قال المفكر والفيلسوف الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي: ” بالرغم من أن العالم راوده اعتقاد بأن الشعب المصري سينسحب إلى قوقعته عقب إقصاء الرئيس مرسي الشهر الماضي، إلا أن انتفاضة الشعب في مواجهة الانقلاب أحيت روح الربيع العربي”،
وأضاف أستاذ اللغويات في معهد ماساتشوستس الأمريكي للتكنولوجيا في مقابلة مع صحيفة يني شفق Yeni Şafak التركية، أول أمس الاثنين أوردها موقع ميدل إيست مونيتور: ” يجب أن نقرأ بحذر بين سطور الأحداث في مصر، حيث أن ما وراء الهجوم الوحشي” للجيش المصري، هو حماية امتيازاته ورخائه الاقتصادي، والحفاظ على إمبراطوريته التقليدية، ومنعها من الانهيار”.
وأشار إلى أن الجيش لم يكن وحيدًا في تحركه، الذي تطلب دعمًا من الدول الغربية والعربية، وعلى الأخص إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
وأوضح أن أكثر ما أدهشه في الأزمة المصرية هو عدم تبني معظم الشعب المصري للأحداث الدموية، “لأن الانقلابات تخلق جوًّا من الخوف لدى المجتمع، والشعوب بشكل عام تقف إلى جانب الإنقلاب بداعي الخوف، إلا أن ذلك لم يظهر في مصر، التي شهدت تحركًا جماعيًّا” من مؤيدي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
وحول ما يمكن استخلاصه من التحرك الجماعي للشعب المصري، أشار “تشومسكي” إلى أن “انتفاضة الشعب المصري في وجه الإنقلاب أذهلت الجيش المصري وحتى الدول الغربية”، لأن العالم اعتاد على مشهد تقليدي عقب الانقلاب، وأعد نفسه لمشاهدة شعب “ينسحب بصمت إلى قوقعته”، إلا أن ذلك لم يحدث، وهذا ما أحيا “روح الربيع العربي”.
وفي ما يتعلق بما أثاره قتل المدنيين العزل في نفسه، قال المفكر الأميركي إن “من ارتكب تلك الأفعال ومن أمر بارتكابها سيدفعون ثمنًا غاليًا، كما أن من التزموا الصمت ستكون نهايتهم وخيمة”، وعلى الأخص مقتل “أسماء البلتاجي” ابنة محمد البلتاجي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، مضيفًا: “أعتقد أنه لن يبقى أحد في مصر يخاف بعد الآن من الانقلاب والجيش والموت، الجيش المصري قتل فتاة في ميعة الصبا (أسماء) عبر قناصيه لكي يقول للشعب أن كل من يواصل المقاومة سيلقى المصير ذاته.. الشعب المصري لن يتراجع وسيواصل الكفاح حتى النهاية من أجل العيش في بلد حر”.
وحول الدعم الغربي للإنقلاب في مصر، قال “تشومسكي” إن التصريحات المتحفظة للدول الغربية والاتحاد الأوروبي وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية تظهر أنها كانت تتوقع مسبقًا ما يحدث في مصر حاليًّا، بل وحتى تخطط له، مضيفًا: “اعتقد أن اللعبة واضحة، واللاعبون معروفون، اللعبة هي السيطرة على الشرق الأوسط، لكن كيف؟ من خلال خلخلة النظام في بلد يعد أحد أحجار الأساس في الشرق الأوسط كمصر، ومنع ترسخ الديمقراطية، والحيلولة دون قيام دولة كبيرة في المنطقة كتركيا”.
وردًّا على سؤال حول تأثير الوضع، في حال عدم تحسنه، واستمرار الأحداث في مصر على الشرق الأوسط، أجاب “تشومسكي” قائلًا إنه لا يتوقع أن يتمكن الجيش المصري من إخماد انتفاضة الشعب بسهولة، لأن مصر لم تحارب، على مدى تاريخها، بهذا القدر من أجل الديمقراطية”، لافتا إلى أن مصر تلعب دورًا في تحديد التوازنات في الشرق الأوسط.
وحول الموقف التركي من الأزمتين السورية والمصرية، قال إن تركيا وقفت إلى جانب المظلوم وليس الظالم، وأنه ليس من الصعب فهم موقف دولة فقدت عددًا كبيرًا من مواطنيها بسبب أحداث ممائلة، مضيفًا: “من الممكن أن نفهم دعم تركيا للدول التي لم تتذوق أبدًا طعم الديمقراطية، إلا أنه يجب أن لا ننسى حقيقة أن الطرق المؤدية إلى الديمقراطية طويلة جدًّا”.
وعن الادعاء بأن إسرائيل شاركت في التخطيط لإنقلاب مصر، أوضح المفكر الأميركي أن تعاطف إسرائيل الكبير مع الجيش المصري، وحتى اجتماعها معه باستمرار، معروف للجميع، إلا أنه لا يوجد دليل جدي للقول إن إسرائيل هي المسؤول أو المخطط الوحيد لما حدث في مصر، لافتًا إلى أنه لن يندهش في حال ظهور مؤامرة من هذا القبيل.
وردًّا على سؤال عما إذا كان من الممكن القول إن النموذج التركي في الشرق الأوسط أخاف الدول الغربية، أجاب “تشومسكي”: “بالطبع، فتركيا دولة قوية جدًّا، ورئيس وزرائها زعيم يتمتع بشخصية كارزمية. وهي من القوى القليلة القادرة على ربط الشرق بالغرب في الشرق الأوسط. كما أنها وسيط جيد… أعتقد أن تكرار النموذج التركي في مصر أخاف الغرب كثيرًا. وربما تكون أحداث مصر ناجمة عن عدم تقبّل قوة تركيا”.
مصادر: وكالات