ترجمة وتحرير: نون بوست
في ظل انتشار فيروس كورونا الذي يُهدد العالم، اختار البرلمان المصري يوم الأربعاء توسيع سلطة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقد وافق البرلمان بأغلبية كبيرة على إجراء سلسلة من التعديلات على قانون الطوارئ بشكل يمنح الرئيس المصري سلطة حظر حرية التجمع أو حتى التحكم في البحث العلمي.
تشمل قائمة التعديلات ما يصل إلى 17 سلطة جديدة صاغتها بكل حزم لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في البرلمان، التي يسيطر عليها أنصار السيسي. وقد وافق 406 من أصل 596 عضوا في مجلس النواب المصري على هذه الصيغة الجديدة. وتجدر الإشارة إلى أن قانون الطوارئ الصادر في سنة 1958 كان ساري المفعول لثلاث عقود منذ حكم الرئيس السابق حسني مبارك، ووقع تمديده بلا هوادة منذ نيسان/ أبريل 2017، في أعقاب سلسلة الهجمات التي استهدفت الأقلية المسيحية في البلاد.
حسب بهاء الدين أبو شوكة، رئيس لجنة الشؤون التشريعية والدستورية، فإن “قانون الطوارئ الحالي يركز على منح الرئيس سلطات لمكافحة التهديدات الإرهابية وجرائم المخدرات ولكنه لا يستجيب لتحديات جائحة مثل جائحة فيروس كورونا”. ومن بين الأوامر التي وقع تفعيلها مؤخرًا الحق في حظر كافة أشكال التجمعات العامة والخاصة فضلاً عن المواكب والمهرجانات، وذلك في بلد أرسل نظامه عشرات الآلاف من المعارضين إلى السجن منذ انقلاب 2013.
شملت هذه التعديلات الولاية القضائية الواسعة بالفعل للمحاكم العسكرية، التي حاكمت عشرات الآلاف من المدنيين منذ سنة 2011. كما خضعت المادة 4 للتعديل من أجل منح العدالة العسكرية “صلاحية التحقيق في الجرائم التي تُبلغ عنها القوات المسلحة”، على الرغم من أن القرار النهائي سيكون بيد النائب العام. كما أن هذه التعديلات ستعمل على إعادة تشكيل المحاكم “لتشمل القضاة العسكريين”، حيث تدل الظروف الفعلية على أنه من الضروري تدخل القوات المسلحة في هذا الأمر لحماية البلاد ومواطنيها.
مراقبة المختبرات
حتى يوم الأربعاء، سيكون لدى السيسي مجموعة واسعة من الصلاحيات على غرار “تعليق السنة الدراسية وإغلاق الوزارات والمؤسسات بطريقة كلية أو جزئية، وتأجيل دفع فواتير المياه والكهرباء والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى إلزام المصريين المغتربين بالعودة إلى ديارهم والامتثال للإجراءات الصحية والحجر الصحي الإجباري، وفرض قيود على تصدير واحتكار سلع ومنتجات وخدمات معينة، هذا إلى جانب تنظيم طرق جمع التبرعات المالية والعينية للسيطرة على بعض الأوضاع الصحية الحرجة”.
تعزّزت سلطة السيسي بشكل أكبر وسط ويلات الجائحة التي خلفت رسميا 3490 حالة إصابة و264 حالة وفاة في مصر
بناءً عليه، تسمح الإجراءات المذكورة سابقًا في إطار قانون الطوارئ للسلطة المصرية بـ “تكثيف” أساليب التحكم في أبحاث وعمل العلماء والمختبرات المتعلقة بشكل خاص بالمواد البيولوجية، واعتماد التدابير التي تقيد حيازتها واستخدامها والتخلص منها أيضًا. سيتمكن السيسي كذلك من تخصيص الدعم المالي للقطاعات الاقتصادية المتأثرة بالأزمة الصحية وتحويل المدارس ومراكز تدريب الشباب إلى مستشفيات. وقد ظهر الرئيس المصري في الأسابيع الأخيرة في الأماكن العامة مرتديًا قناعًا ووجّه تحذيرا بشكل علني إلى مجموعة من العمال الذين كانوا يعملون دون وسائل حماية.
لقد تعزّزت سلطة السيسي بشكل أكبر وسط ويلات الجائحة التي خلفت رسميا 3490 حالة إصابة و264 حالة وفاة في مصر، بعد مرور سنة من الاستفتاء الذي يتيح للسيسي البقاء في السلطة حتى سنة 2030. منذ وصوله إلى الرئاسة، لم يتردد السيسي في مزيد تضييق الخناق على المعارضة. نتيجة لذلك، اعتُقل أكثر من 60 ألف معارض واختفى المئات قسرًا وكُمم الإعلام بالكامل.
وسط مخاوف من ظروف السجون المزرية والعواقب الكارثية لانتشار فيروس كوفيد-19، دخل الناشط علاء عبد الفتاح – رمز الشباب في الاحتجاجات التي أطاحت بحسني مبارك سنة 2011 – في إضراب جوع بداية من الأسبوع الماضي في السجن مشدد الحراسة الذي يحتجز فيه. لقد أدى الوباء إلى تفاقم حالة السجون المصرية. ومنذ العاشر من شهر آذار/ مارس، علّقت السلطات الزيارات العائلية للسجناء وجميع أنواع الاتصالات مع الخارج والخدمات القانونية.
ندّدت منى سيف، شقيقة أحد المعارضين المعتقلين، بممارسات النظام قائلة إنه “يستخدم فيروس كورونا للحد من حقوق المساجين وجعل أوضاعهم أسوأ
التعذيب في السجون
شجبت منظمات حقوق الإنسان لسنوات حرمان السجناء من الحصول على الحد الأدنى من الشروط الصحية والنظافة التي تضمن سلامتهم. وقد أشار التقرير الصادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أنه “في بعض الحالات، تتشابه وضعية السجون المصرية مع ظروف العصور الوسطى عندما كان سوء المعاملة والتعذيب والحرمان من الطعام والصرف الصحي من الخصائص النموذجية لحياة السجن”. ومنذ حادثة الانقلاب العسكري، توفي 650 شخصًا في الحجز.
من جهتها، ندّدت منى سيف، شقيقة أحد المعارضين المعتقلين، بممارسات النظام قائلة إنه “يستخدم فيروس كورونا للحد من حقوق المساجين وجعل أوضاعهم أسوأ. لقد تحول قتالنا إلى محاولة التأكد من أن علاء بخير وهو يخاطر بحياته”. لمحاولة الرد على شكاوى أفراد الأسرة والناشطين، نشر النظام مؤخرًا صورًا لمعارضين معروفين يخضعون لاختبارات كوفيد-19 خلف القضبان.
في بلد يضم نحو 100 مليون نسمة مع نظام صحي غير مستقر، حاولت الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم العربي، التي تحافظ على حظر التجول الليلي منذ 24 آذار/ مارس، على مدى أسابيع إسكات الشكوك التي أثارها العدد الرسمي لحالات الإصابة بفيروس كورونا.
خلال الشهر الماضي، أصدرت السلطات المحلية سحب اعتماد مراسلة صحيفة “الغارديان” البريطانية روث ميشلسون، وأرسلت توبيخًا لصحيفة “نيويورك تايمز” أيضًا لحديثها عن الدراسة التي قدرت أن عدد المصابين في البلاد يتراوح بين ستة آلاف و19 ألف. وقد نشرت المجلة الطبية البريطانية المرموقة “ذا لانسيت” الدراسة لكن النظام المصري لم يغير أسلوب الرقابة أو يعتذر عن الطرد.
المصدر: الموندو