توفي يوم أمس العضو المؤسس والرئيس السابق لحزب الرفاه، أحمد تكدال، عن عمر يناهز 89 عامًا، وهو أحد الأسماء السياسية الشهيرة في الوسط التركي المحلي، حيث شارك في جنازته عدد من الشخصيات البارزة مثل رئيس حزب “ديفا” علي باباجان ورئيس البرلمان التركي الحاليّ مصطفى شينتوب ووزير العدل عبد الحميد غول ورئيس حزب السعادة تمل كارامولا أوغلو ورئيس حزب الاتحاد الكبير التركي مصطفى دستجي ونائب حزب العدالة والتنمية أكرم شلبي الذي نعى الفقيد قائلًا: “كان أحمد تكدال شخصًا ثمينًا جدًا وسياسيًا محنكًا. لقد كان محاميًا مثاليًا ويضرب به المثل للعديد من السياسيين والجيل الشاب”.
وتلقت عائلة الفقيد تكدال التعازي من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليشدار أوغلو، وغيرهم من القامات السياسية التي ذكرت محاسنه وأكدت ولاءه وإخلاصه في عمله وخدمته للوطن.
نبذة تعريفية عن أحمد تكدال
ولد تكدال بمدينة أغري في 6 من فبراير/شباط عام 1931، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة أنقرة، وعمل كمحامٍ مستقل، ثم انتقل إلى الحياة السياسية وأصبح أحد مؤسسي حزب الرفاه وأول رؤساء الحزب (1987-1984) ليحل مكانه بعد ذلك نجم الدين أربكان، كما كان أحد أعضاء المجلس الاستشاري في حزب السعادة، ثم انتخب نائبًا لولاية أنقرة العشرين في انتخابات عام 1995، وعمل في الجمعية الوطنية التركية الكبرى، وانتهت ولايته في تاريخ 22 من فبراير/شباط 1998، بموجب الفقرة الأخيرة من المادة رقم 84 من الدستور.
الحياة السياسية.. قائد ذو شعبية وصديق مخلص
في تاريخ 12 من سبتمبر/أيلول 1980، أخذ المنحى السياسي في تركيا منعطفًا حادًا إثر أحداث الانقلاب العسكري الثالث الذي تزعمه الجنرال كنعان إيفرين مع فريق من الضباط في الجيش التركي، وحينها اتخذ مجلس الأمن القومي قرارات عديدة وكان من أهمها إغلاق جميع الأحزاب السياسية ومراقبة مؤسسيها ومحاكمتهم، وكان حزب السلامة الوطني (Millî Selâmet Partisi)، حزب سياسي إسلامي تأسس في 11 من أكتوبر/تشرين الأول 1972، برئاسة نجم الدين أربكان، أحد تلك الأحزاب الممنوعة.
لكن بعد 3 أعوام، تراجع المجلس عن قراره وسمح بإعادة تأسيس الأحزاب السياسية وتفعيل أنشطتها، ووقتئذ تأسس حزب الرفاه (Refah Partisi) في 19 من يوليو/تموز من نفس العام في أنقرة، متبنيًا وجهات نظر حزب السلامة الوطني الإسلامية، وذلك بقيادة نجم الدين أربكان وعلي تركمان وأحمد تكدال، إلا أن مجلس الأمن القومي اعترض على قائمة المؤسسين عدة مرات، وهكذا لم يستطع حزب الرفاه المشاركة في انتخابات الـ6 من نوفمبر/تشرين الثاني 1983.
تم اختيار أحمد تكدال للرئاسة العامة، وبزعامته كسب الحزب شعبية واسعة في جميع أنحاء البلاد في وقت قصير، ولذلك كان من الهين عليه الفوز بانتخابات الإدارة المحلية في 25 من مارس/آذار
علمًا بأن حزب الرفاه الذي أسس بعد حظر حزب السلامة الوطني، هو أيضًا وريث لحزب سابق منحل، حزب النظام الوطني (Millî Nizam Partisi) الذي يعد أول تنظيم سياسي ذا هوية إسلامية تعرفه الجمهورية منذ انهيار الخلافة 1924.
عام 1984، عرضت القائمة مجددًا على مجلس الأمن وهذه المرة تم اختيار أحمد تكدال للرئاسة العامة، وبزعامته كسب الحزب شعبية واسعة في جميع أنحاء البلاد في وقت قصير، ولذلك كان من الهين عليه الفوز بانتخابات الإدارة المحلية في 25 من مارس/آذار، حيث كسب رئاسة خمس محافظات إلى جانب ولايات وان وشانلي أورفا بنسبة 4.44% من الأصوات.
ومع الاستفتاء الذي أجري في 6 من سبتمبر/أيلول 1987، بزعامة تورغوت أوزال لعودة كل الممنوعين من العمل السياسي والسماح لهم باستئناف نشاطاتهم، انتخب أربكان رئيسًا للحزب بأغلبية الأصوات.
الحكم بالإعدام بتهمة ممارسة “نشاطات مناهضة للعلمانية”
لم ينته دور تكدال الذي ساهم في تنمية القاعدة الشعبية للحزب عند هذا الحد، ففي 21 من مايو/أيار عام 1997، رفعت دعوى قضائية ضد حزب الرفاه “على الأفعال المخالفة لمبدأ الجمهورية العلمانية”، واتهامهم بـ”محاولة قلب النظام الدستوري في تركيا، واستبداله بنظام إسلامي”، وبعد محاكمة دامت 8 أشهر أغلق الحزب بقرار المحكمة الدستورية ومنع مؤسسيه، ومن بينهم تكدال، من مزاولة فعالياته السياسية.
ومن جديد، أسس حزب “الفضيلة” (Fazilet Partisi) خلفًا لحزب الرفاه برئاسة إسماعيل البتكين، ورغم الحظر الذي يمنعه من متابعة عمله السياسي، انضم كعضو للحزب بين الأعوام 1998-2001، وذلك إلى أن تم إغلاق الحزب بشكل كامل من بعد اتهامه بانتهاك الدستور ليصبح بذلك رابع حزب له توجه إسلامي يحظر نشاطه خلال 30 عامًا.
بعد انتهاء فترة الحظر السياسي التي دامت خمس سنوات، أسس أربكان حزب “السعادة” وانضم إليه تكدال مجددًا، محافظًا على عهده وموقفه السياسي وإيديولوجيته المحافظة التي حاربتها العلمانية مطولًا بقرارات الحظر والإغلاق.