ترجمة وتحرير نون بوست
يأتي يوم العمال العالمي وسط نهاية عالم الوظائف الناجم عن الجائحة مع توقعات منظمة العمل الدولية بأن ما يقرب من نصف قوة العمل في العالم – نحو 3 مليارات نسمة – معرضة لخطر فقدان سبل معيشتهم.
بالنسبة للعديد من العمال فقد أدى الإغلاق إلى سرعة وصول “مستقبل العمل” وهو مصطلح ظهر في السنوات الأخيرة يتعلق بفرص وتحديات الاضطراب التكنولوجي والعوامل الاقتصادية الهيكلية التي تحدد نوعية سبل المعيشة.
بالنسبة لذوي الياقات البيضاء كان الأمر يعني العمل عن بعد، أما بالنسبة للعديد من عمال الخدمات وذوي الياقات الزرقاء، فقد فتح لهم نافذة للمستقبل حيث تحل الآلات محل البشر خاصة مع اتجاه الشركات نحو الأتمتة لتعزيز مرونتهم ووقدرتهم على الصمود في المستقبل.
بالنسبة للعاملين في اقتصاد الرعاية وقطاع الصحة وقطاع التعليم فقد أدى إلى عملية إعادة تقييم عالمية متأخرة لأهمية الطبيعة الأساسية لتلك المهن، أما للعاملين بشكل غير رسمي وفي الاقتصاد الحر فقد كشف نقص أساسي في الحماية الاجتماعية والطبيعة غير المستقرة لعمل الكفاف.
لذا نحن بحاجة لإجراءات عاجلة وضرورية لحماية الوظائف والحفاظ على الروابط بين الموظفين وأصحاب العمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي لكبار وصغار أصحاب العمل، وتوفير دعم الدخل وغيره من شبكات الأمان للعمال وأسرهم.
في هذا الشأن تتركز العديد من جهود الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة رغم الحاجة لدعم أكبر في الاقتصادات النامية، يجب أن نعترف بتلك اللحظة كفرصة لإعادة البناء بشكل أفضل ووضع الأسس لسوق العمل أكثر مرونة والمزيد من المساواة في العالم، وهناك 5 طرق لفعل ذلك.
الاستثمار في تنمية مهاراتك وتعلم مهارات جديدة
في السنوات الأخيرة بدأت الحكومات والشركات والعمال في إعطاء الأولوية لتنمية المهارات وتعلم مهارات جديدة للاستعداد بشكل أفضل لاضطرابات الثورة الصناعية الرابعة، ورغم أن الغزو المجهري وليس صعود الروبوتات هو ما أدى للانهيار الحاليّ لسوق العمل، فقد أصبح واضحًا أن آثار الوباء ستؤدي إلى سرعة الرقمنة والأتمتة عبر مجموعة من الصناعات والقطاعات.
يتطلب ذلك استثمارات جديدة وآليات لتنمية المهارات وتعلم مهارات جديدة بالنسبة للمهارات البشرية العميقة والمهارات الرقمية، وبينما حاز التعليم الإلكتروني وصناعات التدريب موجة من اهتمام العمال المرتبطين بالتكنولوجيا في هذا الإغلاق، فمن الضروري أن يستثمر أصحاب العمل في إعادة تدريب العمال وأن تخصص الحكومات بشكل استباقي جزءًا من الحوافز المالية الضخمة التي يضخونها في الاقتصاد لتنمية مهارات العمال وتعليمهم مهارات جديدة لإعداد العمال بشكل أفضل لاقتصاد ما بعد الجائحة.
تحديد وظائف المستقبل
عرض المنتدى الاقتصادي العالمي وظائف المستقبل في بداية 2020، هذه الأدوار تتركز بشكل عميق بين تلك المهن التي تهتم بالناس وتدعم الكوكب وتدير التقنيات الجديدة وتنقل المنتجات والخدمات: اقتصاد الرعاية، الاقتصاد الأخضر، الناس والثقافة، البيانات والذكاء الاصطناعي، الهندسة والحوسبة السحابية، تطوير المنتجات، المبيعات والتسويق والمحتوى.
بينما تسلط الجائحة الضوء على الأدوار الرئيسية التي يلعبها العمال في المستشفيات ومحلات البقالة والمدارس وغيرهم من المهن الرئيسية، فإنه من المتوقع أن تزداد الفرص داخل اقتصاد الرعاية، بالمثل من المتوقع أن يستمر نمو الأدوار في صناعة التكنولوجيا والإدارة والتجارة الإلكترونية واقتصاد المعرفة الواسع.
