قرار إبعاد عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين من قطر يعد نتيجة طبيعة لما أشارات إليه التحليلات الخليجية بشد فتيل القنبلة بين الدوحة ودول مجلس التعاون الخليجي في الاجتماع الذي تم في جدة في الخامس والعشرين من شهر أغسطس الماضي والذي أعلنت فيه انفراج العلاقات بين الثلاثي السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من الجهة الأخرى.
حديث الإبعاد بدأت الإشارة إليه منذ تدخل الكويت كوسيط بين الجانبين الخليجيين لتخفيف التلاسن وعودة السفراء في مقابل إبعاد قيادات الإخوان والشخصيات التي وجهت نقدًا وسبًا بحق أيًا من الثلاثي الخليجي المؤيد للإطاحة بنظام الإخوان في يوليو من العام الماضي وتخفيف خطاب قناة الجزيرة والتي بالفعل قامت بإلغاء نشراتها وبرامجها المحلية وعلى الرأس منها “المشهد المصري” وفي مقابل طلب إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر قالت المصادر المتطابقة إن قطر ستخفف من لهجاتها تجاه النظام المصري الحالي لكنها لن تغلق الجزيرة مصر إلا بإغلاق مقابل لعدد من القنوات المصرية التي تدعمها دولة الإمارات ولها حصص في رأسمالها.
ومن جهتها سعت الدوحة إلى توفير إقامة آمنة للقيادات المرحلة وذلك بالتنسيق مع تركيا التي طلبت تأجيل الخطوة لما بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية التركية واستقرار رجب طيب أردوغان وحكومته الجديدة، هذا وتؤكد المصادر القطرية أن إبعاد قيادات الإخوان لن يغير من سياسات الدوحة الداعمة للجماعة وهـذا الإبعاد لا يعني قطع الصلة أو منع هذه القيادات من دخول قطر أو الظهور علي شاشة الجزيرة، ولكنه مجرد إيقاف أي عمل منظم ضد النظام المصري القائم من داخل الأراضي القطرية.
في نفس الإطار أشارت مصادر إخوانية أن قيادات عليا في الجماعة كانت ترتب خلال الأشهر الماضية إقامات آمنة لها في عدد من البلدان الأخري وعلى رأسها تركيا وماليزيا وعدد من العواصم الأوروبية.
يذكر أن قطر تعرضت من قبل إلى ضغوط غربية لإبعاد المكتب السياسي لحماس الذي انتقل إليها بعد إبعاده من الأردن في عام ١٩٩٩ إلى أن تمت الضغوط على الأمير حمد آل ثاني لإبعاد المكتب من الدوحة؛ فوفر لهم إقامة في سوريا إبان الحلف المعروف حينها “الممانعة” الذي كان يضم قطر وإيران وسوريا وحزب الله، ولكن لم تغير الدوحة أيًا من سياستها تجاه المقاومة الفلسطينية ولا تجاه حركة حماس إلى أن عادت واستقبلت قيادات حماس من جديد بعد انطلاق الثورة السورية وتفكك ما يعرف بحلف الممانعة.
وهنا تجدر الإشارة أن الدوحة تأوي الآن المئات من الأسر والعائلات الإخوانية أو المتضامنة مع الإخوان، بينما قائمة المبعدين لم تضم فعليًا غير أربعة من قيادات الإخوان اثنين منهم فقط يمكن اعتباراهم من قيادات الصف الأول وهما الدكتور “محمود حسين” أمين عام الجماعة، والدكتور “عمرو دراج” الوزير السابق في حكومة الإخوان والقيادي البارز في حزب الحرية والعدالة الذي صدر قرار من محكمة إدارية بحله، أما “أشرف بدر الدين” و “جمال عبدالستار” المبعدين أيضًا لا يعدا من القيادات العليا للجماعة، كما ضمت القائمة “وجدي غنيم”، “حمزة زوبع”، و”عصام تليمة” وهم فضلاً عن أنهم لا يمثلون أي كادر تنظيمي داخل الإخوان وأن غنيم نفسه ليس له أي علاقة تنظيمية بالجماعة منذ ما يقرب من خمسة عشر عامًا، إلا أن إبعادهم ربما يأتي بسبب مشاركاتهم التليفزيونية اللاذعة التي وصل عدد منها إلي مرحلة السباب المباشر لأطراف خليجية داعمة للانقلاب في مصر وسبق للجهات الأمنية في الدوحة أن طلبت إبعاد شابًا قريب من الإخوان رغم أنه غير معروف إعلاميًا قد وجه سبابًا حادًا للعاهل السعودي الملك “عبدالله بن عبدالعزيز”، المصادر لا تستبعد أن تصدر الدوحة قائمة جديدة من المبعدين الآخرين خلال الفترة القادمة ربما تكون أقل تأثيرًا على أن تكون هذه القوائم إنذارًا غير مباشرًا للمئات الذين وجدوا في هذه البلد مكانًا آمن’ًا للحركة ومناهضة نظام عبدالفتاح السيسي ، بينما لا تمانع الدوحة أن تكون حاليًا مكانًا آمنًا للعيش فقط نظرًا للضغوط الخليجية عليها، وذلك لموازنة ضغوط أخري هذه المرة عربية وغربية لإبعاد قيادات حماس هي الأخرى.