“يجب أن نتذكر دومًا ما حدث حتى لا يتكرر”، عبارة قرأتها على أحد جدران متاحف مدينة موستار البوسنية التي شهدت مجازر مروعة إبان حرب الاستقلال في البوسنة والهرسك.
هذه العبارة كانت أول ما تبادر إلى ذهني عندما شاهدت مراسم افتتاح جزيرة “ياسي أضا” باسمها الجديد “جزيرة الديمقراطية والحريات” في الذكرى الـ60 لأول انقلاب عسكري شهدته الجمهورية التركية وأعدم على إثره رئيس الوزراء عدنان مندريس واثنان من وزرائه بعد أن عرضوا على محكمة صورية على أرض هذه الجزيرة المهجورة.
يراد لهذه الجزيرة أن تكون ذكرى عزيزة لرجال تركيا الذين يعتز بهم الشعب التركي، عدنان مندريس ورفيقيه، وأن تقدم للأجيال استعراضاً لتاريخ الديمقراطية في تركيا وما واجهته من عقبات ومحطات قاسية في مسيرتها على يد الانقلابيين، ولهذا فليس من المستغرب حضور أحفاد أردوغان رفقة جدهم في أثناء زيارته التفقدية للجزيرة قبل افتتاحها الرسمي.
الرئيس التركي ورغم الظروف الاستثنائية التي فرضها انتشار جائحة كورونا، وغيابه الفيزيائي عن معظم الفعاليات في البلاد منذ نحو شهرين، إلا أنه حضر افتتاح الجزيرة، وقال: “لا يمكننا تغيير التاريخ، لكن من أجل ضمان تفسيره الصحيح، فإنه يمكننا تغيير الطريقة التي يتم بها تذكر التاريخ وتذكر تلك الأيام، يمكننا أن نثبت أن الوطنية سوف تسود في جميع الظروف”.
تهدف أنقرة إلى جعل الجزيرة واجهة لحقوق الإنسان والديمقراطية على الصعيد الوطني والعالمي، وهي جزء من جهود حثيثة تبذلها حكومة أردوغان لإبقاء الوعي حيًا لدى فئة الشباب والأجيال القادمة حتى لا يكتووا بنير الاستبداد ولا يسمحوا للانقلابيين بطي صفحة تجربتهم الديمقراطية العنيدة.
تأتي هذه المناسبة بعد أسابيع قليلة مما فهم على أنه دعوة أو تهديد من نائبة عن الحزب الجمهوري في إحدى مقابلاتها بانقلاب على سلطة العدالة والتنمية الحاكمة في تركيا، بالتزامن مع تصريحات شخصيات معارضة أخرى تطنطن حول قرب إستاد الستار عن حقبة أردوغان، وهو ما يعيد إلى الذاكرة تصريح رئيس الحزب الجمهوري عصمت إينونو قبيل أيام من انقلاب الجيش عام 1960، حين قال: “أيها الأصدقاء، إن الثورة حق مشروع للشعب عندما تكتمل شروطها”، فيما فُسّر على أنه دعوة للجيش للسيطرة على زمام الأمور.
جزيرة مهجورة
بافتتاح الجزيرة باسمها وهويتها الجديدة، تعمل الحكومة التركية على رد الاعتبار والتذكير بقضية الرئيس الشهيد عدنان مندريس وإنعاش الذاكرة بخطورة بانقلاب عام 1960 وبتاريخ الجزيرة التي شهدت المحاكمات الظالمة وغير العادلة، عبّر أردوغان عن الموقف بأنهم الآن دفنوا جزيرة ياسي أضا في التاريخ، وحولوها إلى جزيرة الديمقراطية والحريات، “من أجل تخفيف معاناة الأرض التي نعيش عليها”، كل هذا من أجل تذكير الشعب التركي بالكفاح الذي خاضوه على مر سنوات طويلة في سبيل الديمقراطية والحرية.
استخدمت جزيرة “ياسي أضا” منذ القرن الرابع للميلاد كمنفى، وفي عهد الجمهورية اشترتها القوات البحرية التركية عام 1947، واستخدمتها جامعة إسطنبول كمعهد تابع لكلية المنتجات المائية لمدة عامين ثم غادرتها عام 1995، أما سبب الشهرة والأهمية التي اكتسبتها هذه الجزيرة فيعود لاستخدامها من طرف جنرالات الانقلاب عام 1960 لمحاكمة وسجن أعضاء الحزب الديمقراطي عقب الانقلاب، حيث من على أرضها حكم على الرئيس المعزول عدنان مندريس بالإعدام.
