ترجمة وتحرير نون بوست
في مكالمة دونالد ترامب يوم 2 من أبريل مع محمد بن سلمان، كان ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد قد أصيب بالدهشة جرّاء ما قاله الرئيس الأمريكي، حيث طلب أن يغادر معاونوه الغرفة، لم يكن أحد من الحاشية حاضرًا عندما تعرض سيدهم للتنمر من أجل الخضوع والتسليم.
لا يمكن أن يكون الأمر إلا ذلك، ففي الواقع، هدد ترامب بالانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من المملكة إذا لم يخفض السعوديون إنتاج النفط، وكما هو معروف فالأمير لا يمكنه أن يخطئ الآثار الوخيمة لذلك على نفسه وعائلته.
وكما قال ترامب بخشونته المميزة، لا يمكن لحكام المملكة أن يكونوا هنا لأكثر من أسبوعين دون الدعم العسكري للولايات المتحدة، لقد استغرق الأمر وقتًا أقل – 10 أيام بالتحديد – من السعودية وروسيا لإعلان انتهاء حربهم النفطية والبدء في خفض الإنتاج.
يرجع الكثير من الفضل لترامب في وقف العداء، وبكياسة غير معهودة، لم يذكر تكتيكاته القاسية وبالتالي تجنب إحراج محمد بن سلمان، لكن على ولي العهد أن يعترف الآن بحدود إستراتيجيته سيئة الحكم لتأسيس علاقاته مع الولايات المتحدة – حليف المملكة الذي لا غنى عنه – خاصة فيما يتعلق برعاية العائلة الأولى.
هناك دعم كبير من الحزبين في واشنطن لاتخاذ إجراءات عقابية ضد الرياض
كان حكام المملكة السابقين قادرين على الاعتماد على أصدقائهم في الكونغرس لمناشدة البيت الأبيض من أجل التسامح، لكن محمد بن سلمان لديه القليل من الأصدقاء في واشنطن، وجيشه من جماعات الضغط الذي يحتفظ به هناك له دور محدود في الأزمات.
بدلًا من ذلك، فولي العهد يقترب منه كونه شخصًا منبوذًا بشكل لم يكن عليه أبدًا أحد من أعضاء العائلة الملكية خلال 75 عامًا من التحالف السعودي الأمريكي، فهو يتعرض لهجوم مستمر من جميع الجهات في واشنطن بسبب مجموعة واسعة من القضايا، من حرب اليمن إلى سجن النشطاء الحقوقيين من النساء إلى اغتيال الكاتب الصحفي جمال خاشقجي.
حتى أعظم الجمهوريين مثل ليندسي جراهام يعتبرونه شخصًا متقلبًا وغير جدير بالثقة، هناك دعم كبير من الحزبين في واشنطن لاتخاذ إجراءات عقابية ضد الرياض تتراوح بين تقييد مبيعات الأسلحة والمطالبة بالعدالة لخاشقجي، كما أن الحرب النفطية أكسبت ابن سلمان المزيد من الخزي، لكن هذه المرة من المنتجين الأمريكيين الذي تأثروا بشدة نتيجة انخفاض الأسعار.
الضربة المزدوجة لحرب النفط وجائحة كورونا أضرّت الاقتصاد السعودي بشكل كبير وقوضت أجندة ولي العهد الطموح للإصلاح في المملكة
إن اعتماد محمد بن سلمان على ترامب – وحق النقض للبيت الأبيض – لتجاوز هذه العداء جعله أكثر عرضةً لتكتيكات الأذرع القوية الرئاسية، فمن المثير للسخرية أن ترامب اختار أن يذكر عداء الكونغرس عندما أطلق تهديده في 2 من أبريل: إذا لم يخفض الأمير إنتاج النفط، لن يكون الرئيس قادرًا على منع تشريع انسحاب القوات الأمريكية من المملكة، بعد أسبوع، اقترح السيناتور الجمهوري بيل كاسيدي هذا القانون.
لقد أصبح الأمير الآن في مأزق، وهو بحاجة ماسة لإعادة بناء الجسور مع الكونغرس، لكن الأمر سيكون أصعب الآن لأنه أضر بمصالح النفط الأمريكي، والآن لا يمكنه أن يخضع بسهولة لضغط المشرعين الأمريكين في القضايا الأخرى دون أن يفقد بذلك ماء وجهه في بلاده وفي العالم العربي.
لقد كان توقيت إذلاله من ترامب غير مناسب على الإطلاق، فالضربة المزدوجة لحرب النفط وجائحة كورونا أضرّت الاقتصاد السعودي بشكل كبير وقوضت أجندته الطموح للإصلاح في المملكة، لقد أصبحت خطته الأثيرة لبناء مدينته العلاقة المستقبلية على ساحل البحر الأحمر تواجه معارضة غير متوقعة، وسيتطلب الأمر مزيدًا من الجهد والتكلفة لتخليص المملكة من المستنقع اليمني مع الحفاظ على بعض الكرامة.
لقد تلاشت كل الآمال بأن يكون عام 2020 عام الانتصارات الشخصية لمحمد بن سلمان، والآن، لقد أصبح الأمير عالقًا تمامًا حيث يريده الرئيس الأمريكي، ويجب على الحاشية الملكية أن يتوقعوا الإقصاء بشكل روتيني من المزيد من مكالمات البيت الأبيض.
المصدر: بلومبرج