ترجمة وتحرير نون بوست
في أثناء يومي النموذجي بالحجر الصحي، كنت مرتديًا ملابسي الرياضية وأجلس على الأريكة ولدي موعد سعيد على برنامج “زووم” في المساء، عندما أدركت أنني أصبحت متوافقًا مع إيقاع اليوم، لم أكن ممتعضًا من حدود الحجر الصحي مثل أول يوم بدأ فيه، لست متأكدًا متى حدث الأمر، لكن في نقطة ما في الأسبوع الماضي أو قبله بدأت أفكر في تلك الحياة الجديدة الغريبة كأنها مجرد حياة.
دائمًا ما يكون التغيير صعبًا حتى في أفضل الأوقات، ونحن الآن لسنا في أفضل الأوقات بالتأكيد، عندما يختفي معظم روتين يومنا الأساسي من عمل ومدرسة ورياضة واجتماعايات وإدارة مهام، فمن الطبيعي أن نشعر لبعض الوقت بالارتباك والتشويش.
تقول العالمة المعرفية دينيس كومينس: “إذا كان لديك روتينًا معينًا، فإن عقلك يتوقع حافزًا معينًا في أوقات معينة، أما التغيير فيضع عقلك في مستوى يقظة عالٍ ليكتشف كل الانحرافات فيما هو متوقع”.
لكن عقلك لا يستطيع الاستمرار بهذا المستوى من اليقظة، فبينما تشكل روتينًا جديدًا فإنك تشكل أيضًا مسارات عصبية جديدة – تلك الروابط بين خلايا المخ التي يقويها تكرار السلوك -.
حتى في الظروف الغريبة نصبح قابلين للتكيف، لهذا السبب يفسح هذا الطريق الجديد في الحياة مجالًا للرتابة، بينما تبدأ الرتابة بدورها في إفساح الطريق لشيء ما يشبه الحياة الطبيعية.
يعد العقل آلة بسيطة للغاية مصممة للتعرف على الأنماط والتصرف وفقًا لذلك
قد يبدو هذا التفكير متضاربًا لكنه مريح أيضًا، لقد أصبح الوضع بالفعل الآن أسهل مما كان عليه، وبمرور الوقت وبعض العزم سيصبح الأمر أكثر سهولة.
اصنع روتينًا للحجر
يقول إم جاي ريان مؤلف كتاب “How to Survive Change You Didn’t Ask For” (كيف تنجو من تغيير لم تطلبه): “عملية التكيف عملية بسيطة وواضحة، عندما يحدث أمر مختلف فإننا نكتشف كيف نتعايش معه، في النهاية يستطيع البشر التكيف مع أي شيء سواء كان جيدًا أم سيئًا”، فبشكل ما يعد العقل آلة بسيطة للغاية مصممة للتعرف على الأنماط والتصرف وفقًا لذلك.
هكذا نصنع العادات التي تشكل غالبية سلوكنا، فيما يتعلق بالطاقة المستهلكة من السهل على عقولنا أن نفعل ما فعلناه قبل ذلك، فالوصلات العصبية في مكانها بالفعل، لا يوجد رقم محدد للوقت الذي يتطلبه شيء ما ليتحول إلى عادة، وهو يعتمد نوعًا ما على ماهيتك والعادة التي تحاول تشكيلها، لكن إحدى الدراسات تقول إنه في المتوسط يتحول السلوك إلى فعل روتيني بعد شهرين.
إن جزءًا من الشعور بالاستقرار في الحجر الصحي يتعلق هذه المرة بإرساء العادات، طوّر روتينًا أساسيًا لاستبداله بالروتين الذي كان لديك قبل الجائحة، اضبط المنبه في الوقت نفسه كل صباح حتى لو لم تكن ملتزمًا بأمر ما، وحاول أن تذهب للنوم في الوقت نفسه كل ليلة.
يعد الاستيعاب نقطة اعتراضية في الطريق إلى التكيف، لكن الخطر من التعثر هناك هو أنك قد لا تدرك كم يرهقك الأمر بالفعل
ما بين ذلك، حدد وقتًا منتظمًا لفعل أشياء تمنحك شعورًا جيدًا مثل اللعب مع أطفالك أو قراءة كتاب أو الحديث مع أصدقائك في مكالمة فيديو، كلما تمكنت من بناء إيقاع للحجر الصحي، قل شعورك بأنك تعيش حياتك في وضع الإيقاف.
