كشفت وثيقة مسربة تحرير اتفاقية تعاون عسكري واستراتيجي بين الحكومة المصرية ووزارة الدفاع في حكومة طبرق الليبية التي يترأسها “عبد الله الثني”، وتسمح الاتفاقية للطرفين باستخدام المجال الجوي لكليهما لأغراض عسكرية وإرسال عسكريين على الأرض.
وتحمل الوثيقة عنوان “اتفاقية تعاون عسكري استراتيجي مشترك بين مصر ودولة ليبيا”، التي يقصد بها جزء من البرلمان الليبي المجتمع في مدينة طبرق وحكومة عبد الله الثني التي يمثل اللواء المتقاعد خليفة حفتر ذراعها العسكري وتسيطر على أقل من 10% من الأراضي الليبية.
وحددت مدة الاتفاقية الصادرة بتاريخ الرابع من سبتمبر/ أيلول الجاري بخمس سنوات قابلة للتجديد، وفتحت المجال لانضمام طرف ثالث يتوافق عليه الطرفان.
والوثيقة التي وُسمت بأنها “سرية جدًا”، مكونة من ثلاثة أقسام رئيسية وقعها كلها عن الجانب المصري، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في الجيش الواء أركان حرب “محمد محسن الشاذلي”.
الأول من هذه الأقسام اتفاق عام يشبه اتفاقيات الدفاع المشترك بين الدول، وهو عبارة عن ديباجة وثلاث عشرة مادة، وأهم ما جاء في “اتفاقية التعاون العسكري الاستراتيجي المشترك بين جمهورية مصر العربية ودولة ليبيا”، تختصرها المادة الخامسة التي أكدت أن “كل تهديد أو اعتداء مسلح يقع على أي منهما أو أي من قواتهما المسلحة على نحو مباشر أو غير مباشر يعد اعتداء على الطرف الآخر، ومن ثم يلتزم كل منهما بمعاونة الآخر المعتدى عليه، بما في ذلك القوة المسلحة لرد الاعتداء مع إخطار المنظمات الدولية والإقليمية بطبيعة ونوع التهديد أو الاعتداء وما اتخذ في شأنها من تدابير وإجراءات”.
ويرى المراقبون خطورة في هذه المادة، تنبع من أن تفسير نوع التهديد متروك للنظام السياسي الأقوى في هذا الاتفاق، وهو الطرف المصري؛ وبالتالي يمكن للنظام المصري تحريك قوات برية أو جوية أو بحرية في حالة تفسيره أن تهديدًا ما قد يقع عليه من داخل ليبيا، وهي مسألة ليست مضبوطة وفق تعريفات قانونية جامعة.
وتنص الاتفاقية على أن أي اعتداء أو تهديد يقع على أي منهما يعتبر اعتداءً على الآخر، وتتخذ على إثره جميع التدابير بما في ذلك استخدام القوة المسلحة، كما تنص على أن الطرفين يشتركان في تهيئة الوسائل الدفاعية لمقاومة أي اعتداء مسلح وعلى تشكيل لجنة عسكرية دائمة لتنفيذ الاتفاقية.
وبناء على الاتفاقية، يتعهد الطرفان بعدم إبرام أي اتفاق دولي أو دخول علاقات دولية تتنافى مع أغراض الاتفاقية.
وجاء في البند الخامس لملحق الاتفاقية أن التصريح بالمرور في المجال الجوي العسكري
يتم بمجرد تقديم طلب لوزارة الخارجية، بينما تنفذ الطلعات في مسارات الطيران المدني والعسكري في جميع الأوقات على أن يتحمل الجانبان الكلفة المادية.
أما المادة السادسة من الاتفاق العام فتنص على أن “يتشاور الطرفان في ما بينهما، بناء على طلب أحدهما، كلما هددت سلامة أراضي أي منهما، أو استقلاله أو أمنه”.
وأكد البند التاسع أنه لا يحق للطرف المستقبل (ليبيا) مقاضاة أي عسكري من الطرف المرسل (مصر) يرتكب جرمًا أو مخالفة، بل يعاد إلى بلده ليُحاكم فيها، ونص على تنازل الطرفين عن المطالبة بأي تعويضات عن إتلاف الممتلكات أو إصابة أشخاص أو وفاتهم.
والقسم الثاني من وثائق الاتفاقية السرية المصرية الليبية، والمكون من ديباجة وسبع مواد، نص في مادته الأولى على أن مدة هذه الاتفاقية خمس سنوات قابلة للتجديد باتفاق الطرفين، وحددت المادة الثالثة مجالات التعاون العسكري المشترك بين البلدين في 13 بندًا كلها ذات طبيعة تبادلية للمعلومات والتدريب وتطوير القدرات العسكرية، أما المادة الخامسة، فقد أكدت على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة حُددت أهدافها الأساسية بالإشراف والمتابعة لتنفيذ مجالات التعاون العسكري وتحديد الأخطار المحتملة التي قد يتعرض لها طرفا الاتفاق.
ويأتي الكشف عن هذه الوثيقة في ظل أنباء حول تدخل النظام المصري في الصراع الدائر في ليبيا، وهو ما تنفيه الحكومة المصرية.
عضو مجلس النواب الليبي عن بنغازي “علي أبو زعكوك” وصف هذه الاتفاقية بأنها مدخل لاستعمار مصري مقنّع للشرق الليبي، وأضاف أن هذه ليست سابقة في استدعاء التدخل الخارجي، متهمًا “برلمان طبرق” بتغطية غارات مصرية وإماراتية على طرابلس وقتل أكثر من ثلاثين ليبيا وجرح العشرات، مشيرًا إلى أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر أكد هذا الغطاء في تصريح له بأن الطرف الذي طلب تنفيذ الغارات طبق ما أراده البرلمان حرفيًا.
فيما علق الناشط السياسي “بشير السويحلي” قائلاً: إن الدول المغاربية والسودان لديها مواقف إيجابية من الحوار الليبي الليبي وتدعمه، بينما النظام المصري اجتاز كل الخطوط الحمر وأصبح نصب عينيه التدخل العسكري المباشر، متمنيًا ألا يحدث ذلك لأن خسارته ستكون كبيرة في المشهد الليبي، بحسب قوله.
ويرى محللون أن السيسي “يحاول بناء حشد إقليمي تتورط فيه دول الجوار”، وأن ثمة دعمًا مصريًا سعوديًا جزائريًا إماراتيًا ضد التيارات الجهادية في ليبيا.
وفي المقابل، ذهب فريق آخر إلى أن السيسي “يتخذ الحدود ذريعة لضرب ليبيا للاستفادة من دعم بترولي، والإطاحة بالتيارات الجهادية”.
المصدر: وكالات