تعتزم الحكومة الإسكتلندية إجراء استفتاء عام للناخبين الإسكتلنديين بشأن مسألة الاستقلال عن المملكة المتحدة يوم الخميس 18 سبتمبر 2014 وفقًا لاتفاق الحكومة المحلية الإسكتلندية مع الحكومة المركزية، وسيكون الاستفتاء على شاكلة سؤال يُوجّه للمواطن الإسكتلندي “هل ينبغي أن تكون إسكتلندا دولة مستقلة؟”.
ولأول مرة، وقبل أقل من عشرة أيام على موعد الاستفتاء، أشار استطلاع لمعهد يوجوف لحساب صحيفة صنداي تايمز إلى أن أنصار استقلال إسكتلندا حققوا أول تقدم في استطلاع للرأي منذ بدء حملة الاستفتاء، وقال “يوجوف” إن استطلاعه منح الناخبين المؤيدين للاستقلال51% مع حصول دعاة الوحدة على 49%، منهيًا تقدمًا بواقع 22 نقطة لحملة “معًا أفضل” المناهضة للاستقلال خلال شهر.
وفي وقت سابق، أظهر ما سمي “استطلاع الاستطلاعات” – الذي أجري في 15 أغسطس الماضي، واستند فيه إلى نتائج آخر ستة استطلاعات واستُثني منه من لم يحدد رأيه بعد – أن 43% من المستطلعة آراؤهم يؤيدون استقلال إسكتلندا، فيما فضل 57% البقاء في إطار المملكة المتحدة.
ورغم أن معظم المتابعين يثقون أن الحملة الرافضة للاستقلال ستنجح في الفوز بأغلبية
أصوات الإسكتلنديين، إلا أنه في حالة فوز المطالبين بالاستقلال، فإن ذلك سيعني استقلال إسكتلندا عن بريطانيا العظمى خلال ثمانية عشر شهرًا بحلول مارس 2016.
وهناك العديد من النواحي التي يفكر بها الساسة والاقتصاديون عندما يأتي الأمر لاستقلال إسكتلندا، فعلى سبيل المثال، هناك مديونيات داخلية وخارجية على بريطانيا تتجاوز 1.2 تريليون جنيه إسترليني، ومن المؤكد أن إسكتلندا سيكون لها حصتها من هذه الديون، وهذا يعني أن إسكتلندا ستواجه تحديات اقتصادية جمة، وربما ستضطر الحكومة إلي زيادة الضرائب وأن تخفض من الإنفاق بمقدار يتجاوز 6 مليار جنيه إسترليني.
وفي حالة لم تتخذ الحكومة الإسكتلندية الجديدة احتياطاتها في ترشيد الإنفاق، فإن الدين قد يبلغ ثلاثة أضعاف الناتج القومي الإجمالي خلال خمسين سنة.
وطبقًا لدعاة الاستقلال، فستتفق إسكتلندا وباقي أرجاء المملكة المتحدة على حصتها في الدين القومي، ويمكن تقسيم هذا الدين القومي من خلال الرجوع إلى المساهمة التاريخية التي قدمتها إسكتلندا في التمويل العام في المملكة المتحدة.
إسكتلندا كذلك ستظل تستخدم الجنيه الإسترليني كعملة وطنية، بنما تفعل ذلك وتستخدم الدولار الأمريكي بدون العودة إلى البنك المركزي الأمريكي، وبالنظر إلي أمر الديون، فإن الدولة ستحتاج إلى كمية ضخمة من الاحتياطي النقدي كي تؤمن البلاد، وفي حال قررت إسكتلندا استخدام عملة جديدة خاصة بها، فإن ذلك قد يعرضها لمخاطر كونها دولة جديدة بدون تاريخ نقدي أو إئتماني.
الصورة: غواصة في قاعدة حربية بريطانية في اسكتلندا
من ناحية الدفاع، فإن إسكتلندا في الوقت الحالي تُعد المنطقة الثابتة للغواصات النووية البريطانية؛ هذا الأمر سيجعل من الصعوبة بمكان أن تنفصل إسكتلندا من ناحية الدفاع أو في تجهيزها العسكري عن بريطانيا، وفي حال حدث ذلك، فإن التنسيق سيكون كاملاً، بحيث يتشارك جهاز الاستخبارات الإسكتلندي معلوماته بشكل شبه كامل مع المكتبين الخامس والسادس البريطاني، كما أن إسكتلندا ستعتمد بشكل كبير على بريطانيا في مسألة الدفاع.
ومن ناحية العضوية في الاتحاد الأوروبي، فإن اسكتلندا ستستمر في عضويتها في الاتحاد بنفس الصيغة التي تضم بريطانيا، وهو ما يعني بقاءها خارج منطقة اليورو، وربما أيضًا منطقة شنغن.
هناك عدد من الدول مثل لاتفيا، أيرلندا، والتشيك تصر على أن إسكتلندا يجب أن تمر بجميع مراحل العضوية، وليس أن ترث عضوية بريطانيا ببساطة!
الناتج الاقتصادي لإسكتلندا، حتى بدون النفط والغاز، يتساوي تقريبًا مع المملكة المتحدة ككل، وبالتالي، فالنفط والغاز يمثلان ميزة إضافية، وربما تصل القيمة التي تحصل عليها إسكتلندا من ريع النفط إلى أكثر من 90٪.
هناك أيضًا نقطة هامة تكمن في المحافظة على دولة الرفاه بالنسبة للإسكتلنديين، وبدون دعم البرلمان البريطاني فإن إسكتلندا لن تكون قادرة على توفير مستوى معيشة مشابه لمواطنيها مقابل ذلك الذي سيتخلون عنه من بريطانيا.
بريطانيا دُوليًا ستحتاج أن تتصرف بتواضع أكثر، فقد تجاهلتها روسيا والصين خلال العام الماضي إلى حد وصف أحد المتابعين “كجزيرة صغيرة لا يلتفت إليها أحد”، واستقلال إسكتلندا سيعزز تلك النظرة، وحتى ربما سيجعل البعض يطالب بإيقاف عضوية بريطانيا الدائمة في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني “ديفيد كاميرون” قد وجه نداء في فبراير الماضي ناشد فيه إسكتلندا عدم الانفصال عن المملكة المتحدة، مشيرًا الى أن هذا الانفصال سيضعف مكانة بريطانيا في العالم.
ويقول الداعون للاستقلال إن الاستقلال سيؤدي إلى أن يحل برلمان منتخب بشكل كامل من خلال الشعب الإسكتلندي محل نظام وستمنستر الحالي، فبموجب هذا النظام، يُشكل النواب المنتخبون من قبل إسكتلندا نسبة 9% فقط من 650 عضوًا من أعضاء مجلس العموم، أما مجلس اللوردات فهو غير منتخب بالكامل حسب الحكومة الإسكتلندية.
يمكنك الاطلاع على ورقة الحكومة الاسكتلندية الداعية للاستقلال عبر الضغط هنا