حصلت وسائل إعلامية عربية على نسخة من رسالة سرية أرسلها المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، السيدة “فاتو بنسوده”، لمكتب قانوني فرنسي مكلف من وزير العدل سليم السقا والمدعي العام بغزة إسماعيل جبر برفع دعوى في الجنائية ضد إسرائيل، أكدت فيها إنها لم تتمكن من فتح تحقيق في الاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب بسبب رفض وزير الخارجية رياض المالكي تبني الدعوى.
وفي نفس الرسالة، أكدت فاتو بنسدوه إن موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على منح فلسطين وضع “دولة غير عضو” في نوفمبر عام 2012 تمكن السلطة الفلسطينية من حق طلب الانضمام لإعلان روما وتقديم إقرار للمحكمة الجنائية بفتح تحقيق في الجرائم التي ارتكبت أثناء العدوان الأخير على غزة، وهو الحق الذي تقول المدعية إن السلطة الفلسطينية لم تستخدمه بعد.
وأكدت المدعية العامة في الرسالة على إن إجراءات الانضمام لإعلان روما وإقرار فتح تحقيق لا يمكن أن يتم إلا بتفويض من رئيس فلسطين أو رئيس وزرائها أو وزير خارجيتها أو أي شخص مخول من الحكومة الفلسطينية، وهو ما لم تتمكن من الحصول عليه حتى إلى إنها سألت وزير خارجية السلطة في الخامس عشر من آب/أغسطس 2014 إن كانت الدعوى التي قدمها وزير العدل تمثل السلطة، ولكنها لم تتلق “ردا إيجابيا” منه، مما يجعلها غير مخولة بفتح تحقيق مع إسرائيل.
ويذكر إن تقدم وزير العدل الفلسطيني سالم السقا والنائب العام الفلسطيني إسماعيل جبر للمحكمة بطلب للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية بغزة؛ قد لاقى استحسانا شعبيا خاصة بعد اشتداد الانتقادات الداخلية والخارجية للسلطة الفلسطينية ولرئيسها محمود عباس بسبب الامتناع عن الانضمام لإعلان روما وتعطيل المتابعة القانونية للجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة.
وردا على تلك الانتقادات، طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الفصائل الفلسطينية “تفويضا” حتى يوقع على ميثاق روما الممهد لعضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية، ورغم رد بعض الفصائل عبر القول إن “السلطة ذهبت إلى المفاوضات مع إسرائيل دون تفويض، وهي لا تحتاج إلى تفويض للذهاب إلى المحكمة الدولية”، وقعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الورقة التي قدمها عباس، وهو الأمر الذي كان مستبعدا بسبب امكانية اتهام قيادات في الحركة بارتكاب “جرائم حرب” ضد “المدنيين الإسرائيليين” حسب القوانين المعتمدة دوليا.
وحول الأسباب التي جعلت السلطة تعرقل الدعوى القضائية، قال المدعي العام السابق بالمحكمة الجنائية الدولية جيفري نايس، إن القيادة الفلسطينية إما أنها لم تقر إحالة شكوى وزير العدل والنائب العام الفلسطينيين إلى المحكمة، أو أنها غيرت رأيها من اللجوء إلى المحكمة، حيث أشار التقرير الاستقصائي الذي أ‘دته الجزيرة إلى إن مسؤولين أميركيين نجحوا في حالات سابقة في إقناع القيادة الفلسطينية بعدم اللجوء إلى المحاكم الدولية لمقاضاة مسؤولين إسرائيليين مثلما حدث عقب صدور تقرير ريتشارد غولدستون القاضي الجنوب أفريقي الذي عين في أبريل/نيسان 2009 رئيسا للجنة التحقيق التابعة الأمم المتحدة في انتهاكات الجيش الإسرائيلي خلال حربه على غزة في الفترة من 27 ديسمبر/ كانون الأول 2008 حتى 18 يناير/ كانون الثاني 2009.
وفي ظل عدم امتلاك رئيس السلطة الفلسطينية لأي مبرر معلن لتهربها من الحصول على هذا الحق الفلسطيني، خاصة بعد توقيع حركة حماس للورقة التي قدمها عباس، قال مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات، في تسجيل صوتي مسرب، إن عباس يرفض التوقيع على الانضمام للمؤسسات الدولية بسبب التزامه لإسرائيل والولايات المتحدة بعدم القيام بذلك، مضيفا إنه قال لعباس أنه يستطيع من خلال التوقيع على الانضمام لهذه المؤسسات أن يمنع نتنياهو من السفر خارج تل أبيب واعتباره “مجرم حرب”، ولكن أبو مازن رفض ذلك.
التسريب المنسوب لصائب عريقات:
https://www.youtube.com/watch?v=jqI-AarfO08
الوثيقة المنسوبة للمدعية العامة فاتو بنسوده: