ترجمة وتحرير نون بوست
في كل أنحاء العالم يجد المسلمون أنفسهم هذا العام غير قادرين على الاحتفال بشهر رمضان المبارك كما هو معتاد كل عام، فالمساجد أغلقت في معظم البلدان بسبب تهديد جائحة كورونا، لأن الدول تطبق التباعد الاجتماعي وإجراءات الحجر الصحي لإبطاء انتشار الفيروس، فقد أغلقت الأماكن العامة بما في ذلك دور العبادة.
في اليمن، أبلغت السلطات عن إصابة واحدة مؤكدة بفيروس كورونا في حضرموت يوم 10 من أبريل، لكن المريض تعافى بعد ذلك ليترك اليمن رسميًا بلا فيروس كورونا حتى الآن، ونتيجة لذلك فقد أصبح اليمن من الدول النادرة في تلك الجائحة، واحتفل العديد من الناس بقدوم شهر رمضان – الذي بدأ الجمعة الماضية – كالمعتاد.
يقول ظافر مراد – 50 عامًا – صاحب متجر في صنعاء: “خلال الخمس سنوات الماضية عانى اليمن كثيرًا بينما كان العالم يشاهد معاناتنا على التلفاز، أما اليوم فالعكس هو ما يحدث، لقد تكيفنا مع المعاناة والآن نشاهد العالم أجمع وهو يعاني من فيروس كورونا”.
الاحتفال برمضان
يقول مراد إن المواطنين في العاصمة ذهبوا للتسوق في الأسواق المزدحمة وصلوا في المساجد كالمعتاد في أول أيام رمضان، ويضيف: “لقد ذهبت للأسواق لشراء بعض المستلزمات وكانت الأسواق مزدحمة للغاية، وذهبت للصلاة في المسجد حيث يصلي الكثيرون كالمعتاد وتناولنا الإفطار في جماعات بالمسجد”.
عادة ما يفطر اليمنيون جماعات في المسجد موفرين الطعام مجانًا للمحتاجين كعمل خيري أساسي في شهر رمضان، يقول مراد: “الحمد لله، بينما تبدلت الحياة للأسوأ في جميع أنحاء العالم ولا يستطيع الناس الاستمتاع برمضان، نستطيع نحن هنا الاستمتاع بحياتنا المعتادة، حتى إن عائد الدخل في متجري أصبح أفضل مما كان عليه في السنوات الماضية”.
يقول وليد عبد الحميد – 35 عامًا – إنه قضى أول ليلة في رمضان محتفلًا في الشوارع، ثم ذهب إلى منزل أحد الأصدقاء للعب الورق، لقد كانت أمسية مليئة بالملذات البسيطة التي لا يستطيع الكثيرون تصورها الآن.
يضيف: “لقد احتفلت بأول ليلة في رمضان مع أطفالي وأصدقائي في الشوارع وفي أثناء اليوم ذهبت مع أطفالي لشراء حلويات رمضان وطعام من السوق، جميع الناس – وليس الأطفال فقط – سعداء بالاحتفال برمضان، فهذا الشهر ينسينا معاناتنا لنستمتع بتلك الأيام الجيدة”.
يشير عبد الحميد إلى أن السلطات رفعت القيود المفروضة على مدينة تعز جنوب غرب البلاد لعدم وجود حالات أخرى مؤكدة لفيروس كورونا في اليمن إلا تلك الموجودة في حضرموت، ويضيف: “اتخذت السلطات بعض الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا بما في ذلك إغلاق المساجد أيام الجمع، لكنها رفعت تلك الإجراءات واستأنفنا الحياة الطبيعية”.
يتابع: “لا أحد يدخل اليمن هذه الأيام ولا يوجد أي حالات في اليمن، لذا أعتقد أن السلطات ليست بحاجة لفرض أي قيود، لكن عند ظهور أي حالات سيتخذ الناس جميع التدابير الوقائية بأنفسهم”.
يقول أحمد: “هذا هو أسوأ رمضان أقضيه في حياتي وأنا نادم على اليوم الذي قررت فيه دخول السعودية، أتمنى أن أعود إلى اليمن هذه الأيام لكن الأمر ليس بيدي”
بالنسبة لعبد الحميد فرمضان هذا العام هو الأفضل في تعز منذ أن بدأ التحالف بقيادة السعودية هجومهم العسكري على المتمردين الحوثيين في 2015، يقول عبد الحميد: “خلال الخمس سنوات الماضية كانت هناك معارك في أثناء رمضان ولم نكن نستمتع بالعطلة، لكن هذا العام بلا معارك ونحتفل بالشهر الكريم قدر الإمكان”.
