ترجمة وتحرير: نون بوست
منذ تفشى جائحة كورونا وانهيار الاقتصاد العالمي، تطلعنا إلى الحكومات لتعبئة الموارد الطبية وتطبيق تدابير الاحتواء وإنفاق مبالغ هائلة لدعم العمال والشركات. ومن شأن هذه السياسات الطارئة أن تخلق مؤسسات وسبلا جديدة لحل المشاكل ستفيدنا في فترة ما بعد الوباء.
لكن هناك جانب مظلم أيضا. فقد اكتسبت الحكومات صلاحيات جديدة لتعقب المواطنين وتتبعهم وفرض المزيد من السيطرة. والبعض منها أساء استخدام هذه الصلاحيات بالفعل، ومن المتوقع أنها لن تتخلى عنها أبدا.
لمساعدتنا على فهم كيف يمكن للوباء أن يوسع السلطات الحكومية بشكل دائم، سواء للأفضل أو الأسوأ، طلبت فورين بوليسي من عشرة مفكرين بارزين من جميع أنحاء العالم أن يدلوا بدلوهم في الموضوع.
في عالم ما بعد الوباء، ستتواصل الرقابة
بقلم ستيفن والت
فرضت الحكومات في جميع أنحاء العالم سيطرة غير مسبوقة على الحياة اليومية لمواطنيها استجابةً لكوفيد-19. لقد أغلقت الديمقراطيات والديكتاتوريات على حد سواء الحدود وفرضت الحجر الصحي وأغلقت جزءًا كبيرًا من الاقتصاد ونفذت مجموعة متنوعة من أنظمة الاختبار والتتبع والمراقبة من أجل احتواء العدوى. كانت الحكومات التي تصرفت بشكل أسرع واعتمدت تدابير أكثر صرامة الأكثر نجاحًا، أما القادة الذين أنكروا الأزمة وتأخروا في الاستجابة لها فهم مسؤولون عن آلاف الوفيات التي كان يمكن منعها.
مع انخفاض معدلات الإصابة وتوفر العلاجات الفعالة، ستخفف العديد من البلدان تدريجيًا معظم القيود. قد يتخلى بعض القادة عن الصلاحيات الممنوحة لهم أثناء حالة الطوارئ. ولكن ينبغي الاستعداد للواقع الجديد، ذلك أن الانتهازية السياسية والخوف من ظهور جائحة جديدة من شأنه أن يدفع العديد من الحكومات إلى مواصلة التمتع ببعض الصلاحيات المكتسبة حديثًا. توقع أن يتم قيس حرارتك أو تؤخذ عينة من حلقك أثناء السفر، واعتد على وضع هاتف تحت المراقبة، وأخذ صورتك وتتبّع موقعك في العديد من البلدان، مع عدم اقتصار استخدام هذه المعلومات على أمور الصحة العامة دائمًا. وفي عالم ما بعد كورونا، ستتواصل الرقابة.
الوباء سيكون نعمة للحكومة الجيدة
بقلم ألكسندرا رايج
أولا الخبر السيئ: بينما يضخ العالم تريليونات الدولارات في برامج التحفيز والقطاع الطبي، سيخلق ذلك فرصا لا حصر لها للفساد والكسب غير المشروع. أما الأخبار السارة فتتمثل في أن الروايات الحتمية عن الموارد المهدورة والمعاملات المريبة من شأنها أن تحول الوباء في نهاية المطاف إلى نعمة للحكم الرشيد وزيادة المساءلة.
من الربيع العربي وغيره من الحركات الاحتجاجية، أدركنا أن المجتمعات لا تتسامح مع الفساد عندما يعاني السكان. ويصدق هذا بشكل خاص على الحكومات الاستبدادية، التي سوف تواجه بكل تأكيد ردة فعل عكسية لإخفاء نطاق المشكلة والسماح للمسؤولين بالاستفادة من الوباء.
أما الحكومات التي أحسنت الاستجابة للجائحة وكان عملها قائما على البيانات والتعاون وأوجدت حلولا مبتكرة، ستتفوق على الأنظمة الاستبدادية في إنقاذ مجتمعاتها من الفيروس والتكاليف الاقتصادية، مما يعزز مكانتها ويجعلها تحظى بثقة أكبر من المجتمع في المستقبل.
