ترجمة وتحرير نون بوست
تعد الأزمات وقتًا للفرص، وكلما كانت الأزمة أعمق كانت الفرص أكبر، هذه الأزمة الحاليّة قد تكون أكبر أزمة رأيناها في حياتنا، يتوقع بعض الخبراء أن تكون أسوأ من الكساد العظيم، فبعض الصناعات دمرتها الجائحة التي قد تستمر لعامين أو أكثر.
في الواقع، حتى لو رفعت الحكومات قيود البقاء بالمنزل فإن غريزة الحفاظ على النفس ستستمر في إبقاء الناس بعيدًا عن السفن السياحية والمطارات والمطاعم والمسارح والملاعب حتى يرحل الفيروس.
عادة ما تختفي الفيروسات لكنها تحتاج وقتًا طويلًا، فالإنفلونزا الإسبانية قتلت ملايين الناس لمدة 3 سنوات من يناير 1918 وحتى ديسمبر 1920، إننا جميعًا نأمل أن يتم تطوير لقاح أو علاج مناسب لكوفيد-19 قريبًا لكن خبراء الطب يقولون إن الأمر قد يستغرق عامين أو أكثر ثم بعد ذلك سنحتاج للإنتاج والتوزيع على جميع أنحاء العالم وجميعنا يعلم كيف حدث نقص في المواد الأساسية مثل قناع الوجه ومطهر اليدين لفترة طويلة منذ بداية الجائحة.
لذا مع وجود تلك الأزمة المخيفة، كيف نتحدث عن الاستفادة منها؟ الإجابة بسيطة للغاية: لقد أظهر لنا التاريخ مرارًا وتكرارًا أنه في أوقات الركود والأزمات تزدهر بعض الأعمال التجارية بشكل سريع، هذا يعني أنه يجب على كل فرد أن يقرر إذا ما كان سيبحث عن مثل هذه الفرص أم لا.
إذا قررت أنك لن تستسلم للمعاناة وأنك ستبذل أقصى جهدك للوصول إلى طرق للازدهار في أثناء الأزمة، فقد تجد فائدة في بعض الملاحظات التي أرشحها وفقًا لتجربتي الشخصية في تحويل الأزمات لنجاح.
كان رواد الأعمال الأصغر سنًا مثلي أسرع في تقبل الواقع الجديد عن الكبار المصدومين غير القادرين على تحرير أنفسهم من خيارات أصبحت تؤدي إلى اللامكان
لقد بدأ الأمر بالنسبة لي في عصر مختلف وبلد أخرى، فعندما بلغت 25 عامًا بنيت من الصفر أكبر بنك تجاري في روسيا وهو إنجاز لا يمكن تخيله في الاقتصادات المستقرة، لكن الأزمة التي قضت على الاتحاد السوفيتي كانت عميقة للغاية، حتى إن رواد الأعمال الأصغر سنًا مثلي كانوا أسرع في تقبل الواقع الجديد عن الكبار المصدومين غير القادرين على تحرير أنفسهم من خيارات أصبحت تؤدي إلى اللامكان.
مؤخرًا في عام 1992 استعادت المخابرات السوفيتية البلاد وكان عليّ أن أبدأ من جديد في الولايات المتحدة الأمريكية كهارب، هذه الأزمة سمحت لي بتعلم لغات جديدة واعتياد الأعمال الدولية والعيش في حياة مرضية أكثر من تلك التي اعتدتها في روسيا بوتين.
لقد استفدت بعد ذلك من فقاعة الإنترنت عام 2001 للتفرع من تكنولوجيا المعلومات المعتمدة على مصادر خارجية إلى أعمال إنتاج وسائط المتعددة والبرمجيات القابلة للتطوير، أما الكساد العظيم عام 2008 فقد أدى إلى إنشاء “TransparentBusiness” مع شريكي، تلك الأداة التي كنا نحتاجها لكي تصبح شركتنا أكثر كفاءةً ومرونةً وتنافسيةً، هذه الشركة تبلغ قيمتها الآن 140 مليون دولار.
هناك آخرون استفادوا من الأزمات على نطاق أكبر، ففي أثناء الحرب أصبح مخترع الديناميت (نوبل) ثريًا للغاية، حتى إن رؤساء الولايات المتحدة والقادة السياسيين أصبحوا يتنافسون على الفوز بجائزته للسلام.
لحسن الحظ يمكننا الاستفادة من الأزمة دون الحاجة لإنتاج متفجرات، إليكم 5 أفكار قد يستفيد منها رواد الأعمال.
إعادة تقييم كل شيء
هل تعمل في الصناعة الصحيحة؟ مع الشركاء المناسبين؟ في المكان المناسب؟ مع الزوج المناسب؟ إذا كنت ستبدأ عملًا جديدًا الآن فهل ستبدأ بالعمل الذي تؤديه الآن؟ أم هل سيكون من الأفضل أن تنتقل إلى آيسلندا وتبدأ في مزرعة بيتكوين؟ أو تنتقل إلى كوستاريكا وتبدأ في وكالة مصادر سحابية؟
لست بحاجة لأن تقوم دائمًا بتغييرات جذرية، لكن الآن هو الوقت المناسب لأن تتذكر أن تكاليف الانهيار لا قيمة لها
نادرًا ما نجرؤ على سؤال أنفسنا مثل هذه الأسئلة الجوهرية، عندما تكون الأمر بخير فإننا نعيش بقاعدة “لا تصلح ما لم ينكسر بعد” ولذا غالبًا ما نفقد الكثير من الفرص وينتهي بنا الأمر في طريق مسدود، هذه الأزمات العميقة فرصة نادرة لإعادة تقييم كل شيء تمامًا.