حاول عبد الحميد – الذي يعمل في شركة خاصة – الفرار من اليمن والحرب، لكن تكلفة السفر كانت باهظة للغاية، يقول عبد الحميد: “لقد حاولت دخول السعودية لكنني لم أستطع دفع رسوم الفيزا ولم أجرؤ على الدخول مع المهربين لذا لم أغادر اليمن، كنت حزينًا بسبب بقائي هنا، لكنني اليوم سعيد بقضاء رمضان مع أسرتي، فأصدقائي في السعودية محبوسون في منازلهم الآن”.
فرّ أحمد – 38 عامًا – من اليمن إلى السعودية في 2016 حيث اعتاد أن يستمتع بشهر رمضان في المملكة، لكن هذا العام تغير كل شيء، يقول أحمد: “كان رمضان جيدًا في السعودية دائمًا، فقد كنت أذهب كل عام إلى مكة أو المدينة لزيارة قبر نبينا محمد، لكن هذا العام أقضي رمضان في المنزل ولا أستطيع حتى الذهاب إلى المسجد حيث يهدد فيروس كورونا المملكة”.
المشكلة الأكبر التي تواجه أحمد أنه فقد عمله كعامل يومي ولم يعد قادرًا على إرسال حوالات مالية لأهله في اليمن، بل إنه وجد نفسه في موقف غير متوقع حيث سيضطر لطلب المال من أقاربه في اليمن، يقول أحمد: “هذا أسوأ رمضان أقضيه في حياتي وأنا نادم على اليوم الذي قررت فيه دخول السعودية، أتمنى أن أعود إلى اليمن هذه الأيام لكن الأمر ليس بيدي”.
تدابير وقائية
أعلنت منظمة الصحة العالمية “WHO” أن كوفيد-19 جائحة عالمية يوم 11 من مارس، وبينما تعاني العديد من دول العالم لاحتواء الفيروس، فإن تفشي الوباء في دولة مزقتها الحرب مثل اليمن سيكون مدمرًا.
لم يلتزم اليمنيون بالتدابير الوقائية معتبرين فيروس كورونا لا يمثل تهديدًا للبلاد
تعمل منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الإنسانية الدولية على رفع الوعي بفيروس كورونا في اليمن وتطلب من الناس تجنب الأماكن المزدحمة والحفاظ على مسافة كافية بين الأشخاص الذين لا يقيمون في المنزل نفسه.
ومع ذلك فمعظم اليمنيين لم يلتزموا بتلك النصيحة، معتبرين فيروس كورونا لا يمثل تهديدًا للبلاد، يقول الدكتور رياض الحمادي في تعز: “حتى هؤلاء الذين التزموا بنصائح المنظمات ووزارة الصحة توقفوا عن تلك التدابير الوقائية لأن منظمة الصحة العالمية لم تسجل أي حالة لفيروس كورونا في اليمن”.
حذر الحمادي من ظهور المرض في اليمن فجأة لأنه سينتشر حينها بشكل دراماتيكي، فالنظام الصحي في البلاد يعاني من ضغوط شديدة بعد سنوات من الحرب، يقول: “من الممكن أن يصيب الفيروس محافظات أخرى، لذا يجب أن يتخذ الناس التدابير الوقائية، وأن يستمتعوا بشهر رمضان في منازلهم، لكن لسوء الحظ لا يدرك معظم اليمنيين خطورة كوفيد-19”.
يعتقد مراد – صاحب متجر في صنعاء – أن فرصة دخول الفيروس إلى اليمن ضئيلة للغاية وتكاد تكون منعدمة بسبب الصراع، حيث يقول: “يخضع اليمن للحصار السعودي منذ 2016 ومطار صنعاء مغلق منذ ذلك الحين، لذا كيف يمكن لفيروس كورونا أن يصل إلى اليمن، ليس من السهل دخول أو مغادرة اليمن، وأعتقد أن ذلك ما يحميها من فيروس كورونا، أتمنى أن لا يصيب هذا الفيروس اليمن”.
المصدر: ميدل إيست آي