عصر الحكومة الضخمة سيعود، لكنه سيتجلى بطرق مختلفة تمامًا عن الحقبة السالفة للدول الضخمة التي ميزت الستينيات والسبعينيات
شكل الحكومات المستقبلية سيصاغ في آسيا
بقلم جيمس كرابتري
يمثل كوفيد-19 بداية عهد جديد يكون فيه تدخل الحكومة أكبر في كل اقتصاد متقدم تقريبًا. لكن هذا التغيير سيكون محسوسًا بشكل كبير في الدول الآسيوية التي تفخر منذ فترة طويلة بحمايتها للشعب وفعالية حكوماتها.
تحركت معظم الدول الغنية بسرعة لزيادة الإنفاق حمايةً لمواطنيها وشركاتها من خلال وضع خطط لدعم الأجور والمدفوعات النقدية. حدث ذلك في بلدان مثل الولايات المتحدة وألمانيا، وكذلك في بلدان مثل سنغافورة وماليزيا التي يتجنب قادتها تقليديًا الزيادات الجبائية المكلفة.
من الواضح أن إدارة الوباء في المستقبل سوف تتطلب حكومات أضخم أيضًا، مع مسارعة الدول إلى إنشاء أدوات جديدة موسعة للسيطرة على الأمراض وإدارة فضاءات العمل والمراقبة الاجتماعية أملا في الحد من تفشي المرض في المستقبل قبل ظهور اللقاح. من المرجح أن تتولى الحكومات الآسيوية مثل كوريا الجنوبية واليابان القيادة، إذ تمتلك قدرة عالية ومعرفة تكنولوجية واسعة وتتبع نهجا مرنا نسبيًا لتنظيم قوانين الخصوصية.
موجز القول، إن عصر الحكومة الضخمة سيعود، لكنه سيتجلى بطرق مختلفة تمامًا عن الحقبة السالفة للدول الضخمة التي ميزت الستينيات والسبعينيات، وسيصاغ شكلها في الشرق، وليس في الغرب.
عودة السياسة الصناعية
بقلم شانون ك. أونيل
على الرغم من الصعوبات التي تواجهها البلدان والشركات جراء تداعيات كوفيد-19 على سوق الشغل والإنتاج، إلا أن السياسة الصناعية انتعشت في هذه الفترة. بعد عقود من ازدهار السوق الحرة، تتبنى الحكومات في الدول المتقدمة والأسواق الناشئة على حد سواء أدوارا مؤثرة ودائمة في القطاعات الحيوية لاقتصاداتها.
حتى الوقت الراهن، انطوى ذلك على تعزيز الإدارة التجارية من خلال التعريفات الجمركية والتراخيص وحصص التوريد ومعايير الجودة وحتى حظر عمليات التصدير برمتها، لا سيما فيما يتعلّق بالمواد الغذائية والإمدادات الطبية. هذا إلى جانب ضخ المليارات إلى الشركات ومنحها مزايا عامة للعودة إلى التصنيع المحلي بدلا من العمل في الخارج، ولعل أبرز مثال على ذلك دفع اليابان مبلغ 2.3 مليار دولار لشركاتها مقابل مغادرة الصين.
مع ترنح منظمة التجارة العالمية، قد يمثل ذلك مجرد بداية مجموعة من الدعم العامة والإعفاءات الضريبية، والمشتريات الحكومية والتخزين، وتشجيع الصناعات المحلية، وغيرها من الخطط التي ستضعها العديد من الدول لهيكلة الإنتاج والوصول إلى مجموعة أوسع من السلع والخدمات التي تعتبر ضرورية على مستوى الأمن القومي- والتي توسعت في الوقت الراهن لتشمل خطر الإخلال أو الاعتماد المفرط على الصين أو توفير فرص العمل.
لا شك أن الجهود الرامية للحفاظ على التجارة الحرة وربما توسيعها لن تنتهي. لكن العديد من هذه المفاوضات سوف تفترض وتتقبل وتقنن التدخل الحكومي المباشر في الأسواق إذا لزم الأمر.
