للجائحة سابقة سهلة للتوسع في البنية التحتية للمراقبة في المستقبل.
حكم الحامية
يتم الآن استخدام إجراءات الإغلاق بسبب فيروس كورونا للدفع بالحالة الاستثنائية كنظام حكم طبيعي، فبينما كانت السلطات الهندية تستخدم سابقًا قضية “النظام والقانون” لتعليق الحقوق الأساسية في كشيمر، أصبحت عبارات الصحة والسلامة العامة الأداة الجديدة لتطبيع هذه الممارسات.
لقد أصبح تعليق الحياة اليومية الذي كان عبر العقود دليلًا على الإجراءات العقابية ضد الكشميريين الباحثين عن الحرية، يُستخدم الآن كجزء من إجراءات الطوارئ لحماية وحراسة نفس هؤلاء الناس.
تعكس استجابة الإدارة العامة لذلك “حكم الحامية”، حيث تصبح البيروقراطية متورطةً بالإكراه، التي تعد ممارسة موجودة منذ عقود منذ أن سعت الدولة الهندية لكبح المطالب الكشميرية بالحكم الذاتي من خلال إجراءات وحشية لمواجهة التمرد، لقد أصبح وجود الجنود أمرًا أساسيًا كي تعمل مؤسسات الدولة.
بينما يتعرض الجيش للضغط بالخدمة في كل مكان خاصة العمل في المرافق الطبية البديلة في كشمير، فإنه يؤدي أيضًا وظائف إدارية ويوزع الاحتياجات الأساسية ويزيد حضوره المجتمعي كجزء من محاولة تعزيز الوجه الإنساني والخيري له مع استمرار عمليات البحث والتطويق وممارسات العنف.
تم الإبلاغ عن العنف الجسدي في كشيمر، حيث يضرب رجال الشرطة وأفراد القوات شبه العسكرية التي تدير الشوارع، السكان المحليين عند خروجهم من المنزل، ففي مقطع فيديو منتشر من مقاطعة بارامولا – التي تبعد 50 كيلومترًا شمال غرب سريناغار – شوهد ضابط شرطة وهو يضرب شابًا صغيرًا يحاول أن يشرح له سبب خروجه من المنزل.
في هذا الفيديو تطلب الشرطة من الشاب تصريح المرور في أثناء حظر التجوال وتسأله عن سبب عدم ارتداء قناع الوجه، بينما تكيل له الضربات دون أن تهتم بما يقوله، أما والده الذي يقف بجانبه فقد أمسك بالشرطي من ملابسه وصفعه بينما يطلب شرطي آخر استدعاء التعزيزات.
هناك أمر أساسي يشتهر به الكشميريون: أن الآباء يدافعون دائمًا عن أبنائهم والعكس، وأفراد القوات العسكرية يستخدمون العنف دون خوف من العقاب.
الدولة العسكرية
تشير تقارير الأشخاص المسؤولين عن تقديم الخدمات الأساسية مثل حصص الإعاشة ومحلات البقالة والمهنيين الطبيين إلى أن القوات الأمنية تلجأ إلى تكتيكات ثقيلة من أجل فرض الإغلاق، يبدو أن هؤلاء الأشخاص مدربون فقط على ممارسة العنف ولا يعلمون أي طريقة أخرى.
كان عدد الأشخاص المقبوض عليهم بسبب كسر الحظر أعلى بكثير من عدد الأشخاص الذين أجُري لهم اختبار كوفيد-19 في كشمير: فقد تم اختبار 588 عينة حتى 29 من مارس في مقابل 337 تقرير معلومات أولي و627 حالة اعتقال في نفس الفترة، هذا يعني أن البنية التحتية العسكرية أقوى بكثير من نظام الرعاية الصحية الأساسي.
لقد كانت كشمير دائمًا حالة استثنائية بالنسبة للهند، حيث تعتبر شعبها غير جدير بحقوقه، لكنه لا يزال جزءًا من الخطاب القومي.
ما بين الجائحة والدولة العكسرية التي تتفوق في العنف فقط، يجد الكشميريون أنفسهم في محنة مضاعفة بسبب الفصل العنصري للإنترنت الذي بدأ في أغسطس ثم عاد بعد عدة أشهر لكن بقيود على السرعات.
تحتجز الإدارة الناس بمركز الحجر الصحي وتشبه في بعض الحالات الاعتقال، فقد تعرض صحفي للتهديد بشكوى في الشرطة رغم أنه اتبع كل الإجراءات المطلوبة بعد السفر إلى كشمير من دلهي بما في ذلك تصريح مستشفى حكومي محلي.
لقد استخدمت الإدارة خطابًا صارمًا مرارًا وتكرارًا بدلًا من تقديم معلومات واضحة وحيوية للعامة، فاللغة المستخدمة في التوجيهات الرسمية تعكس إجراءات مكافحة التمرد من تهديد باتخاذ إجراءات قاسية إلى إظهار تتبع الاتصالات كأنها حرب انتقامية مع الحديث عن مهارات فريق المراقبة اللامع في تتبع وإيقاف المشتبه بهم.
الاحتفاظ بالذكريات
مع وجودها في الخط الأمامي للتحديثات اليومية لكوفيد-19 بدلًا من تقديم الأطباء لنشرات طبية، تُظهر الدولة أنها واضحة تمامًا للحصول على الثناء نتيجة القيام بما يتطلبه الواجب.
إن حقيقة تقديم ذلك كفرصة للوصول إلى المغتربين الكشميريين ليس أمرًا مفاجئًا، كما يساهم في نشر سردية الحرب التي تكون فيها الدولة وذراعها الإداري وأفرادها المسلحون حماةً وأوصياءً على نفس الأشخاص الذين يقمعونهم.
لقد كانت كشمير دائمًا حالة استثنائية بالنسبة للهند، حيث تعتبر شعبها غير جدير بحقوقه، لكنه لا يزال جزءًا من الخطاب القومي، إننا نعيش هذا الإغلاق الآن في بيئة عسكرية ترفض أن ترى شيئًا إلا إستراتيجيات مكافحة التمرد، لكن كما أظهرت لنا سنوات طويلة من كفاح المقاومة فإن الكشميريين سيحفظون ذلك في ذاكرتهم.
المصدر: ميدل إيست آي