لم يكن بالجزيرة ما يدل على أنها ستحظى بأي أهمية، لكن الحكومة التركية كانت تعمل بهدوء على صيانتها وتهيئتها لتؤدي مهمة منذ 14 مايو/أيار 2015، أي أن حكومة أردوغان بدأت بأعمال إعمار الجزيرة قبل محاولة الانقلاب عام 2016، واستمرت بعد أن أفشل الشعب المحاولة واعتقل الانقلابيون، لتؤدي رسالتها بتعزيز القيم التي يؤمن بها الشباب الذين انتصروا للديمقراطية في بلادهم.
جزيرة عامرة
تبلغ مساحة الجزيرة 104 ألف متر مربع، وتقع قرب إسطنبول في وسط بحر مرمرة، وبعد الانتهاء من أعمال إعادة الأعمار باتت المساحات الخضراء تحتل 60% من مساحة الجزيرة، حيث تمت زراعة نحو 40 ألف من الأشجار والنباتات الخضراء، أما الباقي فتم استثماره في الرسالة التي تحملها الجزيرة.
ترتفع منارة الديمقراطية بطول 24 مترًا على أحد أطراف الجزيرة ليُرى نورها من سواحل إسطنبول، ولتكون رمزًا لاحترام والإيمان بالديمقراطية.
أما الجزء الرئيسي من الجزيرة فيتمثل في متحف 27 أيار الممتد على مساحة 7 آلاف متر مربع، وفيه معرض لملفات قضية مندريس والقرارات المتخذة، وأيضًا قاعة المحكمة بالإضافة لتماثيل شمعية لأعضاء المحكمة، ويشاهد الزوار التاريخ السياسي في تركيا بعنوان “من الأمس إلى اليوم في ياسي أضا”، كما يحتوي على تفاصيل حياة مندريس، وفي الطابق العلوي توجد الغرفة التي قضى فيها أيامه الأخيرة، أما على باب المتحف فتظهر عبارة لمندريس يقول فيها: “كفى! الكلمة للأمة”.
كما تحتوي الجزيرة على مرافق عامة ومطعم وفندق بسعة 123غرفة، وقاعة مؤتمرات تتسع لـ500 شخص، بالإضافة إلى مسجد فطين رشدي زورلو بسعة 1200 شخص، وبالطبع ساحة الديمقراطية بمساحة 3 آلاف متر مربع، حيث من المقرر أن تتحول الجزيرة لوجهة للمؤتمرات والفعاليات المعنية بتعزيز الحريات والحياة الدميقراطية في تركيا والعالم.
ومن الملاحظ الاختيار الدقيق للتصاميم والهياكل الفنية المستخدمة في الجزيرة، وأحد هذه التصاميم المثيرة للاهتمام هو تمثال لحروف محاطة بأسلاك شائكة وقلم ريشة كبير، كتعبير عن كلمات المتهمين الذين لم يسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم، ويقع ضمن المتحف المفتوح “من الظلام إلى النور”.
مندريس.. أيقونة الديمقراطية
بالنسبة لأردوغان، تعتبر قضية مندريس، رمزًا لانتهاك الديمقراطية في تركيا، حيث كان الانقلاب على حكمه أب الانقلابات التي تشهدها البلاد، ومهد لتطويع الشعب والسياسيين على تقبل فكرة استدامة تدخل العسكر في الحياة السياسية، كما كان حكم الإعدام بحق رئيس حكومة منتخب صدمة حضارية للأمة، ولهذا، ومنذ بداية حكم أردوغان كان يردد على الدوام مخاطبًا الأطراف التي تروج لتسلم الجيش والانقلاب على السلطة الشرعية والتجربة الديمقراطية، بالقول: “لن تخوفونا من مصير مندريس”.
كان مندريس شخصًا مدافعًا عن الديمقراطية وملتزمًا بها، وهذا الإيمان هو الذي تسبب بطرده من الحزب الجمهوري (حزب أتاتورك)، بعد أن تقدم مع نواب آخرين إلى الكتلة البرلمانية التي كان أحد أعضائها لإزالة المواد المناهضة للديمقراطية في النظام الأساسي للحزب، وهو ما يعرف في الحياة السياسية التركية باسم التقرير الرباعي.
يعرف مندريس عند الكثيرين بشهيد الأذان، إذ أعيد في عهده الأذان باللغة العربية بعد 18 عامًا من الحظر، وشهدت البلاد المزيد من الحريات الدينية بعد القيود التي وضعت عقب إعلان الجمهورية، لكن على الرغم من الإصلاحات في مجال الحرية الدينية التي شهدتها البلاد في عهده، فإن مندريس خرج من رحم أتاتورك وحزب الشعب الجمهوري، وكانت الحريات الدينية التي انتعشت في عهده، إنما هي جزء من حزمة إصلاحات تتعلق بحرية التعبير والرأي.
