ترجمة وتحرير نون بوست
كتب توبياس كيلر وروزالي جيليت
لقد كانت منصات التواصل الاجتماعي تخضع لضغوط متزايدة للحد من انتشار المعلومات الخاطئة، حتى قبل أن يأتي فيروس كورونا ليقلب الحياة رأسًا على عقب ويثير موجة كبيرة من الأخبار العالمية.
في العام الماضي دعا مؤسس فيسبوك والرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ إلى قواعد جديدة لمعالجة المحتوى الضار ونزاهة الانتخابات والخصوصية ونقل المعلومات، والآن وسط هذه الجائحة التي تنتشر سريعًا، حيث يستخدم المزيد من الناس وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الحصول على الأخبار والمعلومات، أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى أن يثق الناس في هذا المحتوى.
تتخذ المنصات الرقمية الآن المزيد من الخطوات لمعالجة مشكلة المعلومات الخاطئة بشأن كوفيد-19 على خدماتها، ففي بيان مشترك تعهدت فيسبوك وجوجل ولينكدان ومايكروسوفت وريديت وتويتر ويوتيوب على العمل معًا لمواجهة تلك المعلومات الخاطئة.
عادة ما ينتهج فيسبوك خطوات أقل استباقية لمواجهة المعلومات الخاطئة، فالتزامها بحماية حرية التعبير أدى إلى سماح المنصة بالمعلومات الخاطئة في الإعلانات السياسية، ومع ذلك فقد اختار مرشِح فيسبوك للرسائل أخبارًا شرعية عن كوفيد-19 كرسائل غير مرغوب بها، ورغم أن فيسبوك أصلح الخطأ سريعًا، فإن هذه الحادثة تكشف قيود أدوات الإشراف الآلية.
في خطوة بالاتجاه الصحيح سمح فيسبوك لوزارات الصحة الوطنية والمنظمات التي يُعتد بها بالإعلان عن معلومات صحيحة بشأن كوفيد-19 بشكل مجاني، أما تويتر الذي يحظر الإعلان السياسي فقد سمح بروابط للمواقع الإلكترونية لوزارة الصحة الأسترالية ومنظمة الصحة العالمية.
هناك 4 أسباب رئيسية تجعل محاولات تويتر وغيره من المنصات لتصنيف المعلومات الخاطئة وسيلة غير فعالة
أعلن تويتر أيضًا مجموعة من التغييرات لقواعده، تتضمن تحديث طريقة تعريف الضرر لمعالجة المحتوى المخالف للمعلومات الموثوقة بشأن الصحة العامة، وزيادة استخدام التعلم الآلي وتقنيات الأتمتة لاكتشاف وإزالة أي محتوى مسيء أو متلاعب محتمل.
محاولات سابقة فاشلة
لسوء الحظ لم تنجح محاولات تويتر الأخيرة لمعالجة المعلومات الخاطئة (أو بمعنى أدق المعلومات غير الصحيحة التي تُنشر عمدًا بقصد التشويش والإرباك)، بدأت المنصة في تصنيف مقاطع الفيديو والصور المدرجة كمحتوى متلاعب، وكان أول اختبار حاسم لتلك المبادرة مقطع فيديو مُعدل انتشر على نطاق واسع للمرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن، حيث تم تعديل جزء من جملة لتبدو وكأنه يتوقع إعادة انتخاب دونالد ترامب.
استغرق الأمر 18 ساعة لتصنيف الفيديو الذي شاهده حينها 5 ملايين مشاهد وأعُيد تغريده 21 ألف مرة، كما ظهر التصنيف أسفل الفيديو (بدلًا من أن يكون في مكان أكثر وضوحًا) وكان مرئيًا فقط لنحو 757 ألف حساب يتابعون الناشر الأصلي للفيديو دان سكافينو مدير وسائل التواصل الاجتماعي في البيت الأبيض.
أما الأشخاص الذين شاهدوا الفيديو من خلال تغريدة حساب البيت الأبيض الذي يضم 21 مليون متابع أو من خلال تغريدة حساب دونالد ترامب الذي يضم 76 مليون متابع، فلم يشاهدوا التصنيف على الإطلاق.
