شنت الحكومة الليبية المستقيلة برئاسة “عبد الله الثني” حملة كبيرة صباح اليوم على دولة السودان متهمة إياها بدعم جماعات مسلحة عن القانون وهي قوات ما يعرف بفجر ليبيا التي تسيطر حاليًا على أغلب مرافق العاصمة الليبية طرابلس، وطلبت الحكومة الليبية من الملحق العسكري السوداني سرعة مغادرة ليبيا كونه شخص غير مرغوب فيه.
وكان العقيد سليمان حامد آمر القوات الليبية السودانية المشتركة قد أكد في تصريحات صحفية أن طائرة سودانية هبطت بمطار الكفرة يوم الخميس الماضي لإفراغ شحنة أسلحة للقوات الليبية السودانية المشتركة، موضحًا أنه أجرى اتصالات عدة برئاسة الأركان الجوية وبغرفة العمليات ورئاسة الأركان؛ للحصول على تصريح لهبوط الطائرة، لكنه لم يتلقَّ أيَّ رد، مبينا أن هذه ليست المرة الأولى التي تهبط فيها طائرة في مطار الكفرة دون إذن من الجهات المسئولة، هذا وقد حضر آمر منطقة الكفرة العسكرية وعددًا من الضباط وأعيان من مدينة الكفرة عملية تفريغ الشحنة ومغادرة الطائرة.
واعتبر مراقبون أن خطوة حكومة الثني في التصعيد مع السودان تأتي ضمن سياسة تحييد القوى الرافضة للتدخل الأجنبي في ليبيا، حيث عارضت السودان كأحد الدول الست المجاورة لليبيا الخطة المصرية القاضية بضرورة التدخل العسكري بحجة القضاء على الجماعات الإسلامية المتشددة التي تهدد الأمن القومي لمصر بحسب الزعم المصري.
بينما أشار محللون إلى أن موقف حكومة الثني لم يكن نابعًا منها بدافع المصلحة العليا الوطنية الليبية، أو ضمن سياسة خارجية واضحة المعالم، بقدر ما هي تماهي مع الثورة المضادة التي تهدف إلى إسقاط الثورة الليبية، في إطار التحالف المصري الإماراتي الهادف إلى توجيه ضربات موجعة لتيارات الإسلام السياسي بدول الربيع العربي.
من جهة أخرى أبدى قطاع من الليبيين استغرابه عبر صفحات التواصل الاجتماعي للتناقض الذي وقعت فيه حكومة الثني المستقيلة، ففي الوقت الذي أكد فيه مسئولون أمريكيون تورط دولتي مصر والإمارات في توجيه ضربات عسكرية جوية لمواقع بالعاصمة الليبية طرابلس تابعة لقوات فجر ليبيا، اكتفت حكومة الثني بالمبررات التي قدمتها خارجية مصر والإمارات والنفي الذي قدماه، في حين أنها تشددت مع دولة السودان الرافضة للتدخل الأجنبي في ليبيا في وقت لم تثبت فيه مسألة تمويلها لفجر ليبيا أو غيرها من الجماعات المسلحة، مستندين إلى التصريحات الصحفية التي أدلى بها العقيد سليمان حامد آمر القوات الليبية السودانية المشتركة وهي قوة أُنشئت بموجب اتفاقية بين حكومة عبد الرحيم الكيب ودولة السودان لحماية الحدود بين البلدين بمنطقة العوينات على حدود البلدين، والتي قال فيها إن شحنة السلاح وصلت إلى القوة المشتركة بحضور أعيان من مدينة الكفرة.
وأرجع المراقبون نفي الجيش السوداني تزويد جماعات مسلحة بليبيا بالسلاح إلى أنه رسالة للمجتمع الدولي والدول الكبرى في أن السودان لم تخرج عن الخط العام والقاضي بعدم تزويد أحد طرفي النزاع بالسلاح، والعمل ضمن رؤية سياسية شاملة لاحتواء الأزمة الليبية.