عصر جديد من الحكومة الضخمة
بقلم روبرت د. كابلان
تماما مثل الأزمات الأخرى التي تغير الحياة، مثل الحرب العالمية الثانية، من المرجح أن تخلق جائحة فيروس كورونا الحاجة إلى الحماية التي توفرها الحكومات الضخمة. بعد ثلاثة عقود من تكوين الثروة على نطاق غير مسبوق تاريخيا، قد نكون الآن على أعتاب فترة غير معهودة من إعادة توزيع الثروة في شكل ضرائب عالية لتمويل التوسع في الرعاية الصحية والخدمات الأخرى.
ينبغي ألا تؤدي الأزمة إلى توسع دائم في السلطات الحكومية، طالما أن الشعب يقظ. في أوقات الأزمات
قد تكون الأنواع الجديدة من آليات مراقبة الأفراد، التي نجحت بعض البلدان بفضلها في محاربة الوباء، نذيرا للمستقبل. ستصبح الخصوصية مشكلة في هذا العصر الجديد للحكومة المتسلطة على نحو متزايد، وكذلك الدين الحكومي الذي بدأ ينمو بالفعل من جميع النسب. ومع تأجيج الوباء للتنافس بين الولايات المتحدة والصين، بدأت تتعالى الدعوات إلى زيادة الإنفاق على الدفاع الأمريكي. كيف سندفع كل ذلك؟ هذا سيشكل الجدل الحقيقي.
قد تكون حكومة أضخم يتمتع فيها الخبراء في الصحة العامة وفي مجالات أخرى بدور أهم قيد التشكّل، إلا أنه سيصاحبها رد فعل شعبي مكثف ضدها. ومع الاستجابة الوبائية غير المنسقة إلى حد ما في الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى، سيكون هناك اتجاه لتعزيز دور الحكومات الوطنية في عالم ما بعد فيروس كورونا. نتيجة لذلك، قد تصبح حياتنا أكثر تنظيما مما كانت عليه في أي وقت مضى.
تستخدم بعض الحكومات هذه الأزمة لإخماد أصوات النقاد
بقلم كينيث روث
ينبغي ألا تؤدي الأزمة إلى توسع دائم في السلطات الحكومية، طالما أن الشعب يقظ. في أوقات الأزمات، يسمح القانون الدولي لحقوق الإنسان لجميع الحكومات بتقييد بعض الحقوق مؤقتا، مثل وضع قيود على السفر وفرض قواعد التباعد الاجتماعي، طالما كان ذلك ضروريا تماما ومدروسا وغير تمييزي. ومع ذلك، تحاول بعض الحكومات استغلال جائحة كورونا لإسكات النقاد وتوسيع دائرة المراقبة وترسيخ حكمهم. إن نجاحها في ذلك مرهون في فهم الجمهور أن هذا سيساهم فقط في زيادة احتمال وقوع الكوارث الصحية العامة في المستقبل وتضاعف شدتها.
تقيد الرقابة التدفق الحر للمعلومات التي تعتبر ضرورية للغاية في التعرف على التهديدات الصحية والاستجابة لها بفعالية. إن المراقبة التي تفشل في حماية الخصوصية لا تشجع التعاون الطوعي، وهو شرط مسبق لأي مبادرة ناجحة للصحة العامة. في المقابل، تضمن الضوابط والتوازنات المفروضة على السلطات التنفيذية، مثل هيئة تشريعية مستقلة وسلطة قضائية ووسائل إعلام ومجتمع مدني، أن الحكومات تخدم مصلحة الجمهور بدلا من مصالحها السياسية الخاصة.
باختصار، يوضح هذا الوباء أنه ينبغي احترام حقوق الإنسان ليس فقط من حيث المبدأ، ولكن لأسباب براغماتية وجيهة أيضا. إذا قدّر الجمهور هذه الأسباب، فيمكن ممارسة ضغوط كافية على الحكومات لمنعها من الاستفادة من الأزمة. إذا لم يكن الأمر كذلك، فقد نجد أنفسنا في عالم يواجه خطرا أكبر للإصابة بالمرض، ويعاني من تهميش حقوق الإنسان أيضا.