استوعب ثم تكيف
تقول كومينس إنه من الضروري إدراك الفرق بين التكيف والاستيعاب، فالاستيعاب يعني أنك اعتدت الأمر كي تستمر الحياة، أما التكيف فيعني أنك وجدت طريقًا للازدهار.
يعد الاستيعاب نقطة اعتراضية في الطريق إلى التكيف، لكن الخطر من التعثر هناك هو أنك قد لا تدرك كم يرهقك الأمر بالفعل، تضيف كومينس: “الأمر يشبه وجود قطعة حجر صغيرة في حذائك لا تستطيع إخراجها، يتعايش عقلك مع الألم ويخفف منه حتى تصل إلى المنزل، لكنك تدرك في النهاية أن قدمك ما زالت تؤلمك”.
“ستعرف هذا الشعور إذا عملت لفترة طويلة في وظيفة سيئة، عندما تغيرها لعمل أفضل سيكون رد فعلك: يا إلهي! لم يكن لدي أي فكرة أنني أتحمل كل هذا التوتر، إن الناس لا يدركون حجم الضغط الذي يتعرضون له لأن العقل استوعبه بقدر استطاعته”.
في هذا الوضع الطبيعي الجديد، لكي تصل إلى الهدف النهائي – التكيف – ينبغي عليك أن تقبل فقط مدى تغير الأشياء وأنك غالبًا لن تعود إلى الطريق الذي كنت تسير عليه، على الأقل ليس في وقت قريب، هذا يعني أن تبني مرونة كافية ليس فقط لمساعدتك على التغلب على هذا الوقت بل التقدم خلاله أيضًا.
احتضن المجهول
دون ريان قائمة من 5 أجزاء أساسية لبناء المرونة التي بإمكانها أن تساعدنا لنصبح أكثر راحة مع الواقع الجديد، الأول هو أن ترى المعنى فيما يحدث، أن نعتقد أن هناك خيرًا سيأتي من كل ذلك، وأننا سنتخذ خيارات أفضل في المستقبل، أو أن البيئة ستصبح أفضل.
الجزء الأخير في تأسيس المرونة هو الاستعداد للتعلم والنمو، هذا يعني أن تستخدم الحجر الصحي لتطوير مهارات جديدة
الأمر الثاني هو الإيمان بوجود نتيجة إيجابية، في تلك الحالة قد يكون الإيمان بأن مجتمع العلماء سينتصر على الفيروس في النهاية، الامتنان كذلك جزء مهم في بناء المرونة، اظهر التقدير لخط الدفاع الأول من الفريق الطبي وجميع العمال الأساسيين الذين يقدمون لك المساعدة.
الجزء الرابع هو الضحك، من الضروري أن تكون قادرًا على اكتشاف الفكاهة التي يوجد منها الكثير حولنا، فالضحك على الميمات الصامتة عن الحجر الصحي وتحديات “تيك توك” لها فوائد تتجاوز اللحظة الحاليّة، إنها أداة للتحرر العاطفي التي تساعدنا على الاعتراف بتلك اللحظات المضطربة ومواجهتها.
الجزء الأخير في تأسيس المرونة هو الاستعداد للتعلم والنمو، هذا يعني أن تستخدم الحجر الصحي لتطوير مهارات جديدة أو البدء في مشروع لم يكن لديك الوقت الكافي له، لكنك هذا لا يعني بالضرورة أن تكون منتجًا، قد يعني أيضًا أن تقرأ رواية كانت موجودة بجوار طاولة النوم منذ عام أو حتى التعرف إلى نفسك بشكل أفضل.
يقول ريان: “عندما تتعامل بتعمد بشأن الوقت أيًا كانت الطريقة فهذا يعني أنك لا تقاوم التغيير، وعندما تبدأ بقبول التغيير ستقترب من الشعور بالوضع الطبيعي، وهذا ما يحتاج عقلك لأن يصل إليه فساعده في ذلك”.
المصدر: ميديوم