اعتبر مدير المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات، المفكر والنائب العربي السابق في الكنيست الإسرائيلي “عزمي بشارة” أن تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف بـ “داعش” انبثق جراء لقاء شديد الانفجار بين السلفيّة الجهادية والطائفية.
جاء ذلك في كلمة لبشارة البارحة السبت، في افتتاح المركز بمنطقة البحر الميت غربي الأردن، أعمال مؤتمر “المسألة الطائفية وصناعة الأقليات في المشرق العربي الكبير”، الذي يستمر لثلاثة أيام، بمشاركة مفكرين وباحثين عرب.
ومضى قائلاً: إن “الأخطر أن هؤلاء التكفيريين ليسوا طائفيين فحسب، بل يمثلون نكوصًا باللأمة إلى مرحلة ما قبل الطائفية التي نعرفها، وهي مرحلة الحروب الدينية”.
وتحدث بشارة عن مفهوم الطائفية وتحولاتها التاريخية وصولاً إلى نشأة الطائفية السياسية في منطقة المشرق العربي، مبينًا أن بروزها بمعناها المعاصر “وليد استغلال الاستعمار للمنظومة الاجتماعية القائمة”.
ورأى أن “فشل مساري الدولة الوطنية الحديثة القائمة على المواطنة، والديمقراطية يقف وراء نهوض الطائفية السياسية في بلادنا والانشطارات الفئوية”، مؤكدًا على أن “الاستبداد الذي استخدم الأيديولوجية السياسية القومية لخدمة سيطرته ونظمه السياسية، وفرضها على العرب وغير العرب، أجج الطائفية، ومنع تكون المواطَنة بوصفها انتماءً للدولة”.
وخلال استحضاره نماذج للطائفية السياسية في واقع المشرق العربي، استغرب أن “الدولة اللبنانية أعادت إنتاج الطائفية بعد الاستقلال بدينامية مؤسسيّة أقْوى مما كانت عليه في مرحلة الانتداب الفرنسي”.
في المقابل، وبحسب بشارة، فإن مراجعة تاريخ العراق تظهر أنَّه ليس له تاريخ في الطائفيّة السياسيّة، وأن تحويل الطائفيّة الاجتماعية إلى طائفيّة سياسيّة هو من نتائج التدخل الأمريكي في العراق (مارس 2003) وضرب الدّولة، والتدخل الإيراني.
ومضى قائلاً إنه جرى في العراق بعد الاحتلال تبني نظام ديمقراطي من حيث الشّكْل، في حين يجري تنظيم السكّان سياسيًّا على أساس طائفي، وتتعامل الدولة معهم على الأساس ذاته؛ ما جعل الديمقراطيةَ أداةً في تطييف الدولة وأجهزة القمْع مع تهميش الطوائف الأخرى.
في السياق ذاته، تحدث في المؤتمر المفكر السوري الدكتور “برهان غليون” تحت عنوان “الطائفية في الصراعات الوطنية والإقليمية”، فقال إن شبح الطائفية يخيم اليوم على كل شيء، على شعور الناس بهويتهم وعلى السياسة وعلى الدين نفسه.
وأرجع بروز الطائفية السياسية إلى فشل مشروع الدولة الوطنية “بعد أن أصبحت الدولة وسيلة للسلب والظلم والقهر، فأصبح الناس يبحثون عما يؤمن لهم أمنهم وحمايتهم ومكانتهم”، مضيفًا أن الطائفية السياسية ليست صنيعة العامّة ولا شغلهم الشاغل، إنما هي صنيعة السياسيين الذين يستغلونها.
وتابع أن “الطائفية” عابرة لحدود الدول الوطنية في العديد من الحالات، لاسيما وأن الخطاب الطائفي تتعددت أصواته ومصادره في منطقة المشرق العربي، “غير أن النظام الإيراني حاليًا هو صاحب أسوأ خطاب طائفي”.