ستخرج الحكومة المحلية من الوباء أقوى
بقلم روبرت موغا
يكشف وباء كورونا عن جودة الحكومات في جميع أنحاء العالم. لقد فشل العديد من القادة الوطنيين في الاختبار، بينما أظهر قادة الأقاليم والمدن، الذين واجهوا الوباء بشكل مباشر في مجتمعاتهم، كفاءة أكبر وكسبوا ثقة ناخبيهم. ومن خلال هذه العملية، يوضح الفيروس تقسيم السلطات بين المستويات الحكومية المختلفة، كما أنه يعزز قوى المناطق والمدن.
حاليا، يركز المحافظون ورؤساء البلديات على مهمة إنقاذ الأرواح وتقديم الخدمات الأساسية والحفاظ على القانون والنظام ودعم الانتعاش الاقتصادي. من جهة أخرى، هناك قادة محليون يتطلعون إلى ما بعد الوباء ويعيدون تخيل الحياة في مجتمعاتهم بنشاط. ستفرض الموارد المالية المحدودة تطبيق سياسات فعالة من حيث التكلفة، والتي ستولد بدورها فوائد متعددة، بما في ذلك خلق طرق أفضل لتوفير الرعاية الصحية لأكثر الفئات ضعفًا وإرساء الاقتصاد الأخضر. ستكون الخدمات الحكومية المستقبلية أكثر رقمنة وسلاسة وتوزيعا.
على مر التاريخ، كان لتفشي الأمراض المعدية تأثير عميق على الحكم المحلي، حيث أدى الطاعون الدملي في القرن الرابع عشر إلى إعادة النظر في المساحات الحضرية القذرة، وأدى تفشي الكوليرا في القرن التاسع عشر إلى وضع خطط إعادة تنمية حضرية ضخمة وبناء أنظمة الصرف الصحي. وبالمثل، ستؤدي جائحة فيروس كورونا الحالية إلى إحداث تحولات في طريقة الحكم – بدءًا من تقنيات المراقبة لتعقب الإصابات وفرض الحجر الصحي وصولا إلى الإنفاق الرئيسي على الرعاية الصحية لإبقاء هذا المرض والأمراض المستقبلية تحت السيطرة.
الوباء وتداعياته أجبر التكنوقراطيين الاقتصاديين على التلاعب بقرارات تخصيص الموارد، وذلك من خلال تحديد أي الشركات ستحصل على قروض سريعة
سيقوم التكنوقراطيون بأعمال سيئة
بقلم آدم بوسن
ركزت عملية وضع سياسات الاقتصاد الكلي السابقة على عوامل متغيرة رئيسية تمثلت في النمو والتضخم والبطالة والديون. وسمح ذلك لمحافظي البنوك المركزية وما شابه ذلك بإقناع أنفسهم وشعبهم بأنهم لا يهتمون إلا بالرفاهية العامة، وليس باتخاذ خيارات متعلقة بتوزيع الأموال.
لكن الوباء وتداعياته أجبر التكنوقراطيين الاقتصاديين على التلاعب بقرارات تخصيص الموارد، وذلك من خلال تحديد أي الشركات ستحصل على قروض سريعة وأي ترتيبات عمل ستحصل على الدعم وأي أصول ستُشترى. وهذا يجعل سياسات الأزمات أكثر فاعلية وأكثر عرضة للمساءلة طالما أن القروض والمشتريات تتسم بالشفافية.
يزيل ذلك أيضا الحاجز الذي حافظ على نزاهة صناع السياسة في السابق إلى حد ما والذي مكنهم من الحفاظ على سلطة محدودة على الأحداث. ستخرج البنوك المركزية ووزارات المالية والهيئات التنظيمية المالية من هذه الأزمة بأشكال جديدة من التدخل المباشر، وبعض الأشكال القديمة التي لم تطبق منذ عقود والتي وقع التخلي عنها سابقًا نظرا لدورها في تشويه الأسواق. لكن يتطلب الاقتصاد العالمي الذي نعيش فيه اليوم، والذي تتعطل فيه الأسواق بشكل متكرر بفعل الأزمات، التدخل القوي وليس تطبيق مبدأ عدم التدخل.
