ترجمة وتحرير نون بوست
كتب بول جلاسزيو وكريس ديل مار
هل يجب أن يرتدي عامة الناس أقنعة الوجه في أثناء انتشار فيروس كورونا؟ إنه سؤال مثير للجدل تقدم له السلطات والدول نصائح مختلفة، لقد راجعنا نتائج أكثر من 12 تجربة عشوائية لأقنعة الوجه وانتقال أمراض الجهاز التنفسي، ووجدنا أن أفضل الأدلة التي تنصح بارتداء قناع الوجه لتجنب عدوى الجهاز التنفسي تقول إنه يقدم حماية محدودة، هذا إن وجدت.
توصيات متضاربة
اختلفت اثنتان من كبرى المنظمات الصحية على ارتداء قناع الوجه، فمنظمة الصحة العالمية “WHO” تعارض حاليًّا استخدام أقنعة الوجه حيث تقول: “لا يوجد دليل بأن ارتداء قناع الوجه سواء طبي أم ما يشابهه بواسطة الأصحاء في إطار المجتمع المحيط قد يمنع من العدوى بفيروسات الجهاز التنفسي بما في ذلك كوفيد-19″، لكنها توصي العاملين في الرعاية الصحية بارتداء أقنعة خاصة مثل N95 أو ما يعادلها، بالإضافة إلى إجراءات الحماية الأخرى عند التعامل مع المرضى أو المشتبه بإصابتهم بالفيروس.
على النقيض من ذلك توصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها “CDC” في الولايات المتحدة بارتداء الجميع لأقنعة من القماش، بهدف منع المرضى من نقل العدوى وليس منع مرتديها من الإصابة بالمرض، فأيهما أصح؟ هل ارتداء قناع الوجه يحمي مرتديه؟ وهل يحمي الآخرين؟
فهم انتشار العدوى
لكي ندرس الأمر نحتاج أولًا إلى معرفة كيفية انتشار فيروس كورونا وكيف يمكن لأقنعة الوجه أن توقفه، هناك عدة طرق محتملة للعدوى، فالشخص المريض قد يسعل أو يعطس أو يتنفس في أثناء وجوده على مسافة مترين من شخص آخر، فيستقر الفيروس على أعين الشخص الآخر أو أنفه أو فمه.
أظهرت التجارب المعملية أن الأقنعة الخاصة مع واقي العينين تقدم حماية كاملة
من الممكن أيضًا أن يسعل الشخص المريض أو يعطس في يده أو على سطح ما، ثم يصافح الشخص السليم، المريض أو يلمس السطح فينقل الفيروس إلى عينه أو أنفه أو فمه.
قد يقوم الشخص المريض أيضًا بالعطس أو السعال فيخلق مجالًا جويًا لانتشار الفيروس خارج نطاق الاتصال القريب، لكن هذه الطريقة ما زال مختلف عليها كإحدى الطرق الرئيسية لنشر العدوى، إننا لا نعلم مقدار الانتشار الذي يحدث من خلال كل طريقة، وليس واضحًا أيضًا مقدار الحماية التي تقدمها أقنعة الوجه في كل حالة.
أفضل دليل حاليّ
لإجابة هذا السؤال حللنا نحو 14 تجربة عشوائية لارتداء قناع الوجه والعدوى بمرض الإنفلونزا أو ما يشبهه (لا توجد تجارب عشوائية تخص كوفيد-19 لذا أفضل ما يمكن فعله هو البحث في تجارب أمراض مشابهة).
عندما جمعنا نتائج هذه التجارب التي تدرس تأثير ارتداء القناع مقابل عدم ارتدائه بين العاملين في المجال الصحي وعامة الناس، لم يظهر أن ارتداء القناع أدى إلى أي انخفاض حقيقي للمرض، ومع ذلك فتلك الداراسات كانت صغيرة جدًا لاستبعاد أي تأثير ثانوي للأقنعة.
لماذا لا تحمي الأقنعة مرتديها؟
هناك عدة أسباب محتملة تمنع أقنعة الوجه من تقديم حماية بارزة، أولًا: قد لا تقدم الأقنعة حماية كافية دون وجود حماية للعينين، فقد عرفنا من الحيوانات والتجارب المعملية أن الإنفلونزا وسلالات الكورونا الأخرى يمكنها أن تدخل العينين ومنها إلى الأنف ثم الجهاز التنفسي.