في هذا الصدد يقول الدكتور وسام عبده في مقال تحليلي: ” إن مندريس لم يكن ضحية العودة للإسلام، بقدر ما كان ضحية الصراع بين الاستكبار والاستضعاف، وهو الصراع الذي يمكن أن يهدئه ما يؤمنون به من الديمقراطية، إلا أن الاستكبار دائمًا جاهز للانقلاب على الديموقراطية إن لم تكن في مصلحته”، حيث يرى الدكتور عبده أن الانقلاب على شرعية مندريس كان بتعاون بين العسكريين الذين لا يقبلون بوجود رئيس وسلطة مدنية ورجال الأعمال وملاك الأراضي في الأناضول الذين تضرروا من إصلاحات مندريس الاقتصادية، بالإضافة للكماليين الذين أزعجهم تصالح مندريس مع الإسلام وتراث الأتراك وتاريخهم.
بدأ مندريس حياته السياسية كنائب عن الحزب الجمهوري عام 1931م، حتى أُبعد -كما أسلفنا- مع بعض زملائه بسبب دفاعهم عن الديمقراطية في البلاد، فيما بعد أسس مع جلال بيار وفؤاد كوبريلي ورفيق كورالتان الحزب الديمقراطي الذي فاز بـ84% من مقاعد البرلمان بثاني انتخابات يخوضها الحزب في 14 من مايو/أيار عام 1950، وشكل الحكومة على إثرها.
أجرى مندريس خلال فترة حكمه إصلاحات اقتصادية واسعة شملت شبكات الطرق وافتتاح المؤسسات للإنتاج الوطني واستثمارات في قطاعي الطاقة والبنية التحتية وإنشاء المصانع، حيث حقق الاقتصاد نموًا سنويًا بمعدل 7.8% في الفترة بين 1950-1960، بالإضافة للتغييرات المهمة على الصعيد السياسي، إذ انخفضت حدة التوتر بين السلطة والشعب بسبب الحريات الدينية التي شهدتها فترة حكم الحزب الديمقراطي، لكنه أيضًا رئيس الوزراء التركي الذي وضع تركيا في قلب العالم الغربي حين ساهم بانضمام تركيا لحلف الناتو بعد النجاح الذي حققته القوات التركية إبان مشاركتها في الحرب الكورية كحليف لدعم كوريا الجنوبية في حربها مع كوريا الشمالية.
قبل سنوات من تدخل الجيش لإسقاط مندريس، حصلت عدة أحداث ومظاهرات وأعمال شغب أدت إلى عدم استقرار الواقع التركي، حتى أتى صباح 27 من مايو/أيار 1960 وتحرك الجيش التركي وأوقف نشاط الحزب الديمقراطي واعتقل رئيس الوزراء عدنان مندريس ورئيس الجمهورية جلال بايار مع عدد كبير من الوزراء والنواب وأحالت قيادة الانقلاب عددًا من الضباط والجنرالات للتقاعد.
يعتقد الكثيرون أن المحاكمات في ياسي أضا لم تكن محاكمات وإنما مراسم إعدام، حيث لم يحصل المحتجزون على أي من حقوقهم الأساسية وحرموا من حق الدفاع عن النفس ولم يتم الاستماع للمحامين.
كما تمت معاملة المحتجزين بقسوة طوال فترة التحقيقات وقطعت اتصالاتهم مع عائلاتهم وضُيق عليهم في أثناء مقابلة المحامين. وبعد انتهاء التحقيق، حجز مندريس في غرفته لنحو خمسة أشهر ومنع من التحدث مع أي شخص، فعانى من مشكلات صحية ونفسية، حيث كانت سلطات الانقلاب تعمل على إهانة المعتقلين وكسر معنوياتهم والتحقير من قدرهم، واستهلت المحكمة قائمة التهم الموجهة لعدنان مندريس بقضية نسب طفل غير شرعي له، وللرئيس جلال بيار بتلقيه هدية “كلب” من ملك أفغانستان.
انتهت المحاكمات بـ15 قرارًا بالإعدام للنواب والوزراء، وتفاوتت باقي الأحكام بين السجن المؤبد والسجن المشدد، وفي النهاية تم تخفيف الأحكام عن بعض المحكومين، وتم إعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس ووزير الخارجية فطين رشدي زورلو ووزير المالية حسن بلاتقان ولم تكن قرارات الإعدام مبررة حتى داخل المؤسسة العسكرية أو اللجنة الوطنية التي أدارت مرحلة الانقلاب أو من المدنيين، لكن الطغمة الانقلابية أرادت الانتقام من مندريس لعزله في فترة سابقة بعض الضباط والجنرالات، وأيضًا أرادوا إعدامه ليكون مثيلًا وعبرةً لغيره ممن يتحدون سلطة العسكر.
