ترجمة وتحرير: نون بوست
تعمل اللقاحات عن طريق تعريض الجهاز المناعي لأجزاء من الفيروس أو البكتيريا، حتى يتمكن من تعلم كيفية حماية الجسم من تلك الجراثيم. ثم يقع تصنيع هذه اللقاحات عن طريق زراعة أو توليد أجزاء من الجراثيم، والتي غالبا ما يقع إضعافها أو جعلها غير نشطة لتعريض الجسم لهذا الفيروس أو البكتيريا بأمان وفعالية.
تعتبر اللقاحات ضرورية لمكافحة المرض، ليس فقط لكل فرد، ولكن أيضا لمجتمعات بأكملها. كما تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن اللقاحات منعت ما لا يقل عن 10 ملايين حالة وفاة في جميع أنحاء العالم بين سنتي 2010 و 2015. ومع ذلك، فإن عملية صنع لقاح صعبة ومعقدة وتستغرق وقتا طويلا. إليك ما تحتاج إلى معرفته حول كيفية عمل أنواع مختلفة من اللقاحات ومراحل إنتاجها الست والوقت الذي تستغرقه عملية تطويرها.
كيف تعمل اللقاحات؟
لجعل جهاز المناعة يتفاعل حتى يتمكن من تعلم كيفية حماية الجسم من فيروس، يقول آبي مالكين، الطبيب والمؤسس والمدير الطبي لشركة كونسيارج آم دي في لوس أنجلوس، إن اللقاحات تستخدم فيروسات ضعيفة أو ميتة أو أجزاء منها. ويضيف أنه لصنع هذه اللقاحات، يقع خلق نسخة ضعيفة أو غير نشطة من الفيروس غير قادرة على إصابة الإنسان بالمرض، ولكن قادرة على تحفيز الجسم لتنشيط رد فعل مناعي يخلق أجساما مضادة للفيروس.
غير أن الفيروسات ليست كلها متشابهة. فوفقا لمالكين، يعتمد نهج إنشاء لقاح على خصائص المرض، وكيفية تأثيره على الجسم، ورد فعل جهاز المناعة والشعوب الأكثر تضررا منه.
بشكل عام، تعمل هذه اللقاحات وفقا لأربع طرق مختلفة، كالتالي:
– اللقاحات الحية المضعّفة أو الخاملة: يقع إضعاف عينات كاملة من الفيروس المسبب للمرض لتطوير المناعة. واستخدمت عملية الإضعاف في اللقاحات الأولية للجدري والجدري المائي والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية وفيروس الروتا والحمى الصفراء.
– اللقاحات غير النشطة: يقع بواسطة هذه الطريقة قتل الفيروس باستعمال مواد كيميائية ، لكن هذه اللقاحات أقل فعالية من اللقاحات الحية المضعفة. فمثلا، في حالة علاج داء الكلب، يحتاج المريض إلى حقن ثلاث جرعات مختلفة من هذا اللقاح مع مرور الوقت. كما يستخدم هذا النوع من اللقاحات أيضا ضد التهاب الكبد أ والإنفلونزا وشلل الأطفال.
– اللقاحات الوحيدات المؤتلفة المتكونة من السكريات المتعددة أو المتقارنة: تؤثر هذه اللقاحات على أجزاء معينة من الميكروب بدلا من كامل الفيروس أو البكتيريا. وتستخدم هذه اللقاحات ضد المستديمة النزلية ب والتهاب الكبد الفيروسي ب والأنفلونزا وفيروس الورم الحليمي والسعال الديكي والمكورات الرئوية والتهاب السحايا والهربس النطاقي.
– اللقاحات الذيفانية: تؤثر هذه اللقاحات خاصة على الجراثيم السامة. وتعالج أمراضا مثل الخناق والكزاز.
يقول أستاذ الأمراض الميكروبية في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، برندان رين، إن لكل لقاح نقاط قوة ونقاط ضعف مختلفة، ويعد اختيار اللقاح المناسب أمرا ضروريا. ووفقا لرين، فإن اللقاحات الموهنة الحية تعمل على ضمان رد فعل مناعي قوي ومناسب، ولكن تثير مخاوف تتعلق بالسلامة. وإن لقاحات الوحيدات، التي تستند إلى سطح الخلية للفيروس أو البكتيريا، تكون أكثر أمانا بشكل عام، ولكنها قد لا تؤدي إلى رد فعل مناعي قوي بما يكفي مما يجعل تعزيز اللقاحات ضروريا.