من الضروري أن يستثمر أصحاب العمل في إعادة تدريب العمال وأن تخصص الحكومات بشكل استباقي جزءًا من الحوافز المالية الضخمة التي يضخونها في الاقتصاد لتنمية مهارات العمال وتعليمهم مهارات جديدة
وبينما تسعى الحكومات لإعادة بناء اقتصادها فإن مصادر جديدة للنمو ستنبثق من الاقتصاد الأخضر والعلوم والبحث الصحي والبنية التحتية الرقمية، بالنسبة للاقتصادات النامية فقد أصبح اتخاذ نهج جديد استباقي لوظائف الغد أكثر أهمية حيث يتم إعادة التفكير في سلاسل القيمة العالمية للماضي وكذلك نموذج نمو الماضي المدفوع بالتصنيع.
إعطاء الأولوية لإعادة التوزيع وإعادة التوظيف
من الضروري أن تقوم الحكومات والشركات بالدعم الفعال للعمال المعرضين للخطر وكذلك الذين أصبحوا عاطلين، بدأت العديد من الشركات بالفعل في توفير الدعم على المدى القصير لإعادة توزيع العمال ونقلهم من أدوار ذات طلب منخفض لأدوار ذات طلب مرتفع مثل هؤلاء العاملين في الخدمات اللوجستية والرعاية الذين يتجاوزون حدود شركة أو صناعة واحدة.
في الدول التي تمتلك حكوماتها نظامًا لفعل ذلك على نطاق واسع وبشكل استباقي، يحصل العمال على فرص أفضل من غيرهم، وبينما تنظر الحكومات في المجموعة التالية من التحفيز المالي، يجب عليهم إعطاء الأولوية لخدمات سوق العمل لإعادة التوزيع وإعادة التعيين بما في ذلك توفير رؤى لسوق العمل والوساطة في سوق العمل والمساعدة في البحث عن وظائف.
قبل عقد من الزمان كانت هذه السياسات تُستخدم بنجاح لإدارة الزيادة السريعة للبطالة، ونظرًا لطبيعة انتشار الأزمة الحاليّة فمن الضروري أن تتوسع مثل هذه الخدمات وأن تستعد لإدارة فترة ما بعد الجائحة.
إعادة تقييم العمل الأساسي وتحسين نوعية الوظائف
لقد أصبح واضحًا بشكل متزايد أن معظم عمالنا الأساسيين يعملون في أدوار ذات رواتب أقل وغير ثابتة، وفي العديد من الاقتصادات النامية تفتقر الكثير من القوى العاملة الرسمية وغير الرسمية للحماية الاجتماعية الأساسية.
لقد شهدت الفترة ما بعد الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية تقنين العطلات الرسمية وغيرها من حقوق العمال في الولايات المتحدة وتأسيس شبكات أمان صحي ودخل آمن بالإضافة إلى انتشار استثمارات التعليم في أوروبا.
ومع ذلك، نظرًا لتغير طبيعة الاقتصاد لم تواكب القوانين والأسس والأجور احتياجات العمال وفي العديد من الأحيان أصحاب العمل أنفسهم، بالتوازي مع إدارة المطالب الملحة للأزمة، من الضروري أن تعمل الحكومات والشركات والعمال معًا لقيادة التحول التاريخي الجديد في ترقية الاتفاقيات التي تحكم أسواق العمل.
إصلاح تعاوني وإعادة ضبط وإعادة بناء
لقد أصبح من الضروري التعاون بين أصحاب العمل والحكومات والعمال محليًا وعالميًا من أجل التعافي والإصلاح، أعلن المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير 2020 إنشاء منصة ثورية لتنمية المهارات مخصصة لتحسين التعليم والمهارات والوظائف من أجل مليارات الناس بحلول عام 2030.
وقد خصصوا تلك المنصة لدعم الحكومات والشركات والمعلمين لمساعدة العمال والطلاب خلال الأزمة، وتبادل أفضل الممارسات وإعادة بناء نظام تعليم ومهارات ووظائف أفضل للتعافي بعد الجائحة.
لقد كشفت أزمة كورونا بشكل صارخ أكثر من ذي قبل انعدام المساواة وضعف أنظمة الماضي، لكنها أيضًا أعادت تركيز عقول القادة العالميين على القيمة الأساسية للحياة والإمكانات البشرية وسبل المعيشة، إنها نافذة من الفرص للاستثمار في أكثر أصولنا قيمة: رأسالمال البشري.
المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي