ترجمة وتحرير نون بوست
خلال هذا الأسبوع، تم الكشف عن معلومات أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران قد وافق على التعاون العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية ضد جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
التحريض الذي يقوم به المعسكر المقابل لداعش يبدو سيرياليًا للغاية، إيران تنسق مع الشيطان الأكبر والعدو للأمد الطويل للتخلص من الإسلاميين، في حين يرحب بشار الأسد بتوسيع نطاق الضربات الجوية الأمريكية إلى سوريا، والسعودية تراقب حدودها مع العراق بعين القلق، على أمل وقف حركة مقاتلي داعش والذين تجندهم.
وصول داعش إلى الساحة غير الديناميات الإقليمية على العديد من المستويات، أحد الجوانب المثيرة للاهتمام هو توحيد كتلة إيران وسوريا بعد أن ازدادت هشاشتها على مدار العام الماضي، خاصة بعد تفكير حسن روحاني أنه قد يستفيد من الإطاحة بالأسد إذا قدمه كبش فداء لصالح أجندته الخاصة.
الإلهاء الذي تقدمه سوريا
جاء روحاني إلى منصب الرئاسة في أغسطس الماضي مع التفويض الشعبي لتحرير إيران من العقوبات الدولية التي فُرضت عليها نتيجة برنامجها النووي، كانت سوريا تمثل إلهاء للرأي العام العالمي ونقلت الضوء بشكل سريع عن روحاني.
كانت المشكلة أن روحاني لم يكن لديه مطلق الحرية في سوريا، وكانت إيران قد وقعت اتفاقية أمنية مع سوريا في 2006، وكانوا ملتزمين بشكل كبير بحماية الأسد، أما أكثر المؤيدين لنظام الأسد فقد كانت القيادة المركزية لقوات الحرس الثوري الإيراني.
الخط الإيراني الرسمي اتهم القوى الخارجية باستمرار أنها تدعم الجماعات الإرهابية في محاولة منها لزعزعة استقرار سوريا، الولايات المتحدة والسعودية وتركيا، تقول إيران إنهم يدعمون التمرد المناهض للأسد، وهذا يعني أن الدعم الإيراني للأسد يجب أن يستمر، إذ أن طهران لن تسمح بانهيار محور المقاومة والممانعة.
أجندة روحاني لتحسين علاقاته مع الغرب تعني أن حكومته ستعدل من موقفها تجاه سوريا، وقد قدم مؤشرًا مبكرًا على ذلك بعد يومين من توليه منصبه، فقد اقتراح روحاني أنه ليس من حل سوى الحل السياسي الذي يتعاون فيه النظام ومعارضته لإنقاذ سوريا، كان حريصًا على أن “الإرهابيين المدعومين خارجيًا” من الممكن أن يفسدوا تلك العملية، لكنه لم يسم جميع المعارضين للأسد بالإرهاب، لقد كانت تلك وجهة نظر جديدة ومختلفة بشكل ملحوظ عن الرأي السائد وهو ما وضع حكومة روحاني في خلاف مع قيادة الحرس الثوري الإيراني.
الأخبار عن الهجوم الكيماوي في الغوطة قرب دمشق، أعطى روحاني المزيد من الزخم لإبعاد إيران عن نظام الأسد، وفي تغريدة على موقع تويتر، طلب روحاني من المجتمع الدولي أن يحتشد لرفض أي هجمات أخرى من هذا النوع.
سوريا من دون الأسد؟
أوضحت حكومة روحاني أنها مستعدة للنظر في خيار “سوريا بدون الأسد”، وخاصة إذا كان ذلك يعني أن المحادثات النووية بين إيران والغرب ستمضي على نحو أكثر سلاسة، آخر اتفاق في نوفمبر الماضي مع القوى الغربية أعطى إيران مهلة لتخفيف العقوبات، وهو ما بدا نهجًا جديدًا من الغرب مع إيران، حتى المرشد الأعلى كان معجباً بالاتفاق ونشر تهنئة في صحيفة جمهوري إسلامي المحافظة، قدرة روحاني على الحفاظ على دعم المرشد الأعلى عززت من دعم صقور الحرس الثوري له، تأيد خامنئي لروحاني كان لأن روحاني أبرز “مرونة بطولية” وهو ما هدأ من الانتقادات التي اتهمت روحاني بجعل إيران تبدو ضعيفة.
كانت المكاسب الدبلوماسية التي حصل عليها روحاني لا رجعة فيها، لكنه عانى بشكل كبير في مؤتمر جنيف الثاني، في وقت مبكر من رئاسة روحاني، تحدثت القوى الدولية والأمم المتحدة مع وزير الخارجية الإيراني “جواد ظريف” وغيره من المسئولين الإيرانيين للبحث عن حل وسط في سوريا، كان من المتوقع أن إيران ستشارك في اجتماع يناير 2014 الذي أطلق عليه جنيف 2، لكن المعارضة السورية رفضت بشكل كبير، وتراجع بان كي مون عن دعوته لإيران، كانت هذه صفعة دبلوماسية، ولم يتعاف روحاني من حرج جنيف 2 حتى الآن.
تولى الحرس الثوري الدفة واستفاد بشدة من النكسة الدبلوماسية لنشر المزيد من قوات فيلق القدس في سوريا بين يناير وفبراير 2014، اعترف جواد ظريف لاحقًا لجون كيري أن ملف سوريا ينزلق من أيدي روحاني.
عامل الدولة الإسلامية
لا ينبغي أن تكون مفاجأة أن الحرس الثوري الإيراني لم يكن مستعدًا للتخلي عن سنوات من الاستثمار في الأسد وحزب الله، وساعد على عودة الحرس الثوري فشل روحاني في صياغة أجندة دبلوماسية خاصة به لها أثرها، وأكثر تأثيرًا من ذلك هو صعود جماعة داعش، التي غيرت المشهد السياسي بقوة.
قضت أيديولوجية داعش المتطرفة المعادية للشيعة على أي احتمال للتسوية، وأصبح يُنظر إلى سقوط الأسد على أنه صعود لمجموعة الدولة، وصار الأسد أمام الجميع كسد بين سوريا والتكفيريين، وأعطت انتخابات الرئاسة في يونيو الماضي ذريعة لروحاني بأن يؤكد أن الأسد كان زعيمًا شرعيًا.
حاول روحاني تجربة مسار جديد في العلاقة مع سوريا، ولكن الارتفاع السريع لداعش ساعد على إبراز نوع جديد من التعاون بين الأسد والقيادة الإيرانية، وطالما بقيت داعش البديل للأسد، فإن القيادة الإيرانية ستلتزم بدعم الأسد أمام المجتمع الدولي.
المصدر: الجزيرة الإنجليزية