تصنيف المعلومات الخاطئة وسيلة غير ناجحة
هناك 4 أسباب رئيسية تجعل محاولات تويتر وغيره من المنصات لتصنيف المعلومات الخاطئة وسيلة غير فعالة، أولًا: تميل منصات التواصل الاجتماعي إلى استخدام خوارزميات آلية لتلك المهام لأنها تتدرج بشكل جيد، لكن تصنيف التغريدات المضللة يتطلب عمالة بشرية، فالخوارزميات لا تستطيع فك رموز التفاعلات البشرية المعقدة، لذا هل تستثمر منصات التواصل الاجتماعي في العمالة البشرية لحل تلك المشكلة؟ الاحتمالات طويلة.
ثانيًا: من الممكن مشاركة التغريدات ملايين المرات قبل تصنيفها، وحتى لو تم إزالتها فمن الممكن بسهولة تعديلها وإعادة نشرها لتجنب الكشف الخوارزمي، السبب الثالث والأكثر أهمية أن هذه التصنيفات قد تؤدي لنتائج عكسية وتؤدي فقط إلى إثارة انتباه الجمهور، وبالتالي قد تؤدي التصنيفات بالفعل إلى انتشار المعلومات الخاطئة بدلًا من الحد منها.
نحن جميعًا كمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لدينا دور مهم في مكافحة المعلومات الخاطئة، فقبل مشاركة أي شيء فكر بعناية عن مصدره
يمكن لصانعي هذا المحتوى المخادع إنكار أن محتواهم كان محاولة للتشويش وادعاء الرقابة الظالمة، لأنهم يعلمون أنهم سيجدون جمهورًا متعاطفًا داخل منطقة الحزبية المفرطة على وسائل التواصل الاجتماعي.
إذًا كيف يمكننا التغلب على المعلومات الخاطئة؟
قد يبدو الأمر مستحيلًا، لكن هناك بعض الإستراتيجيات العملية التي تستطيع الصحافة ومنصات التواصل الاجتماعي وعامة الناس استخدامها:
أولًا: إذا لم تنتشر تلك المعلومات الخاطئة بين جمهور واسع فتجنب منحها المزيد من الاهتمام، لماذا تعطيها المزيد من الأكسجين الذي لا تستحقه؟
ثانيًا: إذا وصلت المعلومات الخاطئة للنقطة التي تتطلب فضح زيفها، ركز على تأكيد الحقائق بدلًا من توجيه الموقف للأسوأ، أشر إلى كلام الخبراء والمصادر الموثوق بها واستخدم “ساندوتش الحقيقة” حيث توضح الحقيقة ثم المعلومة الخاطئة ثم تعيد تأكيد الحقيقة مرة أخرى.
ثالثًا: يجب أن تكون منصات التواصل الاجتماعي أكثر رغبة في إزالة أو تقييد المحتوى غير المرغوب به، قد يتضمن ذلك وقف الإعجابات والمشاركة وإعادة التغريد لمنشورات معينة وحظر المستخدمين الذي يكررون تضليل الآخرين.
فعلى سبيل المثال أزال تويتر مؤخرًا معلومات خاطئة عن فيروس كورونا نشرها رودي جويلاني وتشارلي كيرك، بينما أزال متجر تطبيقات جوجل تطبيق “Infowars”، والواقعة الأكثر تأثيرًا كانت إزالة معلومات خاطئة من فيسبوك وتويتر ويوتيوب للرئيس البرازيلي جايير بولسونارو.
أخيرًا: نحن جميعًا كمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لدينا دور مهم في مكافحة المعلومات الخاطئة، قبل مشاركة أي شيء فكر بعناية عن مصدره، تأكد من المصدر وأدلته وتحقق مرة أخرى باستخدام مصادر أخرى مستقلة، وأبلغ عن أي محتوى مشتبه به على المنصة بشكل مباشر، فنحن الآن بحاجة إلى معلومات موثوقة أكثر من أي وقت مضى.
المصدر: ذي كونفرسايشن