أثار ظهور المعارض السوري “كمال اللبواني” ومشاركته في مؤتمر لمكافحة الإرهاب داخل إسرائيل ردود أفعال غاضبة لدى المعارضين السوريين على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تعد زيارته أول زيارة معلنة لسياسي سوري إلى إسرائيل التي تعبرها دمشق عدوًا أولاً لها وتحتل جزءً من أراضيها منذ عام 1967.
وظهر اللبواني العضو المستقيل من الائتلاف الوطني على شاشة قناة “I24” الإسرائيلية الناطقة بالعربية في لقاء خارج قاعة مؤتمر حول “سياسات مكافحة الإرهاب” عقد أمس الخميس، في مدينة “هرتسليا” شمالي تل أبيب.
وعند سؤاله عن سبب تواجده هنا – في إسرائيل -، قال اللبواني: “أنا هنا لأن الغائب الوحيد عن القرار الدولي اليوم هو الشعب السوري، فيجب أن نسمع صوته وأن ننقل معاناته، ونقول إن هناك شعب معتدل قادر على أن يكون شريكًا في التحالف الدولي ضد الإرهاب”، مشيرًا إلى أنه يجب ألا يوضع الشعب السوري بين خيارين وحيدين “إما بشار الأسد وميليشياته أو الإرهاب وعصاباته”.
ورأى المعارض السوري أن “الشعب السوري منسي منذ 3 سنوات، والآن لا يمكن هزيمة الإرهاب من دون مشاركته”، مشيرًا إلى أنه “من يبحث عن الشعب السوري سيجده”، وهو في إسرائيل ليقول إن الشعب السوري يقوم بمحاربة الإرهاب والدكتاتورية (في إشارة للنظام السوري) في وقت واحد.
وختم اللبواني تصريحه للقناة الإسرائيلية بالقول “يجب دعم الشعب السوري الحقيقي الذي أنا أثق به والذي أنا أمثله”.
وتعد هذه أول زيارة معلنة لمعارض سوري إلى داخل الأراضي المحتلة، حيث تحظر إسرائيل على أي مواطن سوري الدخول إلى أراضيها، كما يمنع المواطنون الحاملون جوازات إسرائيلية من دخول دمشق، حتى أن دمشق توسعت في أعمال منع الدخول ليشمل كل من يحمل جوازه ختمًا إسرائيليًا بالدخول أو الخروج منها.
وتعتبر دمشق إسرائيل العدو الأول لها على الرغم من أن آخر حرب خاضها الطرفان كانت في أكتوبر 1973، وعدم محاولتها استعادة هضبة الجولان التي تحتل إسرائيل ثلثي مساحتها منذ عام 1967.
كما يعتبر النظام التعامل مع إسرائيل أو حتى التخابر معها أو زيارتها أفعالاً تنضوي ضمن المحرمات والخيانة العظمى، ويفرض على مرتكبها عقوبات قد تصل إلى الإعدام، ويتهم معارضيه الساعين للإطاحة به منذ أكثر من 3 سنوات بالتعامل معها وأنهم “أذرع” لتل أبيب داخل بلاده.
وكان اللبواني، الذي تعتبر آراؤه ومواقفه مثيرة للجدل في الأوساط السوري المعارضة، قد أظهر مؤخرًا مرونة حول موضوع إمكانية التعاون مع إسرائيل للإطاحة بنظام الأسد، وكذلك إمكانية إقامة اتفاقية سلام دائم معها، بحسب مقالات وتصريحات أدلى بها، الأمر الذي ترفضه رسميًا أطياف المعارضة السورية وعلى رأسها الائتلاف؛ مما أنشأ خلافات عميقة بين الطرفين دفعته للاستقالة من الائتلاف.
أما زيارته وظهوره العلني من داخل إسرائيل مشاركًا في مؤتمر حول مكافحة الإرهاب، أثار موجة أخرى من التعليقات المتباينة بين المعارضين السوريين على شبكات التواصل الاجتماعي.
الشيخ “معاذ الخطيب” الرئيس السابق للائتلاف الوطني شنّ هجومًا لاذعًا على اللبواني قائلاً: “عرفناك في الائتلاف انتهازيًا تبيع نفسك لكل من هب ودب، فمتى كنت تمثل الشعب السوري، لا ينساك أحد عندما قلت أمام الجميع: أننا اتصلنا بـ (..) فقال لنا انسحبوا .. ولن ينساك أحد عندما طالبت أن نحاكم بنفس التهم التي يحاكمُ بها النظام أبناء شعبنا .. لأننا أردنا وقف شلال الدماء .. والسجل ممتد”.
آخرون اعتبروا اللبواني “خائنًا” و”محبًا للظهور” ويتبع أسلوب “خالف تعرف”، وأن النظام سيستثمر زيارته ليثبت أن المعارضة السورية تتعامل مع إسرائيل، بحسب ما كتبوا على صفحاتهم وحساباتهم الشخصية على “فيسبوك” و”تويتر”.
فيما رأى آخرون أن ظهور اللبواني “منطقي” و”عملي” فإسرائيل “المحرك الأساسي للسياسة في المنطقة” والنظام السوري موقع معها اتفاق “هدنة” غير معلن لضمان بقائه في السلطة، مشيرين إلى أن الأسد لم يطلق هو أو والده حافظ الأسد رصاصة واحدة على إسرائيل منذ أكثر من أربعين عامًا على الرغم من “الغارات الجوية المتكررة” التي شنتها تل أبيب على بلاده خلال الفترة الماضية وشملت العاصمة دمشق والتي اتبع تجاهها في كل مرة سياسة “الاحتفاظ بحق الرد وضبط النفس”.
وتأتي زيارة اللبواني في وقت تحشد فيه واشنطن لتكوين تحالف دولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف إعلاميًا باسم “داعش” والمدرج على لوائح “الإرهاب” بعد سيطرته على مناطق واسعة في كل من سوريا والعراق”.