أعيد الاعتبار لمندريس عام 1990 في عهد الرئيس تورغت أوزال، حيث قضت محكمة بنقل رفاته ورفيقيه إلى إسطنبول وإقامة نصب تذكاري في منطقة التوب كابي، بعد أن أقيمت جنازة رسمية له. وفي عام 1994 حين كان أردوغان رئيسًا لبلدية إسطنبول، أطلق على شارع وطن أحد أهم شوارع المدينة اسم مندريس.
تحييد الجيش عن الحياة السياسية
منذ دخوله معترك الحياة السياسية سعى الطيب أردوغان إلى تحييد الجيش عن الحياة السياسية في البلاد التي شهدت أربعة انقلابات عسكرية بأشكال مختلفة، فمع وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة عام 2002 تقلص دور الجيش وفق حزمة إصلاحات قانونية، وشهد عام 2003 حزمة أخرى وصفت بالتاريخية في بلد يهيمن فيه العسكر على مفاصل الدولة منذ تأسيس الجمهورية، حيث جردت الإصلاحات مجلس الأمن القومي (أغلبيته عسكريون) من سلطته التنفيذية وحولته لمجلس استشاري للحكومة ورفعت عدد الأعضاء المدنيين فيه مقابل تقليص عدد العسكريين.
إلا أن رئيس الوزراء في تلك الفترة أردوغان صرح أكثر من مرة بعدم وجود أي توتر بين حكومته والمؤسسة العسكرية، قائلًا: “لن يستفيد أحد من التظاهر بأنه توجد مشاكل بين المؤسستين، وكل ادعاء يجري التحقيق فيه، ولا ينبغي أن ننحو باللائمة على مؤسسة بأكملها بسبب أخطاء بعض أفرادها”، كما التزم الحياد في قضية “أرغنكون” التي اتهم فيها جنرالات بالتخطيط لانقلاب عسكري.
لكن الحكومة التركية رفعت دعاوى عام 2011 ضد ضباط في الجيش بتهمة التآمر عليها، وفي عام 2013 أمرت النيابة العامة التركية باعتقال ثلاثة جنرالات متقاعدين بتهمة التورط في قضية الإطاحة بحكومة أربكان عام 1997 واستمرت المحاكمات 5 سنوات، انتهت بالحكم بالسجن مدى الحياة على المتهمين.
كما تم إقرار تعديلات القانون 35 الذي حصر دور القوات المسلحة في الدفاع عن المواطنين الأتراك ضد التهديدات والمخاطر القادمة من الخارج بدلًا من صيانة الجمهورية التركية، حيث اتخذت حجة لتبرير الانقلابات العسكرية.
كان شهر يوليو/تموز من عام 2016 اختبارًا لمدى نجاعة التعديلات الدستورية والإجراءات الإصلاحية التي أجرتها الحكومة لردع أي محاولة لتدخل الجيش في الحياة السياسية، حيث وقف الشعب التركي مع الحياة الديمقراطية في وجه المحاولة الانقلابية ورفض العودة لمرحلة الانقلابات العسكرية.
وفي عام 2018 أدى رجب طيب أردوغان اليمين الدستورية كأول رئيس في الجمهورية التركية وفق النظام الرئاسي الذي رأى فيه أردوغان دعمًا للاستقرار السياسي، فضلًا عن أنه يركز السلطة التنفيذية في يد رئيس البلاد.
أيقونة حضارية
عقب فشل محاولة الانقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان، نفذت حكومته حملة واسعة لحماية الذاكرة فورًا وبلا توانٍ، أطلق أسماء شهداء الانقلاب على الطائرات، وعلى محطات المترو ومواقع الباصات وأسماء الشوارع ووضعت نصب تذكارية وأدخلت في المناهج الدراسية، كما عممت تاريخ 15 تموز كاسم لعدد من أبرز معالم المدن الكبرى، بما فيها الجسر الرئيسي لمضيق البوسفور في مدينة إسطنبول، وبات يحتفى بتاريخ انتصار الشعب لديمقراطيته كل عام كيوم عطلة رسمي.
واليوم، بعد تمام 60 عامًا على صدور تلك الإهانة الموجعة للأمة التركية من قلب “ياسي أضا”، تعود الجزيرة الصغيرة لتعتذر من ضحاياها، ولتكرمهم، ولتدين الذي هتكوا حرمة أصوات الناخب التركي وضميره، باسم جديد وهوية حضارية جديدة ورسالة لأحرار العالم أن تعالوا اجعلوا مني منطلقًا لفعالياتكم نحو تعزيز القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في مجتمعاتكم.
وهكذا، تحمي تركيا ذاكرتها من النسيان، سواء فيما يتعلق بأحداث قديمة كانقلاب عام 1960، أو حديثة كمحاولة الانقلاب عام 2016، وتستثمر في ذلك الزمان والمكان “حتى لا يتكرر ما حدث”.