سوف تكون الخطوط الفاصلة بين السياسة الضريبية والسياسة المالية والسياسة النقدية غير واضحة إلى حد كبير – حيث كان من المخادع دائمًا التظاهر بوجود تقسيمات صارمة بين مختلف هذه السياسات. بالإضافة إلى ذلك، سيقع استبدال القواعد التي منعت التعاون بين الوكالات الحكومية سابقًا، استجابةً للواقع الاقتصادي. من الجيد أن يُعلن عن الاستقلالية، ولكن لا جدوى منها إذا لم تتمكن من تحقيق النتيجة المرجوة في عزلة تامة.
بعد أن نتغلب على الوباء، يجب أن نجد علاجا لحب المال
بقلم كومي نايدو
يبدأ تشكيل عالم ما بعد الوباء بالإقرار بأننا جميعًا مصابون بحب المال، وأننا نستهلك الكثير ونساوي بين الاستهلاك الملفت للنظر والنجاح والسعادة في الحياة. لطالما اعتُبر تقييم الاقتصادات على أساس الناتج المحلي الإجمالي فشلا يجب معالجته إذا أردنا الحصول على فرصة لخلق عالم أكثر إنصافًا.
لقد أظهرت جائحة كوفيد-19 لنا أننا بحاجة إلى إعادة النظر في إنتاج وتوزيع المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى علينا جميعًا في المجتمع للعيش في صحة جيدة وسلام ورخاء. يجب علينا الآن أن نشجع الملكية المحلية واللامركزية والإنشاء المشترك للسلع والخدمات الاجتماعية. تستخدم الحكومات المجمع الصناعي العسكري للحد من مشاركة المواطنين في العمليات الديمقراطية، لذلك يجب علينا أن نتأكد من أن لا يُصبح هذا التراجع للحقوق المدنية ركيزة حياتية دائمة في حقبة ما بعد فيروس كورونا.
الصالح العام يحتاج للولوج إلى البيانات الخاصة
بقلم بروس شناير
كانت هناك معركة أساسية في المجتمعات الغربية حول استخدام البيانات الشخصية، وهي معركة تضع حق الفرد في الخصوصية أمام قيمة تلك البيانات الشخصية بالنسبة لنا جميعًا بشكل جماعي. حتى الآن، يركز معظم هذا النقاش على رأسمالية المراقبة. فعلى سبيل المثال، تُظهر لنا خرائط غوغل حركة المرور في الوقت الفعلي، ولكنها تفعل ذلك من خلال جمع بيانات الموقع من هاتف كل شخص يستخدم الخدمة.
يضيف كوفيد-19 جهات فاعلة جديدة لهذه المسألة، مثل سلطات الصحة العامة والقطاع الطبي. ولكن هذا الأمر لا يقتصر على تطبيقات الهواتف الذكية التي تتعقب الاتصالات مع الأشخاص المصابين فقط، والتي تستخدمها الشركات والحكومات حول العالم. سيستغل المجتمع الطبي الوباء لتعزيز فرص حصوله على بيانات صحية مفصلة لإجراء جميع أنواع الدراسات البحثية، وستضغط سلطات الصحة العامة من أجل فرض مزيد من المراقبة للحصول على تحذير مبكر عن الأوبئة في المستقبل.
على هذا النحو، يبدو جليا أننا نتعامل مع المسألة ذاتها، وهي أن هذه البيانات تعد شخصية للغاية بالنسبة للفرد، ولكنها ذات قيمة هائلة لنا جميعا. من أجل حل هذا الجدل، يجب أن نفكر بتمعن في كل حالة معينة ونحتاج إلى تحليل أخلاقي لكيفية تأثير قضايا معنية على قيمنا الأساسية. لن تكون الإجابات في ما يخص إنفاذ القانون والشبكات الاجتماعية والبيانات الطبية هي نفسها. مع ذلك، وبينما نتقدم نحو تطوير وسائل رقابة أكبر، نحتاج لمعرفة كيفية إرضاء الطرفين، أي من خلال معرفة كيفية تصميم أنظمة تستفيد من بياناتنا بشكل جماعي لصالح المجتمع ككل، وحماية الأشخاص بشكل فردي في نفس الوقت.
المصدر: فورين بوليسي