قد يبدو تأثير الأقنعة بسيطًا بسبب الاستخدام الخاطئ لها
وبينما تقدم الأقنعة الخاصة والقياسية حماية غير كاملة، فقد أظهرت التجارب المعملية أن الأقنعة الخاصة مع واقي العينين تقدم حماية كاملة، ومع ذلك لا توجد دراسات في العالم الحقيقي تقيس نتائج الجمع بين أقنعة الوجه وواقي العينين.
قد يبدو تأثير الأقنعة بسيطًا أيضًا بسبب الاستخدام الخاطئ لها، فعلى سبيل المثال وجدت إحدى الدراسات أن أقل من نصف المشاركين يرتدون الأقنعة معظم الوقت، كما أن البعض قد يرتدي القناع بشكل غير صحيح أو يلمس الجزء الملوث من القناع عند إزالته فينقل الفيروس إلى يده ثم إلى عينه وبالتالي أنفه، قد تمنحنا الأقنعة أيضًا شعورًا زائفًا بالأمان فيفعل مرتدوها أشياء خطيرة مثل الذهاب إلى أماكن مزدحمة للغاية.
هل تحمي الأقنعة الآخرين؟
هل يمكن أن تحمي الأقنعة الآخرين من الفيروس الذي قد ينشره أحد مرتديها؟ وجدت دراسة معملية حديثة في هونغ كونغ بعض الأدلة التي تقول إن الأقنعة قد تمنع انتشار الفيروس بواسطة مرتديها.
أخذت الدراسة أشخاصًا مصابين بأعراض تشبه الإنفلونزا وأعطت نصفهم أقنعة وبقي نصفهم دون أقنعة، ثم جمعت الفيروسات خلال 30 دقيقة من الهواء الذي أخرجوه بما في ذلك السعال.
أدت الأقنعة إلى الحد من كمية القطرات والهباء الجوي الذي يحتوي على كميات من الفيروس، لكن 17 فقط من 111 شخصًا كانوا مصابين بأحد فيروسات كورونا، لكنه لم يكن فيروس سارس، قد تكون هذه الدراسة واعدة، لكنها بحاجة للتكرار في أسرع وقت ممكن.
ارتداء الأقنعة إجراء تكميلي مع إستراتيجيات أخرى مثل التباعد الاجتماعي والاختبارات والتعقب والتتبع للحد من انتشار العدوى
إننا لا نعلم أيضًا كيف سيعمل الحد من القطرات والهباء الجوي على تقليل العدوى في العالم الحقيقي، وإذا كان هناك أي تأثير فسيحد منه عدة عوامل أخرى مثل المرضى الذين لا يرتدون أقنعة والأصحاء الذين لا تظهر عليهم أعراض المرض لكنهم حاملون للفيروس وينشرونه.
أقنعة للبعض
إذا كان ارتداء الأقنعة يحد بشكل كبير من نقل العدوى للآخرين فماذا يجب أن نفعل؟ يمكننا أن نطلب من أي شخص تظهر عليه أعراض مرض متعلق بالجهاز التنفسي أن يرتدي قناعًا عند التعامل مع العامة، هذا الإجراء تكميلي مع إستراتيجيات أخرى مثل التباعد الاجتماعي والاختبارات والتعقب والتتبع للحد من انتشار العدوى.
أما بالنسبة للأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض بإمكاننا أن نطلب من الجميع ارتداء أقنعة في المناطق العامة المغلقة، أما في المناطق العامة المفتوحة فمعظم الناس لا يشكلون خطرًا كبيرًا، لكن مع تقليل القيود قد تكون الأقنعة مطلوبة في بعض التجمعات بالأماكن المفتوحة مثل الأحداث الرياضية والحفلات الموسيقية.
الإمكانية الأخرى هي اتباع قاعدة “2*2”: إذا كنت ستكون خارج المنزل في نطاق مترين من الآخرين ولأكثر من دقيقتين فأنت بحاجة لارتداء قناع الوجه، من الأفضل أن يرتدي القناع المرضى المحتملون لمنع انتشار المرض وإجراء تحقيق صارم وسريع، كما أنه قد يكون مكملًا لإجراءات مثل التباعد الاجتماعي ونظافة اليدين وإجراء الاختبارات والإغلاق.
المصدر: ذي كونفرسايشن