لقد فعلت ذلك عدة مرات، فقد انتقلت من أعمال البناء إلى موازنة البضائع ثم الأعمال المصرفية وأخيرًا تكنولوجيا المعلومات، من روسيا إلى النمسا والولايات المتحدة وأنتيغوا وإيطاليا وإسبانيا والأرجنتين وكندا ثم عودة إلى الولايات المتحدة، هذه التغييرات أثبتت أنها كانت دائمًا للأفضل.
لست بحاجة لأن تقوم دائمًا بتغييرات جذرية، لكن الآن هو الوقت المناسب لأن تتذكر أن تكاليف الانهيار لا قيمة لها، ما يهم الآن هو مقدار ما تستثمره في عملك ومنزلك وعلاقاتك، إذا لم تكن هذه أفضل الخيارات المتاحة لك فتجاوزها.
الأزمة أفضل وقت للإصلاح
عادة ما نرى عدة طرق مناسبة لإصلاح أعمالنا لكننا لا نفعل ذلك لأن التغيير كما نعلم يواجه بعض المقاومة، مثل الفصل وإعادة التعيين وإعادة التدريب، في كل مرة نفوت فيها فرصة للإصلاح فإن عملنا ينتقل من “الحديث المتطور” إلى “القديم البالي”.
إن الأزمة فرصة لتغيير كل شيء مثلما يعلم جميع الناس في فريقك، فالتغيير وقت الأزمات لا يمكن تجنبه، فكك هذا القسم الذي لم يعد منتجًا، غيّر خط الإنتاج، قم بترقية تلك الشابة اللامعة بدلًا من الصديق القديم التي يعتقد أن الترقية وفقًا للأقدمية.
انتقل إلى قوة العمل الطارئة والعمل عن بعد
من أكثر التغييرات التي تحقق ربحًا هو استبدال العمالة ذات الدوام الكامل غير المستغل بموظفي الوحدات، في هوليوود لا يبقى الممثلون على كشوف المرتبات طوال الوقت، بل يتم توظيفهم طوال مدة أدوارهم فقط، وهذه المنهجية تطبق على جميع المهنيين المشاركين في تصوير فيلم، حيث يتم جمع حشد كبير ثم فصله بشكل متكرر.
تعتمد الكثير من الشركات الآن بشك كبير على نموذج قوة العمل الطارئة، لكن معظم الشركات تتردد في تحويل موظفيها الثابتين إلى مقاولين حسب الحاجة، هذه الأزمة فرصة نادرة لإعادة بناء شركتك بأقل قدر من التراجع.
لا تشعر بالسوء بشأن نقل أموالك من الصناعات التي أصابها الضرر، فأنت تقدم الخير للبشرية بنقل أموالك إلى ما يحتاجه الناس أكثر في تلك الأوقات الصعبة
قد تكتشف أيضًا أن بعض موظفيك ليسوا بحاجة للقدوم إلى المكتب بشكل يومي، فمنصات مثل شركتنا تجعل من السهل الإشراف والتنسيق على العمل من المنزل، مما يوفر الكثير من المال المدفوع لتوفير مساحة مكتبية كبيرة، والدفع غير المباشر لوقت انتقال الموظفين من وإلى العمل.
وظّف بشكل عالمي
يمكنك خفض تكاليف العمالة باتخاذ أفضل الخيارات بالنسبة للموظفين الذين يعتمدون على الحاسب الآلي من بين أفضل المواهب العالمية بدلًا من التوظيف المحلي، قد يصل التوفير في بعض الوظائف لأكثر من 50% خاصة للشركات التي تقع في مناطق مثل مدينة نيويورك أو خليج سان فرانسيسكو أو غيرها من المدن الكبيرة باهظة الثمن، كما أن التوظيف العالمي يمنحك قابلية أعلى للتوسع.
عادة ما تواجه مثل هذه التغييرات بعض المقاومة في الأوقات العادية، لكنها ستُرى كضرورة في وقت الأزمة.
أعد هيكلة محفظتك المالية
انقل أموالك من الصناعات العرضة للخطر بسبب الأزمة إلى صناعات آمنة سريعًا، الأفضل منذ ذلك أن تنقلها إلى مشروعات أكثر قدرة على النمو بسرعة هائلة في تلك الأزمة، فعلى سبيل المثال تضاعفت قيمة أسهم “Zoom” منذ بداية الجائحة وهناك تقنيات أخرى في طريق النمو السريع.
لا تشعر بالسوء بشأن نقل أموالك من الصناعات التي أصابها الضرر، فأنت تقدم الخير للبشرية بنقل أموالك إلى ما يحتاجه الناس أكثر في تلك الأوقات الصعبة، فاليوم هم بحاجة إلى “Zoom” وغيره من حلول العمل من المنزل أكثر من السفن السياحية والسفر الجوي وأحداث الرياضة والمطاعم وغيرهم من الصناعات التي تأثرت بشدة بسبب فيروس كورونا.
المصدر: إنتربرنيور