إنتاج اللقاحات
تصنع اللقاحات عن طريق زراعة أو توليد أجزاء من الفيروس، والتي يمكن استخدامها لتحفيز رد فعل الجهاز المناعي حتى يتعلم محاربة ذلك الفيروس. ووفقًا لمقال نشر في شهر آذار/مارس 2020 لأعضاء مجموعة أكسفورد للقاحات في مجلة ” ذي كونفرزيشن”، فإن تطوير لقاح يتضمن عادةً عملية مكونة من ست خطوات، وهي التالية:
– فهم عام للفيروس: يقع دراسة الفيروس في المختبر للتعرف على مميزاته وخصائصه، وكذلك كيفية تأثيره على الخلايا البشرية أو الحيوانية.
– البحث عن اللقاح المرشح: بمجرد دراسة الفيروس، يحتاج العلماء إلى تحديد النهج الذي يجب اتخاذه. قد يشمل ذلك إحدى العمليات الأربع الموضحة أعلاه، مثل عزل الفيروس الحي أو إضعافه أو تعطيله، أو استخدام التسلسل الجيني الخاص به لإنشاء لقاح.
– اختبار اللقاح في الدراسات قبل السريرية: وذلك باختباره أولاً على الحيوانات لتحديد استجابة البشر له، وفي هذه المرحلة، يمكن للباحثين تكييف اللقاح لجعله أكثر فعالية.
– اختباره في التجارب السريرية: يقع إجراء هذه الاختبارات على البشر، بعد ثلاث مراحل، الأولى على بضع عشرات من المتطوعين، والثانية على مئات الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بمرض المنتمين إلى “مجموعة سكانية مستهدفة” والثالثة على عدة آلاف من الناس لتحديد سلامته وفعاليته.
– الحصول على الموافقة القانونية: ينبغي على هيئات مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الموافقة على اللقاح ومراجعة نتائج التجربة. ويجب أيضا تطوير السياسات الخاصة باستخدامه، على سبيل المثال، من خلال تحديد من يتمتع بأولوية اللقاح.
– وضع اللقاح في مرحلة الإنتاج ويمكن إنتاجه أولاً على نطاق صغير، ثم بكميات أكبر، قبل البدء في توزيعه.
كم من الوقت يستغرق تطوير لقاح؟
وفقًا لمجموعة أكسفورد للقاحات، وهي من بين 40 فريقًا بحثيًا يقوم بتطوير لقاح لكوفيد-19، يمكن أن يستغرق إنتاج لقاح فعال وآمن ما بين خمس وعشر سنوات. لكن بالنسبة لجائحة كوفيد-19، يبحث الكثيرون عن حل أسرع. وفي هذا الصدد، قال ماكين إنه “نظرًا لخطورة الأزمة الحالية، تُبذل جهود لتسريع إنتاج لقاح في غضون ما بين 12و18 شهرًا”، على الرغم من أن الخبراء حذروا من مخاطر تسريع خطوات إجراءات السلامة للقاح.
خلال انتشار الأوبئة النشطة، يمكن تسريع البحث في كثير من الأحيان بفضل زيادة التمويل والموارد. لحسن الحظ، كان الباحثون يعملون بالفعل على لقاحات للتغيرات الأخرى للفيروسات التاجية . وقد أصدر العلماء الصينيون في كانون الثاني/يناير التسلسل الجيني لهذا الفيروس التاجي الجديد مما ساعد في تسريع العملية المتعلقة بلقاح كوفيد-19.
في المقابل، يحذر وارين من أنه حتى مع الاستفادة من المرحلة الأولى، يظل إنتاج اللقاح عملية طويلة ومكثفة. “بشكل طبيعي، ستستغرق محاكاة العدوى شهورًا”، كما يقول. ويشير وارين إلى أن الحصول على التصاريح القانونية والأخلاقية لتنفيذ المرحلة الأولى من التجارب على البشر يمكن أن تستمر بين شهرين وثلاثة أشهر، بينما تستغرق عملية التجارب السريرية بأكملها تسعة أشهر على الأقل.
على الرغم من أن العديد من الباحثين يكرسون وقتهم وجهدهم لتطوير اللقاح، سيستغرق الأمر بعض الوقت. وفقًا لوارين “يبدو الأمر واعدًا، ولكن ليس هناك ما يضمن أن أي من اللقاحات سيحفز على رد فعل مناعي قوي بما فيه الكفاية”.
المصدر: بيزنس انسايدر